رئيس التحرير
خالد مهران

"عريس سعودي ولا كويتي".. فتيات يلجأن للخاطبة الإلكترونية للزواج من الخليجيين.. وأستاذة علم اجتماع: يضيع حقوق المرأة ويهدد المجتمع

النبأ

كثرت في الآونة الأخيرة، اتجاه أهالي الفتيات في مصر لتزويج بناتهم من الخليجيين المقيمين في المحافظات المختلفة، سعيًا منهم لضمان مستوى معيشي أفضل لهن في ظل الحالة الإقتصادية التي تشهدها مصر على مدار الأعوام الماضية، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب المصري وتقاضيهم رواتب قد تكون غير كفيلة بتأسيس حياة زوجية مرضية للفتيات وأهالهن.

وفي هذا الإطار ظهرت ظاهرة الخاطبة عبر صفحات الانترنت والتي تعلن عن العريس الخليجي سواء كان السعودي أو الكويتي أو الإماراتي، حيث تنجذب الفتيات وأهالهن لتلك المنشورات في محاولة منهم لتزويج فتياتهم من أحدهم، وبمجرد نشر الإعلان تبدأ الفتيات في إرسال رسائل خاصة لصاحبة المنشور للتعرف أكثر على تفاصيل العريس الخليجي.

وتبدأ المحادثة بين الخاطبة الإلكترونية والسيدة أو الفتاة الراغبة في الزواج من العريس الخليجي، حيث تسألها عن مواصفاتها الخاصة ومواصفات العريس الذي ترغب في الارتباط به، وتحدد لها موعدًا للمقابلة بينهما سواء في المنزل أو في مكان عام، بشرط حصولها على أتعابها نظير توصيلها للعريس الخليجي.

وتقول إحدى الخاطبات: " أعمل في هذا المجال منذ فترة كبيرة حيث أهتم أكثر بخطبة الفتيات بالخليجين المقيمين في مصر، وأعرض منشوري في جروبات الزواج المخصصة وتتواصل معي الفتيات لمعرفة معلومات عن العريس الذي أعرض بيانات عنه، وإذا حصل توافق البيانات بين الطرفين اتقاضى من الطرفين ٥٠٠ جنيه أتعابي وابدأ في توصيلهم ببعض حيث يبدأو في تحديد موعد للمقابلة وإجراء مراسم الزواج".

وتذكرت نموذجا قائلة: "أحد الأشخاص السعودين عمره ٥٤ مقيم في مصر يمتلك شقة تمليك في الدقي، حالته الاجتماعية مطلق وعنده ثلاث بنات في حضانة والدتهم حتى يتزوجوا، طلب مني أن أبحث له عروسة مصرية تكون من ٣٠ إلى ٣٥ سنة دون اولاد ويكون هدفها الأساسي الزواج والستر، لإنه واجه ناس كتير هدفها تجارة أو بمعنى اصح بيع وشرا مش جوازة ستر".

وتضيف: "وبمجرد نشري للإعلان بدأت الفتيات والسيدات في التهافت علي لمعرفة تفاصيل ووسيلة التواصل مع العريس وقد حاولت توفيق العروسة المناسبة لذلك الشخص".

وتطرقت لفكرة عرض بعض الأهالي بناتهن القاصرات للزواج من الخليجين المقيمين في مصر، قائلة: "أحد الأشخاص عرض أخته للزواج حيث قال لي لو قدامك عريس سعودي موجود عندنا عروسه 20 سنه بنت بنوت ف القليوبيه شبين القناطر".

كما تواصلت معها إحدى السيدات عارضة بنت قاصر عمرها ١٨ سنة، قائلة لها: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. عايزه عريس سعودي لبنت ١٨ سنة".

وتقول خاطبة إلكترونية أخرى: "نشرت منشور بشأن عريس خليجي مقيم في مصر وبمجرد رؤيته من مشتركي الصفحة بدأت السيدات في التواصل معي بشأنه".

وتضيف: " تواصلت معي سيدة قائلة حضرتك انا عايزة عريس سعودى أو كويتى.. انا عندى 26 سنة مطلقة دون أولاد.. معايا دبلوم تجارة".

كما تواصلت معها أخرى، قائلة: "السلام عليكم العريس السعودي ممكن التفاصيل.. أنا مطلقة ٣٧ س خريجة جامعة 
أسمى فاطمة معى ٣ اولاد موجودين معى ولكن مش هيعيشوا مع زوجى ان شاء الله".

 

أستاذة علم اجتماع: الزواج السياحي يضيع حقوق المرأة ويهدد المجتمع 

دكتورة دعاء توفيق


تقول دكتورة دعاء توفيق أستاذة علم اجتماع: "موضوع تزويج الفتيات للخليجين عبر منصات الخاطبة الالكترونية انتشر بشكل كبيرة خلال الفترة الماضية، وقد تم دراستها نظرا لأنها أصبحت ظاهرة معقدة وهناك عدة عوامل أدت إليها وأهمها العوامل الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وأخيرا العامل القانوني، وفي علم الاجتماع سمي هذا النوع من الزواج بالاستثماري أو السياحي فهو بمثابة صفقة تتم خلالها عملية بيع وشراء".

وتضيف: " فأهم أسباب هذا النوع من الزواج هو الفقر، فهناك قرى بعينها ومنها الجيزة والفيوم والشرقية تتم فيها تزويج البنات للخليجين وخاصة الجنسية السعودية والكويتية، فالصفقة هنا غير مكلفة للخليجي، ويتم تحديد تسعيرة من قبل الخاطبة الالكترونية لتزويج الفتيات، فالفقر والحاجة إلى المال يدفع الأسرة إلى تزويج بناتهم من الخليجيين مقابل مبلغ من المال، فالبنت بيضاء البشرة بسعر والسمراء بسعر، والطويلة بسعر والقصيرة بسعر، البكر بسعر والثيب بسعر، فهو بمثابة سوق جديد للإتجار بالبشر".

وتتابع أستاذة علم اجتماع: " أما الدافع الثاني فهو التشيوء والنزعة الاستهلاكية، فقد أصبح هناك شراهة في الاستهلاك ويتم تقييم الإنسان من خلال ممتلكاته وهذا ما دفع الأسر لتزويج بناتهم للميسورين من الخليجيين".

كما تتطرق دكتورة دعاء للتقليد الذي أصبحت تتبعه بعض الأسر، فعندما ترى أنهم جيرانهم قد تبدلت أحوالهم بتزويج بناتهم لميسوري الحال لتصبح أفضل اقتصاديا، حيث ترى البنت وأهلها أن هذا النوع من الزواج بمثابة فرصة، حيث تحدث لهم حالة إغراء بأنهم بأن مستواهم الاقتصادي سيصبح أفضل".

العوامل الاجتماعية

 

وتتحدث دكتورة دعاء عن العوامل الاجتماعية قائلة: " يعتبر الجهل والعدم الوعي دافعا لإقدام الفتاة وأسرتها على ذه النوع من الزواج دون التفكير في التبعات المستقبلية، والاهتمام في المقام الأول بالمكتسبات المادية، كما أن الخوف من العنوسة وارتفاع سن الزواج تأتي ضمن تلك العوامل".

العوامل التقنية

 

وتضيف: " من العوامل المهمة لهذا النوع من الزواج العامل التكنولوجي، حيث سهولة التواصل عبر الإنترنت على كافة المستويات وسهولة الوصول إلى مواقع الزواج وإعلانات عبر التيك توك وانستجرام تغري الفتيات بوعود لامتلاك الأموال والسيارات والعقارات".

العوامل القانونية

 

تقول أستاذة علم اجتماع: " كما أن من ضمن تلك العوامل القانونية وسهولة الإجراء الزواجي، فالخليجي يأتي إلى مصر بورقتين عرفي واثنين من الشهود مقابل مبلغ مالي، وهذا يسهل موضوع الزواج السريع".

مخاطر زواج الفتيات من الخليجين ميسوري الحال

وتعتبر دكتورة دعاء هذا النوع من الزواج محفوفا بالمخاطر، فمع مرور قد يمل الزوج الخليجي من زوجته المصرية وقد يتزوج غيرها، ففرق العملية ليس عائقا أمام ذلك، لذا فإن من مخاطرها الطلاق السريع بسبب عدم توثيقه قانونيا، فهو متعة مقابل مبلغ من المال، فهو كتجارة العبيد.

سبل تقليل هذا النوع من الزواج

 

وتحدد أستاذة علم الاجتماع ثلاثة محاور لتقليل هذا النوع من الزواج وأهمها التوعية المجتمعية، فمهما سنت الدولة قوانين لإيقاف هذا الزواج فلن يفيد دون وجود وعي لدي المواطنين، فمؤسسات المجتمع المدني عليها دورا هاما لتوعية الأفراد والأسرة لمخاطر هذا النوع من الزواج.


أما المحور الثاني يتمثل في الوعي الديني من خلال إظهار أن هذا النوع من الزواج ليس المفهوم الصحيح للزواج الشرعي القائم على حقوق المرأة في الإسلام، فهناك معايير دينية وأركان لها.

وأخيرا. المحور الثالث يتمثل في التشريع وسن القوانين وتدخل الدولة لضبط عملية الزواج الالكتروني وشروط التوثيق الرسمية وإلزام الطرف الأخر بتأدية حقوق الزوجة وحمايتها من الطلاق التعسفي، فلا بد من وجود من محامين يقدمون استشارات قانونية حتى يتم عمل عقود موثقة تلزم الطرف الآخر بحقوق زوجته".