رئيس التحرير
خالد مهران

ننفرد بخطة السيسى لضرب إسرائيل فى مقتل صعب


نسف مخطط أوباما لتقسيم المنطقة يبدأ بهزيمة تل أبيب فى الكومنولث الروسى

حكومات إسرائيل استغلت ارهاب الإسلاميين فى تطويق دول الخليج

إعتاد الإخوان أن يسخروا ويسفهوا من تحركات الرئيس عبد الفتاح  السيسى الخارجية كما اعتادوا على الإدعاء بأن  الرئيس  يعمل لصالح حلف واشنطن تل أبيب ضد الإسلام والمسلمين ، فمثلا عندما زار روسيا وكذلك عندما احتفى بالرئيس الروسى فلاديمير بوتن عند زيارته للقاهرة ، خرجت أبواق إخوانية بتصريحات  مفادها أنها تهدف لضرب الإسلام ، وذلك لتلاقى وجهات نظر السيسى وبوتن فيما يتعلق بالارهاب وإستراتيجية مقاومته والقضاء عليه نهائيا.

ويرجع ذلك إلى عدم إدراك الإخوان لأبعاد دعم السيسى لعلاقات مصر بروسيا ، ورغبته فى أن تعود كما كانت فى سابق عهدها، و أحد أهم هذه الأبعاد أنها تهدف فى الأساس لضرب اسرائيل سياسيا واقتصاديا فى مقتل ، وليست أبدا فى صالح تل أبيب كما يدعى الإخوان  .

ما سبق ليس تكهنات ، وانما معلومات ومدلولات تكشفت ملامحها فى دراسة أعدها الباحث السياسى رضا هلال ، وتوضح أن إسرائيل تغلغلت فى دول الكمنولث الروسى خلال الفترة من 1990 الى 2010 ، وذلك بسبب إهمال مبارك لهذا الاقليم الإستراتيجى والحيوى ، وإرتمائه فى أحضان أمريكا عملا بمبدأ الحليف الإستراتتيجى الواحد والأقوى ، وهى الثغرة التى إستغلتها حكومات تل ابيب ، حيث قامت بزيارات مكثفة لهذه الدول ووفرت لها حاجياته" الأساسية فى فترة انهيار الاتحاد السوفيتى و حدوث ارتباك سياسى وإقتصادى فيها ، وهو ما حولها الى سوق رائج لإسرائيل ، فضلا عن أنها تغلغلت فيها من خلال لعب الدور الوسيط فى جذب الإستثمار الأمريكى والغربى لهذه الدول.

و يتكشف سر تركيز الرئيس السيسى على روسيا من خلال ومضات بحثية ركز عليها الباحث فى دراسته ، أهمها أن روسيا تمثل وتلعب دور الأخ الأكبر بالنسبة لباقى دول الكومنولث الروسى ، أى الدول التى كانت تابعة للاتحاد السوفيتى السابق ، وأبرزها أوكرانيا و جورجيا وكازاخستان وازربيجان ، وقد إستطاعت اسرائيل – وفقا لما جاء فى الدراسة – أن تتغلغل فى عمق وقلب هذه الدول عن طريق كبيرتهم روسيا وبمساعدة وتنسيق مع الجانب الأمريكى ، حيث ساعدت واشنطن حكومات تل أبيب فى هذا الأمر ليكون لها هامش اقليمى يساندها ضد إقليمها الموجودة فيه والشاذة عنه ، والمتمثل فى النظام الإقليمى العربى .

وتظهر أهمية تحركات الرئيس  السيسى تجاه روسيا - وبما يؤكد أنها تهدف لإنقاذ مصر من مخاطر كاراثية لا يدركها الإخوان- من مفاجأة مدوية كشفت الدراسة النقاب عنها ، تتمثل فى أن التغلغل الاسرائيلى فى دول الكومنولث الروسى يأتى من منطلق رغبتها فى في إعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط لعلاج الخلل الكائن فيها من خلال ضم دول غير عربية إليها ـ، مثل دول آسيا الوسطى والقوقاز من الشرق واريتريا وأثيوبيا من الجنوب ، و هذا المخطط يتماهى مع الهدف الاستراتيجي الأمريكي الذي تحدث عنه زبيجينيو بريجينيسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق في إدارة الرئيس جيمي كارتر 1977-1981 ، في كتابه "رقعة الشطرنج العظيمة" ، وهو هدف تمهيدى للهدف الحالى المتمثل فى الشرق الأوسط الكبير أو الواسع ، أى مخطط تقسيم مصر ودول عربية أخرى.

حيث يرى" بريجينيسكي" أن التفوق الأمريكي ومتطلباته الجيوستراتيجية يقتضى أن تكون المكافأة الجيوبوليتيكية التي ينبغي أن تحصل عليها الولايات المتحدة هي المنطقة الواقعة شرقي ألمانيا وبولندا، وتمتد عبر روسيا والصين إلى المحيط الهادي وتشمل الشرق الأوسط ومعظم شبة القارة الهندية، ويرى أن مفتاح السيطرة على هذه المنطقة هو كازاخستان.

ويأتى إهتمام السيسى بروسيا لتكون بوابة مصر من جديد لباقى دول الكمنولث الروسى من منطلق إداركه أنها مهمة للأمن القومى المصرى ، حيث كان يعتبر الفراعنة أن أمن مصر القومى يبدأ من جورجيا ، فضلا عن إدراك السيسى بخطورة التغلغل الإسرائيلى فى هذه الدول على دول الخليج ،حيث تمثل دول الكومنولث عنصر جيوإستراتيجى مهم للغاية يجعلها بابا مفتوحا  على الخليج العربي بصفة خاصة ومنطقة الشرق الأوسط عموماً، ومن ثم تصبح عمقاً وامتداداً لمنطقة الشرق الأوسط الأمر الذي يدخلها ضمن المخطط الإسرائيلي القائم على تمييع وإعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط.، أى المخطط الصهيوأمريكى الذى نشهده فى المنطقة منذ عدة سنوات .

و لا يدرك الإخوان أن هناك عاملا حاسما أخر دفع الرئيس السيسى لدعم علاقاته بروسيا ، يتمثل فى أن إسرائيل إستغلت فى الفترة من 1989 الى 1995موجة الإرهاب فى مصر على أيدى على الجماعة الإسلامية ، كما إستغلت حادث 11 سبتمر 2001 والحوادث الإرهابية التى تلته فى تعضيد نفوذها وتغلغلها فى مختلف المجالات فى تلك الدول بما فيها المجال الثقافى ، مستغلة فى ذلك حساسية تلك الدول ومخاوفها الشديدة من تنظيمات الإسلام السياسى ، حيث قدمت اسرائيل لها نفسها كنموزج للدولة المدنية الديمقراطية ، وبإسقاط الليلة على البارحة ، حيث تعج المنطقة بتنظيمات الإسلام السياسى الإرهابية ، فأنه يتضح لكل صاحب بصيرة كيف يفكر السيسى وماذا يعمل من أجل مصر المستقبل دون توضيح ذلك ، لأنه لا يوجد سياسى ذكى يقول على الملأ ما يفعله لاضعاف عدو مصر الحقيقى ، وليس حليفه الإستراتيجى كما يدعى الإخوان ، الذين يعملون على هدم الدولة نكاية فى السيسى ونظامه غير عابئين بمآسى الشعب من جراء هذا ، وذلك بحسب وصف النظام ومؤيديه لممارساتهم منذ سقوط حكم مرسى وحتى الآن .

ومن يقرأ نتائج الدراسة أو يطلع عليها يتضح له أن تحركات السيسى تجاه روسيا تحركات إستراتيجية مدروسة لمعالجة الخلل الذى حدث بسبب مبارك ونظامه البائد ، فالدراسة التى أعدها صاحبها قبل ثورة يناير تحذر بشدة فى نتائجها أن اسرائيل تهدف بتحركاتها المكثفة في منطقة دول الكومنولث الى إكمال حلقات طوق جيواستراتيجي يحيط بالدول العربية من جميع الجهات من خلال تحالفها مع تركيا في الشمال واريتريا في الجنوب ودول الكومنولث في الشمال والشمال الشرقى ، مشددة على ضرورة حدوث تحرك عربي مدرك لخطورة التوجه والسعي الاسرائيلي الحثيث لتغيير الواقع الجيواستراتيجي الموجود في الشرق الأوسط واستحداث ترتيبات جديدة تصب في المصلحة الاسرائيلية فقط. وتحدث في الوقت نفسه سيولة في التفاعلات الحادثة بين دول المنطقة بشكل يجعل اسرائيل تلعب دور الشريك الأكبر والأقوى في منطقة الشرق الأوسط .