تقارير سرية تحذر من «ثورة المسيحيين» ضد تواضروس بسبب أزمة الطلاق
أثار تنظيم حفل طلاق جماعي للمسيحيين الحاصلين على حقهم في الطلاق بشكل نهائي، والذي أقيم بإحدى قاعات الأفراح بالقاهرة، ضجة كبرى، وجدلا واسعا بين المسيحيين والكنيسة والمهتمين بقضية قانون الأحوال الشخصية.
الحفل يعد سابقة أولى من نوعها بين المسيحيين فى مصر والشرق الأوسط، كرسالة للمطالبة بحقوق عدد كبير من المسيحيين في حق الانفصال عن شريك حياة استحالت معه الحياة، والزواج مرة ثانية، بحسب وصف من حضروا الحفل.
ويعتزم متضررو الأحوال الشخصية رفع قضية في المحاكم ضد وزير العدل، لمطالبته وإلزامه بإيجاد صيغة تنفيذية لأحكام الطلاق المدني التي يحصل عليها متضررو الأحوال من المسيحيين، والتي يوكل في النهاية أمرها إلى الكنيسة التي بيدها منح المسيحي الحاصل على حكم تصريح زواج ثان من عدمه.
ويقول المتضررون، إن رفع الدعوى القضائية، لن يتم إلا إذا تأخر صدور قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين في الدورة التشريعية القادمة لـ«مجلس النواب».
على الجانب الآخر، التزمت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الصمت ولم تعلن موقفها حتى الآن، من الحاصلين على حقهم في الطلاق بشكل نهائي بتنظيم حفل جماعي، وتجاهلت الأمر تماما، وأعلنت أنها مستمرة في «كورسات» المشورة للمقبلين على الخطوبة والزواج.
وكشف مصدر لـ«النبأ»، أن كثيرًا من الكهنة داخل الكنيسة يرفضون مثل هذه الاحتفالات، مضيفا أن الكنيسة لا تعترف بها وتعتبرها مخالفة للكتاب المقدس، قائلا: «كل واحد يقول اللي بيعمله».
وأضاف أن هناك غضبًا داخل الكنيسة؛ بسبب تصميم بعض الكهنة على الالتزام بنص أنه لا طلاق إلا لعلة الزنا، رغم مساعي البابا «تواضروس الثانى»، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، لحل المشكلة والتوسع فى أبواب الزنا، لافتا أن هذا أغضب البعض من البابا تواضروس، ودفعهم إلى ترويج أن القاعدة الأساسية فى الطلاق أنه يكون وفقا للكتاب المقدس.
وأشار المصدر إلى أن فرق الكشافة بالكنيسة وقيادات في الكاتدرائية بالإضافة إلى تقارير من جهات أمنية، طالبت الكنيسة بضرورة البحث عن حل شاف لأزمة الطلاق والزواج الثاني، لاسيما أن هناك حالة من الغضب الشديد تنتاب الأقباط المتضررين من تلك الأزمة ويقدر عددهم بنحو مليوني فرد، منهم 400 ألف شخص حاصلون على أحكام نهائية من القضاء بالطلاق، ولكن الكنيسة ترفض تنفيذها.
منظمو الحفل أوضحوا أن الهدف من هذا الحفل إرسال رسالة للكنيسة والدولة بضرورة الانتهاء من قانون الأحوال الشخصية، والكشف عن المعاناة الحقيقية التي يعيشها متضررو الأحوال الشخصية، وإحراج الكنيسة أمام الرأي العام.
بدوره قال المحامي أيمن عطية، منظم الحفل، رئيس رابطة فرصة ثانية لمتضررى الأحوال الشخصية، إن الحفل مجرد وسيلة للوصول لهدف من خلال إصدار قانون يكفل الحياة الآمنة والسليمة لتكوين أسرة مسيحية من خلال الوصول إلى ديباجة مُناسبة لقانون الأحوال الشخصية، وبمجرد صدور القانون لن يتم تنظيم أي فعاليات أخرى.
وأضاف «عطية» فى تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الاحتفال ليس الهدف منه معاندة الكنيسة، قائلا: «إحنا مش بنطلع لسانا للكنيسة والحكومة»، موضحا أنه صورة من صور الاحتجاج لعدم قدرته على التظاهر أو تنظيم وقفات نظرا للظروف التي تمر بها الدولة.
وأعرب «عطية» عن سعادته بنجاح الحفل، مؤكدًا نجاحهم بشكل كبير فى توجيه رسالة المتضررين إلى المجتمع المصرى، مضيفا أن هناك تعاطفا من الرأى العام مع القضية العادلة للمتضررين من الأحوال الشخصية.
وأوضح «عطية»، أن تنظيم حفل طلاق للمرة الأولى بهذا الشكل، جاء كدلالة للتعبير عن رأي المتضررين أمام الرأي العام، وأنه يوجد مشكلة للأحوال الشخصية للمسيحيين، وبأن معركة زواجهم كانت مأساة كبيرة، وعندما انتهت التجربة السيئة، قرروا الاحتفال.
وأضاف «عطية» أن 18 حالة من الـ20 الذين حصلوا على أحكام طلاق نهائية، حصلوا عليه من خلال تغيير ملة وطائفة، مشيرا إلى أن الحفل شهد حضور أحد رجال دين من الكنيسة الأرثوذكسية، وبعض من الشخصيات العامة المسيحية والمفكرين، لافتا إلى أن رجل الدين رفض الإعلان لوسائل الإعلام عن تواجده منعا لتعرضه للعقاب.
وتابع: «من شاركوا في هذا الحفل غلبوا مع الكنيسة، ولم يحصلوا على الطلاق، ويعيشون فى معاناة حقيقة»، مضيفا أنه تعرض إلى حملات هجوم ونقد لتنظيمه لهذه الفكرة، متسائلا من المسئول عن دفع هؤلاء إلى تغيير الملة؟ مشيرا إلى أن الكنيسة تخلت عن حل مشاكل هؤلاء ويقفون مكتوفي الأيدي أمام المشاكل.
وأكد «عطية» أن الهدف الثاني من الاحتفال، هو إعطاء الأمل لكل المتضررين والعالقين أمام أبواب المجالس الإكليريكية والمحاكم بأن غيرهم خاض التجربة ونجحوا بالفعل، مضيفا أن الدولة ليس بها حصر بعدد المتضررين من هذه الأزمة، وأنه وفقًا لما رصدته محاكم الأسرة في مصر تصل نسبة المشاكل بين الأزواج المسيحيين الراغبين في الطلاق إلى 400 ألف حالة موثقة.
وأشار إلى أنه وفقًا لتقديرات الخبراء في مجال الأحوال المدنية والشخصية فإن النسب قد تتعدى 2 مليون حالة، بخلاف ما تدعيه الكنيسة بأن المتضررين 6 آلاف حالة فقط، موضحا أن الثلاث طوائف لم تتفق على قانون موحد للأحوال الشخصية.
من جانبه، وصف المهندس هاني عزت، رئيس رابطة «منكوبي الأحوال الشخصية»، الدعوة لمثل هذا الاحتفال بمثابة الـ"شو إعلامي"، ولا يخدم القضية، إنما يدمرها، موضحا أن هؤلاء حصلوا على أحكام الطلاق، عن طريق تغيير الملة، وهم يملكون الأموال اللازمة لمثل هذا الإجراء.
وأكد "عزت" فى تصريح خاص لـ"النبأ"، أن الرابطة ترفض مثل هذه الحفلات، مشبهها بأنها مثل حفلات عبدة الشيطان، مشيرا إلى أن مروجيها هم مافيا تغيير الملة، ويمتلكون الأموال، لافتا إلى أن الفقراء ينتظرون لائحة الأحوال الشخصية الجديدة للكنيسة الارثوذكسية، التى قامت بإرسالها للبرلمان.
وحول صمت الكنيسة عن مثل هذه الدعوات، قال "عزت": "هذا أمر طبيعى لأن ما يحدث هو نوع من العبث والتشويه للكنيسة، مضيفا أن مثل هذه الاحتفالات قد تدمر جميع التوجهات والمجهودات التي تقوم بها الرابطة لحل أزمة الأحوال الشخصية.
وأشار رئيس رابطة «منكوبي الأحوال الشخصية»، إلى أن الهدف من الحفلة هو استقطاب المتضررين لرفع قضايا تغيير ملة بشهادات غير صحيحة قد تؤدي بهم للحبس مستقبلا لو علم الطرف الآخر وطالب بحقوقه قانونا.
وقال مينا أسعد كامل، إن الحفل ما هو إلا مجرد «فراغ وقت، وشو إعلامي»، موضحا أن حديثهم عن الهدف من الانتهاء من قانون الأحوال الشخصية كلام ليس له أساس من الصحة.
وأضاف «أسعد» في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن الكنيسة الأرثوذكسية انتهت من وضع لائحة توافق تعاليم الإنجيل، قائلا: «الكرة الآن في ملعب الجهات المعنية».
وأوضح «أسعد» أن قانون الأحوال الشخصية الجديد أكد «أنه لا طلاق إلا للزنا» وسمح فقط بفسخ المدني للهجر دون إعادة زيجته، مشيرا إلى أن ما قام به القانون تسهيل إجراءات التقاضي بما يتوافق مع القوانين الأخرى.
وأكد المتحدث باسم رابطة «حماة الإيمان»، أن الهدف من القانون حل مشكلة الإجراءات المتبعة، لافتا إلى أن الكنيسة لن تتنازل عن عقيدتها وإيمانها لأي سبب وتحت أي ضغط والآراء الخاصة للبعض فيما يخص عقيدة الكنيسة لا تؤثر ولا تقدم ولا تؤخر.
وأشار إلى أن الطائفة الكاثوليكية لها فصل كامل بالقانون، كما أن الطائفة الإنجيلية تقدمت بمشروع فيما يخصها، موضحا أن الإنجيلية اعترضت على السماح بالطلاق المدني للهجر.