رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الصين تحتفل بالذكرى الـ75 لتأسيسها على وقع تحديات داخلية وتغيرات عالمية

النبأ

على وقع تحديات داخلية وخارجية، وتغيرات كبيرة في المشهد الدولي المعاصر، تحتفل الصين هذه الأيام بالذكرى الـ75 لتأسيسها في مناسبة، ليست مهمة فقط لأكثر من 1.4 مليار صيني، ولكنها أيضا تحمل أهمية عالمية، لما تقدمه دائما من فرصة للإطلاع على الماضي  واستقاء العبر واستشراف المستتقبل.
على مدى السنوات الـ75، حولت رحلة التحديث التي خاضتها الصين البلاد بشكل عميق، وكان لها تأثيرها أيضا على العالم. والآن، تخطو الصين بثقة ودأب باتجاه المستقبل، بارادة قوية للتغلب على التحديات الاقتصادية الأخيرة، وعزم ثابت لا يلين في مواجهة الرياح المعاكسة. وقال الرئيس شي جين بينغ مخاطبا شعبه في قاعة الشعب الكبرى "يجب أن نظل مدركين للمخاطر المحتملة وأن نكون مستعدين جيدا"، وحث على بذل جهود للتغلب بحزم على الشكوك والمخاطر والتحديات غير المتوقعة.

قبل أقل من أسبوع على الاحتفال بالذكرى، أعطى الرئيس الصيني الموافقة على حزمة تحفيز لتعزيز الثقة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، من بينها إجراءات لتحفيز السوق العقاري، الذي يواجه بعض المشكلات من فترة. وقد كشف البنك المركزي في البلاد عن مجموعة من التدابير لمواجهة انخفاض الأسعار، بما في ذلك السماح للبنوك التجارية بإقراض المزيد من المال وجعل الاقتراض أرخص بالنسبة للأسر والشركات. وقد أدت الحوافز سريعا إلى دفع سوق الأسهم في البلاد وارتفعت أسهم الشركات الكبرى بأكثر من 15 في المئة الأسبوع الماضي، في أكبر مكسب أسبوعي لها منذ ما يقرب من 16 عاما.

من عام 1979 إلى عام 2023، واجهت الصين تحديات كثيرة أكبر من التي تواجها الآن، وقد انتصرت عليها وحققت انجازات كبيرة عل كافة الجوانب. فقد تطورت الصين خلال الـ75 عاما الماضية من بلد زراعي يكافح إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر قوة صناعية في العالم، وأكبر تاجر للسلع، وصاحبة أكبر احتياطيات من النقد الأجنبي. ولم تقف مساهماتها عند مواطنيها وسوقها المحلي فقط. فقد بلغ متوسط مساهمة الصين السنوية في النمو الاقتصادي العالمي 24.8 في المائة، بمتوسط يزيد عن 30 في المائة من 2013 إلى 2023. وعلى مدى 12 عاما متتالية، احتل الاستثمار المباشر للصين في الدول الأجنبية المرتبة الأولى بين المراكز الثلاثة الأولى على مستوى العالم، حيث استحوذ على أكثر من 10 في المائة من الحصة العالمية لمدة ثماني سنوات.

لقد كان السر في كل ذلك هو اعتماد مسار التحديث الصيني على التنمية باعتبارها المفتاح لحل جميع المشاكل. ومن مبادراتها التنموية التي ساعدت في حفز النمو والقضاء على الفقر وتعظيم القوة الوطنية للبلاد، اقترحت الصين بل وقدمت للعالم مبادرة الحزام والطريق والتنمية العالمية والحضارة العالمية والأمن العالمي، لدعم البنية التحتية والتنمية والأمن في العالم أجمع. 
وبحلول نهاية عام 2023، تجاوز الاستثمار المباشر للصين في الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق 300 مليار دولار. ومن إفريقيا إلى الأمريكتين، قامت الشركات الصينية ببناء موانئ ومحطات كهرباء وخطوط سكك حديد مكهربة ومناجم رقمية واستادات رياضية والعديد من مشاريع البنية التحتية التي حسنت من سبل عيش المواطنين على طول خطوطها في القارات المختلفة.

والآن، تقدم السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم أيون والخلايا الشمسية من الصين نعمة أخرى للعالم  في مسيرته نحو التحول الأخضر ومنخفض الكربون، إذ تشارك الصين بالمتوسط في تجارة بقيمة 80 مليون يوان (11.4 مليون دولار) مع العالم كل دقيقة، وتستثمر حوالي 112 مليون يوان في الخارج كل ساعة، وتجذب حوالي 3.377 مليار يوان من الاستثمارات الأجنبية يوميا.

لخصت صحيفة جلوبال تايمز الصينية، في افتتاحية لها، ارتباط الصين بالعالم على هذا الوجه قائلة " ترتبط تنمية الصين ارتباطا وثيقا بالتقدم العالمي ودفع العالم نحو مزيد من التقدم والازدهار" مشيرة في الوقت نفسه إلى أن " الصين وسط هذا المشهد الدولي المتغير حافظت بثبات على سياسة خارجية مستقلة وسلمية، تدعم الإنصاف والعدالة الدوليين، وتواصل تقديم مساهمات جديدة وأكبر لقضية السلام والتنمية".

لم تبدأ الصين أبدا أي حرب أو صراع ولم تحتل أبدا شبرا واحدا من أراضي بلد آخر. وفي مواجهة العديد من التحديات الأمنية الدولية، اقترحت الصين مبادرة الأمن العالمي وتوسطت في المصالحة بين المملكة العربية السعودية وإيران، وسهلت المصالحة التاريخية بين الفصائل الفلسطينية، وشجعت على التوصل إلى حل سياسي للأزمة في أوكرانيا. وتعد الصين اليوم ثاني أكبر مساهم في الميزانية العادية للأمم المتحدة، وثاني أكبر مساهم في عمليات حفظ السلام، وأكبر دولة مساهمة بقوات بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. 

لقد أكدت الرحلة التي استمرت 75 عاما على الدور الذي تلعبه الصين في السلام والتنمية والتقدم العالمي. وسيصبح التحديث الصيني أكثر أهمية للعالم مع تقدم الوقت. وقد ذكر الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال كلمته في قاعة الشعب الكبرى في بكين للاحتفال بالذكرى الـ75 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية إن الشعب الصيني سيحقق المزيد من الإنجازات الرائعة وسيقدم إسهامات أكبر للقضية النبيلة للسلام والتنمية للبشرية.

وقال شي إنه بعد 75 عاما من الجهود المضنية، كشفت عملية التحديث الصينية عن آفاق واعدة، محذرا أيضا من المخاطر والتحديات المحتملة على الطريق إلى الأمام. وأضاف أن المهمة المركزية للحزب والبلاد هي بناء الصين لتصبح دولة قوية وتحقيق النهضة الوطنية على جميع الجبهات من خلال مواصلة التحديث الصيني، داعيا إلى بذل جهود لتعزيز بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية في ظل حقيقة أن شعوب جميع الدول تعيش على نفس الأرض وتتقاسم مصيرا مشتركا.