رئيس التحرير
خالد مهران

جمال أسعد: تواضروس «رجل طيب ماشي ورا التعليمات».. والسيسى بـ«يجامل» الأقباط.. «حوار»

جمال أسعد - أرشيفية
جمال أسعد - أرشيفية


العلاقة بين الدولة والكنيسة «سمن على عسل».. ومصر دولة دينية بامتياز

هناك "رضا قبطى" غير مسبوق عن الرئيس بسبب موقفه من تفجير الكنيسة


إعلان «داعش» مسئوليته عن الحادث يخرس ألسنة «المشككين» فى روايات الدولة


الاعتداء على أحمد موسى ولميس الحديدى مخالف للقيم المسيحية


«الأخوات المسلمات» وراء تفجير «القديسين»



مشاركة الأقباط فى إسقاط حكم الإخوان سبب حادث «البطرسية»


تركيز الأمن على حماية الكاتدرائية الموجود بها البابا وراء دخول الانتحارى



قال المفكر القبطي جمال أسعد عبد الملاك، إن تفجير الكنيسة البطرسية هو عمل سياسي، الهدف منه استهداف الأقباط الذين شاركوا في «30 يونيو»، منوهًا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يجامل الأقباط دائمًا، مدللًا على ذلك بضربه لـ«داعش» ليبيا بعد ذبح الأقباط الموجودين هناك.


وأضاف «عبد الملاك»، أن إعلان تنظيم داعش مسئوليته عن حادث تفجير الكنيسة، أخرس ألسنة كل المشككين في رواية الدولة عن الحادث، وأن الاعتداء على الإعلاميين أمام الكاتدرائية يعد أمرًا ضد القيم المسيحية، وإلى نص الحوار:


في البداية.. ما تعليقك على حادث تفجير الكنيسة البطرسية؟

تفجير الكنيسة البطرسية عمل سياسي أكثر منه طائفي، والغرض منه استهداف كل من ساند ويساند نظام «30 يونيو»، وعلى رأسهم البابا تواضروس الثاني، والأقباط، وبالتالي هذه رسالة موجهة للبابا والأقباط، وللرئيس عبد الفتاح السيسي، كما تأتي في إطار استهداف الأقباط باعتبارهم كفرة وذميين وليسوا مواطنين، وبالتالي الهدف الأكبر هو تفجير 30 يونيو، لكن الجينات المصرية التاريخية الموروثة تحدث العكس دائمًا، فهذه الأحداث يكون الهدف منها «التفرقة»، ولكنها تؤدي في النهاية إلى «توحد المصريين».


كيف ترى التشكيك في الروايات المختلفة التي ساقتها الدولة والداخلية عن تفجير البطرسية؟

هذا الكلام يردده الذين يقفون ضد النظام، وضد الأقباط، وضد مصر كلها، أولًا.. لأول مرة الشرطة تأتي بالفاعل بهذه السرعة؛ نظرا لحساسية الموقف، لاسيما أن هذه الحادثة جاءت أثناء صلاة الأقباط، واحتفال المسلمين بـ«المولد النبوي»، وأثارت الرأي العام المحلي والعالمي، وكل الدول والمنظمات العالمية أرسلت برقيات عزاء، وبسبب رد الفعل العالمي بهذه الحادثة، اهتم السيسي والأمن بها، وهذا الاهتمام والسرعة في التوصل إلى الفاعل، يؤكد أن الشرطة لا تقوم بهذا العمل، إلا إذا كان هناك اهتمام عالمي بالقضية، وبالتالي التشكيك في رواية السيسي عن منفذ تفجير البطرسية، بعيد عن العلمية والموضوعية ونوع من التشنيع، لاسيما أنه تم تجميع أشلاء الفاعل، كما أن داعش أعلنت عن مسئوليتها عن هذا الحادث، وأن انتحاريًا فجر نفسه، وهذا الأمر يغلق الباب على كل المشككين في روايات الداخلية عن الحادث.


هل دخول هذا الانتحاري الكنيسة دليل على وجود اختراق أو تقصير أمني؟

هناك استرخاء غير عادي من الأمن، خاصة أن مدخل الكنيسة البطرسية على الشارع العمومي، وبالتالي هناك خطأ أمني السبب فيه عدم وجود بوابات وحراسة، لأن الأمن مركز على الكاتدرائية التي يوجد فيها البابا تواضروس، فضلًا على أن هناك رواية تحدثت عن أن منفذ العملية عاين الكنيسة قبل التفجير بيوم واحد.


كيف تفسر هتافات الشباب القبطي أمام الكنيسة ضد النظام والداخلية والرئيس؟

كانت هتافات «مؤقتة»، وانتهت في اليوم التالي، إضافة إلى أن هؤلاء الشباب هم صغار السن، وليس لديهم موقف سياسي موضوعي، كما أن هذه الهتافات نوع من الحماس لإثبات الوجود، على أساس أنه مسيحي، وأنه يدافع عن الكنيسة، ويتصورون أن هذه الهتافات هي رسالة للسماء للدفاع عن دينهم، رغم أن هذه الهتافات لا علاقة لها بالسياسة ولا بالمسيحية، وأنها جزء من الموروث الذي قام به الشعب المصري ضد الأمن في ثورة 25 يناير، وبالتالي تم توجيه هذه الهتافات ضد الأمن.


وماذا عن الجنازة الخاصة بالضحايا؟

هذه الجنازة العسكرية تعد نوعا من تكريم الرئيس عبد الفتاح السيسي للضحايا، خاصة أنه لأول مرة تقام جنازة عسكرية لـ«ضحايا مدنيين»، وكأنهم من الحاصلين على قلادة النيل، كل هذا الاهتمام أخجل أي مسيحي ينتقد النظام، خاصة أن التيار المتأسلم ينظر للمسيحيين على أنهم أهل ذمة ودرجة ثانية وكفار، ويدعي أن الرئيس والنظام ينحازان للأقباط على حساب الإسلام.


كيف ترى الاعتداء على الإعلاميين أحمد موسى ولميس الحديدي وريهام سعيد أمام الكاتدرائية؟

هذه لحظة غضب، ورغم تحفظى على أداء بعض الإعلاميين، إلا أنني أرفض رفضا تاما الاعتداء على أي شخص، حتى لو كان له مواقف أو كان مع السلطة، وهذا لا يليق من الذين يدعون أنهم مسيحيون، ويحملون القيم المسيحية، خاصة أن هؤلاء جاءوا لمشاركة المسيحيين في مصيبتهم، وبالتالي ما قام به الشباب الأقباط يمثل اعتداء على القيم، واعتداء على المسيحية، وأمر مرفوض على المستوى السياسي والديني.


أحمد موسى وصف هؤلاء الشباب بالأوباش كما وصفتهم لميس الحديدي بالإرهابيين.. كيف ترى ذلك؟

هذا الأمر خطأ، وبالتالي كنت أتمنى من أحمد موسى، ولميس الحديدي، أن يكونا موضوعيين، وأن يستوعبا الموقف، على اعتبار أن هؤلاء شباب «متحمس»، وبالتالي هذه التشبيهات ليست في صالحهم.


لماذا تم استدعاء حادث تفجير كنيسة القديسين بعد واقعة البطرسية؟

شيء طبيعي، خاصة أن حادث كنيسة القديسين كان اعتداء على مسيحيين يصلون داخل الكنيسة، ونفس الشيء حدث في تفجير الكنيسة البطرسية، لكن تفجير كنيسة القديسين كان موجها للأقباط على أنهم ذميون وكفرة، وأنهم أخذوا زوجات الكهنة اللاتي أسلمن، كما كان يدعي التيار السلفي، ووقتها أصدر تنظيم القاعدة في العراق تهديدات للكنيسة وللبابا شنودة وطالب التنظيم الكنيسة والبابا بإعادة الأخوات المسلمات وإلا فسوف يقوم بعمل تفجيرات وعنف.


وخلال أسبوع من هذه البيانات والتهديدات، تم تفجير كنيسة القديسين الذي شارك فيه تنظيمات متأسلمة على مستوى مصر وخارجها، لكن تفجير الكنيسة البطرسية موجه للأقباط كمصريين شاركوا في إسقاط حكم الإخوان، بالإضافة إلى أنهم ذميون وكفرة من وجهة نظر المتأسلمين.


كيف رأيت اتهام قطر بالوقوف وراء تفجير الكنيسة؟

كشف الداخلية عن دخول الفاعل إلى قطر، يشير إلى أن هناك علاقة بينه وبين تنظيمات داخل قطر وهم معروفون، وبالتالي هذا كان في سياق المعلومة وليس في السياق السياسي، أما تعليق مجلس التعاون الخليجي فكان من طرف الأمين العام المعين من قطر المعروف موقفها من مصر، وهذه سلوكيات لا تليق بقومية عربية ولا بعروبة ولا بإنسانية.


كيف ترى العلاقة بين الدولة والكنيسة؟

العلاقة بين الاثنين «سمن على عسل»، البابا تواضروس «رجل طيب وماشي ورا التعليمات طوالي»، وفي نفس الوقت السيسي يجامل الأقباط، فضرب داعش في ليبيا، عندما ذبح الشباب الأقباط، فضلا على إعادة بناء الكنائس التي هدمت وحرقت بعد 14 أغسطس 2013، وموقفه من الكنيسة البطرسية، لكن أتمنى من السيسي ألا يتعامل مع الكنيسة على أنها مسئولة عن الأقباط، وأن يتعامل مع المسيحيين كمصريين.


كيف ترى الإجراءات التي تتخذها الدولة بعد الحادث مثل تعديل قانون الإجراءات الجنائية؟

تعديل قانون الإجراءات الجنائية لا علاقة له بالإرهاب، ولكن له علاقة بتسهيل إجراءات التقاضي للمواطن المصري، ونحن مع ذلك، ولكننا في نفس الوقت مع الحفاظ على حق المواطن في التقاضي، والحفاظ على إحقاق العدل في التقاضي، لأن الإرهابي الذي فجر نفسه في الكنيسة البطرسية لا يعنيه القانون أو الاعدام أو السجن، كما أن مواجهة الإرهاب لا تتم بالقوانين والأمن فقط، لكن المطلوب هو تغيير الفكر الديني وليس تغيير الخطاب الديني، فالإشكالية في الفكر الديني، لأن الخطاب يحمل فكرا، وبالتالي المشكلة في الفكر الديني الخاطئ الذي يضع تفسيرا خاطئا للنصوص، وكذلك لابد من تعديل الخطاب الثقافي والتعليمي والإعلامي والسياسي والاقتصادي، وأن تقوم الكنائس والمساجد بدورها بدلا من الضحك على الذقون، وكفاية شعارات، الخطاب الإعلامي شيء، والواقع شيء مختلف تماما، على الأعلام ندعى الإخوة ولكن في الواقع الكل يرفض الآخر.


بعض الصحف العالمية زعمت أن شهر العسل انتهى بين السيسي والأقباط.. تعليقك؟

الذين يقولون ذلك لا يفهمون شيئا، والدليل أن هناك رضى «قبطيًا» غير مسبوق لما تم من الدولة والسيسي في مواجهة هذه الحادثة، كما أن شهر العسل لا يكون إلا بين دول بينها علاقات دبلوماسية، وبالتالي الحكم هنا غير علمي وغير سياسي.


هل تتوقع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل؟

تكرارها شيء طبيعي، خاصة أن الإرهاب يجتاح العالم، وبالتالي يجب أن يكون الأمن المصري مستعدا والأهم هو معالجة هذه الحوادث من خلال تغيير الخطاب، وتحقيق العدل والمساواة.


هل ترى أن التطرف الديني هو السبب الوحيد للإرهاب أم أن هناك أسبابًا أخرى؟

التطرف الديني هو الفكر الديني الخاطئ، وتفسير الآيات والنصوص يتم حسب المصلحة والأهواء الشخصية، وبالتالي فكرة الدين نفسها قائمة على رفض الآخر دينيًا، فالمسيحي يرفض الإسلام والمسلم يرفض المسيحية، وهذا طبيعي، لكن الإسلام والمسيحية قالوا إننا بشر ومواطنون، كما أن الدستور نص على أن جميع المصريين مواطنون يتعايشون سويا، لاسيما وأن المصير واحد والآمال واحدة، وفي النهاية الله هو الذي يحاسب الجميع، وبالتالي لا يجوز لأي شخص الحكم على الآخرين بالكفر أو الإيمان، أو القول بأن هذا سيدخل الجنة، وهذا سيدخل النار.


من وجهة نظرك كمفكر.. هل مصر أصبحت دولة مدنية الآن؟

مصر الآن دولة دينية بامتياز، الدولة المدنية في مصر مجرد شعارات، وكلام في الدستور، وكلام نظري، والدليل على ذلك تعزية الرئيس للبابا في الكنيسة، وتكفير المسيحيين بواسطة ياسر برهامي، ووجود حزب مثل النور يخالف القانون والدستور ويرضى عنه النظام لموازنات سياسية، فضلا على مسئولية الكنيسة عن الأقباط.


هل ترى أي دور سياسي للأزهر والكنيسة الآن؟

المؤسستان تؤديان دورا سياسيا مطلوبا منهما، عن طريق المساندات والبيانات، لكن المشكلة ليست في الأزهر؛ لأنه لا يدعي أنه يمثل المسلمين، لكن المشكلة في الكنيسة التي تقول إنها تمثل الأقباط، وأنا منذ ثلاثين عاما، أقول أن الكنيسة والبابا لا يمثلان هذا الهدف، فضلا على التدخل في الشئون الاقتصادية والتعليمية، والقبطية حتى في الزواج، وهذا ليس في صالح الأقباط، بل إنها تهمش الأقباط، وهذا ضد الدستور والأقباط.