بعد مناقشته بمجلس النواب.. 5 مخاوف تهدد الاقتصاد بسبب قانون اللاجئين الجديد
أثار قانون اللاجئين الجديد جدلا واسعا وقلقا كبيرا وتساؤلات كثيرة خاصة بعد مناقشته في الأيام القليلة الماضية داخل مجلس النواب، ليسلط البعض من المصريين والأجانب المقيمين واللاجئين في مصر مخاوفهم بشأن الشكل النهائي للقانون وآلية تنفيذه.
جاء قانون لجوء الأجانب الجديد الذي ناقشه مجلس النواب بعدما قدمته الحكومة بهدف وضع تنظيم قانوني لأوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة كما ينظم عملية طلب اللجوء وطرق البت فيها.
وانتهى مجلس النواب، خلال جلسته العامة، من مناقشة 4 مواد من 32 مادة من مواد مشروع القانون المقدم من الحكومة بإصدار قانون لجوء الأجانب، والذي يعد أول تشريع داخلي ينظم شؤون اللاجئين وطالبي اللجوء، بما يتوافق مع الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر.
ويتضمن قانون لجوء الأجانب الجديد تشكيل لجنة دائمة لشؤون اللاجئين تتبع مجلس الوزراء، وتتولى جمع البيانات والإحصائيات الخاصة بأعداد اللاجئين، وكذلك الفصل في طلبات اللجوء، لتكون هي الجهة المختصة بكافة شؤون اللاجئين، وذلك في إطار استمرار تقديم الدعم والمساندة الكاملة للاجئين.
واستقبلت مصر أعدادًا ضخمة من اللاجئين، خلال السنوات الأخيرة، عقب الحروب في المنطقة، حتى احتلت المرتبة الثالثة عالميًا بين الدول الأكثر استقبالا لطلبات اللجوء خلال عام 2023، وفق تقرير مجلس النواب.
ووصلت أعداد اللاجئين في مصر لأكثر من 9 ملايين من نحو 133 دولة يمثلون نسبة 8.7% من حجم سكان مصر، حسب بيانات حكومية.
وفي وقت سابق، كشف الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، عن أن الدولة تتكلف 10 مليارات دولار سنويا تكلفة استقبال هؤلاء اللاجئين.
توقيت مناسب للغاية
وفي السياق ذاته، أكدت شيماء محمود نبيه، عضو مجلس النواب، أن مشروع قانون لجوء الأجانب جاء في توقيت مناسب للغاية خاصة في ظل تفاقم الصراعات الإقليمية في المنطقة، وبالتالي زيادة أعداد اللاجئين بما يتطلب تشريعا خاصا لهم ينظم تلك العملية، مشيرة إلى أن القانون سيساهم في وضع إطار قانوني ينظم أوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة في إطار الحقوق والالتزامات التي قررتها الاتفاقيات الدولية التي انضمت مصر إليها، وذلك لضمان تقديم جميع أوجه الدعم والرعاية للمستحقين.
وأضافت «نبيه»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن القانون يتضمن إنشاء لجنة دائمة لشؤون اللاجئين، وهي الجهة المختصة بكافة شؤون اللاجئين بما في ذلك المعلومات والبيانات الإحصائية الخاصة بهم، وذلك في إطار استمرار تقديم الدعم والمساندة الكاملة للاجئين، التزاما بالاتفاقيات التي انضمت إليها مصر لتنظيم أوضاع اللاجئين، ومن بينها اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين الموقعة في جنيف، واتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية التي تحكم الجوانب المختلفة المتعلقة بمشاكل اللاجئين في إفريقيا الموقعة في أديس أبابا، بروتوكول تعديل الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين وذلك بموجب قرارات رئيس الجمهورية أرقام 331،332،333، لسنة 1980.
وتابعت عضو مجلس النواب، أن قانون لجوء الأجانب يؤكد اهتمام مصر بملف حقوق الإنسان ليس على المستوى المحلي ولكن المستوى الدولي، منوهة إلى أن قانون لجوء الأجانب يمثل أهمية كبيرة، ويكفل حقوق ضيوف مصر وواجباتهم التي يجب أن يلتزموا بها تجاه الدولة واحترام قوانينها، مؤكدة أن مشروع قانون لجوء الأجانب الجاري مناقشته لا يشمل أي مادة تتعلق بمنح اللاجئين الجنسية المصرية.
مزايا تقنين أوضاع اللاجئين
ومن جانبه، قال الدكتور محمد صادق إسماعيل، أستاذ العلوم السياسية، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاقتصادية، إن قانون اللاجئين هو خطوة جيدة لتقنين أوضاعهم ولكنه تأخر كثيرا، مضيفا أن القانون يشمل دخول غير المصريين للأراضي المصرية منذ أحداث ليبيا والعراق والثورات العربية وأكثر من 7 جنسيات، والمشكلة تفاقمت بعد دخول السوريين مصر ثم اليمنيين وأخيرا السودانيين لا سيما دخولهم بأعداد مهولة عبر المنافذ الجنوبية.
وأضاف «صادق»، أنه في كل دول العالم هناك قانون لدخول وخروج اللاجئين بمعنى أن اللاجئ له الحق في الدخول والخروج ما دام له تأشيرة، لافتا إلى أن الكثير منهم داخل مصر لا يمتلك تأشيرة من جانب، ومن جانب آخر يتمتع اللاجئ بنفس مزايا المواطن المصري وبالتالي كان لا بد من تقنين الأوضاع.
وتابع أستاذ العلوم السياسية، أن تقنين الأوضاع يحقق العديد من المزايا منها: الدخل الكبير للدولة من وجود اللاجئين مما يعود بالنفع على الاقتصاد المصري، وسيساعد تقنين أوضاعهم على تحديد هويتهم وأفكارهم الأيدلوجية مما يعمل على تحسين الحالة الأمنية، لافتا إلى أنه مع وجود اللاجئين ظهرت بعض السلبيات ومنها: ارتفاع وغلاء المسكن بشكل مبالغ فيه خاصة مع نزوح البعض من دولة حرب إلى مكان آخر يظهر عليهم الثراء الفاحش متسائلا: «من أين؟».
تحقيق التزام دستوري وأخلاقي
ومن جهته، أشاد مصطفى الكحيلي عضو مجلس الشيوخ، بقانون لجوء الأجانب، مؤكدا أن القانون جاء لينظم شؤون اللاجئين في مصر، حيث إن مصر على مدار تاريخها ملاذ أمان للاجئين، وتعتبرهم ضيوفا يتمتعون بكافة الخدمات ولم نر أي معسكرات للاجئين في مصر مثلما يحدث في دول أخرى.
وأضاف «الكحيلي»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن قانون اللاجئين الجديد يعكس مدى اهتمام وتطبيق مصر لمبادئ حقوق الإنسان والالتزام بالمعايير والاتفاقيات الدولية، قائلا: «مشروع القانون خطوة جيدة لترسيخ المفاهيم، وجهود مصر في هذا الملف الحقوق والحريات، ويستهدف ضمان تقديم جميع أوجه الدعم والرعاية للمستحقين، ويكون ذلك من خلال إنشاء اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين، لتكون هي الجهة المختصة بكافة شؤون اللاجئين بما في ذلك المعلومات والبيانات الإحصائية الخاصة بهم».
وتابع أن قانون لجوء الأجانب خطوة هامة ضمن جهود الدولة في توفير الحماية الكاملة للاجئين وضمان حقوقهم الأساسية، مع الأخذ في الاعتبار الحفاظ على الأمن القومي واستقرار البلاد.
ولفت عضو مجلس الشيوخ، إلى أن مشروع القانون نص على أن تتولى اللجنة المختصة التنسيق مع الجهات الإدارية في الدولة لضمان تقديم كافة أوجه الدعم والرعاية والخدمات للاجئين، مؤكدا أن مشروع القانون من التشريعات المهمة، التي تحقق التزاما دستوريا وأخلاقيا، ومصر على مدار التاريخ تحتضن الضيوف، وبسبب الأوضاع الجارية توافد البعض للدولة المصرية التي فتحت أبوابها للضيوف.
اللاجئون عبء على موارد الدولة
وفي السياق ذاته، قال الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي ومدرس الاقتصاد، ومدير مركز الغد للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، إن قانون اللاجئين الذي تم مناقشته في الأيام القليلة الماضية يعكس تحديات معقدة تواجهها مصر، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية ومدى التعامل مع اللاجئين كمواطنين مصريين في مجالات مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والحصول على الجنسية، والإعفاءات، ويمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية وسلبية.
وأضاف «خضر»، أن تقنين أوضاع اللاجئين في مصر يسهم في تنظيم أوضاع اللاجئين، مما يسهل لهم الوصول إلى الخدمات الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية، هذا ويساعد في دمجهم في المجتمع المصري بدلا من تركهم في حالة من الافتقار إلى الحقوق، والأعباء الاقتصادية من جهة أخرى، لافتا إلى أن هناك مخاوفا من زيادة حقوق اللاجئين مما يعني تحميل الحكومة مزيدا من الأعباء المالية، خاصة في ظل اقتصاد يعاني من الضغوط.
وتابع أن هناك بعض الآراء ترى أن اللاجئين قد يكونوا عبئًا على موارد الدولة، خصوصًا في المجالات التي تعاني من نقص، كما أن هناك قلقا من أن زيادة عدد اللاجئين المستفيدين من الخدمات قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية للمواطنين، وكذلك الضغط على الموارد ووجود عدد كبير من اللاجئين يمكن أن يزيد الضغط على الخدمات العامة مثل التعليم والرعاية الصحية.
وأشار إلى أن زيادة الطلب على السلع والخدمات يؤدي لارتفاع عدد السكان، مما يساهم في ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، وزيادة قوة العمل يساعد في سد نقص العمالة في بعض القطاعات، خاصة في المجالات التي تعاني من نقص، مثل الزراعة والبناء، لافتا إلى أن التحديات الاجتماعية تنشئ توترات اجتماعية بسبب المنافسة على الموارد، مما قد يؤدي إلى انقسامات داخل المجتمع وقد يؤثر سلبًا على الاستقرار.
ونوه مدير مركز الغد للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، إلى أنه يجب أن يكون هناك توازن بين حقوق اللاجئين واحتياجات المواطنين المصريين، حيث يكون من المفيد تنفيذ برامج دعم تشمل جميع الفئات، مما يساعد في تخفيف أي ضغوط اقتصادية محتملة، مضيفا أن هناك دراسات تشير إلى أن اللاجئين يمكن أن يكونوا مصدرًا للعمالة والابتكار، لكن في الوقت نفسه، يجب الاعتراف بالمخاوف المتعلقة بالموارد المحدودة فى ظل الأزمات الاقتصادية الحالية ومدى امتداد الصراعات في الشرق الأوسط.