خطة أقباط المهجر لـ«الضغط على تواضروس» بحجة الإصلاح الكنسي
مع احتفالات الكنيسة بذكرى مرور خمس سنوات على تجليس البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، على الكرسي البابوي، دعى بعض من أقباط المهجر على رأسهم مجدى خليل، إلى تدشين حملة جديدة تحمل اسم «مجموعة الإصلاح الدينى للكنيسة القبطية»، ويكون مقرها بالولايات المتحدة، لطرح رؤيتهم عن الإصلاح والتجديد.
وأعلنت الحملة فى بيان لها عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعى الـ«فيس بوك»، أنه سيتم الإعلان عن البيان الأول لهذه المجموعة يوم 18 من نوفمبر الجاري، زاعمة أن الكنيسة وصلت إلى «الحضيض»، وأصبح قادتها عثرة للشعب ما جعل الكثير من الشباب القبطى يتركها إلى الإلحاد أو البلادة والفتور الروحى.
وأوضح البيان أنهم سيركزون على ثلاثة محاور مهمة، يتضمن المحور الأول: إبعاد الكنيسة عن السياسة تماما، وأن تقتصر تبعية كنائس المهجر للكنيسة القبطية الأم على الجانب الروحى فقط، أما كنائس المهجر فهى كنائس غربية تخضع لقوانين البلاد الغربية وقيمها الحضارية، ولا تشغل نفسها بالسياسة المصرية نهائيا.
وأشار إلى أن المحور الثانى متعلق بالجانب المالى، وفيه سيتم التركز على خلق نظام مالى شفاف يبعد رجل الدين عن الأموال تماما ليتفرغ للعمل الروحى والرعوى، فيما يمثل المحور الثالث بالجانب الإدارى، وذلك عبر خلق نظام إدارى حديث وشفاف وعصرى.
ودعت الحملة كافة الأقباط سواء بمصر أو بالخارج إلى الانضمام لهذه المجموعة عن طريق إرسال سيرة ذاتية مختصرة عبر الإيميل الخاص بهم، مؤكدين أنهم سيستخدمون كل الطرق القانونية والسلمية من أجل إصلاح الكنيسة.
وأكد مجدى خليل، أحد نشطاء أقباط المهجر، أن هذه المجموعة هدفها الأساسي الإصلاح الكنسي، بعد أن شاهد الأقباط تنازع الأساقفة مع بعضهم على الكراسى والمصالح والسلطة والمال- على حد تعبيره، مشيرا إلى أن الأساقفة يستخدمون الأساليب والوسائل والطرق للوصول إلى الكراسى على حد قوله، منوها إلى أن هذه المجموعة حصلت على تدعيم بعض الأساقفة.
وأشار "خليل" فى تدوينة له عبر صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى الـ«فيس بوك»، إلى أن المؤسسة الكنسية تحتاج إلى مجموعة محترمة من الأقباط تعيد لها صوابها وترجعها إلى مسارها الصحيح لخدمة المسيح وشعبها، وتحد تماما من سلطة الأساقفة على الشعب لكى يركزوا فى الرعاية الروحية، مؤكدا أن الصراع بين الأساقفة، عاجلا أم أجلا، سيؤدى إلى تقسيم الكنيسة، على حد وصفه.
تدشين هذه المجموعة بحجة الإصلاح الكنسي أعادت إلى الأذهان، ما حدث من قبل عندما أعلنت جماعة الأمة القبطية، برئاسة المحامي إبراهيم فهمي هلال، فى سبتمبر من عام 1952، واتخذت من أحد المكاتب بحي الفجالة مقرًا لها، أن أهدافها إصلاح شئون الكنيسة القبطية، وتقديم المساعدة للمحتاجين، ونشر تعاليم الكتاب المقدس والتمسك بجميع أحكامه، إلا أنها قامت بخطف البابا يوساب الثاني من الكاتدرائية المرقسية في كلوت بك، وعزلته من منصبه احتجاجًا على تردي أوضاع الكنيسة.
«الإصلاح الكنسى» الشماعة التى يلجأ لها البعض من أجل مهاجمة القساوسة، والبابا تواضروس الثانى، لتحقيق أهداف أخرى غير المعلنة كما حدث من قبل، رغم محاولات البابا الإصلاحية وإعادته لترتيب البيت من الداخل حيث لقبه البعض بأنه «بابا الإصلاح»، كما أن قراراته الإصلاحية أغضبت الكثيرين من أعضاء الحرس القديم التابعين للراحل البابا شنودة، ما دفعهم إلا إثارة القلاقل ضد البابا تواضروس، وإظهاره بأنه فاقد السيطرة على الكنيسة.
من جانبه قال كمال زاخر، المفكر والباحث القبطى، ومنسق التيار العلمانى، إن كلمة الإصلاح إيجابية وليست سلبية، موضحا أن الكنيسة قائمة على مجموعة من البشر وأن أى كيان دينى يحتاج إلى المراجعة وليس مجرد لوائح وتنظيمات فقط.
وأضاف «زاخر» فى تصريح خاص لـ«النبأ»، الإصلاح يعنى إعادة الشىء إلى أصله، ولذلك كل الدعوات المنادية بالإصلاح فى صالح الكنيسة، مشيرًا إلى إحدى الصلوات التى تتلوها الكنيسة يوميًا فى القداسات تطلب من الله أن يعيدها إلى الإصلاح ولذلك فإن الكنيسة لديها الدافع نحو الإصلاح.
وأشار«زاخر» إلى أن الإصلاح يتم من خلال البشر، بدون نقد أو تحد أو صدام، لأن مثل هذه الأشياء من شأنها أن تتسبب فى التراجع، مؤكدا أننا أمام تغيرات كبرى ليست فى الداخل فقط بل فى الخارج، كما أن الطبيعية البشرية كلها تتعرض لأوقات انتعاش وتقدم وأخرى تراجع وكسل، ولذلك فإن الهدف من الإصلاح هو السعى لما هو أفضل.
وأكد «زاخر» أن البابا تواضروس الثانى، بدأ بخطوات جادة من أجل الإصلاح، ولكنه يتعرض لحملات ممنهجة من البعض، الذين يعتبرون أن أى حديث عن الإصلاح يتعرض لشخص الراحل البابا شنودة الثالث.
وتابع: «الجيل الجديد من الشباب يحتاج إلى خطابات كنسية جديدة تواكب التطور التكنولوجي الهائل»، وأضاف قائلا: «إذا كان هدف هذه المجموعة الإصلاح الكنسي فمرحبا بها، أما إذا كان هدفها تصفية حسابات مع قيادات الكنيسة فهذا غير مقبول».
وأكد الباحث القبطي، أن الداعين لهذه الحملة التى تحمل اسم «الإصلاح للكنيسة القبطية» يحركها علاقات غير سوية مع المؤسسة الدينية الكنيسة وقيادتها ومع الدولة، مشيرا إلى أن هذه المجموعة تسير على خطى جماعة الإخوان المسلمين فى معاقبة الكنيسة وقيادتها لموقفهم الوطنى فى 30 يونيو، لافتا إلى أن هذه المجموعة تكون دائما مرتبطة بمواقف سياسية وليس الإصلاح كما يدعون.
وعن دعواتهم بابتعاد الكنيسة عن السياسة، أوضح «زاخر» أن هناك خلطا بين تأييد الكنيسة للدولة، وبين تدخلها فى العمل السياسي، مؤكدا أن الكنيسة تدعمها للدولة نابع من حبها وانتمائها للوطن.
وفيما يتعلق بتدعيم بعض الكهنة والأساقفة لهذه المجموعة، أكد «زاخر»، أن هذا مجرد كلام يرددونه من أجل إكساب ثقه لأنفسهم، مشيرا إلى أن عدد الكهنة والأساقفة يصل إلى 10آلاف شخصا، متسائلا عن عدد الكهنة التى ستدعم هذه المجموعة وما مدى تأثيرهم، لافتا إلى أن الكنيسة لديهم منظومة جيدة تحكم الكهنة بشكل منضبط، مستبعد حدوث ذلك.
وأشار إلى أن مساحة الحرية التى تتوفر لدى أقباط المهجر هى التى تدفعهم إلى التحدث والمطالبة بالإصلاح الكنسي دون خوف، لافتا إلى أن أغلبهم ليس لديه المعلومات الكافية عما يحدث داخل الكنيسة ويستقى معلوماته من مواقع التواصل الاجتماعى الـ«فيس بوك»، التى يوجد بها الكثير من المعلومات المغلوطة.
من جانبه وصف المهندس هاني عزت، رئيس رابطة «منكوبي الأحوال الشخصية»، الداعين لهذه الحملة بأنهم «مرتزقة» يريدون النيل من الكنيسة والوطن، موضحا أن كل ما يهم هؤلاء إثارة الفتنة ويحركهم مجدى خليل الذى ادعى أوائل هذا العام أن الجيش المصرى سيتحالف مع السعودية لضرب إيران ويفصلون المسيحيين.
وأضاف «عزت» فى تصريح خاص لـ«النبأ»، أن هؤلاء غرضهم دائما إظهار الأقباط والكنيسة فى مصر فى صورة مزرية؛ ليعطى فرصة لمن تدعى حقوق الإنسان أن تجد أرض خصبة للإظهار اضطهاد الأقباط.
وأكد «عزت» أن الكنيسة كانت تمارس بشدة العمل السياسى فى عهد البطرك الراحل شنودة الثالث، لافتا إلى الأنبا بولا، أسقف طنطا كان المسئول عن ممارسة هذا الدور والتدخل فى السياسة؛ من أجل فرض سطوته- على حد وصفه، لافتا إلى أن تدخل الكنيسة فى السياسة أدى إلى سفك دماء الأقباط وانهيار الدور الروحى للكنيسة والأسرة المسيحية.
وأشار «عزت» إلى أن البابا تواضروس الثانى، منذ تجليسه على الكرس البابوى سعى إلى إخراج الكنيسة من المستنقع السياسى، الذى أضرها كثير، لافتا إلى أن ما تقوم به الكنيسة حاليا دورها الوطنى فى تدعيم الدولة.
وأكد رئيس رابطة «منكوبي الأحوال الشخصية»، أن هناك فرقا كبيرا بين كلمة إصلاح وتطوير، لافتا إلى أن الكنيسة تحتاج إلى تطوير وليس إصلاحا كما يردد البعض لمواكبة العصر الذى نعيشه، مشيرا إلى أن البابا تواضروس قام بإعادة هيكلة وترتيب البيت من الداخل ونجح إداريا إلى حد كبير، مؤكدا أن تشدد أغلب أعضاء المجمع المقدس والحرس القديم أدى إلى بطء عجلة التطوير.