رئيس التحرير
خالد مهران

غدا.. انعقاد مجلس الحديث عن كتاب صحيح البخاري بمسجد الحسين

مسجد الحسين
مسجد الحسين

تطلق وزارة الأوقاف المصرية والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، غدا الأحد، مجلس الحديث الرابع لقراءة كتاب صحيح الإمام البخاري (رحمه الله) بالإسناد من مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) عقب صلاة العصر.

يأتي ذلك في إطار الدور الريادي الذي تقوم به وزارة الأوقاف المصرية في خدمة السنة النبوية المشرفة، وعقد المجالس الحديثية للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.

ضيوف مجلس الحديث

ويحاضر في المجلس الحديثي الرابع كوكبة من علماء الحديث بـ جامعة الأزهر : الدكتور صبحي عبد الفتاح ربيع أستاذ الحديث وعلومه، والدكتور  محمد عبد الفتاح  الدسوقي أستاذ الحديث وعلومه المساعد بجامعة ‏الأزهر، والدكتور عبد الرحمن رمضان عبد المجيد مدرس الحديث وعلومه  بجامعة الأزهر.

من جانبه قال الدكتور أيمن أبو عمر، وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة، إن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التى أيد الله عز وجل بها نبيه صلى الله عليه وسلم، ولقد تعددت صور الإعجاز فى هذا الكتاب العزيز ما بين إعجاز بيانى وإعجاز غيبى وإعجاز تشريعى وإعجاز علمي، وغير ذلك من صور الإعجاز التى لا تنتهى ولن تنتهى.

 

وفى ذلك يقول الإمام السيوطى رحمه الله: اختلف أهل العلم فى وجه إعجاز القرآن الكريم وذكروا فى ذلك وجوها كثيرة كلها حكمةٌ وصوابٌ، ولكنهم على الرغم من ذلك ما بلغوا فى بيان وجوه إعجازه جزءا واحدا من عشر معشاره.

ولا عجب فى ذلك؛ فهو كلام الله عز وجل الذى لا تنقضى عجائبه ولا يخلَق على كثرة الرد،

ولعلكم تتفقون معى أن الإعجاز البيانى فى القرآن الكريم هو أول صورة من صور الإعجاز التى أدركتها عقول البشر، فمنذ أولِّ يوم تلقت فيه أسماع النبى الكريم أنوار الوحى الإلهى الشريف ثم ساقه صلى الله عليه وسلم إلى الناس بلسان عربى مبين أدهشت آياته عقولهم، وأخذت معانيه بقلوبهم وانحنت له رؤوسهم وهاماتهم، وقد تحداهم الله عز وجل وهم أهل البلاغة والفصاحة وتحدى معهم الإنس والجن جميعا على أن يأتوا بحديث مثله فعجزوا، وعجز الناس على مر الأزمنة من بعدهم عن القيام بحق هذا التحدي، يقول جل شأنه: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)،

‏وأضاف خلال كلمة ألقاها نيابة عن الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، بالمؤتمر العالمى الأول للإعجاز العلمى فى القرآن والسنة، الذى تنظمه جمعية الإعجاز العلمى المتجددة، برعاية جامعة الأزهر، قد كان لهذه الصورة من الإعجاز أثرها البالغ فى قلوب السامعين سواء المقرُّ منهم والجاحد، من آمن منهم ومن لم يؤمن، وهكذا القرآن الكريم إذا خالطت ألفاظه الأسماعَ استبشرت به النفوس وانشرحت له الصدور، ووجد القلب من آثاره لذة وحلاوة وروعة وجلالًا ومهابة ليست لغيره من الكلام مهما بلغت فصاحته.

‏وليس أدل على ذلك التأثير من كلام نردده جميعا حينما نتحدث عن وصف القرآن وبلاغته، مع أن هذا الكلام شهادةُ رجل لم يؤمن ولم يسلم، بل كان من أعداء دعوة النبى صلى الله عليه وسلم، وهو الوليد بن المغيرة حينما عُرض عليه أن يطعن فى القرآن، فقال: وماذا أقول بعد ما سمعت! أن لقوله الذى يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه. والحق ما شهدت به الأعادي!

الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم 

ومما لا شك فيه أن الحديث عن الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وجه خاص من وجوه الإعجاز الذى لا يقل أهمية وتأثيرا عن الإعجاز البيانى خاصة فى عصرنا الذى وُسِم بأنه عصر العلم، والذى أصبح فيه الإقناعُ العلمى المؤيد بالحجة والبرهان والدليل صمامَ أمان لبعض العقول من الزيغ والضلال! وطريقًا رشيدا للقلوب الحائرة التى ضلت عن الهداية والأمان، وذلك من خلال استنباطِ الحقائق العلمية المقررة فى القرآن الكريم والسنة النبوية، وإلقاءِ الضوء عليها، وبيانِ الإعجاز فى عنصر الزمان الذى تحدث فيه النبى الأكرم صلى الله عليه وسلم عن هذه الظواهر قبل الكشف عنها بمئات السنين وفى وقت لم يمتلك أهله تلك الأدوات المعرفية التى تؤهلهم للوصول إلى هذه الاكتشافات مما يمتلكه الناس فى عصرنا؛ ليتحقق فى هذا قول الله عز وجل: (سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق).

 

ولقد فطن لذلك علماء أجلاء قبل مئات السنين، يقول الإمام الفخر الرازي المتوفى سنة ٦٠٦ هجرية: أن المتقدمين إذا ذكروا وجها فى تفسير الآية فذلك لا يمنع المتأخرين من استنباط وجه آخر فى تفسيرها.

وتأكيدًا على هذا المعنى الذى ذكره هذا الإمام العلم تعالوا بنا لقول الله عز وجل: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضلله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء)، فكيف تلقى الناس فى عصر النبوة هذه الآية، وكيف فهموا قول الله عز وجل: (يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء) لعل قلوبَهم تلقتها وعقولَهم تلقفتها من جانب الإعجاز البيانى والوقوفِ عند تفسير الضِّيق الذى تتحدث عنه الآية على أنه ضيق نفسي، وهذا فهم مقبول.

 

لكن عندما يثبت العلم الحديث أن الأكسجين يتناقص فى طبقات الجو كلما صعدنا لأعلى، وعند ذلك يشعر الإنسان بضيق فى الصدر وصعوبة فى التنفس الطبيعى درجة بعد درجة، حتى يصل الضيق إلى أشد مراحله وهى مرحلة الحرج التى لا يستطيع الأكسجين وبعدها أن ينفُذ إلى الدم، لا بد لنا أن نقر بهذه الحقيقة العلمية فى هذه الآية، وأن نظهر الإعجاز العلمى فيها إلى الناس جنبا إلى جنب مع الإعجاز البلاغى فى تشبيه هذه الحالة المعنوية بحالة حسية لم تكن معلومة للبشر وقت نزول القرآن ولم تتضح حقيقتُها إلا فى عصرنا هذا.

 

إن ما يقال عن الإعجاز فى القرآن الكريم يقال عن الإعجاز فى السنة النبوية المطهرة أحد قسمى الوحى الإلهى الذى أنزله الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل يقول عن نبيه: (وما ينطق عن الهوى أن هو إلا وحى يوحي)، وفى قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص حينما أمسك عن الكتابة وقد نهته قريش عن ذلك، قالوا له: تكتبُ كل شيء تسمعه من النبى صلى الله عليه وسلم، ورسول الله بشر يتكلم فى الغضب وفى الرضا، فلما ذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم، أشار النبى صلى الله صلى الله عليه وسلم إلى فيه، وقال له؛ "اكتب يا عبدالله فوالذى نفسى بيده ما خرج منه إلا الحق".