متهم بأنه رجل أمريكا وإسرائيل.. تعرف على خليفة عمر البشير «المحتمل» في السودان
أثار خلو قائمة الاعتقالات التي أعلن عنها المجلس العسكري في السودان، والتي شملت أكثر من مائة من قادة حزب المؤتمر الوطني، من اسم مدير الأمن والمخابرات السوداني صلاح قوش، الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام، حول خليفة الرئيس المعزول عمر البشير، لاسيما وأن صلاح قوش كان من أكثر الشخصيات اثارة للجدل الفترة الماضية، وسبق أن اعتقل قوش لمشاركته في انقلاب نوفمبر 2013، الذي أعلنت عنه الرئاسة السودانية حينها.
في 2012 اعتقلت السلطات السودانية الفريق
صلاح قوش، الرئيس السابق لجهاز الأمن والمخابرات بالسودان، صباح الخميس، على خلفية
الاتهام بالمشاركة في المحاولة الانقلابية على الرئيس عمر البشير، بحسب ما ذكرته مصادر
عسكرية مطلعة في الخرطوم.
ويأتي هذا بعد ساعات قليلة من إعلان السلطات
أنها أحبطت مؤامرة استهدفت أمن البلاد، فجر اليوم، وذكر المركز السوداني للخدمات الصحفية،
القريب من الأجهزة الأمنية، أن أجهزة الأمن والمخابرات السودانية أحبطت فجر الخميس
مؤامرة تستهدف أمن الدولة ، مضيفاً، أن هذه المؤامرة هي بقيادة مسؤولين في أحزاب المعارضة
.
رجل أمريكا وإسرائيل
وفي مارس 2019 نقل موقع Middle East Eye عن مصدر عسكري سوداني كبير قوله إن رئيس المخابرات السوداني صلاح قوش، أجرى
محادثات سرية مع رئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين في ألمانيا شهر فبراير/شباط
2019 ضمن ما أسماها «مؤامرة دبرها حلفاء إسرائيل في الخليج» لتعيينه (قوش) في الحكم
بعد إسقاط الرئيس عمر البشير.
وأضاف المصدر أن قوش، التقى كوهين على هامش
مؤتمر ميونيخ للأمن في اجتماع نظمه وسطاء مصريون بدعم من السعودية والإمارات.
وأوضح أن هناك إجماع على أن البشير سيكمل
في إدارة الحزب الحاكم والجيش، إلا أن المعركة تدور حول من سيأتي بعد ذلك. وتابع:
«لدى قوش روابط قوية مع السعوديين والإماراتيين والمصريين. يريدون الإطاحة بالبشير،
وزرع رجلهم (قوش) مكانه».
ووفقا للمصدر، فلم يكن البشير على علم بالاجتماع
«غير المسبوق» بين قوش وكوهين في ميونيخ.
وأكد متحدث باسم مؤتمر ميونيخ للأمن أن
كلاً من قوش وكوهين حضرا نسخة هذا العام من المؤتمر، التي انعقدت في الفترة بين 15
و17 فبراير/شباط 2019. وأكد مصدر دبلوماسي آخر تحدث مع موقع The Middle East Eye، تفاصيل اللقاء.
وأخبر رئيس مركز كومون الإعلامي، وهو مؤسسة
إعلامية مقربة من الحكومة السودانية، بأن قوش التقى كذلك رؤساء أجهزة المخابرات الأوروبية.
وبحسب المصدر، فقد كان البشير يجهل اللقاء
«غير المسبوق» بين قوش وكوهين في ميونيخ. وكان الغرض من اللقاء هو إبراز قوش باعتباره
خليفة محتملاً، وإشراك إسرائيل في الأمر، لتأمين دعم الولايات المتحدة للخطة.
وقال المصدر: «يُنظر إلى الإسرائيليين باعتبارهم
حليفهم (حليف السعوديين والمصريين والإماراتيين)، ذلك الذي يمكنهم الاعتماد عليه لفتح
الأبواب في واشنطن».
وأدى الموساد دور وزارة الخارجية الإسرائيلية
في التعامل مع مسؤولي البلدان التي لا تجمعها معاهدة سلام مع إسرائيل، وفقاً لوسائل
الإعلام الإسرائيلية.
هذه المعلومات تتزامنت مع احتجاجات متواصلة
في عدة مدن بالسودان احتجاجاً على حكم البشير، الذي أعلن قبل أسبوع حالة الطوارئ في
البلاد، وتعيين حكومة جديدة، وتعيين حكام جدد للولايات كلهم من العسكريين.
وقوش معروف جيداً في واشنطن، حيث اكتسب
سمعة في أثناء العقد الأول من القرن الماضي، باعتباره زعيم التجسس الذي قد تتعاون معه
وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في «الحرب على الإرهاب» ضد تنظيم القاعدة، حتى
إنه زار الولايات المتحدة عام 2005، عندما كان السودان مدرجاً على قائمة وزارة الخارجية
الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، والتي لا يزال البلد مدرجاً بها.
وذكر تقرير لموقع Africa Intelligence، الشهر الماضي (يناير/كانون الثاني 2019)، أيضاً، أن وكالة الاستخبارات
المركزية حددت قوش باعتباره خليف البشير المفضل لديها في حال أصبح موقف الرئيس السوداني
ضعيفاً.
واقتبس الموقع عن تقرير لسفارة دولة خليجية
في واشنطن، أن وكالة الاستخبارات المركزية لم تكن تعمل لأجل تغيير النظام، لأن الحكومة
السودانية كانت تقدم معلومات استخباراتية قيّمة عن حركة الشباب الصومالية، وعن ليبيا
وعن جماعة الإخوان المسلمين.
لكن تقرير السفارة قال إن وكالة الاستخبارات
المركزية قد تعمل لضمان أن يحل قوش محل البشير في حال صعوبة احتواء الاحتجاجات.
«عسكرة» الدولة
وقال محللون في الخرطوم لموقع The Middle East Eye، إن البشير بدا كأنه يتحرك صوب «العسكرة الكاملة» للدولة، وإقصاء كل
المعارضة داخل الحزب الحاكم.
لكن المصدر الذي تحدث إلى الموقع قال إن
الجيش بقى حذراً من نفوذ قوش والسعوديين والإماراتيين في البلد، مشيراً إلى أن التغطية
الإعلامية المتعاطفة مع الاحتجاجات في وسائل الإعلام التي تدعمها السعودية عارضت عادةً
«التغيير الشعبي».
وقال: «إن وسائل الإعلام مهتمة للغاية بالاحتجاجات.
لم يكن ذلك ليحدث دون منحها الضوء الأخضر».
من هو صلاح قوش؟
ترأس قوش جهاز الأمن والاستخبارات الوطني
السوداني منذ عام 2004 وحتى 2009، عندما عيَّنه البشير مستشاراً للأمن القومي. أُقيل
من منصبه عام 2011، واعتُقل بعد ذلك للاشتباه بتورطه في مؤامرة للانقلاب على الحكم،
ولكن جرى الإفراج عنه بعفو رئاسي عام 2013.
وأُعيد تعيينه مديراً عاماً لجهاز الأمن
والمخابرات الوطني السوداني في فبراير/شباط 2018. وكان يُنظر إلى عودته باعتبارها حركة
من البشير للقضاء على المعارضة، في وقت كان البلد يواجه فيه مشكلات اقتصادية متفاقمة
واحتجاجات مناهضة للتقشف، وأيضاً لبناء الجسور مرة أخرى مع الولايات المتحدة، في أعقاب
رفع العقوبات الأمريكية عن السودان أواخر عام 2017.
ووفقاً للمصدر الذي تحدث معه موقع The Middle East Eye، فقد لطَّف أيضاً من عودة قوش لجهاز الأمن والمخابرات الوطني الوعود
السعودية بالدعم المالي للاقتصاد السوداني المتعثر.
شارك صلاح قوش في تشكيل قوات التدخل السريع
السودانية المعروفة بـ"ميليشيا الجنجويد"، والتي قادت الحرب ضد القبائل غير
العربية والمتعاطفة مع حركات التمرد في دارفور، ووفقاً لمقال في صحيفة نيويورك تايمز
في 20 يونيو/حزيران 2005، فإن اسم صلاح قوش كان ضمن لائحة قُدمت إلى مجلس الأمن تضم
17 شخصاً متهماً بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور.
ظل صلاح قوش شبحاً غامضاً لا يعرفه أحدٌ
من عموم الناس، ولم تُنشر له صورة واحدة، حتى اختار بنفسه موعداً صاخباً للظهور العلني
وسمح بنشر صورته في الصحف. كان ذلك يوم اكتشاف المخبأ السري لمحمد إبراهيم نقد، زعيم
الحزب الشيوعي السوداني في العاصمة الخرطوم 7 أبريل/نيسان 2005 بعد اختفائه عن الأنظار
لأحد عشر عاماً.
لعب صلاح قوش دوراً مهماً في التخفيف من
العزلة والضغوط الدولية، وخاصة الأمريكية، على الخرطوم بتعاونه المثير للانتباه مع
وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA في ملف مكافحة الإرهاب؛ إذ تعاون
مع الأمريكيين لسنوات، وحسب صحيفة لوس أنجلوس تايمز، فإن قوش سلّم الأمريكيين معلوماتٍ
وملفات مفصلة عن المطلوبين لديها من "الجهاديين العرب"، الذين كانت الخرطوم
تستضيفهم طوال فترة ما قبل هجمات سبتمبر/أيلول 2001، بمن فيهم أسامة بن لادن الذي كان
مقرباً منه حسب الصحيفة.
وفيما يلي أبرز المعلومات عن صلاح عبد الله
قوش:
· ينتمي
لقبيلة الشايقية التي تقطن شمال السودان وترعرع بمدينة بورتسودان؛
· درس
الهندسة واشتهر خلال دراسته الجامعية بذكائه الشديد في مجال الرياضيات؛
· عمل
بعد تخرجه في الهندسة ولكن بعد تولي مجلس قيادة ثورة الإنقاذ السلطة عام 1989 تحول
للعمل الاستخباراتي.
· شغل
قوش منصب مدير المخابرات السودانية طوال عقد قبل إعفائه وتعيين ﻋﻄﺎ بديلا له عام
2009؛
· اتهمته
جماعات حقوقية بلعب دور في انتهاكات بإقليم دارفور؛
· تعزز
خلال عهده التعاون بين المخابرات السودانية ووكالة الاستخبارات الأمريكية "سي
آي إيه" فيما يعرف بـ "مكافحة الإرهاب"؛
· شغل
منصب مستشار رئاسي بعد الإطاحة به من رئاسة المخابرات إلا أنه أقيل من منصبه مطلع عام
2011 بعد اتهامه مع ضباط آخرين بمحاولة انقلاب، وفي 2013 أفرجت السلطات السودانية عنه
بموجب عفو رئاسي.
رجل الظل في السودان
ويعد صلاح عبد الله قوش أهم رجالات السودان
المثيرة للجدل في جهاز المخابرات؛ إذ تسلم هذا الجهاز أكثر من مرة قبل اعتقاله على
خلفية اتهامه بمحاولة تدبير انقلاب على البشير، ليعود العام الماضي إلى قيادته بتحديات
جديدة أهمها مواجهة الاحتجاجات المتصاعدة.