تجربة نيجيريا والنيجر..
** إذا كانت مباراة النيجر اختبارا قويا، فإن مباراة نيجيريا قد تكون اختبارا قاسيا. لكن كرة القدم علمتنا أن حكمة التوقع بنتيجة مباراة مسبقا هى ألا نتوقع شيئا. لكنها ستكون مباراة قوية قياسا بتاريخ الفريق النيجيرى، وباعتباره متصدرا للمجموعة الخامسة بجدارة وتأهل عنها مع جنوب إفريقيا للنهائيات، كما أن منتخب نيجيريا مرشح دائما للمنافسة على لقب كأس الأمم الإفريقية مثل مصر ومثل منتخبات كبرى فى القارة.
** نيجيريا من أكبر الدول التى تصدر لاعبين إلى أندية أوروبا، ومنتخبها غنى بالمحترفين ومباراة اليوم مع النسور المحلقة تجربة مهمة للاعبين من الوجوه الجديدة على المنتخب كما يرى خافيير أجيرى، وكنت وما زلت أعترض على فكرة تجربة كل هذا الكم من اللاعبين قبل أشهر قليلة من موعد انطلاق كأس الأمم، لأن تجربة لاعب فى مباراة أو فى جزء من مباراة لا تعطى تقيما صحيحا، وعلى سبيل المثال: هل نجاح دونجا وعمار فى مباراة النيجر يعد كافيا لضمهما كأساسيين؟ وهل يحاسب أحمد حسن كوكا على أدائه فى مباراة النيجر مع أنه لم يجد المساندة ولم تصل إليه الكرة؟ هل يحاسب على ذلك أم يحاسب وسط الملعب الذى جرى كثيرا خلف الكرة وجرى كثيرا من الكرة؟
** إن فكرة خوض تجارب عامة ولعدد كبير من اللاعبين قبل البطولة وخلال مباراتين فقط ليست فكرة جيدة. وربما كان واجبا تجربة لاعبين لمراكز ناقصة يعانى منها المنتخب مثل الظهير الأيسر ورأس الحربة ووسط الملعب المدافع. ثم هل ستكون تجربة العدد الأكبر من اللاعبين مؤشرا لأشراك من ينجح منهم فى التشكيل الرسمى للبطولة أم أن تلك تجارب لاعبين لن يشارك معظمهم فى كأس الأمم؟ وإن كان الحال كذلك فلماذا نستعد قبل البطولة بمباريات يشارك بها لاعبون لن يلعبوا ثم نلعب البطولة بلاعبين لم يشاركوا فى التجارب؟
** أعتقد أن الجهاز الفنى للمنتخب قرر تجربة لاعبين قدامى بالفريق، لاعتماد مدى صلاحيتهم من عدمه. وقرر تجربة لاعبين جدد يرى أنهم مرشحون للقائمة الرسمية للأمم الإفريقية مع الهيكل الرئيسى للتشكيل. لكن عملية بناء فريق جديد للمستقبل، تختلف كليا عن عملية الاستعداد لبطولة كبيرة، ففى الحالة الأولى توضع خطة واستراتيجية للإحلال والتجديد. وتتضمن خوض تجارب طويلة وصعبة تمنح الفريق شخصية قوية، تسهم فى ثبات أقدام لاعبيه عند خوض المباريات.
** القياس بتجربة ألمانيا سيكون ظلما بالتأكيد، فالمانشافت خرج منكسرا من مونديال روسيا وشرح لوف أسباب الانكسار واعترف بأنه أخطأ واستغنى عن كل نجوم الفريق تقريبا وخاض أولى مبارياته أمام هولندا فى تصفيات أمم أوروبا بفريق جديد بالكامل تقريبا وقدم عرضا قويا فى الشوط الأول وقدم تكتيكا جيدا أيضا باللعب بخمسة لاعبين فى الوسط، والفارق هنا أن قاعدة اختيار المنتخب الألمانى بلاعبين دوليين مميزين يملكون مهارات الكرة الجديدة متسعة، بينما نرى تلك القاعدة ضيقة فى الكرة المصرية، فالمنافسات التى يخوضها الألمان أقوى من تلك التى يخوضها أى لاعب مصرى فى الدورى المحلى الذى يمثل بيئة الاختيار بجانب اللاعبين المحترفين فى أندية أوروبية.
** الفارق هنا أن أجيرى لا يملك ترف بناء فريق جديد بالكامل كما فعل لوف.. وهذا بيت القصيد.. فلماذا كل هذا العدد من اللاعبين لتجربتهم قبل البطولة بأشهر قليلة وفى مباراتين فقط لا غير؟!
نقلًا عن "الشروق"