رئيس التحرير
خالد مهران

خالد البلشي نقيبًا للصحفيين.. ماذا حدث في «الأيام الأخيرة» قبل ترشحه للمنصب؟

خالد البلشي نقيب
خالد البلشي نقيب الصحفيين

في انتخابات نقابة الصحفيين مارس 2023، كانت «البوصلة» تشير بقوةٍ إلى ترشح عبد المحسن سلامة على منصب «النقيب»، خاصةً أنه في تلك الدورة لم يكن يحق لـ ضياء رشوان دخول سباق «4» شارع عبد الخالق ثروت - مقر النقابة بوسط القاهرة - لأنَّ القانون يُقيد منصب «النقيب» بدورتين متتاليتين (الدورة عامان).

 

فاز ضياء رشوان بمنصب نقيب الصحفيين «3» دوراتٍ؛ واحدة منفصلة في مارس 2013، ثم ترشح وفاز أيضًا في انتخابات مارس 2019، وأخيرًا في الانتخابات التي أُجريت في أبريل 2021، بينما خسر في انتخابات ديسمبر 2009 أمام النقيب الأسبق الراحل مكرم محمد أحمد، كما خسر في انتخابات مارس 2015 أمام النقيب الأسبق يحيى قلاش.

 

أما عبد المحسن سلامة فقد شغل منصب نقيب الصحفيين لدورةٍ واحدةٍ كانت بين عامي 2017 و2019، وهي الدورة التي لم يحقق فيها نجاحاتٍ قويةً؛ ما دفع السلطة لاختيار «رجلها المفضل والمضْون والجاهز والتوافقي» ضياء رشوان للترشح للمنصب من جديدٍ في السباقات التالية؛ لتفويت الفرصة على التيار النقابي المعارض الذي كان يخطط لترشيح اسم منه، لإيمانه بسهولة اكتساح «سلامة» في أي انتخاباتٍ قويةً.

 

ولقد كانت خطة السلطة لمواجهة التيار النقابي المعارض «صائبةً» فيما يخص مرشحها ضياء رشوان على منصب «النقيب» في دورتي مارس 2019، وأبريل 2021.

 

شهد السباق الانتخابي مارس 2023، المفاجأة بالدفع بـ«خالد ميري» مرشحًا على منصب «النقيب»، مقتنصًا بذلك «تأشيرة» الترشح الرسمية ليكون ممثلًا للسلطة في هذا الماراثون الانتخابي المهم.

 

في أوائل أبريل الماضي، أعلنت الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة المهندس عبد الصادق الشوربجي حركة التغييرات بالمؤسسات الصحفية القومية والتي شهدت خروج عبد المحسن سلامة من رئاسة مجلس إدارة «الأهرام» وعُيَّن بدلا عنه الدكتور محمد فايز فرحات، كما خرج خالد ميري من رئاسة تحرير «الأخبار» وعُيَّن بدلًا عنه الدكتور أسامة السعيد.

 

البحث عن مرشحٍ منافسٍ لـ«ميري».. والغليان يضرب «الوسط الصحفي»

تَرشحُ «ميري» لمنصب نقيب الصحفيين كان مفاجأةً للوسط على الرغم من أنَّ رئيس تحرير «الأخبار» السابق، كان ضمن المرشحين المحتملين للمنصب مع عبد المحسن سلامة وعلاء ثابت، رئيس تحرير «الأهرام» السابق، لكنَّ هذا الدفع الرسمي للمنافسة على المنصب، ثم ما صحبه من «حشدٍ» من قبل قيادات مؤسسة «أخبار اليوم» في يوم الترشح، كانا عاملين مهمين للبحث عن مرشحٍ منافسٍ يصنع «معركةً حقيقيةً» أمام مرشح السلطة لمنصب «النقيب».

 

شهدت عمليةُ البحث عن مرشحٍ لمنصب «النقيب» يكون منافسًا حقيقًا لمرشح السلطة على المنصب العديد من الكواليس التي كانت مرهقةً لمَنْ شاركوا فيها؛ وكان يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الأسبق، أول الأسماء التي اتجهت إليه «بوصلة» تيار الاستقلال النقابي، للدفع به مرشحًا للمنصب في هذا السباق؛ بل إنَّ أغلب تقديرات «الناصرين» كانت تؤكد فوزه بفارقٍ كبيرٍ على المرشح الحكومي في هذا الماراثون، إذا ترشح بالطبع.

 

أُجريت اتصالاتٌ مكثفةٌ وجلساتٌ طويلةٌ مع «قلاش» لإقناعه بالترشح، لكن «الرفض القاطع» كان سيد الموقف؛ رفض نقيب الصحفيين الأسبق الترشح للمنصب من جديدٍ إيمانًا منه بأهمية الدفع بدماءٍ جديدٍ في العمل النقابي، فضلًا عن فقدان الثقة في إجراء «معركةٍ انتخابيةٍ نظيفةٍ» في هذا المناخ النقابي والسياسي؛ فالسلطةُ ستتدخل للحشد لمرشحها حتى وإن بَدتْ في مقدمات العملية الانتخابية غير مهتمةٍ بهذا السباق بصورةٍ كبيرةٍ لدرجة أنها لم تدفع باسم لامعٍ صحفيٍّ بصورةٍ كافيةٍ للمنافسة على منصب «النقيب» خلافًا لما كان يحدث في السباقات الانتخابية السابقة، هذا الاتجاه الذي كان مغامرةً خسرتها «السلطة».

 

عقب فقدان الأمل في ترشح «قلاش» نهائيًا دخل كل المهتمين بالعملية الانتخابية في «متاهةٍ» جديدةٍ وسط أجواءٍ نقابيةٍ وانتخابيةٍ مقلقةٍ ومحبطةٍ، فضلًا عن ضيق الوقت.

 

وفي عملية البحث عن مرشحٍ لمنصب «النقيب»، طُرحت العديد من الأسماء البارزة مثل: محمد خراجة، جمال فهمي، كارم محمود، عبد العظيم حماد، محمد الجارحي، محمود كامل، لكن سرعان ما كانت تلك الأسماء النقابية البارزة تخرج من قائمة المرشحين المحتملين للمنصب؛ إما بالرفض من قبل أصحابها، أو من «الباب الكبير» الذي تمثل في حالة الإحباط المسيطرة على الوسط النقابي، والإيمان بأنَّه لا فائدة من خوض منافسةٍ أمام مرشح السلطة، خاصة أنها ستوفر له مميزاتٍ ومكاسب للحشد الانتخابي لتأمين معركة «الصناديق»، ومن أهم تلك المميزات «الزيادة» في بدل التدريب والتكنولوجيا.

 

 

لماذا رفض جمال عبد الرحيم وعمرو الشوبكي الترشح لمنصب «النقيب»؟

وسط تلك الأجواء الانتخابية، بقيت عدةُ محاولاتٍ هي التي شهدت «كواليس حقيقيةً» في المفاوضات مع الأسماء المقترحة؛ كان منها الاقتراح الخاص بالدفع بـ«جمال عبد الرحيم»، سكرتير عام نقابة الصحفيين حاليًا، ليكون مرشحًا لمنصب «النقيب».

 

سرعان ما تلاشى هذا الاقتراح أيضًا لعدة أسبابٍ أهمها: اختفاء «عبد الرحيم» طوال العامين السابقين لانتخابات مارس 2023 عقب سقوطه في انتخابات 2021، وكذلك أنَّه لن يحظى بـ«الدعم الكبير» من قبل «التيار اليساري» المؤثر في المعركة الانتخابية إذا ترشح لمنصب «النقيب»، على عكس الحالة الانتخابية إذا ترشح اسم أخر للمنصب مثل «خالد البلشي» الذي يعتبره التيار اليساري في النقابة «أيقونته الحقيقية». 

 

«الاختيار الآمن» و«عدم المغامرة في تلك الانتخابات» كانا من الأسباب أيضًا وراء رفضه للترشح، إذ سيضمن «عبد الرحيم» مقعدًا من مقاعد «فوق السن» في تلك الانتخابات إذا ترشح لـ«عضوية المجلس» وليس لـ«النقيب»، لا سيما أنَّ أحد هذه «المقاعد» صار خاليًا بترشح خالد ميري لمنصب «النقيب»، وهو ما حدث بعد ذلك بالفعل، وعاد «عبد الرحيم» لمجلس النقابة.

 

ومن جمال عبد الرحيم تصل المفاوضات والترشيحات إلى اسم الكاتب الصحفي الدكتور عمرو الشوبكي، الخبير والمفكر السياسي والبرلماني السابق، وهو اسمٌ بارزٌ يحظى بالاحترام في الوسطين الصحفي والسياسي، وكان مطروحًا للترشح للمنصب أيضًا في الانتخابات التي أُجريت في مارس 2019.

 

في مكتب هشام يونس، عضو مجلس النقابة، عُقدت جلسةٌ بين عددٍ من المهتمين بالعملية الانتخابية لمناقشة الآراء حول الأسماء المطروحة للترشح للمنصب، ونقاط «ضعف وقوة» كل اسمٍ، وكان من ضمن الأسماء المطروحة: خالد البلشي، الدكتور أحمد السيد النجار، عمرو الشوبكي. 

 

وفي تلك الجلسة تم الاستقرار على اسم الدكتور عمرو الشوبكي الذي أُجريت بالفعل مفاوضاتٌ معه «قبل وبعد» تلك الجلسة، لكنه خرج بمنشورٍ يرفض فيه الترشح نهائيًا لأي منصبٍ نقابي.

 

وكتب «الشوبكي» منشورًا يُعلن فيه أسباب رفضه الترشح قائلًا: «أشكر كل الزملاء والأصدقاء الأعزاء الذين تواصلوا معي من أجل الترشح لموقع نقيب الصحفيين، ثقة غالية أشكركم عليها جميعا خاصة أن بعض من تواصلوا معي لم تربطني بهم معرفة مسبقة، وكانوا يفرحون من حيث الوعي والرغبة في إصلاح أحوال الصحافة والصحفيين».

 

وتابع: «وأود أن أعلن قراري النهائي بعدم الترشح، وهو قرار مرتبط بتقديري للوضع السياسي العام والمشاكل المهنية والنقابية الكثيرة والتي لن أستطيع حل أو تحسين ولو جانب منها».

 

كواليس «الجلسة الأخيرة» في المفاوضات مع رفعت رشاد

وعقب ترشح «ميري» بيومٍ، نشرتُ تصريحًا على لسان رفعت رشاد، يعلن فيه عدم خوضه السباق الانتخابي على منصب «النقيب» على الرغم من وصول رسالةٍ واضحةٍ إليه من قياداتٍ بارزةٍ بـ«التيار الناصري» أنهم سيدعمونَه إذا ترشح للمنصب في مواجهة المرشح الحكومي.

 

لكن يوم الثلاثاء، وهو اليوم قبل الأخير في تلقي أوراق المرشحين في الانتخابات، حمل الكثير من الكواليس التي كانت حاسمةً؛ أبرزها الاتفاق مع محمد العسيري، رئيس تحرير صحيفة «الدستور» السابق، على الدفع به للترشح للمنصب إذا رفض رفعت رشاد وخالد البلشي الترشح.

 

وكان ذلك قبل الجلسة الأخيرة التي عُقدت مع رفعت رشاد والتي حضرها صحفيون أشهرهم محمد خراجة، عضو مجلس النقابة، وصحفيون أخرون من مؤسسة «أخبار اليوم» في مقر جريدة «حريات» التي يرأس تحريرها رفعت رشاد.

 

حاول المشاركون في الاجتماع إقناع رفعت رشاد بالترشح للمنصب؛ مؤكدين أنَّ المعركة أمام «ميري» ستكون أسهل من الجولتين اللتين خاض فيهما «رشاد» الانتخابات على منصب «النقيب» أمام ضياء رشوان.

 

كان رفعت رشاد أقرب المنافسين لـ«ضياء رشوان» على منصب «النقيب» في انتخابات مارس 2019 وحصل وقتها على 1545 صوتًا، وترشح للمنصب مرةً ثانيةً في انتخابات مارس 2021 وحصل على 1506 أصوات.

 

وعلى الرغم من «الوعود الكثيرة» بتوفير الدعم له في الدعاية الانتخابية، والتي تعهد بها المشاركون في الجلسة، لكن كان رفعت رشاد «حاسمًا وواضحًا ومتمسكًا» بعدم الترشح للمنصب مجددًا، الأمر الذي فسره الحاضرون بوجود ضغوطٍ عليه تمنعه من المشاركة في العملية الانتخابية، لكنَّ هذا الأمر نفاه «رشاد» تمامًا في تلك الجلسة.

 

لم يقتنع التيار النقابي المعارض بنفي «رشاد» لوجود توجيه له بعدم الترشح في تلك المعركة لمنصب «النقيب» أمام «ميري»، مرجعين عدم ترشحه إلى صفقةٍ تمت مقابل مناصب صحفية مستقبلية.

 

يشغل الكاتب الصحفي رفعت رشاد «حاليًا» منصب المدير العام لمؤسسة «أخبار اليوم»، كما أنه عضو معيَّن بمجلس إدارة المؤسسة بقرار من الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة المهندس عبد الصادق الشوربجي.

مغامرة «البلشي» الناجحة في مواجهة مرشح «السلطة»

حملت «الساعة» التي تلت تلك الجلسة مع رفعت رشاد، الكواليس النهائية في عملية البحث عن المرشح؛ فقد خرج جزءٌ من المشاركين في الاجتماع الذي عُقد مع رفعت رشاد، متوجهين إلى خالد البلشي الذي كان منتظرًا الرد النهائي الحاسم لموقف رفعت رشاد، وذلك في حضور هشام يونس ومحمود كامل.

 

عقب تلقيه الرد النهائي بموقف رفعت رشاد الرافض لدخول الانتخابات، كان «البلشي» قد أعد بيان ترشحه لمنصب نقيب الصحفيين والذي نشره عقب تلك الجلسة بـ«3» ساعات تقريبًا، ليقدم بالفعل أوراق ترشحه للمنصب في «اليوم الأخير» لتلقيّ أوراق المرشحين، ثم فاز بالمنصب في تلك المعركة بـ«ألفين و450» صوتًا، بينما حصل منافسه الأبرز خالد ميري على ألفين و211 صوتًا.

 

يحيى قلاش: لهذه الأسباب رفضت الترشح

يرى يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الأسبق، أنَّ الحديث عن انتخابات التجديد النصفي المقبلة من الآن «يعد حالةً إيجابيةً»، داعيًا ومؤيدًا لما أطلق عليه «فتح شهية» الجمعية العمومية لطرح أسماءٍ جديدةٍ للمنافسة على مقاعد مجلس النقابة في السباق الانتخابي المقبل.

 

في رأي «قلاش»، فإنَّ الحالة النقابية «النشطة» التي صنعها مجلس نقيب الصحفيين خالد البلشي سببٌ رئيسٌ في انتعاشة الحديث عن السباق الانتخابي المقبل من الآن، بدلًا عن حالة «الموات النقابي» التي سيطرت على مبنى «4» شارع عبد الخالق ثروت طوال 3 دوراتٍ ماضيةٍ.

 

أما عن الأيام الأخيرة قبل ترشح خالد البلشي للمنافسة على منصب «النقيب» في الانتخابات الماضية، فقال «قلاش» في حديثه لـ«النبأ» إنَّ المشهد وقتها فرض على التيار المؤيد لاستقلال النقابة مسارين؛ الأول: الاستسهال والاستعانة بمرشحٍ جاهزٍ لخوض المعركة على منصب «النقيب»، والثاني: حفر مجرى جديد من خلال الدفع باسم جديد أيضًا للمحافظة على مستقبل النقابة.

 

وكشف نقيب الصحفيين الأسبق، عن أنه كان يؤيد المسار الثاني على الرغم من صعوبته، ولكنه كان يراه المسار الوحيد لضمان مستقبل النقابة ومستقبل «التيار» الذي يريد استقلالها ولتجديدِ شباب هذا «التيار».

 

وأوضح «قلاش» أسباب رفضه دخول الانتخابات الماضية رغم الاتصالات والجلسات معه من قبل المهتمين بوجود منافسٍ لمرشح السلطة، قائلًا: «قراري بعدم الترشح كان الأفضل؛ ماذا كنت سأضيف إذا ترشحتُ وفزتُ بمنصب النقيب مجددًا؟ كنت سأجعل المشهد (محلك سر)؛ من خلال العمل على الرصيد النقابي القديم، وإعادة البديهات للنقابة مثل إزاحة السقالات، إعادة الصحفيين إلى نقابتهم، والاشتباك مع القضايا العامة والبحث عن حقوق الصحفيين».

 

يضيف: «كنت أرى أنَّ مهمتي أن أكون شريكًا في صناعة الصيغة التي تساعد في إيجاد مرشحٍ يُعيد الحيوية للمشهد النقابي والصحفي بدمٍ جديدٍ وجيلٍ جديدٍ، وكنت مؤمنًا أنَّ المعارك الكبرى في النقابة تُكسب بالنقاط، ولذلك رفضت أن أختم حياتي النقابية بالترشح من جديد على منصب النقيب، وأنَّ الأفضل البحث عن اسم يكون لديه وعي نقابي، ولا يستخدم النقابة للحصول على منصب».

 

يوضح أكثر: «كنت أرى أنَّه من المهم الدفع باسمٍ جديدٍ للمنافسة على منصب النقيب، وإذا لم يفز بالمنصب سنكون قد نجحنا في (تهيئة الأجواء) وحفرنا مجرى جديدًا لمعارك انتخابيةٍ أخرى قادمةٍ». 

 

لماذا كان خالد البلشي «المرشح الأفضل» من وجهة نظر «قلاش»؟

يكشف «قلاش» عن أنَّ المزاج النقابي وقتها كان قد وصل إلى «ذروة الغضب»؛ وكان يرى أنَّ تلك المعركة النقابية مهمةٌ للحفاظ على الكيان النقابي، يوضح أكثر: «رأيي الذي كنتُ مقتنعًا به أن عقيدتي النقابية ترفض الترشح من جديدٍ لمنصب النقيب، وأنَّ المزاج العام إذا هيُئت له فرصة فستحدث نقلةٌ مختلفةٌ في النقابة… وهذا ما حدث؛ لقد كان الرهان صحيحًا».

 

وبشأن ترشح «البلشي»، قال «قلاش»: كنت أراهن على «وعيه النقابي» ولم يكن رهاني على «رغبته»؛ فقد كان مثل غيره يدور في فلك النزول أو عدم النزول.

 

يستكمل: كنت متأكدًا أنَّ «وعيه النقابي» لن يسمح له بالتخلي عن النقابة في تلك المعركة، ولن يسمح له بعدم أخذ خطوة الترشح لمنصب نقيب الصحفيين، رغم أنَّ جزءًا من الذين حوله كانوا يرون أنه لا فرص له في الفوز إذا ترشح وأنه سيتم «حرقه» في تلك المعركة.

 

في حديثه لـ«النبأ»، يُفسر «قلاش» الأسباب التي دفعت كثيرًا من الأسماء البارزة لعدم الترشح، مشيرًا إلى أنَّ الزملاء كانت قراءتهم للمشهد وللمعركة أنها محسومةٌ للمرشح الحكومي، وأنه «لا رجا فيها»، وأنه من الأفضل للأسماء البارزة في المؤسسات القومية عدم الاشتراك في جولةٍ انتخابيةٍ أمام مرشح تريده السلطة.

 

كان رأي «قلاش» أنَّ قراءة الزملاء «خاطئة»؛ وأنَّ «البلشي» عليه الاشتباك في تلك المعركة، وإما أن يكون جزءًا من هذا المكان (النقابة)، أو أنه سيصير تاريخًا بالنسبة لها.

 

وعلى خلاف وجهة النظر السائدة وقتها، رأى نقيب الصحفيين الأسبق أنَّ اختيارات المرشحين بالطرق التقليدية ليس صالحًا لتلك المعركة، ولكنه «مارثون انتخابي» يحتاج إلى الجسارة في الترشح، والتفكير خارج الصندوق كما يقولون، وأنَّ كل الأسماء التقليدية «لا تملك تلك الملكة»؛ وأن «الاسم الصحفي الكبير» لأي مرشحٍ ليس معناه أنه يملك وعيًا نقابيًا يدخل به معركةً وحفر مجرى جديدٍ في المشهد النقابي.

 

يقول «قلاش»: «أقل واحد في السن والمؤسسة كان خالد البلشي، ورغم صعوبة الصورة الذهنية التي كانت مأخوةً عنه من حيث احتمالات الصدام مع السلطة، فإنني كنتُ أرى أنه الأكثر وعيًا نقابيًا، وأنه ليس لديه حساباتٌ أخرى بعيدًا عن مصلحة النقابة ومصلحة أعضاء الجمعية العمومية، ولقد أثبتت الأيام صدق هذه القراءة».

 

معركة مضت وأخرى قادمة.. كيف سيكون المشهد الانتخابي؟

يرى «قلاش» أنَّ السلطة تعاملت بـ«استعلاء واستهانة» في المعركة الانتخابية الماضية بـ«نقابة الصحفيين»؛ فعلى مدار «3» دوراتٍ انتخابيةٍ بين عامي 2019 و2023، كانت السلطة ترى أنها إذا رشحت «حجرًا» فإنَّ الجمعية العمومية ستنتخبه دون النظر إلى أي غضبٍ يتراكم في تلك الجمعية صار مثل «بركانٍ خامدٍ».

 

ويقول نقيب الصحفيين الأسبق، إنَّ السلطة بالطبع ستقدم مرشحًا في الجولة الانتخابية المقبلة في مارس 2025، وأنها ستخطط لمعركةٍ انتخابيةٍ «جادةٍ وحقيقيةٍ»؛ حتى لو ظهرت أصواتٌ قريبةٌ من السلطة ترى أنه لا يوجد ما يدعو إلى «الاستنفار الانتخابي» أمام نقيبٍ مثل خالد البلشي، نظرًا لأنه لم يصطدم بالسلطة.

 

يوضح أكثر: «السلطة ستنظر إلى المعركة من جانبين؛ الأول أنها ستدخل سباقًا أمام مرشحٍ قوي ولديه رصيد إيجابي حتى الآن بين الناخبين، ولكن لازم (نعوره) في تلك المعركة، ولا نتركه يأتي على حصانٍ أبيض أو يسير بسهولةٍ على سجادة حمراء في تلك المعركة. 

 

يستكمل: الجانب الثاني وهو الفوز عليه من خلال اصطياد الأخطاء والتربص واستغلال بعض الجوانب التي ترى أنها أغضبت جزءًا من الجمعية العمومية مثل طرح ملف ضم منتسبين للنقابة، زيادات متوقعة ولم تحدث في بدل التدريب والتكنولوجيا، أو شقق لم تأتِ في ملف الإسكان… كل هذا واردٌ بالطبع في المعركة الانتخابية».

 

يختتم نقيب الصحفيين الأسبق حديثه قائلًا: «نحن نتحدث الآن وكأن انتخابات التجديد النصفي سيتم إجراؤها غدًا، ولكن ملف الإعلام كله ومن ضمنه نقابة الصحفيين يخضع للمراجعة الآن، ولهذه أرى أن الشهور القادمة قد تحملًا جديدًا فيما يخص هذا الملف».

 

 

الانتخابات الجديدة في نقابة الصحفيين

انتخابات التجديد النصفي بنقابة الصحفيين تُجرى كل عامين، ويضم مجلس النقابة «12» عضوًا، وينعقد المجلس قبل الموعد المحدد للانتخابات للإعلان عن فتح باب الترشح وقبول أوراق المرشحين الجدد قبل موعد إجراء الانتخابات بـ«15» يومًا على الأقل.

 

وتُجرى انتخابات التجديد النصفي المقبلة على مقعد «النقيب» الذي يشغله حاليًا خالد البلشي، وستة من أعضاء المجلس الذين قاربت مدتهم القانونية على الانتهاء وهم: محمد خراجة، إبراهيم أبو كيلة، حسين الزناتي، محمد سعد عبد الحفيظ، أيمن عبد المجيد، دعاء النجار.