رئيس التحرير
خالد مهران

اشتعال «فتنة كنائس المنيا» برعاية رجل تواضروس «القوى»

 الأنبا مكاريوس
الأنبا مكاريوس


خلال الأيام الماضية، اشتعلت الأجواء في محافظة المنيا، بعد إغلاق 4 كنائس، ما جعل الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، يُصدر بيانًا شديد اللهجة كان له دور كبير في في «تسخين» الأجواء بين الكنيسة، والقيادات التنفيذية في المحافظة.

وقال الأنبا مكاريوس في البيان: «التزمنا الصمت لمدة أسبوعين بعد إغلاق إحدى الكنائس، أملًا في أن يقوم المسئولون بدورهم الذي ائتمنتهم الدولة عليه، ولكن إزاء هذا الصمت تطوّر الأمر للأسوأ، حيث أُلحِقَت بالكنيسة الأولى التي أُغلِقَت كنيسة ثانية ثم ثالثة ثم شروع في الرابعة، وكأن الصلاة جريمة يجب أن يُعاقَب عليها الأقباط، مُؤثِرين انتقال أفراد الشعب إلى قرى مجاورة لأداء الشعائر، فهل مُحرَّم عليهم الراحة؟»،

وأضاف البيان:«حدث في أسبوعين ما لم يحدث في سنوات، تُغلق الكنائس ويتم الاعتداء على أفراد الشعب وإتلاف ممتلكاتهم، ولا رادع، وعادة ما تُستخدم المواءمة والمساومات تحت مسمى التعايش السلمي، ودائمًا ما يدفع الأقباط ثمن هذا التعايش، وليس المعتدون، وتأتي ردود أفعال المسئولين مُخيبة للآمال، وعندما يشب أي خلاف أو يحدث اعتداء، فالبديل الأول هو إغلاق الكنيسة والضغط على الأقباط».

فى المقابل نفت محافظة المنيا ما جاء في بيان أسقف المنيا، بشأن غلق كنيستين داخل قريتين فضلا عن منعهم من أداء الصلاة، مؤكدة أنها لن تسمح لأي من القوى المتشددة مسلمة كانت أو مسيحية بأن تفرض إرادتها على أجهزة الدولة، موضحة أن جميع  المعلومات التي جاءت في البيان غير صحيحة.

وحثت المحافظة الأنبا مكاريوس على ضرورة التأكد من المعلومات التى تعرض عليه خاصة فيما يتعلق بممارسة الشعائر الدينية في المنازل غير المرخصة، قبل إصدار البيانات التى تتناولها وسائل الإعلام المعادية للدولة المصرية، بشكل يعطي انطباعا بأن الدولة تعمل ضد الكنيسة وأن الكنيسة تعمل ضد الدولة وذلك على خلاف الحقيقة.

وأوضح اللواء عصام البديوي، محافظ المنيا، أن المحافظة تنسق مع الجهات المعنية وقامت بتلبية 32 طلبا للمطرانيات المختلفة خلال الفترة من شهر 9/2016 وحتى شهر 9/2017 منهم 13 طلبًا بمطرانية المنيا وأبوقرقاص، فضلًا عن أن شعائر الصلاة خلال ذات الفترة تقام في أكثر من 21 منزلًا في المنيا وأبوقرقاص دون أي مشاكل، ولم يتم غلق أي منها.

من جانبه رفض الأنبا مكاريوس التعليق على بيان المحافظ قائلا: «لن أعلق على البيان وتواصلت مع اللواء عصام البديوي، محافظ المنيا، الذي تربطني به علاقة ود كبيرة، حيث اتفقت معه بأنني لن أعلق على بيان المحافظة، رغم تحفظاتنا كمطرانية للأقباط على بعض ما ورد فيه من عبارات ومعلومات، وذلك لإتاحة الفرصة للمحافظ لحل المشكلة، ورفع الظلم عن الأقباط».

حرب البيانات المتبادلة تؤكد أن هناك بوادر أزمة جديدة تطفو على السطح، بين المسئولين فى الدولة والقيادات الكنيسة، وتؤكد أن شهور العسل بين الأقباط والمسئولين داخل المحافظة أوشكت على الانتهاء، وخاصة أن المنيا أصبحت صداعا حقيقيا فى ظل الشكاوى المستمرة من قبل الأقباط من تعرضهم للظلم من قبل قيادات المحافظة.

البيان الذى أصدره محافظ المنيا، أثار غضب الكثيرين من نشطاء الأقباط، معتبرين أن ما تحدث عنه المحافظ المنيا يؤكد على مدى تعنت مسئولي المحافظة ضد المسيحيين، مطالبين الرئيس السيسي بالتدخل لحل المشكلة، من خلال تشكيل لجنة محايدة من الرئاسة لبحث الأوضاع فى المنيا من مختلف الجوانب، ورفض الظلم عن الأقباط، مؤكدين أن قانون الكنائس الجديد السبب فى وجود هذه المشاكل، ولم يحل أى قضية.

الغريب فى الأمر، هو التزم البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الصمت حيال الأزمة، وعدم صدور أي بيان عبر المركز الإعلامي للكنيسة أو على لسان القس بولس حليم، المتحدث الرسمى للكنيسة، للتعبير عن الأزمة، وجعل أسقف المنيا فى صدارة المشهد فقط للتعبير عن غضب الأقباط والتصعيد، ما يشير إلى أن البابا تواضروس أعطى تعليمات إلى الأنبا مكاريوس، بالتصعيد للضغط على القيادات للاستجابة إلى مطالبهم بتقنين وضع الكنائس داخل المحافظة، وذلك لرفع الحرج عن البابا وعدم إظهار وجود خلاف بين الكنيسة والنظام لتعرض أقباط المنيا للظلم.

أحد المصادر كشف عن أن البابا تواضروس يتابع عن كثب كل التطورات التي تجرى بالمنيا خطوة تلو الأخرى، سواء من جهة الكنيسة أو الدولة، فى إشارة إلى أنه يتلقى تقارير دورية عن الوضع، مع وجود تأكيدات على التواصل بين المقر البابوى بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس الكُبرى بالعباسية، والكنيسة فى المنيا، مضيفا أن إيبارشية المنيا وأبوقرقاص تقدمت بما يُقارب من ٥٠ مستندًا تخص ٥٠ كنيسة تحتاج إلى تقنين أوضاعها قانونيًا، إلى اللجنة المُشكلة من قبل مجلس الوزراء، قبيل ٢٨ سبتمبر الماضى للحصول على التراخيص اللازمة من أجل إتمام طقوس الصلاة بها.

ويقول الدكتور كمال زاخر، مؤسس «التيار المسيحي العلماني»، إن  الأزمة  الحالية فى المنيا ترجع إلى صدور قانون بناء الكنائس المعيب، مضيفًا أن «تنسيقية» المواطنة قدمت مشروعًا لهذا القانون، وتم تسليمه إلى الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، ومكتب رئيس الجمهورية بـ«الاتحادية» في مقابلة مع اللواء أحمد جمال الدين، مستشار الرئيس للشئون الأمنية.

من جانبه شن ممدوح رمزي، المحامي القبطي، هجوما شديدا على محافظ المنيا اللواء عصام البديوي، لوصفه للمسيحيين بالمتشددين قائلا: «المحافظ ده متعجرف وفاكر نفسه يدير عزبة خاصة بيه، وياريت يلم نفسه علشان إحنا مش عبيد ولنا حقوق"، مضيفا أن البيان الذى أصدرته المحافظة «مستفز» ويؤكد على تعمد المسئولين بالمحافظة على ظلم الأقباط.

وأضاف «رمزى» أن الأقباط لهم حقوق كفلها لهم الدستور فى التعبد وإقامة شعائرهم فى أي مكان.

وأشار المحامى القبطى، إلى أن أكبر نسبة لعدد المسيحيين فى مصر تتواجد فى المنيا وأسيوط مما يؤدى إلى اضطهادهم قائلا: «إحنا مش فى حرب المسيحي له حقوق زى المسلم، وبيدافع عن وطنه ونرفض التمييز بين المواطنين»

وعن صمت الكنيسة، ودور البابا تواضروس فى إعطاء تعليماته لأسقف المنيا، قال"رمزى": «الأنبا مكاريوس مش بياخذ أوامره من حد، القرار هو اللى بيطلعه دون الرجوع إلى القيادة الكنسية»، مشيرا إلى أن أسقف المنيا هو المسئول عن ما يحدث للأقباط هناك، ولذلك يتحدث عنهم.