رئيس التحرير
خالد مهران

تفاصيل تقارير الأمن الوطني على مكتب البابا «تواضروس»

تواضروس
تواضروس


مع استمرار العمليات الإرهابية، والاعتداءات المتكررة على الكنائس والمسيحيين، أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلغاء الموالد الدينية التي تقام سنويًا.


قرار الكنيسة الأرثوذكسية لم يكن الأول؛ خاصة أن الكنائس القبطية أعلنت من قبل، إلغاء كل الرحلات والمؤتمرات الصيفية السنوية حتى نهاية أغسطس المقبل.


من جانبه، أعلن رئيس الطائفة الإنجيلية، القس أندريه زكي، أن كنيسته قررت اتخاذ الإجراء المماثل بعد التشاور مع الجهات الأمنية، كما ألغت الكنيسة الكاثوليكية، جميع الرحلات والمؤتمرات الصيفية، تلبية لمطالب الجهات الأمنية بشأن اتخاذ إجراءات احترازية بعد وصول معلومات بتهديدات ضد المسيحيين.


وكشف مصدر كنسي لـ«النبأ»، أن البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عقد اجتماعا مع عدد من الكهنة بحضور بعض قيادات المجمع المقدس، وطالبهم بضرورة الانتهاء من تركيب جميع كاميرات المراقبة على أبواب الكنائس والأديرة، وخاصة في الصعيد، لاسيما بعد وصول تقارير إلى البابا من قبل الأجهزة الأمنية، تكشف أن الفترة القادمة ستشهد مزيدًا من العمليات التي تستهدف المسيحيين، ما دفع الأمن إلى الطلب من البابا إصدار قرار بإلغاء الرحلات والاحتفالات بـ«الموالد الدينية».


وأضاف المصدر، أن البابا أكد أن تركيب كاميرات المراقبة سيسهل الأمر على الأجهزة الأمنية للوصول إلى الجناة فى أسرع وقت، وكذلك إفشال مخططاتهم ضد المسيحيين، مشيرا إلى أن البابا أكد أن المسيحيين سيظلون مستهدفين من قبل هذه الجماعات الإرهابية لدعمهم للنظام وخروجهم فى 30يونيو.


وطلب البابا تواضروس الثاني، من المسيحيين، والخدام بالكنائس، استغلال فترة الصيف وتوقف الأنشطة الكنسية، واستغلال الوقت فى أشياء أخرى، قائلا: «الخادم الشاطر هو الذي يستغل فرصة تأجيل بعض الأنشطة الصيفية بسبب ظروف طارئة ويحول الوقت إلى صورة أخرى من الخدمة الفردية لكل مخدوم أو مجموعات محدودة من المخدومين فى الدرس، أو تسليم ألحان، وتأملات وتسابيح، أو قراءة ثقافية مفيدة، أو صلاة هادئة، أو تشجيع الترابط الأسرى والوجود معًا فى المنزل، أو مع الأصدقاء والمعارف».


وأكد البابا أن قرار إلغاء الرحلات والأنشطة يصب فى مصلحة الكنيسة.


وكلف البابا تواضروس الثانى، الأساقفة بالتحدث مع الشباب، لتوعيتهم بمخاطر المرحلة الراهنة، وإيضاح أن قرار منع الأنشطة الصيفية يأتى فى إطار حمايتهم، ويصب فى مصلحة الوطن والكنيسة.


وأشار المصدر أيضا إلى أن جميع الكنائس بدأت فى تنفيذ الخطة التى وضعتها الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وخاصة الكنائس فى القرى ومحافظات الصعيد، بنشر البوابات الإلكترونية على جميع الكنائس لتفويت الفرصة على الجماعات الإرهابية من تنفيذ مخططاتهم، موضحا أن بعضا من أقباط المهجر قاموا بالفعل بجمع العديد من التبرعات لشراء هذه البوابات بعد المحاولات المتكررة فى الفترة الأخيرة لاستهداف الكنائس.


كما قررت عدة كنائس فى محافظات مختلفة الاستعانة بالنوادي والمبانى الخدمية لعقد الكورسات والمؤتمرات، وتوفير شاشات عرض داخل المباني الاجتماعية للتواصل مع القيادات الكنسية، عبر الفيديو كونفرانس، فى محاولة منها لاحتواء حالة الضيق التي أصابت شباب المسيحيين، عقب قرار الكنيسة إلغاء الرحلات والأنشطة الصيفية المجمعة.


قرار الكنائس بإلغاء الرحلات والاحتفالات لقي ترحيبًا كبيرًا من قبل العديد من المسيحيين، معتبرين أن هذا القرار، جاء متأخرًا وسيساعد الأجهزة الأمنية في التصدي للجماعات الإرهابية.


فى المقابل، يرى آخرون أن هذا القرار لا يجب أن يطول، وإلا سيؤكد فشل  الدولة والأجهزة الأمنية فى حماية الكنائس والمسيحيين، مؤكدين أنهم لا يعترضون على القرار، ولكنه سيحرم المسيحيين من ممارسة حقوقهم المشروعة.


ويرى بعض «أقباط المهجر»، أن هذه القرارات، تعد اضطهادا للمسيحيين فى مصر، وتؤكد فشل الأجهزة الأمنية فى حماية المسيحيين والكنائس، مشيرين إلى أن أوضاع المسيحيين تسوء عن ما كانت عليه من قبل.


ويقول جمال أسعد، المفكر القبطي، إن قرار إلغاء الرحلات للأديرة، وكذلك إلغاء الاحتفالات بـ«الموالد الدينية»، خطوة جاءت متأخرة، واصفًا إياه بـ«الجيد والصائب»، مضيفا أنه طالب أكثر من مرة باتخاذ هذا القرار.


وأضاف «أسعد»، أن اتخاذ هذا القرار سيصب فى صالح المسيحيين، كما أنه سيمكن الأجهزة الأمنية من التصدى للجماعات الإرهابية، وإحباط أي محاولات لاستهداف المسيحيين.


وأكد المفكر القبطى، أن هذا القرار سيفوت الفرصة على الجماعات الإرهابية من القيام بعملياتهم فى أي وقت تريد، مشيرا إلى أن تلك الجماعات اتخذت طرقا وأساليب متطورة ضد المصريين.


وأشار «أسعد»، إلى أن هذا القرار ليس معناه أن الأمن فشل فى حماية الكنائس والمسيحيين، مضيفا أن الجماعات الإرهابية تستهدف المسيحيين من أجل إحداث فتنة طائفية ونشر الفوضى فى البلاد.


وأكد «أسعد»، أن هذا القرار ليس له علاقة بالكنيسة وحرية العقيدة ولا ممارسة الطقوس الدينية، موضحا أن الكنيسة والعقيدة المسيحية ليس لها علاقة بالنشاط الثقافي أو الرياضي أو الاجتماعي أو الفني، مشيرا إلى أن هذه الأنشطة دخيلة على الكنيسة والمسيحية، متسائلا: ما علاقة زيارة الأديرة والأنشطة بالمسيحية؟.


وأشار المفكر القبطى، إلى أن هذه الرحلات والأنشطة تمثل خطرا حقيقيا على التوحد الوطنى الحقيقى للمصريين، موضحا أن إغلاق هذه الأنشطة على المسيحيين فقط يكرس لـ«العزلة الطائفية»، ما سيجعل  الكنيسة بهذه الممارسات فى ذهن القبطى بطريقة غير مباشرة بأنها بديل للوطن والدولة، مؤكدا أن هذه الرحلات غير متفقة مع قانون الرهبنة.


وأشار إلى أن الكنيسة للصلاة فقط ودورها من الأساس روحى ودينى وليس لها علاقة بهذه الأنشطة والرحلات.


وبشأن الحديث عن أن هذا القرار يعد اضطهادا للمسيحيين، أكد أن هذا الحديث ليس له أساس من الصحة ويروجه البعض من المسيحيين الجهلاء الذين ليس لديهم رؤية سياسية؛ ويبحثون عن الشهرة.


ويقول الناشط القبطى، جرجس بشري، إن الإرهاب لا دين له ولا يطول فقط المسيحيين بل يطول كل المصريين، موضحا أن هدف هذه الجماعات الإرهابية إسقاط الدولة بالطائفية، عن طريق استهداف الأقباط وكنائسهم ومحاولة اغتيال شخصيات دينية مسيحية.


وأضاف «بشري»، أن مواجهة الإرهاب تتطلب العديد من الإجراءات الاستثنائية لمحاصرته وتجفيف منابعه، موضحا أن قرار إلغاء الرحلات للأديرة، والاحتفالات بالموالد الدينية؛ هو قرار «صائب».


وأكد الناشط القبطى، أن علم الأجهزة الأمنية بوجود تهديدات للأديرة أو الكنائس يضعها أمام مسئولية كبيرة وخطيرة في تأمين هذه الأماكن المستهدفة، مشيرا إلى أن تأمين مسار الرحلات الكنسية يحتاج بعضا من الوقت خاصة وأن هناك طرقًا تسير بها الرحلات ليس بها شبكات محمول ولا أعمدة إنارة ولا نقاط أمنية ولا كاميرات مراقبة، مطالبا الحكومة بتوفير هذه الأشياء منعًا لوقوع هذه الأماكن المقدسة وزوارها  تحت دائرة الإرهاب.


وأشار «بشري»، إلى أن الدولة هي المسئول الأول عن حماية أرواح المواطنين وتأمين دور العبادة الإسلامية والمسيحية واليهودية وأي تقصير في ذلك سيضعها تحت مسئولية المحاسبة والمساءلة، موضحا أن منع الرحلات مؤقتًا لا يعتبر فشلا أمنيا في تأمين الكنائس بل محاولة من الأمن لوضع منظومة أمنية محكمة ومبتكرة لمواجهة أي استهداف إرهابي لدور العبادة المسيحية.


وتابع: «أما إذا كان قرار منع المسيحيين من زيارة الأديرة والكنائس سيطول فهذا بلا شك سيمثل عجزًا وفشلًا أمنيًا والتعامل مع القضية من منظور رد الفعل وليس الفعل، يضع الأمن الذي علم بوجود هذه المخططات تحت دائرة المحاسبة والمساءلة».


واستكمل: «لا لوم على الكنيسة في استجابتها لقرار منع الزيارة، فالكنيسة تثق في الأمن وقدرته على اكتشاف أي محاولات لاستهداف الكنائس والتحذير منها، ومخالفة الكنيسة لهذه التحذيرات سيجعلها أيضا مسئولة عن حياة الزوار، بل وسيجعل الزوار للأديرة مطمعا ومحطا لاستهداف الجماعات الإرهابية».