رئيس التحرير
خالد مهران

خطة السيسي لـ«قطع رقبة تميم» بأموال الخليج ومباركة «ترامب»

السيسي وتميم - أرشيفية
السيسي وتميم - أرشيفية


كشف القرار الخاص بمقاطعة قطر، أن الدول العربية، وعلى رأسها مصر، تريد التخلص من «تميم بن حمد»، أمير قطر، وذلك بشكل نهائي، وهناك مؤشرات قوية على ذلك، فبمجرد الإعلان عن قطع العلاقات، خرجت فورًا تصريحات من جانب المعارضة القطرية للإعلان عن اجتماع عاجل بين قيادات بارزة؛ لبحث تشكيل حكومة إنقاذ وطني تجمع كل أطياف المجتمع القطري، وطوائفه دون استثناء، مع الاعتماد على معيار «المحاصصة» في توزيع المقاعد بشكل مؤقت، لإنقاذ «الدوحة» من مصير مجهول، و«عُزلة» إقليمية وعربية.


وقالت الشيخة «نوف بنت أحمد آل ثاني»، إن المعارضة القطرية تعمل على تشكيل حكومة إنقاذ وطني تجمع كل أطياف الشعب القطري، مؤكدة أن السفارات القطرية في الخارج بدأت في ملاحقات لرموز المعارضة، وإسقاط الجنسية عنهم؛ في محاولة لـ«ترهيبهم».


ومع توارد أنباء عن تحركات المعارضة القطرية للتخلص من تميم بن حمد ومستشاريه الذين دفعوا بالدوحة إلى مستنقع الانهيار والعزلة، وجه «الأمير الصغير» مستشاريه ومسئولين فى الحكومة بالتحرك العاجل لاستعطاف المعارضة القطرية، التي تهدد نظام حكمه.


وعقب الإعلان الأخير عن نية المعارضة القطرية إطلاق حزب سياسي لإنقاذ «الدوحة» من سياسة «تميم» التخريبية، كشف المعارض القطري البارز الشيخ الدكتور سعود بن ناصر آل ثاني، عن تلقيه دعوة من الشيخ جوعان بن حمد بن خليفة آل ثانى "شقيق أمير قطر"، ومستشار الديوان الأميرى القطرى عضو الكنيست الإسرائيلى السابق عزمي بشارة، لزيارة الدوحة، موضحًا أنه سيتم نقله إلى الدوحة عبر طائرة خاصة تعود ملكيتها إلى «بشارة».


وقال الشيخ سعود بن ناصر آل ثان، إن زيارته إلى الدوحة سيتم خلالها بحث صيغة توافقية للخروج من الأزمة الراهنة، التي من شأنها توتر العلاقة بين قطر وشقيقاتها من دول الخليج والدول العربية، مؤكدًا أن الاجتماع سيحضره كل من رئيس مجلس الوزراء القطري عبد الله ناصر آل ثاني، ومستشار الديوان الأميرى عزمي بشارة، والإعلامي القطري عبدالله حمد العذبة، والإعلامية القطرية الدكتورة إلهام بدر.


وأشار إلى أن الاجتماع سيتناول أربعة محاور هي مناقشة تقدم الجانب القطرى باعتذار رسمي لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، والمحور الثانى هو إيقاف عمليات المكتب الإعلامى التابع للمكتب التنفيذي للشيخة موزة المسند، والثالث هو تجميد التحالف بين قطر وإيران، والمحور الرابع هو توقف المكتب التنفيذي عن دعم العمليات الإرهابية فى ليبيا ومصر وشمال إفريقيا والسودان، وطرد العناصر المتطرفة كافة التي تحتضنها قطر تحت مسميات مختلفة، مشددًا على أنه لا يمثل صوته فقط فى اللقاء، بل يمثل أصوات شيوخ ومعارضين قطريين للسياسة التي تتبعها الدوحة إزاء أشقائها فى المنطقة.


وعن تداعيات قطع العلاقات العربية مع قطر، وتأثيره على تواجد «تميم» بالسلطة، يقول الدكتور محمد منصور، الخبير السياسي، إن خطة التخلص من الأسرة الحاكمة في قطر، أو على الأقل وقف السياسة الخارجية القطرية تجاه دعم الإرهاب تم وضعها من جانب مصر، منذ فترة، وشهدت الفترة الماضية تحركات الخارجية المصرية، وسامح شكري؛ لتنفيذ المخطط، ولهذا كان السبب الحقيقي في حرص مصر على عودة العلاقات الطبيعية مع السعودية بعد أن شهدت توترًا خلال الفترة الماضية.


وأضاف «منصور»، أن مصر كانت تريد صدور قرار عربي خليجي بقطع العلاقات مع قطر، ولكن دولة الكويت كانت ترفض ذلك، فلجأت مصر إلى طلب خروج قرار صريح من الجامعة العربية يتهمها بدعم الإرهاب، منوهًا إلى أن القاهرة لم تستطع الحصول على تأييد عربي داخل الجامعة، وبالتالي دارت المشاورات المصرية مع دول الخليج حول قطع العلاقات، وتمت مناقشة ذلك أثناء زيارة السيسي لدول الخليج مؤخرا البحرين والإمارات والسعودية، وتم الاتفاق فيما بينهم علي الموافقة من حيث المبدأ على القرار المشترك.


وأوضح «منصور»، أن القمة الأمريكية الإسلامية التي عقدت في الرياض، ناقشت قرار قطع العلاقات مع قطر بحضور الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، حيث قدمت القاهرة الدلائل الكاملة علي دعم الدوحة للإرهاب في سيناء، وبناء على ذلك كان بيان الرئيس السيسي في القمة بطلب محاكمة الدول التي تدعم الإرهاب.


وقال الخبير السياسي، إن دولة الإمارات قدمت لقادة القمة الإسلامية الأمريكية في الرياض ما يثبت دعم «تميم» لجماعة الحوثي باليمن، وتورطه في التسبب في تحقيق خسائر بالقوات الإماراتية، وفي هذه القمة تم الاتفاق على قرار قطع العلاقات مع قطر، وما شجع على القرار خروج تصريحات من جانب "تميم" تهاجم دول الخليج ورفضه الاعتذار عنها، وهنا بدأت خطة محاصرة «تميم»، وكانت البداية بحجب القنوات والمواقع الإخبارية القطرية، يتبعها الحظر السياسي والاقتصادي علي الدوحة.


وتوقع الخبير السياسي، قيام مصر و«السيسي»، باستغلال الموقف جيدا عن طريق تقديم الدعم اللوجستي للمعارضة القطرية، لإحداث تغيير داخل الأسرة الحاكمة، وهي إحدى المهام الأساسية التي تقوم عليها خطة مصر للتخلص من «تميم»، وكانت البداية بقرار قطع العلاقات العربية المشتركة مع الدوحة.


في السياق ذاته، يرى السفير صلاح فهمي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن إزاحة «تميم» تتوقف على الموقف الأمريكى الحقيقى من قطر، وهو عادة ما يكون موقفا غير معلن في أوقات الارتباك السياسي، كتلك التي تشهدها المنطقة العربية والعالم كله الآن، فدول الخليج كلها وبدرجات متفاوتة، معروف أنها محمية من أمريكا، وأن تلك الحماية أحد أهم أسباب وجودها وشرعية نظامها واستمراره، والموقف الأمريكي المعلن والذي أكدته سفيرة أمريكا فى الدوحة، يؤكد أن أمريكا مع قطر، مع التأكيد هنا على أن مراقبين يقولون إن واشنطن هي التي أمرت تلك الدول بقطع العلاقات.


وبشأن تأثير قرار قطع العلاقات على مصر، أوضح «فهمي» أن موضوع الإخوان ليس هو الموضوع الأهم، ولن تستفيد مصر شيئًا؛ لأن الإخوان لم يعد لهم تأثير على المشهد السياسي المصري بالشكل المخيف كما يعتقد البعض، كما أن للإخوان أماكن أخرى يمكن الذهاب اليها كتركيا وماليزيا، فليس هناك مشكلة لدولة قطر في طرد الإخوان، إذا أرادت العودة للمشهد العربي مجددًا.


وأكد «فهمي»، أن وجه استفادة مصر سيأتى من الضغوط المتوقع ممارستها على «تميم» من داخل الأسرة الحاكمة لتغيير سياساته وتقديم تنازلات سياسية لعلاج الأزمة، خاصة أن تعمقها وتعقدها ليس فى صالحه، وبالأخص أن قرار قطع العلاقات الخليجى الثلاثي معها جاء بشكل قاس، كما لو كان هدفه عزل قطر عن محيطها العربى الخليجى بشكل كامل، بدليل غلق المنافذ البرية والجوية مع الدولة القطرية، ولكن يبقى موقف الكويت موقفا حاسما بهذا الصدد، حيث لاتزال الكويت على علاقات طيبة مع قطر.


وتابع: «مصر استفادت أيضا، حيث إن ما فعلته الدول الخليجية الثلاثة السعودية والإمارات والبحرين، عن طريق تأكيد صدق مصر وحكومتها فى الاتهامات لقطر بدعم الإرهاب وتمويله بما فيه دعم إرهاب داعش فى سيناء وغيرها من المحافظات المصرية وكذلك دعمها للإرهاب الإخواني، وهو ما يعتبر ضربة قويا لجماعات الإخوان في الخارج».


وتوقع مساعد وزير الخارجية الأسبق، مباركة «ترامب» لقرار الدول العربية، رغم المصالح الأمريكية مع الدوحة، فـ«ترامب» يدرك أن قطر تعيق خطة أقلمة أظافر إيران فى المنطقة العربية سوريا واليمن ومن خلفهما العراق.


خطة التخلص من «تميم» قد تتخذ مواقف جديدة خلال الفترة القادمة، وأكد الدكتور هشام عبد المنعم، خبير القانون الدولي، أنه من حق دول الخليج ومصر رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد تميم لدعمه للإرهاب ومشاركته في ارتكاب مجازر إنسانية ضد العسكريين والمدنيين في اليمن وسيناء، والقاهرة وصنعاء يمتلكان الأدلة كافة على تورط نظام الدوحة في ذلك، مطالبًا الخارجية المصرية ودول الخليج بالتحرك سياسيًا إذا كان يريدون التصعيد قانونيا ودوليا ضد «تميم»، خاصة أن قرارات المحكمة الجنائية تتحكم فيها توجهات سياسية، ولابد من دعم أمريكي لهذا التوجه.


علي الجانب الآخر، فإن خطة التخلص من «تميم» تقوم على مليارات الخليج، خاصة أن قرار قطع العلاقات كان سياسيًا واقتصاديًا، من أجل محاصرة كاملة للدوحة، مشيرًا إلى أن قرار قطع دول خليجية لعلاقاتها الدبلوماسية مع قطر مع قرارات أخرى تخص إغلاق الحدود ومنع عبور المواطنين وإغلاق المنافذ البحرية والجوية، ومن شأن إقفال الحدود تعطيل الكثير من المصالح القطرية مع جارتها السعودية، ومع بقية دول الخليج العربية التي ينفذ القطريون إليها من خلال السعودية.