رئيس التحرير
خالد مهران

كيف تناولت وسائل الإعلام الصينية ذكرى هجمات 7 أكتوبر؟ "تقرير"

بكين
بكين

في ذكرى مرور عام على اندلاعها، نالت الحرب المستمرة في قطاع غزة نصيبا وافرا في وسائل الاعلام الصينية يوم أمس 7 أكتوبر، حيث سلطت الضوء على الحرب التي تشنها إسرائيل منذ أكثر من عام على القطاع الفلسطيني.
ومن وكالة شينخوا إلى صحيفة الشعب وغلوبال تايمز تنوعت التقارير والتحليلات والتعليقات عن الصراع المستمر في الشرق الأوسط، وتداعياته على البنية التحتية والأرواح والممتلكات، والفشل الدولي الذريع في التوصل إلى وقف إطلاق النار، واسكات آلة الموت الإسرائيلية، وحث الولايات المتحدة على التدخل بشكل ايجابي والتخلي عن دعمها الصريح لاسرائيل بالأموال والسلاح.  وكان السؤال الأبرز والمشترك في جميع التقارير هو: متى تنتهي هذه الحرب؟
البداية مع وكالة شينخوا التي حذرت من أن الدوامة الممتية من العنف تهدد باتتلاع المنطقة بأسرها. وقالت في تعليق عنوان "دورة الانتقام المميتة في الشرق الأوسط لا بد ان تنتهي" إنه بعد مرور عام على الصراع الأخير في غزة، ينزلق الشرق الأوسط إلى تصعيد مقلق للعنف، حيث تخوض دوله وفصائله دوامة مميتة من العنف تهدد بابتلاع المنطقة بأسرها.
وقالت أن ما يحدث في المنطقة يمثل أزمات مترابطة متجذرة في الصراع المستمر في غزة. مؤكدة أن "هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لاستخدام العقل وممارسة ضبط النفس بين المنافسين الإقليميين"، خاصة مع خروج دورة الانتقام المميتة في الشرق الأوسط عن نطاق السيطرة.
ولكسر هذا الانهيار الشرير للعنف، قالت الوكالة إن الأولوية القصوى يجب أن تكون لوقف الصراع في غزة، موضحة أن شعوب غزة وفلسطين والشرق الأوسط الأوسع تستحق جهدا دوليا متضافرا لإرساء السلام الدائم.

مقتل 42 ألف فلسطيني وجرح أكثر من 9.7 ألف


  وفي تقرير آخر، سلطت الوكالة الضوء على التداعيات التي خلفها الصراع في قطاع غزة، هذا الشريط الساحلي الفلسطيني الضيّق، قائلة إن الهجمات الإسرائيلية تسببت بمقتل قرابة 42 ألف فلسطيني وجرح أكثر من 9.7 ألف آخرين ولا يزال الكثيرون تحت الأنقاض.
وقالت  إنه منذ يوم 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن، يعيش المدنيون هناك حياة بائسة يائسة، في كابوس لا ينتهي يئنون فيه تحت مخالب الموت والدمار جراء تعرضهم لعمليات قصف بطائرات وهجمات عنيفة بصواريخ.
وتحدث التقرير عن  النزوح المستمر للآلاف من السكان  تحت أوامر الإخلاء، ومعاناة 90 في المائة من المدنيين في القطاع من ظروف الحصار والإغلاق ومنع دخول المساعدات الإنسانية والغذائية والدوائية، واستمرار أعمال القتل وتدمير المنازل والبنية التحتية والمرافق الحيوية من قبل الجيش الإسرائيلي. 
وقال التقرير إن الشعور بالإحباط واليأس يتولّد عند النظر إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، الذي لم ينل حقه في البقاء على أرضه الاحترام الواجب بعد، ناهيك عن حقه في التنمية وحقوق الإنسان الأخرى التي أصبحت بعيدة المنال بالفعل، وما ينبه إلى الحاجة الملحة إلى وضع حد للعنف والبحث عن حل مستدام. 
واتفقت وسائل الإعلام الصينية على أن استجابة المجتمع الدولي غير كافية على الإطلاق، مشيرة بأصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة، التي لعبت دورا مفلسا أخلاقيا بقدر ما هو قصير النظر تاريخيا. وقالت " تدعي واشنطن أنها تدعو إلى السلام، إلا إنه ا  واصلت تقديم مساعدات عسكرية كبيرة لإسرائيل، مما مكن فعليا من استمرار الصراع".
وذكرت  التقارير أن "هذا الدعم غير المقيد وسع المغامرة العسكرية الإسرائيلية، مما سمح لها بتوسيع عملياتها بأقل قدر من المساءلة". واستشهدت بما أشار إليه فو تسونغ، الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، بأن قرار إسرائيل بتصعيد حملتها العسكرية ضد لبنان اثناء اجتماع قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة للدعوة إلى السلام في الشرق الأوسط "ليس أقل من استهزاء بالعدالة الدولية وسلطة القانون الدولي".

الصين تلعب دورا حاسما في البحث عن حلول دبلوماسية


وأبرزت وسائل الإعلام الصينية في السياق دور الصين في تهدئة الصراع الدائر. وقالت صحيفة الشعب إن الصين، وهي مدافع ثابت عن السلام، لعبت دورا حاسما في البحث عن حلول دبلوماسية. وخلال العام الماضي، روجت الصين للعديد من قرارات وقف إطلاق النار داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وسهلت المصالحة الداخلية بين الفصائل الفلسطينية. 
وفي مجلس الأمن الدولي في سبتمبر، دعا وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى عقد مؤتمر سلام دولي عاجل، يهدف إلى إعادة تشغيل حل الدولتين والتوسط في حل شامل للقضية الفلسطينية. وقد حظي هذا الاقتراح بدعم دولي واسع النطاق ويقدم مسارا موثوقا به نحو السلام.
وأكدت الصحيفة أن زمن أنصاف الحلول والإيماءات الرمزية قد ولى. ويجب على العالم أن يتحرك الآن لتعظيم الجهود الدبلوماسية ووقف الدورة التي لا نهاية لها من العنف الانتقامي والكراهية.
وشدد الاعلام الصيني على ضرورة  إقامة دولة فلسطينية مستقلة واستجابة إسرائيل لنداءات ومطالب المجتمع الدولي لتحقيق السلام والتنمية، والتخلي عن سياسة الاستخدام المفرط للقوة والعنف، مشيرا أن  مثل هذه السياسة أثبتت فشلها، إذ إنها لا تضر الفلسطينيين وحدهم، بل تضر أيضا حق الإسرائيليين في الأمن والتنمية.
   وطالب الاعلام الصيني الولايات المتحدة بالتوقف عن انحيازها الأعمى لإسرائيل والكف عن قراءة قضايا الشرق الأوسط من خلال اعتباراتها الجيوسياسية ومصالحها الخاصة، بل وينبغي عليها أيضا العمل بإخلاص على تحقيق هدنة دائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والشروع فورا في تنفيذ حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية. 

الصراعات في المنطقة يمكن أن تمتد إلى أبعد من ذلك


وقالت صحيفة غلوبال تايمز على لسان محللين إن الصراعات في المنطقة يمكن أن تمتد إلى أبعد من ذلك، لأنه لا يوجد حل سلمي واضح وممكن وموثوق به في هذه اللحظة. ونقلت عن وانغ جين، الأستاذ المساعد في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة نورث ويست في شيان، قوله إنه "ربما يمكن لإسرائيل الحفاظ على مزاياها العسكرية وضرب جيرانها بشكل متكرر كما تريد نظرا للدعم من الولايات المتحدة، لكن البيئة الآمنة والآمنة تماما تتطلب شيئا آخر". 
وقال قونغ شياو شنغ، المبعوث الخاص السابق للحكومة الصينية بشأن قضية الشرق الأوسط،  لوسائل الإعلام في مقابلة أجريت معه مؤخرا "إن احتمال نشوب حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط موجود، لكن الفرص لم تزداد بشكل كبير، حيث أن جميع الدول المعنية غير راغبة في رؤية الوضع يخرج عن السيطرة، وقد اتخذت إجراءات انطلاقا من مصالحها ووجهات نظرها الخاصة للحفاظ على الاستقرار ومنع التصعيد" وقال إنه "بالنسبة لدول المنطقة مثل لبنان وسوريا ومصر، هناك تردد قوي في الانخراط في الصراع. وبالنسبة لإسرائيل، كلما تمكنت من حل هذا الصراع بشكل أسرع، كان ذلك أفضل لمصالح إسرائيل الوطنية وشعبها".

وقال قونغ إنه من الصعب القول ما إذا كانت إسرائيل ستزيد من تصعيد الحرب على نطاق أوسع، لأن مثل هذه الأعمال لا تتماشى مع مصالح إسرائيل وستتجاوز قدراتها العسكرية. خاصة مع وجود الولايات المتحدة في خضم الانتخابات الرئاسية، فإن الذهاب بعيدا في هذه القضية لن يتماشى مع المصالح الأمريكية أيضا.