أحمد قاسم: دول الخليج تدعم الكتائب المسلحة في دمشق.. وأموالها «نقمة» على سوريا.. حوار
قال الدكتور أحمد قاسم، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردي، إن دول الخليج فقدت دورها السياسي في سوريا، لافتًا إلى أن «أموال النفط» كانت نقمة على الشعب السوري، وأن الأكراد لم يطالبوا يومًا بالانفصال.
وأضاف «قاسم» في حواره لـ«النبأ»، أن الدعم الأمريكي للوحدات «الكوردية» يدخل في إطار الحرب ضد الجماعات الإرهابية، وإلى نص الحوار:
كيف ترى انتصارات الأكراد على داعش بمنبج؟
من المؤكد أن دحر «داعش» في أي مكان بسوريا، يعد مكسبًا بشكل عام، خاصة أن الجماعات الإرهابية تشكل خطرًا حقيقيًا على المعارضة الديمقراطية في سوريا، وكذلك على مستقبل دمشق، ولكن النظام هو الخاسر الأكبر من الانتصارات على «داعش» التي هي في الأصل من صنع «الأسد» الذي يريد القضاء على الخيارات الممكن اتباعها؛ للقضاء على التغيير الديمقراطي في سوريا.
وماذا بعد منبج ؟
الساحة مفتوحة أمام التحالف الدولي ضد الإرهاب، ووحدات حماية الشعب والمرأة الكورديتين مرتبطتان باستراتيجية التحالف، وأعتقد أنه سيتم التوجه إلى «جرابلس» في حالة عدم حدوث تغيرات على المشهد السياسي.
وماذا عن الدعم الأمريكي للوحدات الكردية؟
الدعم الأمريكي للوحدات الكوردية يدخل في إطار التنسيق في الحرب ضد الإرهاب، خاصة أن التحالف وعلى رأسه الولايات المتحدة، يحتاج إلى قوة تُمسك بالأرض بعد ضرب مفاصل «داعش» من الجو، وسيبقى هذا الدعم مستمرًا طالما ظلا الطرفان يحتاجان إلى بعضهما البعض، خاصة أن الوحدات الكردية أثبتت جدارتها في مواجهة «داعش» من خلال تحرير كوباني وكامل القرى التابعة لها.
ما آخر تطورات مطالبة الأكراد بفيدرالية بسوريا؟
الأكراد شعب أصيل يقيم على أرضه التاريخية، هذا أمر لا يمكن النقاش فيه، كل الذين يُنْكرون ذلك، ينكرون حقوق الكوردي المشروعة، ومن يتباهى بديمقراطيته، ويضع سقفًا لحقوق الكورد في «المواطنة» سيكون مشكوكًا في ديمقراطيته، فقدر شعب سوريا أن يتكون من العديد من القوميات والطوائف الدينية المختلفة في المذاهب، لكن تلك المكونات لها حقوق قومية ودينية، لذلك لا بد من أن تبنى سوريا على أساس توافقي بين مكونات شعبها الأساسيين من الكورد والعرب والسريان والتركمان، مع إبعاد الدين عن السياسة، وإعطاء كامل الحرية لممارسة الطقوس الدينية، ومن أجل تحقيق ذلك يرى الكورد أن تلك الحقوق المتوازنة للجميع لا يمكن تثبيتها وصيانتها إلا في ظل دولة ديمقراطية تعددية اتحادية، وبالتالي فإن الكورد اختار لسوريا المستقبل دولة فيدرالية دستورية، ويتم صياغة ذلك الدستور من قبل النخبة السورية المتخصصة لتتوافق عليها كل المكونات ومن ثم يُعرض على الشعب للتصويت عليه.
وماذا عن مطالب الانفصال عن سوريا؟
الأكراد لم يطالبوا يومًا بالإنفصال عن سوريا، ومنذ تأسيس أول حزبٍ كوردي في عام 1957 إلى اليوم، كان شعار الأكراد على مدى العقود الستة الماضية: « الديمقراطية لسوريا والحقوق المشروعة للشعب الكوردي»، يقينًا منه أن الديمقراطية هي السبيل الوحيد لحل كل القضايا الشائكة في سوريا ومن ضمنها القضايا القومية والمذهبية، لذلك، كل أطراف الحركة السياسية الكوردية متفقة على ذلك، ولا تدخلات للولايات المتحدة في هذا الأمر، وواشنطن تؤكد أنها ستحترم القرار الجامع للشعب السوري وحقه في تقرير المصير دون فرض أية صيغة لشكل الحكم في المستقبل القادم لسوريا، إلى جانب حرصهم الشديد في الدفاع عن حرية الأقليات، أما الحقوق فيجب أن تثبت من خلال الحوار والتوافق بين مكونات الشعب السوري.
ماذا عن الأصوات التي تردد أن انتصار الأكراد بداية لتكوين كوردستان سوريا على طريقة العراق؟
أعتقد أن الظروف التاريخية، والواقع الجغرافي لكوردستان سوريا، يختلف عن الواقع في كوردستان العراق، مع الحفظ على أن جزءًا من كوردستان ألحق بسوريا وفق مخططات «سايكس ـ بيكو» لكن الطبيعة الجغرافية لا تساعد الأكراد في كوردستان سوريا أن يسيروا على خطى الأكراد في كوردستان العراق، هذا أولًا، وثانيًا، أن المناطق الكوردستانية في سوريا تم إخلائها من قبل النظام وتسليمها إلى حزب الاتحاد الديمقراطي لإدارتها من دون حصول أية اشتباكات بين قوات الاتحاد الديمقراطي والنظام، شريطة أن لا ينضم الكورد إلى المعارضة السورية مع إندلاع الثورة في 2011، وهذا التسليم تم باتفاق بين الحزب المذكور والنظام، لتتم الإدارة بدعم من النظام أيضًا.
ما وجهة نظرك في دعم تركيا لبعض حركات المعارضة السورية؟
تركيا دولة فاعلة في الإقليم، وهي لها مصالح إستراتيجية على الصعيدين الاقتصادي والأمني؛ بسبب وجود تداخل بين الجغرافية السياسية التي أثبتتها منتجات «سايكس ـ بيكو» على طرفي الحدود، لذلك من الطبيعي جدًا أن يكون أمن تركيا من أمن سوريا وبالعكس، إضافة إلى المصالح الاقتصادية الكثيرة، فكان من الضروري أن تكون تركيا في قلب الصراع من خلال تدخلاتها المختلفة، ولا ننسى أن تركيا اليوم بها ثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ سوري.
ماذا عن اتفاقية الأكراد السرية مع بشار لحماية شمال سوريا؟
شمال سوريا منطقة كوردستانية يسكنها الغالبية الكوردية، فمن واجب الأكراد أن يحموها من أية هجمة في هذه الظروف، ولا توجد اتفاقية سرية مع بشار الأسد، ولكن حزب «الاتحاد الديمقراطي» بمفرده تم التوافق بينه وبين الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، على تسليم المنطقة له لإداراتها منفردًا ولمنع الحركة الكوردية وجماهيرها الواسعة من التقارب أو الإتفاق مع المعارضة الديمقراطية السورية.
كيف تقيم الرئيس التركي أردوغان وسياسته في المنطقة؟
رجب طيب أردوغان يترأس تركيا، ويحمل في عقله الكثير من الطموح والطمع، وهو غير كثيرًا من الملامح السياسية والاقتصادية، وهو يتحرك أردوغان باتجاه المنطقة ليثبت أقدامه، وأعتقد أن أردوغان مهيأ للعب هذا الدور، كون تركيا اليوم تمتلك منطقة جيوسياسية في غاية الأهمية، وهي تتقدم في المجالات شتى صناعيًا وزراعيًا وتجاريًا وسياحيًا، ويبقى الشيء الوحيد الذي يقف عائقًا أمام طموحات أردوغان، وهو قضايا حقوق الإنسان، وفي مقدمة تلك القضايا هي قضية الشعب الكوردي التي استنزفت إمكانيات تركيا البشرية والاقتصادية.
كيف تنظرون إلى بشار؟
بشار الأسد أصبح أحد أدوات إدارة الأزمة في سوريا، ولم يعد رئيسًا بالمعنى الحقيقي، خاصة أنه يتلقى أوامره من قبل روسيا وإيران، وعند انتهاء الأزمة سينتهي دوره وسيصبح من الماضي، هذا إن لم يقدم إلى المحاكم لمحاسبته على جرائمه.
ماذا عن الدور الخليجي بسوريا؟
أعتقد أن الخليج فقد دوره في سوريا؛ نتيجة الدعم غير المدروس للكتائب المسلحة، وتسبب في اندلاع حرب لاعنوان لها سوى القتل والتدمير، كما أن المال الخليجي كان «نقمة» على السوريين، وهذا ما كان يريده النظام في دمشق، لتحويل المشهد من ثورة لها مطالب حقيقية وواضحة إلى حرب ذو طابع مذهبي، علاوة على أن الكثير من الكتائب قتلت وخطفت وسرقت، وهذا ما أساء كثيرًا للجيش الحر، لذلك أعتقد أن دور الخليج تراجع كثيرًا، وقد يكون في آخر المطاف مكملًا للدور الأمريكي، وبالمناسبة أعتقد أن مصر سيكون لها دورًا كبيرًا في سوريا خلال الأيام القادمة، كونها الوحيدة التي وقفت في وجه الإسلام السياسي، وترى المعارضة الديمقراطية السورية على أنها هي المرشحة لتأخذ دورًا مؤثرًا في «مستقبل سوريا».