رئيس التحرير
خالد مهران

لغز «اتهام» تواضروس بـ«التطبيع» مع إسرائيل بعد زيارة أمريكا

تواضروس - أرشيفية
تواضروس - أرشيفية


عادت قضية سفر الأقباط إلى القدس تُثار من جديد، بعد أن وجه شاب سؤالًا للبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، خلال زيارته لكنيسة السيدة العذراء بأمريكا، قال فيه: «هل السفر للقدس حرام ولا حلال؟»، فأجاب البابا قائلًا: «مفيش حرام وحلال عندنا أصلًا».

وتابع البابا فى حديثه: «عام 1967م اندلعت الحرب وحدثت النكسة وإسرائيل احتلت القدس ومن يومها مبقاش فيه زيارات، وتجدد هذا الموقف فى عصر البابا شنودة، ولكن الكنيسة لها مدارس وكنائس ولنا مطران هناك ومن القرن الـ 12 الميلادى كان الفلسطينيون يعيشون على الزيارات التى مثلت مصدر دخل لهم، وحين توقفت الزيارات حدثت مشكلة والرئيس أبومازن دعا المصريين لزيارة القدس لأن هذا يساعد الفلسطينيين، ويخدم قضيتهم».

واستكمل البابا: «لهذا السبب سألني البعض عن إمكانية زيارة القدس كهدية قدمها أبناؤهم لهم، فقلت لهم الكبار من 60 سنة فما فوق يروحوا". مضيفا لشباب أمريكا: و"أنتم تقدروا تروحوا وتزوروا المطرانية القبطية هناك، وإحنا بنبعت رهبان وراهبات للزيارة هناك أيضًا».

وأضاف «تواضروس» أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في إحدى زياراته لمصر، قال له إن زيارة المصريين للقدس تساعد "السجين الفلسطيني" في إشارة منه إلى الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي، وطلب فتح الباب لهجرة الحجاج المسيحيين للقدس.

وكان المجمع المقدس للكنيسة أصدر في 26 مارس 1980 برئاسة البابا الراحل شنودة الثالث، قرارا نص على: قرر المجمع المقدس عدم التصريح لرعايا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسفر إلى القدس هذا العام، فى موسم الزيارة أثناء البصخة المقدسة وعيد القيامة، وذلك لحين استعادة الكنيسة رسميا لدير السلطان بالقدس، ويسرى هذا القرار ويتجدد تلقائيا طالما أن الدير لم تتم استعادته، أو لم يصدر قرار من المجمع بخلاف ذلك.

تصريحات البابا تواضروس أثارت جدالا واسعا داخل الأوساط القبطية، حيث اعتبره البعض أنه تصريح رسمى من قبل البابا بالسماح للمسيحيين بالسفر إلى القدس، مؤكدين أن بهذا التصريح أشار إلى أن قرارات الكنيسة بمعاقبة من يسافر إلى القدس بالحرمان عقب القداس الإلهي، وهى (أحد أهم أسرار الكنيسة السبعة، وهو أقصى العقوبات الدينية المسيحية) ليس لها أى سند دينى.

فيما يرى آخرون أن تصريحات البابا، ما هى إلا محاولة جديدة للتطبيع مع الكيان الصهيونى على حد قولهم، مشيرين إلى أن تصريحات البابا تضر الكنيسة كثيرًا، وتخالف العقائد التى تسير عليها الكنيسة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وفي الوقت الذي تمنع فيه الكنيسة الأرثوذكسية السفر إلى القدس، ترحب الكنائس الكاثوليكية والأسقفية بزيارة القدس، ولا تمانعان في زيارة التابعين لهما للتبرك بالأماكن المقدسة، معتبرين أن ذلك يأتي لمساندة الفلسطينيين.

تصريحات البابا تواضروس عن زيارة القدس، جاءت فى نفس توقيت إعلان المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي التابع للكنيسة، بشكل علني، عبر صفحته الشخصية على «فيس بوك»، عن تنظيم رحلات لحج الأقباط إلى القدس، عبر الشركة التابعة للمركز الذي يرأسه الأنبا أرميا الأسقف العام بالكنيسة، وأعلنت الشركة الكنسية عن برنامج زيارة القدس لعام 2019، مقدمًا، والذى يعد المرة الثانية للمركز على التوالى، حيث نظمها عام 2018.

بدوره قال القس بولس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إن حديث قداسة البابا تواضروس الثاني بطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس، عن السماح بالسفر لفلسطين، كان يقصد به السماح لكبار السن، موضحا أن البابا كان يشرح الوضع والموقف.

وأكد المتحدث باسم الكنيسة،: «مازال موقفنا كما هو لن ندخل القدس إلا مع إخوتنا المسلمين»، موضحا أن الكنيسة حينما اتخذت موقف منع زيارة القدس كان هذا من أجل مصلحة مصر والقضية الفلسطينية وكان يعبر عن جمهور الشارع المصري.

من جانبه يقول مؤسس رابطة «منكوبي الأحوال الشخصية» هاني عزت، إن قرار البابا تواضروس بخصوص زيارة القدس يعتبر صادرا بصورة غير مباشرة منذ جلوسه على الكرسى البابوى، من خلال تصريحه لكبار السن بالسفر.

وأكد «عزت»، أن التصريح الأخير للبابا هو بمثابة قرار رسمى وإعلاء للحق، مشيرا إلى أن ممارسة الشعائر الدينية ليست لها علاقة بالمعاهدات والشئون السياسية.

وأشار إلى أن القرار القديم بالحرمان والزج بالكنيسة فى الشئون السياسية، مخالف أولا لقول المسيح فى الكتاب المقدس: «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله».

وأوضح «عزت» أن البابا بسبب هذا التصريح سيواجه هجومًا ظاهريًا فقط من فئة قليلة، لافتا إلى أن هذا القرار تم التمهيد له منذ العام الماضى، عندما أعلن الأنبا بولا أسقف طنطا وتوابعها أنه ستتم إعادة النظر فى قرار منع المسيحيين من السفر إلى القدس.

وتوقع «عزت»، أن تكون الأعداد المسافرة للقدس من المسيحيين للقدس قليلة بالأعوام الماضية، نظرًا لارتفاع الأسعار، وطبقا لقرارات سيادة الدولة بعد اعتراف «ترامب» بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.

وأكد «عزت» أن الحديث عن أن تصريحات البابا تواضروس بزيارة القدس نوع من التطبيع فهذا «كلام فارغ»، وليس له أى سند حقيقى، مشيرًا إلى أن من يروجون لمثل هذه الخرافات هم «فئة منتفعة» من الهجوم على البابا تواضروس، وليس لهم قيمة حقيقة.

من النسخة الورقية لـ«النبأ» العدد رقم 1500 الصادر بتاريخ 13 أكتوبر 2018