رئيس التحرير
خالد مهران

دلالات ورسائل المكالمة بين بوتين وشي بعد التقارب الروسي الأمريكي

النبأ

 

بعد أسبوع واحد فقط من ظهور واشنطن وموسكو في السعودية في تقارب اعتبر على نطاق واسع على حساب بكين، طمأن الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعضهما البعض بشأن تحالفهما القائم.

دلالات ورسائل المكالمة بين بوتين وشي بعد التقارب الروسي الأمريكي

 

وأكد الجانبان أن شراكتهما الذي "لا تزال قوية". وأطلع بوتين في المكالمة الهاتفية التي جاءت بعد ثلاث سنوات من اليوم الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا في عام 2022 يوم الاثنين نظيره الصيني على انخراطات روسيا الأخيرة مع الولايات المتحدة، وقال إن العلاقات الصينية الروسية "لا تخضع للتأثير الخارجي".

وأجرى الزعيمان المحادثات في الوقت الذي دفع فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل التوصل إلى اتفاق سريع لإنهاء حرب أوكرانيا. واعلن ترامب نيته ابرام صفقة كبرى مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن أوكرانيا من شأنها إعادة ترتيب السياسة العالمية من خلال تهميش الأوروبيين وكييف.
  وكشف كيث كيلوغ، مبعوث ترامب لمحادثات أوكرانيا، عن المنطق الأساسي لمثل هذه الخطوة خلال عرض تقديمي في مؤتمر ميونيخ للأمن. وقال إن إدارة ترامب ستحاول "كسر" تحالفات بوتين مع الصين وإيران وكوريا الشمالية".


وقد أعادت الخطوات الأمريكية الاذهان إلى ضربة نيكسون في عام 1972 عندما أصبح أول زعيم أمريكي يسافر إلى جمهورية الصين الشعبية ويقيم علاقة دبلوماسية جديدة حيدت الاتحاد السوفيتي، مما أعطى الولايات المتحدة نفوذا استخدمته لدفع موسكو إلى التفاوض على معاهدة أسلحة استراتيجية جديدة.

 والآن يبدو أن ترامب يفكر في خطوة "نيكسون العكسية"-- تقارب دراماتيكي مع موسكو من شأنه أن يحرر واشنطن للتركيز على مواجهة الصين.

ويبدو أن الرسالة الأبرز للمكالمة جاءت لتبديد أي احتمالات من هذا القبيل.

وأكد شي وبوتين على متانة تحالفهما وطبيعته "طويلة الأجل"، مع ديناميكياته الداخلية الخاصة التي لن تتأثر بأي "طرف ثالث".
   وقال شي إن "العلاقات الصينية الروسية تتمتع بقوة دافعة داخلية قوية وقيمة استراتيجية فريدة، ولا تستهدف أي طرف ثالث".
   وأكد شي أن "استراتيجيات التنمية والسياسات الخارجية للصين وروسيا طويلة الأجل"، مضيفا أن البلدين "جاران جيدان لا يمكن فصلهما".


وأعلنت الصين وروسيا عن شراكة استراتيجية "بلا حدود" قبل أيام من إرسال بوتين عشرات الآلاف من القوات إلى أوكرانيا في فبراير 2022. والتقى شي ببوتين أكثر من 40 مرة في العقد الماضي ووصف بوتين الصين في الأشهر الأخيرة بأنها حليف.


   ويرى المراقبون أن محاولة ترامب تقويض الصين عن طريق التودد إلى بوتين منطق معيب للغاية، مشيرين إلى أن زيارة نيكسون جاءت في وقت كانت فيه بكين وموسكو عدوين بالفعل، بعد ثلاث سنوات من تبادل إطلاق النار المميت على جزيرة متنازع عليها على نهر أوسوري مما جعل الاثنين قريبين من حرب شاملة. لكن اليوم على النقيض من ذلك أصبحت روسيا والصين حليفين أقرب من أي وقت مضى.


على صعيد التعاون العملي، نما التعاون بينهما بشدة. وأصبحت الصين أكبر عميل للفحم والنفط الخام الروسي وهي سوق لن يكون من الحكمة أن يتخلى عنها بوتين في وقت يكافح فيه اقتصاده.

ويشترك البلدان في حدود كانت متنازع عليها ونجحا في حل النزاعات الطويلة من خلال سلسلة معقدة من المفاوضات في الثمانينيات والتسعينيات. وليس لدى أي منهما أي رغبة في احياء القضية، أو الاضطرار إلى استخدام القوات والمال لإعادة تحصين حدودهما.


سياسيا واقتصاديا، طورت موسكو وبكين مصالح متداخلة في مجموعة متنوعة من المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية. وهناك تآزر بين مبادرة الحزام والطريق الصينية والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وهناك تعاون كبير في منتديات مشتركة مثل بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون والتدريبات العسكرية المشتركة.

وتقدم بكين للروس دعما تقنيا حيويا. وفقا لأحد التقديرات، توفر الصين ما يقرب من 90 في المائة من رقائق الكمبيوتر المستخدمة حاليا في الصناعة الروسية.

وبينما نفت الصين أنها تدعم القاعدة الصناعية العسكرية الروسية، قال كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي في مؤتمر ميونيخ للأمن الأسبوع الماضي إن الصين لن تتوقف عن شراء الغاز الروسي لأن ذلك سيجعل الصين غير آمنة.

لقد جاءت المكالمة بين شي وبوتين على خلفية علاقة قوية مستمرة في الرسوخ منذ سنوات. ومن قراءتها يتضح أن الرسالة الرئيسية هي أن موسكو ليست مستعدة لتقديم نوع من التنازلات التي يمكن ان تمنح ترامب فوزا يمكن أن يصوره على أنه انتصار على الصين، لأنه ببساطة لا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأن بوتين سوف يرى حاجة إلى إفشال تحالفه مع شي. لأنه قوي وببساطة بحاجة إليها كثيرا بغض النظر عما سيقدمه الأمريكيون له. وحقيقة أن كلا الجانبين أكدا ذلك في الذكرى الثالثة للحرب يخبر بمدى قوة هذه التحالف.