رئيس التحرير
خالد مهران

«المنظمة العربية» تطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل.. المدنيين يدفعون ثمن الحرب كل يوم

النبأ

أعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ لتفاقم وتأزم الأوضاع الإنسانية في السودان، كما تدين استخدام مليشيات الدعم السريع المرتزقة التي ترتكب العديد من الجرائم الدموية وإطباق الحصار على المدنيين إمعانًا في القتل البطيء من بينها تسميم مصادر المياه والمزروعات في المدن والقرى المحاصرة واستهداف "التكايا" (المطابخ المجانية)، وكذلك استخدام الطائرات المسيرة واستهداف المشافي الطبية وأماكن تجمع المدنيين وترويعهم وتكبيدهم المزيد من الضحايا.
وتتابع المنظمة عن كثب سقوط عشرات الضحايا في حي "أولاد الريف" بمدينة "الفاشر" بولاية شمال دارفور غربي السودان نتيجة قصف مستشفى الفاشر وأماكن تجمع للمدنيين، واستمرار سقوط ضحايا الحرب والحصار بمنطقة الهلالية شرق ولاية الجزيرة وسط السودان، جراء عمليات انتقام مليشيات الدعم السريع تجاه سكان المدن غير الخاضعة لها وتضييق الحصار عليها وتجويعهم وإهدار أي فرص للفرار أو النجاة وتركهم فريسة للمرض والجوع والعطش، وسقوط ضحايا آخرين في شمال وجنوب الخرطوم جراء الصراع.
وبحسب المعلومات الواردة من المصادر المتاحة فإن مليشيات الدعم السريع استمرت في عملية الاعتداء ومحاولات اقتحام حي أولاد الريف بمدينة الفاشر منذ مايو/أيار الماضي، ويتمركز في المدينة قوات من الجيش ويدعمها مجموعات مقاومة من سكان المنطقة، وقد تزايدت الهجمات خلال السبعة أيام الماضية، حيث استخدمت المليشيات "طائرات مسيرة" تحمل صواريخ وقصفت "مستشفى الفاشر السعودي" والذي يعد المستشفى الوحيد بالمنطقة مما أدى إلى توقف عملها، وكذلك قصف سوق المنطقة "ام سويقو"، ووصل عدد الضحايا هذا الأسبوع إلى نحو 38 شخص بتقديرات أولية ومتوقع تزايد الضحايا لعدم توافر الاحتياجات الطبية العاجلة. ولا تزال الاشتباكات العنيفة مستمرة بين قوات الجيش ومليشيا الدعم.
في حين استمرت أزمة مدينة الهلالية بولاية الجزيرة التي تتعرض لحصار واعتداءات متواصلة منذ نهاية أكتوبر/ تشرين أول الماضي، فوفق المعلومات الواردة سقط نحو 600 شخص ضحايا الحرب بعضهم قتل رميا بالرصاص، واستمرار الحصار على المدينة فاقم من سقوط الضحايا نتيجة الافتقار الحاد للدواء وانهيار النظام الصحي المتهالك من قبل، ونُدرة الغذاء، بالإضافة إلى تفشي الأمراض والأوبئة كالكوليرا والملاريا، فضلا عن تسميم مصادر المياه والغذاء، ساهم في رفع حصيلة الضحايا في مقدمتهم الأطفال وكبار السن والنساء وأصحاب الأمراض المزمنة.
وفي ذات السياق، ارتكبت أيضا قوات الجيش جرائم أخرى بحق المدنيين ففي 8 ديسمبر/كانون أول الجاري قصف الطيران محطة وقود "أمونيا" جنوبي الخرطوم شمال مستشفى "بشاير"، أسفر عن إصابة 37 شخص وسقوط 28 آخرين على الأقل، تم دفنهم في مقبرة جماعية، وطال القصف منطقة الكومة وطابة "الشيخ عبد المحمود" ومسجد "الشيخ أحمد" في "شمبات" شمالي الخرطوم، وأسفر عن سقوط ضحايا أخرين غير محدد عددهم، فضلا عن قصف طال "كبكابية" و"نيالا" غربي دارفور. 
وخلفت الحرب في السودان نحو 20 ألف من الضحايا وفق تقديرات الأمم المتحدة، في حين تقدر المنظمة الضحايا بما لا يقل عن خمسين ألف في حرب ممتدة من أبريل/نيسان 2023 وتتبوأ مكانة مرتفعة في قائمة الحروب المنسية في أروقة المجتمع الدولي، ولا زالت تشهد عنف وجرائم جسيمة كل يوم في مختلف المناطق جراء الصواريخ والرصاص والقنص والجوع والمرض، فضلا عن ارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة أخرى.
ويستمر كل من طرفي النزاع في إلقاء الاتهامات على الطرف الآخر بارتكاب جرائم حرب، رافضين وقف الحرب دون إفناء الطرف الآخر، وداعين إلى انضمام السكان إليهما (سواء راغبين أو مجبرين) للمساندة والاقتتال، وغير عابئين بحياة البشر العالقين بينهم وملايين المشردين والنازحين واللاجئين.
وتحذر المنظمة من استمرار الأوضاع على هذا المنوال، على نحو سوف يسفر عن تفاقم كارثة الإنسانية جديدة في المنطقة العربية، وتزايد في وقوع الضحايا المدنيين.
كما تعيد المنظمة التأكيد على ضرورة أن يقف المجتمع الدولي أمام مسؤولياته والتدخل العاجل لوقف الحرب في السودان وتدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين في المدن والقرى المحاصرة أو التي تقع بين فكي النزاع، وإنقاذ من تبقى من المدنيين غير المنخرطين في الحرب التي تشهدها نحو 11 ولاية من ولايات السودان.
.