رئيس التحرير
خالد مهران

ألاعيب «مافيا» الأوراق المضروبة للحصول على شقق الإسكان الاجتماعى

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 

مع كل طرح لوحدات الإسكان الاجتماعي تظهر طرق للمحايلة على الحكومة والقانون في استخراج الأوراق المطلوبة واستيفاء الشروط للتقديم في الوحدات السكنية المطروحة في مبادرة «سكن لكل المصريين 5».

وكانت وزارة الإسكان طرحت وحدات سكنية، مؤخرا، لمحدودي ومتوسطي الدخل تابعة لمبادرة «سكن لكل المصريين 5»، شريطة تقديم شهادة دخل أو مفردات المرتب بالنسبة لأصحاب المهن الحرة وهو ما أظهر العديد من المنتفعين الذين حولوا هذا الإجراء إلى تجارة، من خلال توفير شهادات لمفردات المرتب لأصحاب المهن الحرة مقابل مبالغ مالية للتقدم بها لوزارة الإسكان للحصول على الشقق والأراضي المطروحة.

وفي السطور التالية، ترصد «النبأ» ألاعيب البعض للتحايل على الحكومة؛ من أجل الاستفادة من الوحدات السكنية المطروحة، وما دور الدولة في القضاء على هذه الظاهرة؟ وما الضوابط اللازمة لضبط المتلاعبين على الحكومة؟.

وفي هذا السياق قال «ح.ب» محاسب قانوني، إن الدولة تهدر حق المهن الحرة ولا يوجد أي جهة لضمان حقوقهم أو الحصول على وحدات سكنية في المبادرات المطروحة.

وأضاف المحاسب -الذي رفض ذكر اسمه- أنه يساعد أصحاب المهن الحرة المتعاطف معهم من خلال إعطاء شهادات تُوضح حجم دخلهم وتشهد بحقيقة مهنتهم؛ من أجل تقديمها لإنهاء باقي الإجراءات في المبادرة المطروحة.

فيما أكد المهندس إيهاب منصور، عضو مجلس النواب ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن مقدمي الوحدات السكنية في إعلان «سكن لكل المصريين 5» يلجأون إلى استخراج شهادة مفردات الوظيفة من مكاتب المحاسبة القانونية؛ لأنه لا يوجد أي جهة تعتمد الأعمال الحرة  مثل أعمال «السوشيال ميديا».

وأضاف «منصور»، أنه في ظل الغلاء الفاحش الذي تمر به البلاد في الوقت الحالي، وعدم مراقبة الأسواق، وارتفاع أسعار العقارات، تعمل الدولة على مساعدة الشباب في توفير وحدات سكنية، مضيفا أن المتقدم للحصول على وحدة سكنية ما دام مستوفي الشروط فهو قادر على دفع الأقساط وهذا من أهم شروط الإعلان. 

العيب على الحكومة

ومن جانبه، علق الحسين حسان، الخبير التنموي والعقاري، على مشكلة تزوير بعض الأفراد لشهادة التوظيف أو مفردات المرتب للمنفعة الخاصة وللاستفادة من التقديم في الوحدات السكنية المطروحة حاليا في مبادرة «سكن لكل المصريين 5» من مكاتب محاسبة قانونية خاصة، قائلًا إن العيب ليس في هذه المكاتب، ولكن المشكلة تكمن في اعتماد وزارة الإسكان أو المجتمعات العمرانية.

وأضاف «حسان»، أنه يتوقع بأن الحكومة ليست على علم ومعرفة بهذه المهازل التي تخسر الدولة ملايين الجنيهات، قائلا: «ولو هي على علم فهي عارفة أن دي أصلا مخصصات في الآخر هتبقى مهدرة وفلوس مرمية في الأرض لأنها محطوطة على حاجات وهمية بشكل أساسي».

وعن من المخطئ بهذه الظاهرة، أكد أن الخطأ الأكبر على الدولة لقبولها الأوراق المطلوبة من مكاتب المحاسبة ولا يوجد جهة حكومية لاستخراج الأوراق المطلوبة ومتابعتها قائلا: «النهاردة أنا مثلًا بائع جائل في أي مكان يبقى لازم الإدارة المحلية هي اللي تختبر أنا راجل بائع جائل تابع للمجتمعات العمرانية في منطقة ما يبقى الموظف اللي موجود هناك هو اللي هيعتمدلي أنا عارف أن ده هيكون في صعوبة كبيرة بس دا الواقع المفترض الأفضل».

وتابع أن مكاتب المحاسبة القانونية في النهاية تابعة للقطاع الخاص ولا تستطيع الدولة اتخاذ أي إجراء تجاهها، معقبًا: «هندخل في جدالات كثيرة ولن نصل لشيء».

وأكد أن المشكلة تحتاج إلى جهة رقابية تابعة للمجتمعات العمرانية تختص باستلام مثل هذه الأوراق ويعتمد عليها بشكل كلي، لافتا إلى أنه لا يوجد أي بند  بإلغاء استلام الوحدة السكنية في حالة التزوير.

وأكد على أهمية عمل بحث كامل من قبل المجتمعات العمرانية أو جهة المسكن قبل التعاقد أو تنفيذ الاستلام، ولا بد أن يكون هناك عقوبة رادعة على المستفيد ومنصوصة في العقد أو كراسة الشروط حتى يكون عبرة لغيره.

آليات صارمة لمنع التلاعب

وفي السياق ذاته، قال الدكتور علي مازن، أستاذ الإدارة المحلية، إن هناك بعض الأفراد الذين يروجون لتقديم خدمات مشبوهة تتعلق بتسهيل إجراءات تقديم الأوراق لشقق الإسكان الاجتماعي لضمان مطابقتها المواصفات المطلوبة ورفعها على الموقع الرسمي، لافتا إلى أن هذه الممارسات تتضمن تلاعبًا في الأوراق وتزويرًا للمستندات.

وأضاف «مازن»، أن الوزارة وضعت آليات صارمة؛ للتأكد من أن الشقق تُمنح لمستحقيها الفعليين، تشمل هذه الآليات الفحص الدقيق للأوراق المقدمة من خلال لجان متخصصة للتحقق من صحتها ومطابقتها المعايير المحددة، مضيفًا: «هناك تنسيق مع الجهات المعنية لضمان نزاهة العملية ومنع أى تلاعب فى الأوراق، ونشدد على أهمية تقديم البلاغات عن أى تلاعب أو محاولات احتيال».

جناية وليست جنحة

ومن جهته، قال محمد عزت، أستاذ القانون المدني في جامعة القاهرة، إن التلاعب في الأوراق وتضمينها معلومات غير صحيحة تتعلق بالبيانات أو جهة العمل بهدف استخدامها للحصول على منفعة من الدولة، كما يحدث في حالات شهادات الدخل أو مفردات المرتب، يُعاقب عليه الفاعل الأصلي أو الشريك بالعقوبات المنصوص عليها لجرائم التزوير.

وأضاف «عزت»، أن هذه الجرائم تُعتبر جناية وفقًا للقانون، وليست جنحة، حيث تبدأ عقوباتها من ثلاث سنوات؛ نظرًا للأضرار التي تسببها، لافتا إلى أن اكتشاف التزوير قد يؤدي إلى سحب الوحدة السكنية من المستفيد إذا تمكن من الحصول عليها بطرق غير مشروعة.

ومن جانبها، أكدت مي عبد الحميد، رئيس صندوق الإسكان الاجتماعي، أن المبادرة الرئاسية «سكن لكل المصريين» تهدف لأن يشغل المواطن وحدته السكنية التي يحصل عليها مدعومة من الدولة، كي يحقق البرنامج أهدافه الفعلية ولضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، ولذلك أطلق صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري منظومة الضبطية القضائية في شهر يوليو 2020.

وأضافت «عبدالحميد»، أن منظومة الضبطية القضائية تقوم بإجراء زيارات ميدانية متنوعة لمشروعات المبادرة الرئاسية «سكن لكل المصريين»؛ للتأكد من شغل المستفيدين للوحدة السكنية، مع تحرير محاضر للمخالفين وتوقيع عقوبات عليهم قد تصل لحد سحب الوحدة السكنية.