علاء غنام: الأدوية تباع في الصيدليات «زى سندوتش الفول».. و60 ألف طبيب هاجروا إلى الخليج
قال الدكتور علاء غنام، عضو لجنة إعداد قانون التأمين الصحى، إن خطة تطبيق القانون الجديد تعتمد مبدئيًا على حصول المستشفيات الحكومية على شهادة الاعتماد، حتى يتم التعاقد معها، منوها إلى أن اللجنة حددت المدة الزمنية لذلك وهى تتراوح بين 7 إلى 10 سنوات.
وأضاف أن قانون إنشاء هيئة الدواء والغذاء موجود، وغالباً سيتم طرحه للمناقشة على البرلمان خلال الدورة البرلمانية الحالية، وإلى نص الحوار.
كيف تشكلت لجنة إعداد قانون التأمين الصحى الجديد؟
اللجنة تشكلت من 3 سنوات، وهى لجنة مكونة من شخصيات مستقلة، ومنظمات مدنية مجتمعية، وأحزاب سياسية، وهى مكونة من 25 شخصية؛ وقد بدأ التفكير فى إعداد قانون جامع للتأمين الصحى بديلاً عن القانون الذى عفا عليه الزمن، كما أنه يواجه مشكلات عديدة.
هل توجد خطة زمنية لتفعيل قانون التأمين الصحى؟
بالتأكيد.. الخطة تعتمد مبدئيًا وبشكل أساسى على حصول المستشفيات الحكومية على شهادة الاعتماد، حتى يتم التعاقد معها، وحددت اللجنة المدة الزمنية لذلك وهى تتراوح بين 7 إلى 10 سنوات؛ لإحلال نظام التأمين الصحى للجميع فى مصر، فضلا عن الاعتماد على أن تكون "وحدات طب الأسرة" المنتشرة فى القرى والنجوع هى الدعامة الأساسية للمشروع، وتعد مدخلا النظام؛ لأنه وفقا للقانون الجديد، سيتم معالجة 80% من الأمراض بشكل أساسى فى الوحدات الصحية، ويتم تحويل 20 % للمراحل الأعلى.
ما قصة مستشفيات التكامل والتى يتخوف الجميع من طرحها للخصخصة فى ظل القانون الجديد؟
مستشفيات التكامل، بدأت الدولة فى بنائها فى التسعينيات من القرن الماضى، وتم بناء نحو 460 مستشفى فى جميع أنحاء المديريات الصحية، فى عهد وزير الصحة الأسبق إسماعيل سلام، إلا أنه لم يتم تزويد هذه المستشفيات باللوازم الطبية أو الكوادر البشرية المطلوبة؛ وكان الهدف منها إحداث نقلة نوعية فى المنظومة الصحية المصرية، ولكن التجربة "فشلت"، وظلت هذه المبانى خاوية وبلا أى تأثير حتى الآن.
نظام التكليف الذى تعتمده وزارة الصحة عليه كثير من علامات الاستفهام؟
أولاً.. النظام يقوم على أساس تكليف الطبيب الخريج للعمل فى المستشفيات؛ليكتسب المهارة والخبرة، ما يشبه "سنوات الخدمة العامة"، وغالباً ما يتم تكليف الأطباء الصغار فى وحدات طب الأسرة فى القرى البعيدة والنائية؛ ولكن لهذا النظام عيوبه، أهمها تكليف الأطباء الصغار ناقصى الخبرة ليكونوا مسئولين عن وحدات طب الأسرة، وهذا يؤدى لمشاكل كثيرة وأخطاء طبية، ناتجة عن عدم التدريب والخبرة لدى الأطباء.
ذكرت أن نظام التأمين الصحى الجديد يعتمد على وحدات طب الأسرة، فهل وضعتم فى تصوركم كيفية مواجهة هذه المشكلة؟
فعلاً، حتى يتم تنفيذ منظومة التأمين الصحى، فإنها تحتاج لـ 20 ألف طبيب أسرة، من القادرين على إدارة الوحدة الصحية، ولا يصح أن يكون طبيب التكليف هو الراعى للوحدة الصحية، وهذا ظلم لأطباء التكليف الذين لا يملكون الخبرة الإدارية.
ما الموارد الأساسية لمنظومة التأمين الصحى؟
حددت اللجنة 3 موارد لمنظومة التأمين الصحى، المصدر الأول هو اشتراكات الفئات القادرة وخاصة الفئات الغنية، والمصدر الثانى، الخزانة العامة للدولة ويهدف لتغطية نفقات الفئات غير القادرة وتبلغ نسبتهم نحو 40% من السكان، والمصدر الثالث، وهو التمويل المجتمعى، ويأتى من فرض ضرائب على الصناعات التى تعد ملوثة للبيئة مثل السجائر أو صناعة الأسمنت، ورسوم على تراخيص السيارات، ورسوم على الطرق.
هذا بالنسبة لكل تكاليف المشروع، أما إذ تم تطبيق المشروع بشكل تدريجى فى 5 محافظات، فسوف يحتاج خلال العام الأول لـ 8 مليارات جنيه.
ولكن كانت هناك اعتراضات على قضية فرض رسوم على بعض الصناعات؟
حددت اللجنة 15 صناعة، لفرض بعض الرسوم عليها لتمويل المشروع، وتم إرسالها إلى مجلس الوزراء والبرلمان لمناقشتها، إلا أن وزارة المالية لديها اعتراض، إذ إنها تقول بمبدأ "وحدة الموازنة" وهى أن تقوم الوزارة بجمع الرسوم وحدها دون أن يشترك معها جهات أخرى، إلا أن أعضاء اللجنة المعدة للقانون أصروا على رأيهم.
كيف سيكون توزيع الاشتراكات؟
على جميع الفئات القادرة والتى يبلغ دخلها الشهرى 1200 جنيه، وحُددت النسبة بـ 4% على الجميع؛ أصحاب المهن الحرة كالأطباء والمحامين وغيرهم 4% من الدخل الصافى بعد دفع الضرائب، أما بالنسبة للموظفين فى القطاعين العام والخاص، فسوف يتحملون نسبة 1% فقط من دخلهم، على أن تتحمل مؤسساتهم نسبة الـ 3% المتبقية.
ما خطة تنفيذ المنظومة؟
سيتم تنفيذه على 6 مراحل، على أن يتم تقسيمهم على عدد من المحافظات، وهذا لضمان قدرة الخزانة العامة على تغطية نفقات المشروع، وتم تحديد 6 محافظات فى المرحلة الأولى لتنفيذ المشروع وهم "شمال سيناء – جنوب سيناء – مرسى مطروح – الإسماعيلية – السويس – بورسعيد".
لماذا هذه المحافظات تحديدًا؟
لأنها تحتوى على بنية تحتية تكاد تكون جاهزة سواء من حيث الإدارة البشرية أو التجهيزات الفنية، كما أنها محافظات غير ذات كثافة سكنية، وتم اختيارهم لضمان نجاح المشروع.
ما فلسفة مشروع التأمين الصحى؟
5 محاور هي: تحقيق العدالة الاجتماعية، وتعنى إتاحة الفرص للفئات الأفقر للحصول على علاج جيد، والشمولية بحيث يغطى جميع السكان دون استثناء، وأسري بمعنى أن يكون لجميع أفراد الأسرة، ويغطى جميع الأمراض، وأن يصل لجميع المناطق حتى النائية والعشوائية.
كيفية تقسيم الخدمات الصحية طبقاً لكل مرحلة من مراحل التنظيم الصحى؟
أولاً.. وحدة طب الأسرة وسوف تخدم عدد يتراوح من 5 آلاف إلى 10 آلاف نسمة، وثانياً مركز صحة الأسرة وسيخدم من 20 لـ 50 ألف نسمة، ثم المستشفى المركزى ويقدم خدمة صحية لعدد يتراوح بين 50 لـ 100 ألف نسمة، ثم المستشفى العام ويخدم أكثر من 100 ألف ويصل حتى مليون نسمة، بحيث نضمن مستوى خدمة صحية جيد وفى مستويات مقبولة، كما تم تقسيمها على عدد الكيلو مترات التى سيقوم المواطن بقطعها ليصل إلى مكان تقديم الخدمة الصحية، فوحدة طب الأسرة أقصى مسافة يمكن قطعها تكون 3 كيلو مترات، والمستشفى المركزى 10 كيلو، ثم المستشفى العام 30 كيلو مترا.
لماذا أبديت قلقلك من ارتفاع نسبة الصرف على الدواء؟
عندما تصل نسب الصرف على الدواء 34% "8 مليارات جنيه" من المنظومة الصحية البالغة 23 مليار جنيه، هذا يعنى ببساطة أن سوق الدواء غير منظم، وتحكمه العشوائية.. "الدواء يباع كما لو أنه سندوتش فول، دون روشتة، وبالاسم التجارى، ودون تعليمات صحية وطبية، وهذا أدى لتحمل المصريين نحو 72% من إجمالى كلفة علاجهم، وأن خزانة الدولة لا تتحمل إلا 28% فقط من إجمالى الصرف على المنظومة الصحية، وهذا إنفاق رشيد، لأن الحسابات العلمية تقول إن تكلفة الدواء ينبغى ألا تزيد عن 10% من إجمالى نفقات المنظومة الصحية، إذ إن الخدمة الصحية ليست دواء فقط، ولكنها تشتمل على نصائح يقدمها الأطباء، فضلا عن الرعاية الطبية.
"لو وجدت طبيب دوَّن على الروشتة أكثر من 4 أصناف دواء، اعرف أنه لم يحدد مرضك أو لم يعرفه من الأصل"، المطلوب أن يعمل كل طبيب وفقا لروشتة «العلاج الأكلينيكة»، وهى تقول إن كل مرض له نوع دواء معين وفقط.
وما الذى سيقدمه تطبيق هذا النظام لسوق الدواء؟
سيقلل من كمية الهدر فى الأدوية، وسوف يحجم من ظاهرة "غش الدواء" التى وصلت لـ 10%، وفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، حيث إنه لن يتعامل الصيدلى إلا باسم الدواء العلمى الكودى وليس التجارى، وفق روشتة الطبيب وفقط. وهذا يتطلب وضع أكواد على أصناف الأدوية، وإلغاء الاسم التجارى للدواء.
ولكن هناك صعوبات تعترض المشروع؟
كثيراً ما قيل للجنة، بأن القانون ليس إلا أضغاث أحلام، حيث إن سوق الدواء يسيطر عليها الاحتكارات الدولية، بالإضافة إلى عدم وجود رقابة وتفتيش على الصيدليات التى وصلت لأكثر من 60 ألف لا نعلم عنها ولا شيء، علاوة على سلاسل الصيدليات الاحتكارية، لذا فإن الأمر يحتاج لإنشاء هيئة الدواء والغذاء.. "أى مشروع أو فكرة كانت حلم، واحنا دور اللجنة كان سد الفجوة ما بين الواقع والحلم".
الكلام عن إنشاء هيئة الدواء والغذاء مكرر وقيل فى أكثر من مناسبة.. متى تخرج هذه الفكرة للنور؟
قانون إنشاء الهيئة موجود، وغالباً سيتم طرحه للمناقشة على البرلمان خلال الدورة البرلمانية الحالية، وهذا هو الذى سينظم سوق الدواء المصرى، كما أن هذا القانون سينظم منظومة الصحة، حيث سيحدد إجراءات وتراخيص صناعة الدواء، واشتراطات مخازن الأدوية والصيدليات
هل تحتاج مصر لزيادة عدد المستشفيات والوحدات الصحية لتطبيق منظومة التأمين الصحى؟
وفقا للحسابات "الأكتوارية"، فإن عدد المستشفيات العامة والخاصة والوحدات الصحية، يكفى لعلاج المواطنين المصريين، بشرط ضبط وإدارة المنظومة الصحية وفق الإدارة الرشيدة وتطبيق نظم الجودة، حيث تعانى منظومة الصحة من عدم الكفاءة بمعنى أن المريض الذى يحتاج ليومين فى الرعاية المركزية، يقيم 10 أيام بسبب انعدام الكفاءة.
ماذا عن أزمة أسّرة الرعاية المٌركزة التى تعانى منها المنظومة الصحية ؟
هى أزمة توزيع، وليست أزمة أسَّرة، بمعنى أن العدد الموجود يكفى نسبياً وفقا لعدد السكان، إلا أن سوء التوزيع هو ما سبب الأزمة، حيث تجد تركز الأسّرة فى محافظات القاهرة والإسكندرية وبعض المدن، دون الأخرى، بالإضافة لعدم وجود القوة البشرية الضرورية والمدربة الكافية لتشغيل وحدات الرعاية المٌركزة، وبخاصة التمريض، إذ تجد مستشفى أو وحدة مركزية تحتاج لممرضتين، يتكدس فيه أكثر من 30 ممرضة، وأيضا نقص أطباء الرعاية المٌركزة، حيث إنه وخلال فترات ماضية هاجر أكثر من 60 ألف طبيب إلى دول الخليج، مما ترتب عليه حدوث أزمة فى المنظومة الطبية المصرية، وهذا على عكس ما يشاع فى وسائل الإعلام.