ظل في السجن 27 عاما.. العالم يحتفل بعيد ميلاد «أبو الأمة الأفريقية» المائة
في 18 يوليو عام 1918م ولد المناضل الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، وفي مثل هذا اليوم من هذا الشهر يمر مائة عام على مولد هذا المناضل الكبير، الذي حرر جنوب أفريقيا من العنصرية، وحولها إلى أكبر دولة ديمقراطية واقتصادية في القارة العجوز، بعد أن ظل في السجن أكثر من 27 عاما.
من
هو نيلسون مانديلا الذي يحتفل العالم بعيد ميلاده المائة؟
ولدَ نيلسون مانديلا
في جنوبِ إفريقيا، في مدينة ترانسكاي، في الثامن عشر من تموز/ يوليو من عام 1918، وقد كانَ اسمه دوليهلاهلا ويعني المشاغب، الذي تغيّر
في المدرسة لنيلسون لصعوبة لفظه، نشأ نيلسون معتبراً المهاتما غاندي مصدر إلهامه، فقد
كان يعتنق أفكاره المنددة بالعنفِ والمطالبةِ بالسلم، توفي والده وهو في التاسعة من
عمره، فنشأ مع أحدِ حكّامِ القرى في منطقتهِ، ودخلَ المدرسة الابتدائيّة مع عدد قليلٍ
من الأطفالِ، ثمّ أكملَ دراسته بمدارس إرساليّة، وقد كانَ طالباً مميّزاً، ثمّ التحقَ
بكليّة فورت هاري لدراسة الحقوق، ولكنّه طردَ منها بسبب مشاركته في الاحتجاجات الطلابيّة
على التمييز العنصريّ، فأكملها بالمراسلة في جوهانسبرغ. وبعد حصوله على الشهادة افتتح
هو ورفيقه مكتباً للمحاماة، والذي يعدّ الأوّل من نوعه لذوي البشرة السوداء في جنوب
إفريقيا.
فى عام 1948 استلم
الحزب الوطنى السلطة فى جنوب أفريقيا، وكان لهذا الحزب سياسة معادية للعرق الأسود،
فقد اعتمد فى حكمه على سياسة الفصل العنصرى بناء على لون البشرة فى كلِّ تعاملات ومرافق
الدولة، مما أدّى إلى ظهور حركات شبابية وطلابية مناهضة لسياسة الفصل العنصرى، اتصفت
هذه الحركات بدايةً بالسِّلمية والدعوة إلى نبذ العنف للوصول إلى الهدفِ المنشود الذى
يتجسّد فى القضاء على النظام العنصرى، وانضم نيلسون مانديلا فى منتصف الأربعينيات إلى
هذه الحركات التى نظمتها أحزابٌ معارضة، وأصبح بعد عدة سنوات رئيسًا لحزب المؤتمر الوطنى
المعارض.
ويعود تاريخ سجن نيلسون مانديلا الأول إلى سنة 1952 بعد أن تم اعتقاله من سلطات الفصل العنصرى بسبب دعواته وقيامه باحتجاجات عامة اكتسحت مناطق السكان ذوى العرق الأسود فى جوهانسبرج، حيث تم إيقافه تسعة أشهرٍ وأفرج عنه بعدها.
وفى عام 1955 بدأت
مُحاكمته وعَددٍ من زملائهِ بتهمة الخيانة العظمى، وتمَّ سجن نيلسون مانديلا فى سجن
جوهانسبرج، وأخذت قضيته تزداد حدة فى أوساط الأحزاب المدنية والحقوقية فى البلاد، إلى
أن تم إصدار حكمٍ بالبراءة عام 1961.
فى عام 1962 تمَّت
إعادة اعتقاله بتهمة قيامه بنشاطٍ عسكرى لقلبِ نظام الحكم والقضاء على حكومة التمييز
العنصرى، والسّعى لإحداث فوضى فى البلاد عن طريق دعم تنظيمات مسلحة، وصدر فى عام
1964 حكم ينص على سجن نيلسون مانديلا مدى الحياة، وتم نقله إلى سجن يقع فى جزيرة روبين،
حيث قضى مدة 18 سنة، مُعظمها كانت فى الأشغال الشاقة.
فى سنة 1982 تم نقل نيلسون مانديلا إلى سجن بولسمور
وهكذا باتت تُمثل قضية سجن نيلسون مانديلا رمزا للنضال والكفاح فى عيون الرأى العام
العالمى، تدهورت حالة مانديلا الصحية كثيرا ولكنه مع ذلك لم يضيع فرصة للتفاوض مع أعضاء
الحكومة التى قابلته بالرفض مراراً، حتى كان عام 1988 عندما بدأت جهود المفاوضات تؤتى
ثمارها بسبب الضغط على حكومة التميز العنصرى من قبل حركات التسلح الوطنية بزعامة حزب
مانديلا، وبسبب ضغوطات كبيرة من المجتمع الدولي، اضطر على إثرها رئيس الحزب الوطنى
"دى كليرك" إلى دعوة مانديلا إلى الحوار عام 1989، فتم إطلاق سراح مانديلا
وزملائه بدون قيد أو شرط.
بعد خروج مانديلا
من السجن أعلن وقف الكفاح المسلّح، وقام بالتفاوض مع الرئيس لإنهاء التمييز العنصريّ،
وأصدر دستوراً جديداً تعدديّاً خالياً من العنصريّة. وفي عام 1994 تمّ انتخاب مانديلا
كرئيسٍ للبلاد، ليكون أوّل رئيس أسود لجنوب إفريقيا، وبعد انتهاء فترته الانتخابية
تقاعد مانديلا، فلم يترشّح لفترة رئاسيّة ثانية، وقضى عمره في الأعمال الخيريّة.
واستكمالًا للعرف
السنوي الذي بدأته الأمم المتحدة في 2010 بالاحتفال بيوم المناضل الجنوب الأفريقي نيلسون
مانديلا «18 يوليو 1918- 15 ديسمبر 2013»، بناء على قرار من جانب سكرتير الأمم المتحدة
"بان كي مون" وقتئذ، وإصدار ما يسمى بقواعد الأمم المتحدة النموذجية لمعاملة
السجناء «المعروفة باسم قواعد نيلسون مانديلا»، وذلك تقديرًا لدور مانديلا كنموذج يحتذى
في مجالات حل النزاعات والخلافات العرقية وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وتأسيس قواعد
المصالحة والمساواة بين الجنسين وحقوق الأطفال والفئات المستضعفة ومكافحة الفقر والدعوة
للعدالة الاجتماعية، حيث يعترف القرار بمساهمته في النضال من أجل الديمقراطية وتعزيز
ثقافة السلام في جميع أنحاء العالم وهو ما أهله للحصول على جائزة نوبل للسلام عام
1993.
بهذه المناسبة،
أصدرت الأمم المتحدة تسجيل فيديو مدته دقيقة واحدة لسكرتيرها العام البرتغالي الأصلي
"أنتونيو جوتيرس" يعدد فيه مناقب الرجل الملهم الذي لم يعش أسيرًا لسجنه
الذي استمر لعقود، وكان السبب في تخلص بلاده من كارثة الفصل العنصري بدعوته للمراجعة
والمصالحة والخروج ببلده إلى أفق ديمقراطي متعدد الإثنية يعيش فيه الجميع كمواطنين
لهم الحقوق وعليهم الواجبات نفسها.
ومن أشهر أقواله:
·
يجب علينا احترام
الحكومة بما وفرته علينا من فرص لتحصيل العلم.
·
لاشيء في السجن
يبعث على الرضا سوى شيء واحد هو توفر الوقت للتأمل والتفكير.
·
التسامح الحق لا
يستلزم نسيان الماضي بالكامل.
· أن تكون حرا ليس مجرد التخلص من القيود بل هو أن نعيش بطريقة تحترم وتعزز حرية الآخرين.
· الرجل الذي يحرم رجلاً آخر من حريته هو سجين الكراهية والتحيز وضيق الأفق.
·
نحن لسنا أحرارا
بعد، نحن فقط وصلنا لحرية أن نكون أحراراً.
·
لا أحد منا يمكن
أن يحقق النجاح بأن يعمل لوحده.
·
تعلمت أن الشجاعة
ليست غياب الخوف، ولكن القدرة على التغلب عليه.
· التعليم هو أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم.
·
أي رجل أو مؤسسة يحاول سرقة كرامتي سوف يخسر.
·
رأس جيدة وطيبة
القلب هي دائما مزيج رائع.
· بعد تسلق تلة كبيرة، يجد المرء أن هناك العديد من التلال الأخرى يجب صعودها.