رئيس التحرير
خالد مهران

رفضها «مبارك» عام 2008..

كواليس صفقة بيع بنك القاهرة للإمارات

بنك القاهرة
بنك القاهرة

يبدو أن صفقة بيع بنك القاهرة الذي يعد من أكبر 10 بنوك في القطاع المصرفي المصري، وصلت مع الحكومة إلى محطتها الأخيرة بعد محاولات دامت 19 عامًا.

وكانت الحكومة لجأت لتسهيل عملية بيع بنك القاهرة إلى تغيير قانون نشأته ليكون مملوكا إلى بنك مصر ثاني أكبر بنك حكومي في البلاد ليكون شركة مساهمة مصرية.

وفي 2006 تعد أول محاولة جدية لبيع البنك لكن تم التراجع عنها بعد قطع خطوات متقدمة ومنافسة ثلاثة بنوك إقليمية وأجنبية على شرائه.

وفي إبريل 2020 فشلت المحاولة الثانية لطرح حصة بنحو 25% من رأس مال بنك القاهرة في البورصة المصرية بعد تراجع البنك المركزي عن طرحه بفعل انتشار جائحة فيروس كورونا ونزيف البورصات العالمية وتخوفا من خسارة قيمة السهم.

الجدل بين الخبراء والنواب

وخلال شهر مارس الجاري، ترددت أنباء حول اقتراب نجاح صفقة الاستحواذ من بنك الإمارات دبي الوطني على بنك القاهرة.

وأثار ذلك حالة من الجدل بين خبراء الاقتصاد وأعضاء مجلس النواب، ولا سيما مع قيمة الصفقة المحتملة مليار دولار، بينما كان يقدر في عام 2008 بقيمة 2.25 مليار دولار أثناء حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ورغم ذلك رفض.

وتقدمت الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، ببيان عاجل موجه لكل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير الاستثمار والتجارة الخارجية، ووزير المالية، بشأن أبعاد وملابسات استحواذ بنك إماراتي على بنك القاهرة.

وأوضحت النائبة، أن الجميع تابع خلال الأيام الماضية الإجراءات الاستباقية التي قام بها البنك المركزي، والمتمثلة في منح الموافقة لصالح بنك إماراتي لبدء الفحص النافي للجهالة؛ تمهيدًا للاستحواذ على بنك القاهرة بمبلغ يقارب مليار دولار، متابعة: «يأتي ذلك رغم تحقيق البنك أرباحًا كبيرة ومعدلات نمو مرتفعة، كان آخرها خلال العام المالي 2024، مما يستدعى التوقف عند العديد من النقاط الجوهرية المتعلقة بهذه الصفقة، وأسس تقييم البنك، ومدى توافق هذه الخطوة مع المصالح الاقتصادية لمصر».

كما تقدم النائب أحمد بلال البرلسي، نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع بمجلس النواب، ببيان عاجل إلى المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، موجه إلى رئيس الوزراء ووزيري المالية والاستثمار، طالب خلاله الحكومة بإيقاف صفقة بيع بنك القاهرة لبنك الإمارات دبي، مطالبا بالشفافية في اتخاذ القرارات المتعلقة بمقدرات الدولة.

ولكن في الوقت نفسه، يرى بعض خبراء الاقتصاد، أن الرقم المعروض حاليًا هو رقم مناسب، وخاصة مع تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، نتيجة لقرارات تحرير الصرف المتلاحقة.

الحكومة تسعى للتخارج

وعلق رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، على الجدل الذي أثارته أنباء صفقة الاستحواذ المحتملة على بنك القاهرة مقابل مليار دولار.

وأكد «مدبولي»، أن بنك القاهرة هو أحد البنوك التي تسعى الحكومة للتخارج منه ضمن برنامج الطروحات، موضحا أن هناك جهة تجري -حاليًا- الفحص النافي للجهالة للبنك لتحديد قيمته.

وأضاف أن ما أثير حول تقييم بنك القاهرة بقيمة بمليار دولار، وأنه كان قد سبق تقييمه بأكثر من ذلك، هو حديث عار عن الصحة، وما يتم الآن هو تقييم للبنك بوضعه الحالي وفي ضوء المستجدات الراهنة؛ تمهيدًا لتحديد الحكومة والبنك المركزي للنسبة التي سيتم طرحها سواء كانت لمستثمر استراتيجي، أو من خلال البورصة.

ووفقًا لآخر أرقام معلنة، يبلغ رأس مال بنك القاهرة المصدر والمدفوع 19 مليار جنيه، فيما يبلغ إجمالي أصول البنك 478 مليار جنيه.

ويمتلك بنك القاهرة محفظة الودائع تتخطى نحو 347 مليار جنيه بنهاية سبتمبر الماضي فيما تخطى إجمالي محفظة الودائع نحو 187.4 مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2024.

وارتفع صافي ربح بنك القاهرة 90% خلال أول 9 أشهر من 2024 إلى نحو 8.63 مليار جنيه مقارنة بنحو 4.54 مليار جنيه بنفس الفترة من العام السابق، بدعم نمو صافي الدخل من العائد 61.5% خلال أول 9 أشهر من العام الماضي مسجلا نحو 20.1 مليار جنيه مقارنة بنحو 12.49 مليار جنيه بنفس الفترة من العام السابق.

تقييم بنك القاهرة بالعملة الأجنبية

وفي هذا السياق، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن صفقة بيع بنك القاهرة أحد خطط الحكومة لتخارج من الاقتصاد، لافتًا إلى أن هناك مستثمرا استراتيجيا وهو «الإمارات» يريد الاستحواذ على البنك في المقابل سيضخ مزيد من الدولارات؛ مما يساهم في سداد مديونيات أو استيراد سلع أساسية أو زيادة الاحتياطي النقدي.

وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن الموافقة الخاصة بالمراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولي، كان أحد شروطها زيادة المساهمة القطاع الخاص، وضخ العملة الأجنبية، والاستمرار في تحرير سعر الصرف، مؤكدا أن بيع بنك القاهرة ما هو إلا بداية لعدد من الطروحات القادمة لشركات القطاع العام وبنوك أخرى.

وأشار «الإدريسي»، إلى أن تحرير سعر الصرف خفض بشكل كبير قيمة العملة والأصول التي تملكها الدولة، مطالبًا بتقييم بنك القاهرة بالعملة الأجنبية وليست المحلية، وخاصة مع الأصول التي يمتلكها البنك والأرباح المحققة.

وحول التحديات التي تواجه صفقة البيع أوضح: «إدارة القطاع الخاص والمستثمرين للاقتصاد أفضل من الحكومة، لذلك معظم المقبلين على شراء أي أصول مصرية، ينتظرون الوقت المناسب وهو مزيد من الانخفاض في سعر العملة، لجني أكبر مكاسب ممكنة سواء من سعر الصرف أو الحوافز والضمانات والتي منها تحويل الأرباح وفض المنازعات الضريبية، والتراخيص والاندماج مع الجهاز المصرفي».

ولفت الخبير الاقتصادي، إلى أن المستثمر ينظر إلى التحديات القادمة وليست الحالية، وهو ما يعرقل أي صفقة، فهناك ارتفاع في أسعار البنزين، والطاقة، وتكاليف الإنتاج وزيادة في التضخم، متابعًا: «وهو ما يعني ارتفاع في سعر الفائدة وعدم الإقبال على القروض وزيادة المدخرات في البنوك».

وأكد ضرورة وجود حلول للحكومة خارج الصندوق بخلاف بيع الأصول وتحرير سعر الصرف، متابعا: «يجب أن يكون هناك رؤية لزيادة الإنتاج والصادرات وتحسين مستوى المعيشة، ولكن حاليًا جميع القرارات مسكنات فقط».

الطرح لمستثمر استراتيجي أم البورصة

ومن ناحيته، قال إيهاب سعيد، خبير أسواق المال، وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية سابقًا، إن طرح بنك القاهرة في البورصة أفضل حل بدلًا من المستثمر الاستراتيجي.

وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن الطرح في البورصة يحدد قيمة البنك من خلال قوة العرض والطلب ومن ثم تتخلص الدولة من حالة الجدل التي رأيناها الفترة الماضية حول الصفقة بـ«مليار أو بـ2.25 مليار دولار في عصر مبارك».

وتابع:«لأن ذلك يعطي فرصة للتسعير ودخول المستثمر المحلي والأجنبي وزيادة المنافسة وتقديم أفضل سعر للبيع، أما بالنسبة للمستثمر الاستراتيجي، يقدم عرضا شبه إجباري ويتم شراء الأسهم جميعها».

وأشار «سعيد»، إلى أن الطرح لمستثمر استراتيجي، أكبر غلط تقوم به الحكومة، قائلًا: «الطرح في البورصة يعطي -أيضًا- حق للحكومة للاحتفاظ بنسبة حتى لو 5%، وهو يعني مكاسب وتحقيق أرباح على مدار الأعوام القادمة، حيث ارتفاع سعر السهم يعني زيادة مكاسب».

وأوضح خبير أسواق المال، أن طرح بنك القاهرة في البورصة ينعشها، لافتًا إلى أن الطرح أمام مستثمر استراتيجي بشكل مباشر يفتح الباب أمام الشائعات، فضلًا عن أن الاستفادة ستكون أقل.