رئيس التحرير
خالد مهران

الأزهر يتوعد إيران بعد عرض فيلم "محمد"


تسود حالة من الغضب الشديد ،داخل مشيخة الأزهر الشريف ، بعدما أعلنت إيران عن إنتاجها جزئين جديدين لفيلم "محمد" سيتم عرضهما خلال الفترة المقبلة، حيث يبحث الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب  كافة الطرق للرد على تجاوزات إيران، ومن المنتظر عقد اجتماع عاجل لهيئة كبار العلماء لإصدار بيان على عرض فيلم النبي "محمد" .

وفي هذا السياق علمت النبأ أن الأزهر يبحث عدة قرارات مناسبة للرد على إيران ،من بينها قطع العلاقات بين الأزهر وإيران ورفض إستقبال  شيوخ الشيعة في الأزهر خلال الفترة المقبلة، بجانب فصل كل من يقوم بزيارة دولة إيران، كما يبحث الأزهر تقديم طلب للخارجة المصرية من إجل إستدعاء مبعوث السفارة الإيرانية في القاهرة وتقديم إحتجاج رسمي على عرض الفيلم، كما يبحث  الأمام الأكبر عدم إستقبال قيادات إيرانية في مشيخة الأزهر خلال الفترة المقبلة .

هذا وقد تعيد هيئة كبار العلماء نص الفتوى الخاصة بتحريم تجسيد الرسول والأنبياء في الأعمال الدرامية .

على الجانب الأخر أعلنت الدعوة السلفية المساندة الكاملة للأزهر في مواجهة تجاوزات إيران وحربها ضد مسلمي السنة في العالم من أجل نشر التشيع في الدول العربية والإسلامية، موضحين أن إيران تحارب الإسلام، وتغزو الدول العربية فكريا ودينيا، مطالبين إياها بوقف هذا العمل.

وإذا ما عدنا قليلاً بالذاكرة إلى الخلف سنجد أن هناك مواقف عنيفة اتخذها الأزهر تحت فتوى تحريم تجسيد الانبياء والصحابة فرفض تحويل روايتي "الحسين ثائراً" و"الحسين شهيداً" للراحل عبد الرحمن الشرقاوي إلى أعمال درامية، إضافة إلى الجدل الكبير الذي أثير حول مسلسل "رجل الأقدار" الذي رصد حياة عمرو بن العاص ونفس الأمر حدث مع المسلسل السوري "خالد بن الوليد" الذي رفضه الأزهر وعرضه عدد كبير من القنوات الفضائية، وأظهر المسلسل شخصية عم الرسول حمزة بن عبد المطلب والصحابيين ابي عبيدة بن الجراح، وعبداللَّه ابن رواحة. كما اعترض مجمع البحوث الإسلامية على بعض الأحداث التي تضمنها الجزء الثاني من مسلسل "خالد بن الوليد" نظرا لما يحمله من أحداث تسيء إلى الصحابة. كما أثار مسلسل "الأسباط" والذي يتناول الدولة الإسلامية منذ القرن الهجري الأول، وتحديداً منذ بداية ظهور الدولة الأموية، جدلاً شديداً، ورفض عدد كبير من الأشراف ظهور شخصيات مثل الحسن والحسين، حفيدي الرسول «صلى اللَّه عليه وسلم» على الشاشة، كما هدد البعض الآخر بالانتقام من صناع المسلسل الذي كان من المقرر ان تنتجه شركة كويتية ويلعب بطولته الممثلان السوريان سامر المصري وباسم ياخور.

ولم يقتصر الأمر على الأعمال التلفزيونية فقد سبق للأزهر ان منع منذ أكثر من 30 عاماً عرض فيلم "الرسالة" للمخرج والمنتج الراحل مصطفى العقاد في مصر، بالرغم من عرضه على العديد من القنوات الفضائية، وذلك لظهور حمزة "عم الرسول " فيه والذي قام بدوره في النسخة العربية الممثل الراحل عبد اللَّه غيث وبنسخته الانجليزية الأمريكي انطوني كوين، وهي نفس أسباب منع فيلم الرسوم المتحركة "محمد" لظهور عم الرسول فيه قبل إجازته بعد حذف المشاهد التي ظهر فيها. كما تعرض فيلم "القادسية" للمخرج صلاح أبو سيف عام 1979، لنفس الشئ وتم منعه من العرض على الجمهور من قبل لجنة الأزهر نظرا لتناوله شخصية سعد بن أبي وقاص وهو واحد من العشرة المبشرين بالجنة.

وحدث نفس  الأمر مع يوسف شاهين عندما قدم فيلم "المهاجر" 1992، حيث رفض الأزهر الفيلم بشكل تام كونه يجسد شخصية أحد الأنبياء "النبي يوسف عليه السلام"، وتحت الضغط اضطر المخرج لإعادة كتابة السيناريو، كما غير اسم الفيلم من "يوسف واخوته" إلى "المهاجر"، كما اضطر إلى كتابة مقدمة تعرض في بداية الفيلم تنص على أنه لا يتعرض لشخص أحد من الأنبياء، ولا علاقة للفيلم بقصة النبي يوسف ولا تمت بصلة إلى أية أحداث تاريخية.

كما رفض الازهر الشريف من خمسين عاماً تجسيد الفنان الراحل يوسف وهبي لشخصية سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في فيلم روائي كان قد أعده وداد عرفي بالاتفاق مع شركة ألمانية وذلك عام 1926 أي قبل أن تنطق السينما في العالم بعام واحد.

من جانبة فقد أكد الشيخ محى الدين العفيفي  أمين عام مجمع البحوث الإسلامية ، أن تجسيد الأنبياء أمر ه قد فرغ منه المجمع في قرار سابق منذ سنوات، حين شدد على تحريم تجسيد هذه الشخصيات، مؤكدا أن الإسلام لا يرفض الأعمال الفنية الجادة والهادفة، كما أنه يحترم كل الأنبياء والرسل لما لهم من قدسية خاصة، كما أن تجسيد الصحابة قد يثير جدلا حول هذه الشخصيات

مؤكد أنه لا يجوز تمثيل الانبياء والصحابة والملائكةفي أعمال فنية ويعد التمثيل للأنبياء والرسل كذبا عليهم في شخصياتهم وأفعالهم وأقوالهم، لأن الممثل الذي يتقمص شخصية أحد الصحابة أو الانبياء وقام بحركات قولية وفعلية زاعماً أنها حركات للنبي المُمَثل به وهذا كذب لأن الشخصية والحركات هي للممثل، وإذا كان الرسول صلى اللَّه عليه وسلم قد نهى عن محاكاة الشخص (وهي الفعل مثل فعله والقول مثل قوله) كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: ذهبت أحكي امرأة أو رجلاً عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. فقال: (ما أحب أني حكيت أحداً وأن لي كذا وكذا أعظم ذلك) فكيف بمن يتقمص شخصية أحد الانبياء بحيث يرى المشاهدون أن هذا هو النبي الفلاني، ألا ساء ما يفعلون!! لذلك يتحتم على المسلمين منع تلك الأمور لسد أبواب الذرائع والقبول بتمثيل اشخاص الانبياء والصحابة والمبشرين بالجنة، أو السكوت عنهم، فما هو حاصل الآن في قناة الكوثر من عرض تمثيل النبي يوسف ويعقوب عليهما السلام وتمثيل جبريل عليه السلام أمر لا يقرّه شرع ولا عقل.

في سياق متصل  أوضح الشيخ خالد الشربيني أحد مشايخ السلفية أن كل من بُشِّر بالجنة لا يجوز تمثيل أشخاصهم، لا فرق في ذلك بين درجاتهم، فبشارته بالجنة تمنع تمثيله وهو رأي كثير من علماء الأزهر ممن قال بالتحريم مشيراً انه ما قد ينتج عن تمثيل أشخاصهم من الامتهان والاستخفاف بهم، والنَّيل منهم، إذ يقوم بدورهم - غالبا- أناس بعيدون كثيرا عن التدين والالتزام بأوامر اللَّه، وهو ما قد يولد السخرية من الصحابة والدين وتعاليمه، مع ما في ذلك من ظهور سب الصحابة بتمثيل دور المشركين معهم.

مشيرا إلى أن المفاسد المترتبة عليه أكثر من المصالح، وما كانت مفسدته أرجح فهو ممنوع، فإن قال البعض: إن في تمثيل حياتهم إظهارا للأخلاق والسلوكيات الحميدة، فهذا مجرد افتراض ينفيه واقع التمثيل. وهو ما قاله عدد من علماء الأزهر مؤكداً أن غرض التكسب والتربح سيطغى على تقديم الصورة الصحيحة، وهو ما يدفع القائمين بالإنتاج والتمثيل في التلاعب في سيرتهم، والتجار بما يناسب الربح والاتجار بعيدا عن الدقة العلمية. مشيرا الى انه لم يتبق لنا في عالم الأسوة والقدوة إلا الصحابة، فمن الأولى أن نبتعد عنهم، وإن كان هناك إفلاس في موضوعات جيدة في الفن، فلتكن بعيدة عن هؤلاء الصحابة.

وقال ،إن الدعوة السلفية وجميع السنة في العالم الإسلامي والعربي يساندون الأزهر  ،ويجب على الخارجية المصري إتخاذ ضروا مناسبا في تلك الأزمة .