سر ثورة الحرس القديم بالكنيسة ضد «تواضروس» من أمريكا
تشهد الكنيسة أزمة جديدة، بين أبناء أساقفة المجمع المقدس، لاعتراضهم على قرار البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، باستحداث إيبارشية جديدة بأمريكا خاصة ببنسلفانيا وديلاوير وميرلاند، وتجليس الأنبا «كاراس»، النائب البابوى بأمريكا الشمالية على تلك الإيبارشية الجديدة، خلال الرسامات الجديدة التى من المقرر إجراؤها فى ١١ من نوفمبر المقبل.
وأغضب القرار عددًا من أساقفة المجمع المقدس، مؤكدين أن قرار البابا الجديد يعد مخالفًا لقوانين الآباء، وتقدم الأنبا مايكل، الأسقف العام لـ«فيرجينيا» بالولايات المتحدة، بشكوى إلى المجمع المقدس، رافضًا فيها تنصيب الأنبا «كاراس» أسقفًا على كنائس بنسلفانيا وديلاوير وميرلاند بأمريكا، مشيرًا فى خطابه الذي أرسله إلى أن تلك الولايات تقع فى نطاق إيبارشيته وخدمته، مطالبا بتشكيل لجنة محايدة للفصل فى هذا القرار، والخلاف بينه وبين البابا «تواضروس».
واتفق معه فى نفس الرؤية الأنبا «أغاثون»، أسقف مغاغة والعدوة بمحافظة المنيا، ورئيس مجلس رابطة خريجي الكلية الإكليريكية، معلنًا تضامنه مع الأنبا «مايكل»، وتقدم بشكوى إلى المجمع المقدس يطالبه فيها بالعدول عن القرار، مؤكدا أن «السيامة» الجديدة تتعارض مع قوانين الآباء والتى تمنع «سيامة» أسقفين على نفس الكرسي.
وهدد أسقف مغاغة والعدوة فى شكواه بمقاطعة لجان المجمع المقدس والجلسة العامة فى حالة عدم النظر إلى الشكوى ومنع رسامة أسقف على نطاق إيبارشية الأنبا مايكل، مطالبا برفع الظلم، مؤكدًا ترحيبه بتنصيب الأنبا «كاراس» في ولايات أخرى غير تلك التي تتبع الأنبا «مايكل».
الأزمة بين البابا تواضروس الثانى، والأنبا مايكل، الأسقف العام لـ«فيرجينيا» بالولايات المتحدة الأمريكية، لم تكن وليدة اللحظة بل ترجع إلى فترة طويلة عندما طلب الأنبا «مايكل»، البابا فور جلوسه على الكرسى البابوى فى 2012، بالاعتراف بتجليسه على إيبارشية، وكنائس فيرجينيا بيد البابا الراحل شنودة الثالث، وهو الأمر الذي شكل فيه البابا عدة لجان مجمعية خلصت إلى أن منطوق البابا شنودة لرسامة الأنبا مايكل هى أسقف عام، وعدم وجود تقليد كنسى بتجليسه، وأصدر البابا قرارًا نشر فى «مجلة الكرازة» بتحديد نطاق خدمة «الأنبا مايكل»، كأسقف عام، كما أجرى استفتاءً بين الأقباط والكهنة بالمناطق التى يطالب الأنبا مايكل بتجليسه عليها، وقد رفضوا هذا الأمر، وبناءً عليه لم يدخل البابا تواضروس أى تعديل على الأمر.
وخلال منتصف العام الماضي، اعترض «الأنبا مايكل» على قرار البابا برسامة الأنبا بيتر، أسقفًا على إيبارشية نورث كارولينا، وساوث كارولينا، وكينتاكى وتوابعها بأمريكا، مشككا فى قانونية القرار، مؤكدا أن هذا يعد تعديًا على إيبارشيته التي كانت تتبعها تلك المناطق، موجها رسالة للبابا تواضروس قائلا: «لا يحق ولا يصح لكَ يا قداسة البابا أن تغيِّر كلامك وقرارك ووعدك فى ختام جلسة المجمع المقدس التى قلتم فيه إنك تسلمت مشكلة الأنبا مايكل ممن سبقنى، يحلها اللّى بعدى، فكيف لكم أن تحاول الرسامة أو حتى التجليس فى منطقة الخدمة التى رُسمت عليها، لتتعقّد الأمور فى الحاضر والمستقبل، وتدخل الأمور فى صراعات بين الآباء الأساقفة، خاصة من جهة قانونية هذه الرسامات من بطلانها».
بدورها أصدرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بيانًا حصرت فيه نطاق إشراف الأنبا مايكل أسقف فيرجينيا، على 6 كنائس فقط بالولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح القس بولس حليم، المتحدث الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أن حصر نطاق إشراف الأنبا مايكل أسقف فيرجينيا، على 6 كنائس فقط يأتي طبقًا للقرار البابوي رقم 11 39 والذي أصدره البابا الراحل شنودة الثالث، والمنشور بـ«مجلة الكرازة» الناطق الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوكسية بتاريخ 19 يونيو 2009.
ونص القرار المُشار إليه على أن تقتصر خدمة الأنبا مايكل الأسقف العام، والذي تمت سيامته أسقفًا فى عيد العنصرة فى عام 2009 على الكنائس السابق له تأسيسها قبل سيامته أسقفًا، وعددها ست كنائس، وتشمل كنيسة مار مينا بأنتوانا، بنسلفانيا، وكنيسة مار جرجس بكايين جونز ماريلاند، وكنيسة الأنبا موسى الأسود بأشبرن، فيرجينيا، وكنيسة الملاك والأنبا أنطونيوس برينشموند، فيرجينيا، وكنيسة العذراء وأبو سيفين بأستافورد، فيرجينيا، بالإضافة إلى كنيسة مار جرجس بهامبتون، فيرجينيا.
وكشف مصدر كنسى، عن وجود خلاف كبير بين البابا تواضروس الثانى، والأنبا مايكل، منذ تجليس البابا على الكرسي البابوي، مؤكدا أن البابا يرى أن الأنبا مايكل ليس له أحقية فى التجليس على الإيبارشية، لعدم امتلاكه التقليد أو إعلان إشهار رسامته أسقفًا على الإيبارشية، وهو التقليد الذي تعتبره الكنيسة وثيقة رسمية بالغة الأهمية فى طقس رسامة وتجليس أسقف الإيبارشية، ويُعطى من البابا والأساقفة أعضاء المجمع، للأسقف المقام على إيبارشية.
وأشار المصدر إلى أن البابا تواضروس لن يبت فى الشكاوى المقدمة من قبل أسقف مغاغة والعدوة، أو الأنبا مايكل، لاقتناعه التام بقانونية القرار، موضحا أنه أجرى استفتاء منذ فترة على شعب وكهنة الكنائس التى يخدم فيها الأنبا مايكل من 2009 ورفضت 17 كنيسة من إجمالى 21 رسامته.
وأكد المصدر، أنه لا يوجد خلاف بين أعضاء المجمع المقدس سوى من فئة قليلة تابعة للحرس القديم، مشيرا إلى أن هؤلاء يمثلون صداعا حقيقيا للبابا تواضروس لافتعالهم أى أزمة من أجل التصدي لقرارات البابا التى يسعى إلى تحقيقها لإصلاح الكنيسة وترتيب البيت من الداخل.
وأوضح المصدر أن البابا تواضروس، يعلم جيدًا أن هذا القرار سيتم الطعن عليه من قبل الأنبا مايكل، لاعتراضه المستمر على أي قرار يصدره البابا، مؤكدا أنه فى إحدى الجلسات السابقة أثناء اعتراضه على تجليس الأنبا بيتر أسقفا، حدث شد وجذب بين الأنبا والبابا، ما دفعه إلى الصراخ فى وجه قائلا: «لن أسمح لك بالتجاوز ولن تنصب على الولايات، لأن الشعب لا يرغب فيك».
وأشار المصدر إلى أنه يتوقع أن ينجح الأنبا مايكل فى جمع عدد من أبناء أساقفة المجمع المقدس إلى صفه والتضامن معه ضد هذا القرار، معتمدا على قوة علاقته ببعض الأساقفة داخل المجمع المقدس والذين يعدون من أبناء البابا الراحل شنودة الثالث.