رئيس التحرير
خالد مهران

ألاعيب التجار للنصب على المواطنين بعروض وهمية في«البلاك فرايداي»

النبأ


في الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر «البلاك فرايداي» من كل عام، ينتظر المستهلكون في مصر والعالم بفارغ الصبر العروض والتخفيضات المميزة، على أمل الحصول على أفضل الأسعار للمنتجات التي يطمحون إليها.

أصبح موسم «البلاك فرايداي» مع مرور السنوات في مصر أكثر تشويشًا، فقد بدأت العديد من المتاجر في وضع عروض وهمية تخدع المستهلكين، حيث يقوم بعض التجار برفع الأسعار قبل بدء التخفيضات، ثم يعودون إلى نفس الأسعار الأصلية خلال العرض، مما يخلق انطباعًا خاطئًا بأن التخفيضات حقيقية.

ويستخدم بعض التجار، أسلوب التلاعب بالألفاظ في عروض «البلاك فرايداي» لخلق تكدس وهمي على المتاجر، ليظن المستهلكون أن هناك إقبالًا كبيرًا على المنتجات، وبالتالي يندفعون نحو الشراء.

عروض وهمية

وفي هذا الصدد، أعلن جهاز حماية المستهلك، أنه تلقى أكثر من 2300 شكوى خلال موسم تخفيضات البلاك فرايداي في العام الماضي 2023، تتعلق بالعروض الوهمية، وقبل ذلك في موسم 2022، تم إغلاق أحد المتاجر الكبيرة والمعروفة بفرع فيصل بسبب تلك العروض الوهمية، وتم تغريمه 2 مليون جنيه بعد أن قام بعمل عرض «أي شيء داخل الفرع بـ 3 جنيه» على خلاف الحقيقة.

وانتشرت، في الآونة الأخيرة، شكاوى العروض الوهمية عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تحدث شاب يدعى «كريم يوسف» عبر منصة تيك توك قبل أسابيع عن تطبيق «حالا»، الذي قدم عروضًا على الهواتف المحمولة، حيث كانت الإعلانات المنتشرة من صناع المحتوى تشير إلى أن متجر «حالا» يقدم خصمًا بنسبة 50٪ على الهواتف.

واكتشف «يوسف» بعدما قام بتجميع المبلغ المطلوب من أصدقائه لشراء الهاتف، أنه عند الدفع كان السعر مختلفًا تمامًا، وعندما طلب الدفع نقدًا، قال له البائع إن السعر هو 81 ألف جنيه وليس 38 ألف جنيه كما هو مُعلن حسب كلمة خصم 50٪.

وأوضح الضحية، أن العرض كان خاصًا بالتقسيط فقط، مشيرًا إلى أن الخصم ليس حقيقيًا بل هو مجرد «خصم بالكلام»، معقبًا:«خصم بالبوق بس كده، مفيش خصم في الفلوس»، معربا عن استيائه من استخدام الألفاظ المضللة لخلق انطباع زائف، مما يسبب إرباكًا للمستهلكين.

تقاليع واستغلال للمشتري

«بتبقى الدنيا بيضة بالنسبة للتجار في البلاك فرايداي مش سودة أبدًا».. بتلك الكلمات وصف محمود العسقلاني، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» موسم تخفيضات «البلاك فرايداي»، مبينًا أن البلاك فرايداي في مصر ليس له علاقة بالبلاك فرايداي الحقيقي.

وأضاف «العسقلاني»: «لأنك تجد في العتبة ووكالة البلح وسوق الكانتو، أشياء بـ50 و40 جنيها، وهم ما يرتديه الغلابة، ولكن البلاك فرايداي في مصر غير حقيقي، هو عبارة عن عروض وهمية، ومجرد استغلال للاسم فقط، واستغلال الزخم الموجود حول الموضوع، لكن لا يوجد شيء حقيقي على أرض الواقع حتى الآن».

وأكد رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه لم ير شركة قدمت عروضا حقيقية ناتجة عن حالة البلاك فرايداي، متابعًا: «هم يقولون "بينك فرايدي "و "وايت فرايدي" وبدأوا يدللوه، والله العظيم إحنا بتوع تقاليع زي الفل».

وأضاف أن البلاك فرايداي فرصة إيجابية لو أحسن التجار استثمارها، مشيرًا إلى أن البلاك فرايداي الذي أقيم في أوروبا أو في الغرب له قيمة حقيقية، لأنهم فعلًا يستفيدون منه، حيث يمكنك أن تجد بثمن قميص واحد الحصول على أربعة قمصان، لكن هنا في مصر، يُعتبر الموضوع مجرد تقليعة أو موضة، لكنه في الواقع غير حقيقي.

فرصة غير مستغلة

وفيما يخص العروض التي تقدمها بعض المتاجر، أكد الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادي، أن بعض الشركات مثل شركة أجهزة كهربائية معروفة لتجارة الثلاجات والشاشات التلفزيونية وغيرها دون ذكر اسمها، أعلنت عن عروض تقسيط على 18 شهرًا دون مقدم أو مصاريف إدارية.

وأوضح «شعيب»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هذه العروض حقيقية على بعض المنتجات التي توجد بكثرة في المخزون، لكن على المنتجات التي لا تتوفر بكثرة في السوق، يتم سحبها من العرض بحيث تظل العروض متاحة فقط على المنتجات التي توجد بكميات كبيرة.

وأضاف أن بعض التجار يلجأون إلى رفع الأسعار أولًا ثم تقديم خصومات تعيد الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية، مما يعطي انطباعًا زائفًا بوجود عرض حقيقي.

وأضاف الخبير الاقتصادي، أن هناك متاجر تقدم عروضًا حقيقية، حيث إن العروض لها فوائد لجميع الأطراف؛ فهي تتيح للتاجر التخلص من المخزون القديم الذي قد يُفقد قيمته مع الوقت، خاصة الملابس التي تُستبدل موديلاتها كل سنة، وتتعرض للتلف إذا بقيت لفترة طويل، وكذلك، يستفيد المستهلك من خصومات حقيقية تتراوح بين 20% و30%، بينما تستفيد الدولة من حركة السوق النشطة من خلال الضرائب والرسوم، مما يحافظ أيضًا على استقرار العمالة في القطاع.

وأشار «شعيب»، إلى أن العروض الوهمية تؤثر سلبًا على ثقة المستهلك بالمتجر، وهو ما يدفع بعض المتاجر إلى التركيز على تقديم عروض حقيقية لتعزيز الثقة مع عملائها.

تتبع المخالفين

ومن جانبه، قال المهندس إبراهيم السجيني، رئيس جهاز حماية المستهلك، إن الجهاز يعمل على مدار العام، وخاصة خلال مواسم التخفيضات مثل «البلاك فرايداي»، لضمان نزاهة العروض وحماية حقوق المستهلكين.

وأكد «السجيني»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الجهاز ينسق مع الشركات لضمان جدية التخفيضات، والالتزام بتقديم فواتير ضريبية واضحة، وتطبيق سياسات الاستبدال والاسترجاع المنصوص عليها في القانون.

وأضاف، أن الجهاز يُطلق حملات توعوية مكثفة من خلال وسائل الإعلام وبرامج التوعية، فضلًا عن إرسال رسائل نصية عبر مشغلي خدمات الاتصالات للوصول إلى أكبر شريحة من المستهلكين.

وأشار رئيس جهاز حماية المستهلك، إلى أن الجهاز يحث المواطنين على التعامل مع المنصات الإلكترونية المرخصة والموردين الملتزمين، محذرًا من الصفحات الوهمية المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفيما يتعلق بالشكاوى المتعلقة بالإعلانات المضللة والتخفيضات الوهمية، أوضح أنه يتم التعامل معها بشكل سريع، حيث يتم حل الشكاوى المتعلقة بالمنصات المرخصة في غضون 5 أيام.

وتطرق «السجيني»، إلى  الشكاوى المرتبطة بالصفحات الوهمية، فيتم التعاون مع الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية لتتبع المخالفين واتخاذ الإجراءات القانونية.

وشدد رئيس جهاز حماية المستهلك على ضرورة الالتزام بالقانون، مشيرًا إلى أن عقوبة الإعلانات المضللة أو التخفيضات الوهمية قد تصل إلى غرامة قيمتها مليوني جنيه.

وأكد على أهمية إخطار الجهاز مسبقًا بالإعلانات المتعلقة بالمسابقات لضمان جديتها وامتثالها للقوانين.

واختتم السجيني بتوجيه دعوة للمستهلكين لتقديم شكواهم عبر الوسائل المتاحة، مثل الخط الساخن (19588)، أو تطبيق حماية المستهلك من خلال Google Play وApple Store، والموقع الإلكتروني للجهاز، أو عبر الصفحة الرسمية للجهاز على فيسبوك، لضمان ضبط الأسواق وحماية حقوق المواطنين.