الدكتور محمد حمزة يكتب: اغتصاب العقل.. وكيف يكون؟

زمان ولحد وقت ليس بالطويل ولا بالقصير كان فيه إحتلال واستعمار وصراعات وحروب تعرف بحروب الجيل الأول والثاني. والثالث وصدرت عنها دراسات كثيرة قديمة وحديثة،وكانت ومايزال لها ذيول كلنا عارفينها ومن أبرزها الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين،وكمان روسيا واوكرانيا
وماجري وما زال يجري في اليمن والسودان وليبيا وسوريا ولبنان،وطبعا النتائج معروفة وعنها كتب ودراسات كثيرة،ورغم ذلك هناك نوع آخر من الحروب بدأ يبزغ إلى السطح بعد نهاية الحرب الباردة 1990م وحتي الأن ويعرف اصطلاحا بحروب الجيل الرابع والخامس،وهدفها معروف وهو إثارة الشبهات والتشكيك في الرموز والثوابت،وصناعة تاريخ بديل وهويات جديدة،وده نتيجة طبيعية لسياسة النفس الطويل اللي بدأها الغرب منذ مطلع العصر الحديث بدراسة الشرق الادني القديم وتاريخه وحضارته وديانته من خلال مجموعة من العلوم ومنها علم الاستشراق وعلم الساميات وعلم الاثار بعامة وعلم تاريخ وآثار الكتاب المقدس وعلم الاثار التوراتي، وعلوم فرعية ترتبط بالتاريخ القديم لحضارات الشرق الادني ومنها علم المصريات وعلم الآشوريات،وحديثا علم المصريات التوراتي الذي تتبناه شيرلي بن دور،
ويرتبط بهذا وذاك توجه نحو صناعة هويات جديدة ومنها الهوية الفرعونية والهوية الآشورية والهوية الآرامية والسريانية والهوية الأمازيغية والهوية النبطية والهوية الكنعانية،والهوية الفينيقيّة والهوية الادومية والعمومية
وكان التزوير والتضليل يتم اولًا من خلال المركزية الأوروبية ؟ وحاليا هناك المركزية الأفريقية المعروفة بالافروسنترك في أمريكا
وهناك مصطلحات مضللة لا علاقة لها بما يحدث علي ارض الواقع ومنها الديموقراطية والعالم الحر والعقلانية الجديدة والتنوير والمستشرقون أو المراجعون أو التنقيحيون الجدد
ويدعم هذا التوجه مؤسسات ومنظمات وأكاديميات وجمعيات ومعاهد وادارات في أوروبا وأمريكا تنفق ببزخ غير محدوا
ولها اتباع وانصار ومريدين في الشرق من المحيط إلي الخليج،والغرض من ذلك كله واضح جلي ولا يختلف عليه اثنان وهو إغتصاب العقل العربي من خلال سياسات واستراتيجيات منظمة وممنهجة للتحكم في العقل وتشويه الفكر وغسيل الدماغ والمخ
حتي يصبح العقل العربي شخشيخة في أيديهم يحركونها كيفما شاءوا وكيفما أرادوا
ومن وسائل وسياسات واستراتيجيات اغتصاب العقل تسخير كافة وسائل التقدم العلمي والتكنولوجيا الحديثة لتحقيق هذا الغرض ومنها السينما ولدينا قائمة طويلة عريضة بأفلام هوليود؟؟ والقنوات التليفزيونية ومنها قناة الحرة وقناة الغد ومن البرامج مختلف عليه وصندوق الإسلام والتاريخ الإسلامي المبكر
وحتي يكون التأثير مباشرا وقويا لا بد من بث هذه البرامج من قبل إعلاميين عرب ومصريين ومن بينهم رشيد ايلال ومحمد المسيح من المغرب وابراهيم عيسي وخالد منتصر ويوسف زيدان وحامد عبد الصمد من مصر وهناك عراقيين وسوريين ولبنانيين وفلسطينيين وجزائريين وتوانسة
وبعض هؤلاء لهم قنوات وبرامج خاصة علي اليوتيوب ويتم اتباع نظام الشيفتات والتداول بين الجميع ممايدل علي ان هناك سيستم. وسيناريو لا بد من تنفيذه من خلال منابع واوجه كثيرة
وسوف تشهد الأيام والسنوات القادمة الكثير من اوجة اغتصاب العقل من خلال الذكاء الاصطناعي الذي زاحمنا ومايزال في كل شئ
وكذلك التركيز علي الرؤية الاحادية وطرحها من خلال الوجوه المكررة التي ملت الناس منها دينيا وثقافيا وعلميا ورياضيا وفنيا
ومن الملفت للنظر ان هناك أساليب اخري لاغتصاب العقل وغسل المخ والدماغ من خلال مايعرف بالدراما التاريخية والتي يتم من خلالها تشويه التاريخ وتزويرة من اجل الإسقاط علي الأوضاع الحالية والمعاصرة أو لايصال رسالة معينة والتوجيه لافكار خاصة وما مسلسل الحشاشين في رمضان 2024م ومعاوية بن أبي سفيان في رمضان2025م إلا نماذج واضحة لهذا
وقبل كدة كان عندنا في فترة الحقبة المعروفة بالناصرية فيلم وإسلاماه وفيلم الناصر صلاح الدين وفيلم رد قلبي
ويدخل في السياق التسويق والترويج لأشياء كثيرة في السلع المختلفة من خلال نجوم الفن والرياضة المشهورين والمعروفين للناس
واللي ألقابهم تغطي علي كل شئ وتفتح لهم الأبواب المغلقة ومنها الزعيم ووحش الكون ونجمة مصر ونجمة الجماهير ونمبر وان والهضبة والأسطورة والفرعون المصري وهرم مصر الرابع
وكذلك كيفية الترويج والتسويق لجمع التبرعات والصدقات والزكوات بإستغلال العاطفة الدينية والظروف المرضية والإنسانية ودغدغة العواطف بطرق وأساليب مختلفة
وهناك كتائب من المؤلفين والكتاب ورؤساء التحرير والمخرجين والملحنين والموسيقيين من يبدعون في الضرب علي الاوتار الحساسة للتأثير علي الناس والترويج والتسويق لما ينشدون
وايضًا استغلال حاجة الناس وظروفهم الاقتصادية من خلال برامج المسابقات من أجل الترويج لقناة أو لنجم أو غسل سمعة نجم زي غسيل الأموال كده، وما برنامج مدفع رمضان هذا العام بخاف علي أحد،ويضاف إلي هذا وذاك المسلسلات والبرامج دون المستوي رياضية ودينية وثقافية
وكذلك الأغاني الهابطة والمهرجانات والألفاظ البذيئة التي لا تتناسب مع الذوق العام بل تفسده مع نبذ العادات والتقاليد،وكذلك الإصرار علي هدم التراث وذاكرة الأمة وقوتها الناعمة خلال القرنين الأخيرين،والحق إن اغتصاب العقل بمختلف وسائله وأساليبه واستراتيجياته لا بد ان ينتهي علي مستوي الأفراد أو المجتمعات أو المؤسسات والهيئات والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية والدول
ولا بد ان نستعيد الفطرة الإنسانية الأصيلة والسليمةالتي فطر الله الناس عليها إلى سابق عهدها من حيث الصفاء والنقاء والسليقة والبصر والبصيرة،لالإغتصاب العقل، لا للتحكم في الفكر،لا لتشويه العقل،لا لغسل المخ والدماغ، لا للإعلام المضلل
بقلم:
الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامي
