محلل سياسي يكشف مخطط واشنطن وإسرائيل وتركيا لتقسيم سوريا والاستيلاء على النفط
كشف الباحث الاستراتيجي في الشؤون الإسرائيلية الدكتور محمد نصور النقاب عن أنه علي الرغم من أن فصائل المعارضة السورية بسطت سيطرتها على العاصمة دمشق في 8 ديسمبر الماضي، مُنهية بذلك 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد، إلا أنه رغم هذا الانتصار الكبير برزت تحديات ضخمة أمام السلطات السورية الجديدة في اكتساب الشرعية الدولية، ووقف أطماع الدول المعنية بالملف السوري من تعزيز نفوذها وهيمنتها ومصالحها على حساب مصلحة الشعب السوري.
وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية وعدت السلطات السورية الجديدة بالنظر في مسألة إزالة هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب، وموضوع منح الشرعية للحكومة الانتقالية الجديدة، وحتى ملف العقوبات ورفعها عن السوريين، فهذه العقوبات كانت مفروضة على نظام الأسد البائد لأسباب تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان وغيرها من الأسباب التي لا تنطبق على النظام المؤقت الجديد في البلاد، إلا أنه ومع مضي أكثر من شهر على سقوط نظام الأسد، بدأت تتوارد إشارات سلبية وغير محببة من طرف واشنطن، حيث أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية الأسبوع الماضي عن "تخفيف" للعقوبات على سوريا التي كانت فرضتها خلال فترة حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد دون التطرق إلى مسألة رفعها تمامًا عن سوريا.
وأشار المحلل السياسي أن الإدارة الأمريكية قالت منذ أيام إنه لا يوجد حاليا أي تغيير بشأن رفع "هيئة تحرير الشام" التي تقود الإدارة الجديدة في سوريا، من قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، حيث جاء ذلك على لسان مستشار الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، في تقييمه لآخر التطورات في سوريا.
وأرجع ذلك إلى حقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تستطع بسط هيمنتها بشكل كامل على مجريات الأحداث في سوريا، وعلى سياسات السلطات السورية الجديدة، ابتداءً من مسألة طرد القوات الروسية من سوريا، مرورًا بمسألة تحييد أي تهديد من فصائل المعارضة “سابقًا” ومن تركيا على القوات الكردية الحليفة لواشنطن شرقي الفرات، وصولًا إلى مسألة استمرارية قواعدها في سوريا خصوصًا قاعدة التنف، في مرحلة ما بعد الأسد.
ونوه الباحث الاستراتيجي في الشؤون الإسرائيلية، عن أبعاد خطيرة للسياسات الإسرائيلية والإقليمية في سوريا، مشيرًا إلى تناغم خفي بين إسرائيل، الولايات المتحدة، تركيا، وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، مضيفًا أن هذه السياسات تسعى لتفكيك سوريا وإضعاف وحدتها الوطنية من خلال استغلال الأزمات الراهنة وتوظيفها لتحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى.
تفاصيل مخطط تقسيم سوريا
وأوضح الدكتور “نصور” أن الكنيست الإسرائيلي يسعى من خلال قراراته الأخيرة إلى تعزيز مشروع تقسيم سوريا، لا سيما في المناطق الجنوبية، مشيرا إلى أن هذا المخطط يتناغم مع أهداف قسد الرامية إلى إقامة كيان فيدرالي أو كونفدرالي في شمال شرق سوريا، ما يعزز بقاء واستمرار إسرائيل كقوة مهيمنة في المنطقة.
وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية تلعب دورًا محوريًا في استغلال موارد سوريا، خصوصًا النفط في شمال شرق البلاد وعمليات نقل النفط من حقول دير الزور إلى ميناء جيهان التركي، ومن ثم إلى ميناء حيفا الإسرائيلي، تمثل نموذجًا واضحًا لهذا الاستغلال، لافتا إلى أن تركيا رغم تصريحاتها المتكررة حول احترام سيادة سوريا، لم تتخذ أي خطوات ملموسة لوقف هذا المسار.
تنسيق إقليمي مبطن ضد سوريا
ووصف الخبير السياسي العلاقة بين إسرائيل وتركيا بأنها "تنسيق مبطن"، مشيرًا إلى أن أنقرة تسعى بدورها إلى تحقيق مصالحها عبر اقتطاع مناطق شمال سوريا بعمق 30 كيلومترًا، في حين تسهل إسرائيل توغلها في الجنوب. هذا التناغم يعكس أجندات متقاطعة بين القوى الإقليمية، على حساب وحدة وسيادة سوريا متطرقا إلى جذور العلاقة بين إسرائيل وبعض الفصائل الكردية، التي تعود إلى منتصف القرن العشرين، وأن هذه العلاقة تمثل امتدادًا لرؤية صهيونية تلمودية تهدف إلى تحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى"، الممتد من الفرات إلى النيل، برعاية أمريكية كاملة.