لامتصاص الغضب..
سر تأخر الدولة فى إعلان حزمة الحماية الاجتماعية للمواطنين
رغم ارتفاع أسعار البنزين والسولار والكهرباء، خلال الفترة الماضية، وعليه حدث زيادات في أسعار السلع الغذائية على رأسها الألبان ورغيف الخبز السياحي، إلا أنه حتى الآن لم يحدث أي علاوات استثنائية لتمتص الغضب وتكون بمثابة المسكنات لمواجهة موجات غلاء الأسعار الحالية.
وكانت الحكومة رفعت الشهر الماضي أسعار الوقود للمرة الثالثة هذا العام، لتشمل الزيادة جميع أنواع البنزين والسولار والمازوت الصناعي، بنسب تتراوح من 7.7% إلى 17%، وهو ما أدى إلى ارتفاعات متفاوتة فى أسعار المنتجات خاصة الزراعية والغذائية بنسبة تتراوح بين 2% و15%.
وقبلها في أغسطس الماضي، رفعت أسعار الكهرباء للاستخدام المنزلي للمرة الثانية في نفس العام 2024، بنسب تتراوح من 17% إلى 50%.
وأثار تأخر إعلان الحكومة عن تطبيق علاوة استثنائية، حالة من الجدل في الشارع المصري، وخاصة بين العاملين بالقطاع الحكومي بعد تصريح من الرئيس السيسي بشأن إمكانية مراجعة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لما يحمله من ضغوط على المصريين.
وفي السنوات السابقة (2022 و2023)، مع موجات الزيادة في الأسعار، أصدرت الحكومة قرارًا بصرف علاوة استثنائية للموظفين بالقطاع الحكومي، وأصحاب المعاشات تحت مسمى «علاوة غلاء معيشة» كحزمة حماية اجتماعية، وهو ما رفع سقف التوقعات لدى المواطنين من تطبيقها في عام 2024، وخاصة شهر أكتوبر الماضى ولكن هذا لم يحدث حتى الآن.
تصور جديد لشبكة الحماية الاجتماعية
وعلق الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس الوزراء، على اتجاه الدولة نحو حزمة جديدة من الحماية الاجتماعية، قائلا: «ندرس لاحقا كحكومة ماذا سنقدمه في هذا الشأن».
وأشار «مدبولي»، في مؤتمر صحفي نهاية شهر أكتوبر الماضي، أنه تمت زيادة الرواتب الخاصة بموظفي الدولة وزيادة الحد الأدنى للأجور منذ فترة وجيزة.
وأضاف: «الحكومة تدرس ذلك خلال الفترة المقبلة، وفي حالة وجود تصور جديد سيتم الإعلان عنه للجميع، والدولة تتحمل 120 مليار جنيه سنويا فارق المحروقات رغم الزيادة الأخيرة».
وتوقع الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، صدور إجراءات جديدة من الحكومة؛ لدعم المواطنين، بعد زيارة مديرة صندوق النقد الدولي وإتمام المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
وأوضح، أنه من المتوقع قيام الحكومة بمد توقيتات زيادة أسعار المواد البترولية وفقا للبرنامج المنفذ مع صندوق النقد الدولي لتكون على فترة طويلة الأجل.
وأضاف: «أتوقع تطبيق الحكومة حزمة حماية اجتماعية استثنائية الفترة المقبلة قبل نهاية العام وحزمة أخرى مع العام المالي المقبل للتخفيف عن كاهل المواطنين محدودي الدخل».
وأشار: «ثلثي الدعم لا يذهب إلى المستحقين، وما سيتم توفيره من تحريك أسعار المواد البترولية يتم توجيهه للمستحقين سواء في صورة زيادة المرتبات والمعاشات أو زيادة معاش تكافل وكرامة».
ظروف الدولة الاقتصادية
ومن ناحيته، قال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، رئيس مركز المصريين للدراسات القانونية والاقتصادية، إن علاوة غلاء المعيشة، تطبق بناء على الموازنة العامة للدولة، وحسب رؤية القادة السياسية وليست إلزامية للدولة، بخلاف العلاوة الدورية والتي يجب تطبيقها قانونيًا كل عام.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هناك صعوبة في صرف العلاوات الاستثنائية أو ما يطلق عليها علاوة غلاء المعيشة هذا العام؛ نظرًا لعدم وجود موارد للموازنة العامة للدولة، وعليه ستطبق العلاوة الدورية الربع الأول من عام 2025.
وأشار «عامر»، إلى أن العلاوة الدورية تصرف في يوليو كل عام ولكن مع موجات الغلاء بدأت الحكومة بتبكير موعد صرفها ليكون قبل رمضان من كل عام وعليه ستطبق شهر مارس 2025، وهي زيادة بقيمة 10%.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أنه بالنسبة لعلاوة غلاء المعيشة ليس لها قانون ملزم، لافتًا إلى أن العلاوة تحدد بناء على ظروف الدولة الاقتصادية.
وأكد أنه في حالة إقرار أي علاوة ليست موجودة في الموزانة العامة للدولة، أو لا يوجد لها غطاء أو موارد حقيقية تجبر الحكومة على طباعة «بنكنوت»، وهو ما يزيد التضخم وبالتالي العلاوة التي سيتم تطبيقها على أصحاب المعاشات أو الموظفين، كأنها لم تكن.
زيادة التضخم
بدوره، قال النائب فريدى البياضي، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن علاوة غلاء المعيشة ليست لها مواعيد، ولكن في بعض الأحيان يكون حل الغلاء ليس في زيادة المرتبات والمعاشات.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن زيادة الرواتب والمعاشات وطباعة النقود تعني ارتفاع في الأسعار وزيادة التضخم وهو ما يضر من الناحية الاقتصادية.
وأَشار «البياضي»، إلى أن زيادة الرواتب والمعاشات 10% تقابلها زيادة في الأسعار بنسبة 20%، لافتًا إلى أن حزمة الحماية الاجتماعة ليست بالضرورة تكون زيادة في الأسعار فمن ضمنها ضبط الأسعار، وتوفير السلع بأسعار منخفضة.
وطالب بضرورة سعي الحكومة، إلى العمل للوصول لاقتصاد حقيقي، ما يساهم في استقرار الأسواق وانخفاض الأسعار، ومن ثم لا تحتاج الدولة إلى زيادة في المعاشات أو الرواتب.
وأوضح عضو مجلس النواب، أن عمل حزمة حماية اجتماعية أصبح أمرا ضروريا الفترة الحالية، وخاصة بعد ارتفاع أسعار البنزين والكهرباء، متابعًا: «رغم تقرير فيتش بتحسن الوضع الاقتصادي إلا أنه يجب مراعاة محدودي الدخل في الإصلاحات التي تتم».