رئيس التحرير
خالد مهران

سر تضارب استطلاعات الرأى حول شعبية السيسى

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


مع اقتراب انتهاء الفترة الرئاسية الأولى لـ«عبد الفتاح السيسي»، وموعد إجراء انتخابات الرئاسة التي أضحت نتيجتها محسومة لصالح «المشير»، بدأ الحديث عن إنجازات الرئيس في السنوات الماضية، وعن حجم شعبيته.


وبرزت استطلاعات رأي مختلفة ترصد نسب الرضا والسخط وحجم شعبية الرئيس، اختلفت كل منها عن الأخرى بشكل كامل، بدرجة قرب أو بعد جهة الاستطلاع عن الرئيس.


فخلال الأسبوع الماضي، أجرت قناة «روسيا اليوم»، استطلاع رأي حول نسبة تأييد ترشح الرئيس السيسي لفترة رئاسية ثانية، وأظهرت النتائج أن نسبة مؤيدي السيسي وداعميه في الترشح لفترة رئاسية ثانية بلغت 55% من بين شريحة المشاركين بلغت 110 آلاف، في حين عارضه 45% من المشاركين في التصويت.


زادت تلك النسبة في استطلاع رأي أجرته صحيفة «البيان الإماراتية»، حيث كشفت نتائج استطلاعات للرأي، على موقعها الإلكتروني، والثاني على حسابها في «تويتر»، أن ما بين 53 إلى 64 في المئة من المستطلع آراؤهم، أيدوا استمرار السيسي، وأنه حقق إنجازات كبيرة في فترته الأولى.


في حين أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة»، حول تقييم أداء الرئيس، انخفاض نسبة الراضين عن أداء السيسي إلى 68%، مقابل 82% في الاستطلاع الذي أجراه المركز بعد عامين على حكم السيسي.


في المقابل أوضح استطلاع رأي أجراه المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام «تكامل مصر»، انخفاض شعبية الرئيس السيسي إلى 23.7، وارتفاع الكتلة المعارضة لنظام السيسي إلى 86.3%.


من قراءة تلك الأرقام، يبدو للوهلة الأولى وجود تباين شديد بين من يصل بشعبية الرئيس إلى نحو 70% ومن يهبط بها إلى 23%، وهو ما يطرح سؤالا عن الكيفية التي أجريت بها تلك الاستطلاعات؟ ولماذا ظهر هذا التباين الشديد؟ وما المعايير التي يمكن الاعتماد عليها لإجراء استطلاع رأي سليم؟


وعن ذلك يرى مصطفى خضري، رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام «تكامل مصر»، والذي جاءت شعبية السيسي في استطلاعه منخفضة، أنه لبناء قياس رأي عام بشكل سليم؛ لابد من توافر خمسة متطلبات هي: استمارة ميدانية محترفة ومستوفية للشروط العلمية والفنية، وتدريب فريق البحث على إجراء البحث الميداني بحيادية ووضوح، وتحديد حجم العينة المطلوبة للحصول على مستوى الثقة في النتائج المحددة أثناء التجهيز للعمل والذي يتراوح بين ٩٠، ٩٩٪ وذلك بناء على معالم المجتمع (متوسطات وانحرافات)، وكذلك تحديد معامل الخطأ في النتائج، وتوزيع العينة بشكل علمي ومهني محترف بحيث تكون نتائج العينة ممثلة لنتائج المجتمع، ويتم ذلك بأساس علمي رياضي يسمى المعاينة، مع المتابعة والإشراف أثناء سحب العينة لضمان تقليل أخطاء المعاينة وجعلها في حدود الخطأ المحدد، وتنقية الاستمارات واستبعاد الاستمارات أو الباحثين الذين تعدوا حدود الخطأ، ثم استكمال العينة وتجميع البيانات وتحليلها وكتابة تقرير الدراسة.


وأوضح «خضري» أن اختلاف النتائج في استطلاعات الرأي يرجع إلى أن المراكز التابعة أو المؤيدة لأي نظام سياسي خاصة لو كان نظاما قمعيًا؛ دائمًا ما تتلاعب في متطلبات الدراسة؛ لإخراج نتائج على هوى النظام.


من جانبه، يرى الدكتور ماجد عثمان، رئيس المركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة»، والذي جاءت نسب التأييد للسيسي في استطلاعه مرتفعة، أن التباين في استطلاعات الرأي، ناتج عن عدم استخدام المنهجية السليمة في الاستطلاع، مشيرا إلى أنه يمكن تقييم مدى جدية أي استطلاع رأي للجمهور بالنظر إلى مركز الاستطلاع والمنهجية التي استخدمها في إجراء الاستطلاع، وكذلك مدى استقلالية المركز، مشيرا إلى أن مركز «بصيرة» ينشر منهجية البحث ولديه استقلال مالي ولا يتبع لأي جهة، في حين أن مراكز استطلاع أخرى لا تفصح عن منهجية بحثها أو مصدر تمويلها، وهو ما يجعل استطلاعاتها محل شك.


وأوضح «عثمان» أن عددًا كبيرًا من المواقع الإلكترونية تلجأ لعمل استطلاعات رأي مثل روسيا اليوم، والبي بي سي، وغيرها من المواقع العربية والعالمية والمصرية أيضا، موضحا أن استطلاعات الرأي على المواقع الإلكترونية أو باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر لا تكون سليمة عادة؛ لأنها تتجاهل جمهورًا كبيرًا لا يجيد القراءة والكتابة وبالتالي لا يستخدم الإنترنت، مشيرا إلى أنها تصلح بشكل أكبر في الدول المتقدمة نظرا لارتفاع شريحة مستخدمي الإنترنت، وفي استطلاعات رأي محددة مثلًا فما يخص شريحة الشباب؛ لأن النسبة الأكبر منهم تستخدم الإنترنت.


وأشار رئيس مركز «بصيرة»، إلى أن استطلاعات الرأي على الإنترنت فيما يخص شعبية رئيس أو الانتخابات لا تصل لمجتمع الناخبين بشكل معبر عنهم، وكذلك تبقى هناك خشية مما يعرف بـ«الكتائب الإلكترونية» التي يمكن تحجيمها باستخدام تقنيات منع التصويت أكثر من مرة من جهاز واحد، ولكن لا يمكن منعها إذا كانت منظمة وتستخدم عدة أجهزة، موضحا أن وسائل استطلاع الرأي سواء هاتفيا أو بطريقة المقابلة المباشرة أو عبر الإنترنت تتوقف على طبيعة الموضوع الذي يجري استطلاع الرأي حوله، ولكل من تلك الوسائل موضوعات بحث تناسبها.


من جانبه أوضح الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، أن عددًا من المواقع ومراكز الدراسات أجرت استطلاعات رأي حول شعبية الرئيس وحظوظه في الانتخابات بالمخالفة للقانون، مشيرا إلى أن القانون ينص على أن استطلاعات الرأي حول الانتخابات لا يتم إجراؤها إلا بعد غلق باب الترشح، وتجريها الهيئات المسجلة طبقا لأحكام قانون المجلس الأعلى للإعلام.


وأشار «عامر» إلى أن أغلب استطلاعات الرأي لا تعبر عن الجمهور بشكل حقيقي، مشيرا إلى أنه لابد قبل الشروع في عمل استطلاع رأي تحديد خطة للاستطلاع ومنهجية للبحث، وأدوات هذا البحث ويتم نشرها مرفقة باستطلاع الرأي، وإلا لا يعتد بهذا الاستطلاع، منوهًا بأن استطلاعات مواقع الإنترنت ليست معبرة عن الحقيقة لأنها لا تتبع أدوات البحث السليمة.