رئيس التحرير
خالد مهران

طريقة جديدة.. شركات إعلانات تنصب على المواطنين عن طريق «التليجرام»

تلجرام ويب
تلجرام ويب

في إطار انتشار حالات النصب علي المواطنين مؤخرا، ظهرت مجددا عملية نصب جديدة، حيث تلقي العديد من المواطنين رسائل على الواتس مسجلة صوتيا أو عن طريق الاتصال التلفوني وبارقام مختلفة، تطالب المواطن بالتسجيل معهم،مقابل الحصول على أموال مالية نتيجة  العمل في جذب المزيد من المواطنين للانضمام للشركة صاحبة الإعلان،وكل ما يزيد نسبة المنضمين تكون العمولة أكبر للمشترك،البداية بدفع مبالغ كبيرة  للمشتركة من أجل ضمان جذب المزيد من الأعضاء المنضمين لها.

ويقول أحد الضحايا، إنه يطالب منا في البداية عبر التسجيل الصوتي الاشتراك في صفحة الشركة وعمل إعجاب على الإعلانات أو الفديوهات المنشورة  علي الصفحة وكل ما يزيد عدد المعجبين يكون للمشترك نسبة من االعمولات المالية،الغريب أن هذه الشركات تعمل على خاصية التلجرام فقط،وبالتالي صعوبة المتابعة كما يحدث  علي الفيس بوك.

وقال، إن الرسائل التي ترسل للمواطنين سواء  على الوتس أو الاتصال الشخصي تكون برقم مصري،في حين يكون المتحدث خليجي أو الرسالة بصوت خليجي 

كما أضاف أن الاشتراك قد يكون مجانيا وقد يكون مقابل دفع مبلغ وليكن ألف جنيه مثلا قيمة الاشتراك لمدة سنة، ثم بعد ذلك تقوم هذه الشركات بتنزيل إعلانات على موقعها وتشترط على العميل مشاهدتها مقابل عمولة على كل إعلان، ومن هذه الشركات ما يعطي للعميل عمولات إضافية لو قام بضم عملاء آخرين للشركة عن طريقه.

الموقف الشرعي

 

وقد انتشرت هذه الشركات مؤخرا انتشارا كبيرا وأخذت تجذب العديد من الشباب للانضمام إليها.ولبيان الموقف الشرعي من التعامل معها،أوضح الشيخ سليم عبد العزيز من أئمة الأوقاف،عن  حكم هذه المعاملة،قائلا:

للإجابة على هذا السؤال نفرق هنا بين افتراضين:

الافتراض الأول: لو كان محتوى الإعلانات محذورا كالمواقع الإباحية أو مواقع بيع الخمور، أو مواقع الميسر، أو مواقع التنصير أو غيرها من المواقع التي تقوم على نشر الحرام والترويج له.

فالمعاملة كلها محرمة، وأي مال يكتسب من جرائها يعد مالا حراما.

لأن الضغط على الموقع لمشاهدة مثل هذه المحتويات، وكثرة الزائرين له، يعتبر دعاية ودعما له، ولا يجوز الإعلان والدعاية والإعانة على نشر المنكرات.

قال تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2

عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ ‌دَعَا ‌إِلَى ‌ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا.» صحيح مسلم برقم 2674

الافتراض الثاني: إذا كان محتوى الإعلانات مباحا، فهنا نفرق حالتين:

الحالة الأولى: إذا كان الأجر يعطى على مجرد مشاهدة الإعلانات أو أي محتوى دون اشتراط لدفع اشتراك سابق، فهنا نفرق بين:

1- إذا كان الأجر معلوما غير مجهول: فهذا جائز.

ويعتبر الأجر هنا إما من قبيل الهبة فالشركة تهب مالا لمن يقوم بمشاهدة هذه الإعلانات، وإما من قبيل الأجرة فالشخص يتقاضى أجرا على فتح الإنترنت، وقبول هذه الإعلانات ومشاهدتها، فعمله هذا يستحق عليه أجرا، مالم يترتب على هذا خداع أو تغرير ( مثلأن يوهم الغير بكثرة مشاهداته أنها سلعة رائجة مطلوبة) فيكون من قبيل النجش المحرم.

2- إذا كان الأجر مجهولا، فتكون المعاملة محرمة لأن جهالة الأجر تعد غررا وهو محرم

قال ابن قدامة: يشترط ‌في ‌عوض ‌الإجارة كونه معلوما. لا نعلم في ذلك خلافا، المغني لابن قدامة 8/14

الحالة الثانية: إذا كان هناك شرط بدفع اشتراك قبل مشاهدة الإعلانات أو المحتوى.

. كما في شركة ( Neobux)، والشركات المماثلة لها.

فهذه المعاملة محرمة، لما يلي:

1- أنها مبادلة مال بمال، ويجمع الربا بنوعيه:

ربا الفضل: للفرق الحاصل بين قيمة الاشتراك والعمولة المتحصلة.

ربا النسيئة: للتأخير.

2- أنها من قبيل القرض الذي جر نفعا، فقيمة الاشتراك المدفوعة في البداية تعتبرا قرضا من العميل للشركة، والعمولات التي يتقاضاها العميل – إن استمرت الشركة – تزيد بكثير عن الاشتراك الذي دفعه، فهذا قرض جر نفعا وهو محرم.

3- أنها من قبيل اجتماع عقد سلف مع معاوضة وهو محرم

فمبالغ الاشتراكات تعتبر سلف ( قرض) من العميل للشركة، وهذا القرض يقابله معاوضة، وهي العمولات مقابل المشاهدة، ولا يجوز الجمع بين القرض، وبين عقد من عقود المعاوضة، كالبيع، والإجارة؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم « عَنْ ‌سَلَفٍ ‌وَبَيْعٍ...»

4- أن بعض أجزاء المعاملة تعتبر من قبيل النجش المحرم: حيث يتوهم البعض بسبب كثرة الداخلين على هذه الإعلانات أنها بضاعة رائجة ومطلوبة وهو خلاف الواقع فيغر الناس بشراء المنتج المعلن عنه.

5- المال المدفوع من المشترك ليس في مقابله منفعة معتبرة شرعًا، والاعلان المعروض مجرد صورة شكلية.

ومما يؤكد ذلك عدم اطلاع الكثير على الإعلانات فأحيانا يستخدم العميل برامج تتصفح هذه الإعلانات دون مشاهدتها فعليا، وعلى افتراض أنهم يفتحونها، فإنما يفتحونها لكسب النقاط، ويغلقونها دون معرفة محتواها؛ لأن الغاية مجرد الضغط فحسب، فهذا غش، وخداع محرم، كما أنه استحلال مال بغير حق.

6- تحتوي المعاملة على نوع من المقامرة فقد تدفع مثلا 1000ج وتشاهد إعلانات بعمولة أكبر من قيمة الاشتراك 2000 ج مثلا، وقد تشاهد إعلانات بعمولة أقل من قيمة الاشتراك 800ج مثلا وهذا نوع من المقامرة.

7- أنها من الغرر المحرَّم شرعًا ؛ لأن المشترك لا يدري هل ينجح في مشاهدة كل الإعلانات أم لا ؟ ولا يدري المشترك حين انضمامه للشركة ودفع الاشتراك هل سيكون رابحًا ( في حالة زيادة العمولة عن قيمة الاشتراك) أم خاسرًا( في حالة نقص العمولة عن قيمة الاشتراك) ؟

8- لأن المنفعة غير مقصودة، فليس مقصد هذه الشركات هو مشاهدة الإعلانات وإنما هدفهم الأساسي جمع الاشتراكات من العملاء، ولو كانت مشاهدة الإعلانات مقصودة لَمَا اشترطت الشركة دفع اشتراكات مالية، لكن قصدها أكل الاشتراكات المالية بالباطل، والفيديوهات ستار خادع.

9- فيها أكل أموال الناس بالباطل: لأنه إذا توقف عمل الشركة كان هناك من يخسر لمصلحة من يربح، والخاسرون هم الأغلبية الساحقة.

9- المخاطر الاقتصادية ومنها:

1- تعطيل المال وعدم دخوله في عجلة الانتاج مما يؤثر على الاقتصاد القومي، فاشتراك محمد يعطى منه عمولة لإبراهيم ويدور المال بين العمولات والاشتراكات وأرباح الشركة بلا إنتاج يقابل دوران المال.

2- عدم وجود ضمانات أو رقابة على هذه المعاملة فقد يتم إغراء آلاف المشتركين ثم تحصل الشركة أموالا ضخمة وفجأة يغلق الموقع.

3- تكاسل الشباب عن العمل والجلوس على هذه المواقع لمجرد مشاهدة الإعلانات، مما يؤدي إلى انسداد كثير من المهن.

4- غياب الرقابة مما قد يحدث النصب والاحتيال من خلاله.

ما حكم جذب عملاء لهذه الشركات وتقاضي عمولة على كل عميل

وهو ما يسمى (referrals) الريفير

هذه مبنية على الحكم السابق

فلو كان المحتوى محرما كان ضم العملاء من قبيل التعاون على الإثم والعدوان ومن قبيل الدعوة إلى ضلالة.

ولو كان المحتوى مباحا،فإن كان الاشتراك دون اشتراط دفع قيمة اشتراك فهو جائز، وهو من قبيل السمسرة.

وإن كان الاشتراك يشترط فيه دفع قيمة الاشتراك فهو محرم كما ذكرنا، ويندرج ضمن التسويق الشبكي