بالأرقام.. مكاسب مصر الاقتصادية من تنظيم بطولة كأس الأمم الإفريقية
يحقق تنظيم مصر لـ«كأس الأمم الإفريقية» عددًا من المكاسب الاقتصادية والسياسية والثقافية والسياحية، خاصة وأن تلك المكاسب تعد أهم أسباب صراع الدول على شرف الحصول على تنظيم البطولات المجمعة الكروية الكبرى مثل كأس العالم والأمم الأوروبية والإفريقية، وجميع الدول التي نظمت مثل هذه البطولات حققت رواجًا اقتصاديا كبيرًا.
فمثلا دولة روسيا حققت أرباحًا مذهلة نتيجة تنظيم كأس العالم، وقدّر الخبراء العائد الاقتصادي من تنظيم تلك البطولة 1.6 تريليون روبل، وهو أكثر بنحو 2.5 مرة من الأموال المستثمرة في هذه البطولة، مؤكدين أن كأس العالم التي أقيمت في روسيا الأغلى في التاريخ حيث أنفقت على تحضيرات كأس العالم 2018 ثلاثة أضعاف ما أنفقته جنوب إفريقيا.
وبلغت تكاليف البطولة ما يقارب 680 مليار روبل (حوالي 13.2 مليار دولار)، منها 390 مليار روبل خصصت من الميزانية الاتحادية، ونحو 92 مليار روبل من ميزانيات الأقاليم الروسية، فيما أنفق مستثمرون من القطاع الخاص 196 مليار روبل. وتتجاوز عائدات بيع تذاكر المباريات، والتي يفوق عددها 3.1 مليون تذكرة، مستوى خمسة مليارات دولار. وبلغ إنفاق المشجعين الأجانب على السكن والطعام نحو 5 مليارات دولار، كما يعول منتجو وبائعو الهدايا التذكارية أن ينفق 1.5 مليون سائح أجنبي زاروا روسيا قرابة 1.5 مليار دولار، أي بمعدل 100 دولار للشخص.
وساهم السائح الأجنبي الواحد الذي زار روسيا خلال البطولة في خلق 5 فرص عمل في قطاع الفنادق والمطاعم.
وفي بطولة الأمم الأوروبية التي أقيمت في فرنسا عام 2016 حصدت فرنسا عوائد بقيمة مليار و220 مليون يورو من كأس أمم أوروبا لكرة القدم التي استضافتها خلال يونيو ويوليو في نفس العام، في حين أن تنظيم البطولة كلف رسميًا خزائن الدولة أقل من 200 مليون، وفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة (كينيو) بالتعاون مع مركز قانون واقتصاد الرياضة في ليموج.
ويرى معدو التقرير، أن كأس أمم أوروبا "يورو 2016" كانت مربحة للغاية بالنسبة للبلد الأوروبي، وكانوا قدروا أن عوائده ستمثل نحو 0.1% من إجمالي الناتج المحلي. وتكلف بناء وتحديث 11 ملعبًا أقيمت عليها 51 مباراة في إطار البطولة 160 مليون يورو من المال العام، يضاف إليها، بشكل خاص، 24 مليون أنفقتها المالية العامة على الأمن، ما يمثل ضعف الميزانية التي رصدت في البداية نظرا لتنامي التهديدات الإرهابية.
ومقابل ما أنفقته الإدارات الحكومية، درت استضافة البطولة الأوروبية عوائد بقيمة 625.8 مليون يورو على قطاع السياحة، و596 مليون يورو على التنظيم ووفقًا لتقديرات معدو التقرير، فإن فرنسا استقبلت 613 ألف زائر أجنبي خلال البطولة، أنفقوا 154 يورو يوميًا، وأقاموا بفرنسا متوسط 7.9 أيام. كما مثل ارتفاع النشاط الاقتصادي بفضل البطولة على مستوى التوظيف 116.750 شهرا من العمل.
أما في كأس الأمم الإفريقية الماضية التي نظمته دولة الجابون، فقد حققت مكاسب اقتصادية قدرت بنحو 311 مليون دولار وبالرجوع لمصر، فقد حققت أرباحا عند تنظيم بطولة "كان" 2006، بلغت 18 مليونا وأربعمائة ألف جنيه، أى ما يعادل نحو 3،2 مليون دولار وفقا لسعر الدولار في ذلك الوقت.
وفي دراسة عن بعض إنفاقات مصر في البطولة الحالية، فقد جاءت التزامات الاتحاد المصري لكرة القدم المنظم للبطولة في وجوب دفع مبلغ 1500 دولار رسومًا ثابتة لكل مباراة يتم بثها تليفزيونيًا للاتحاد الإفريقي ويسمى برسم البث، وفي هذه الحالة وبعد رفع الحد الأدنى لعدد الفرق المشاركة في البطولة إلى (24) فريقا يصبح إجمالي عدد المباريات المتوقع للبطولة في كافة أدوارها (87) مباراة أي ما يعادل إجمالي رسوم البث المقررة للكاف (130.500$) ما يعادل مليونين ومائتين وستة وتسعين ألفا وثمانمائة جنيه، مع تحمل الضرائب كاملة عن أي مبالغ مالية يتم دفعها للاتحاد الإفريقي.
كما يتحمل الاتحاد المصري لكرة القدم نفقات الإقامة للفرق من الدول المشاركة لمدة (30) يوما لكل فريق تبدأ من قبل المباراة الأولى بثلاثة أيام وتنتهي بيومين بعد انتهاء مباريات البطولة بشكل كامل وهذا يعني أن عدد الوفود المشاركة هو (30 فردا في 24 منتخبا المشاركين بإجمالي 720 فردا) ويشير ذلك إلى أن إجمالي تكلفة الإقامة المتوقعة (720 فردا في 30 ليلة بمتوسط سعر الليلة 200 دولار إقامة كاملة) ليصل إجمالي التكلفة المتوقعة للإقامة والإعاشة هي (4.320.000$) ما يعادل سبعة وستين مليونا واثنين وثلاثين ألف جنيه مصري.
كما سوف يتحمل الاتحاد المصري لكرة القدم نفقات السفر بالطائرة على الدرجة الاقتصادية في كلا الاتجاهين ذهاب وعودة من عاصمة البلد المعني بالتنظيم أو أقصر الطرق لها للفرق المشاركة بحد أقصى 30 شخصًا، وهذا يعني أن التكلفة المتوقعة لتذاكر الطيران هي (720 فردا في متوسط خمسة عشر ألف جنيه للتذكرة الواحدة) يشير ذلك إلى التكلفة المتوقعة لتذاكر الطيران هي عشرة ملايين وثمانمائة ألف جنيه.
أما عن نفقات السفر بالدرجة الاقتصادية والإقامة اليومية ومبلغ يومي 200 دولار للحكام والحكام المساعدين لمده أقصاها 20 يومًا، وقد شارك في البطولة الماضية 2017 بالجابون 17 حكما للساحة و21 مساعدًا بالنظام السابق للبطولات وفي عدد 16 منتخبا، والتكلفة التقديرية طبقًا للنظام الجديد وزيادة المنتخبات وزيادة عدد الحكام لكل مباراة ليصبح 6 حكام ليكون العدد المتوقع للحكام هو (34 حكما للساحة 52 مساعدًا بإجمالي 86 حكمًا في متوسط خمسة عشر ألف جنيه للتذكرة الواحدة) يشير التقدير الإجمالي للتكلفة إلى مليون وثلاثمائة ألف جنيه، ومصروف الجيب المتوقع (86 حكمًا في 20 يومًا في 200 دولار) تشير إجمالي التكلفة إلى (344.000$) ما يعادل ستة ملايين وخمسة وخمسين ألف جنيه.
أما عن نفقات الإقامة 100 دولار يومي وتذكرة الطائرة من الدرجة الأولى للرئيس والرئيس الفخري وأعضاء اللجنة التنفيذية والأمين العام للكاف في حدود (60) فردا لتكون التكلفة المتوقعة لتذاكر الطيران (60 فردا في متوسط ثلاثين ألف جنيه للتذكرة الواحدة) تشير إجمالي التكلفة إلى مليون وثمانمائة ألف جنيه، وتشير التكلفة الإجمالية لمصروف الجيب (60 فردا في 30 ليلة في 100 دولار) بإجمالي (180.000$) ما يعادل ثلاثة ملايين ومائتي ألف جنيه.
أما نفقات الإقامة والسفر على درجة رجال الأعمال و100 دولار يوميا لكل من "أعضاء اللجنة المنظمة - نائب الأمين العام - المنسقون ومساعديهم - أعضاء الشرف - أعضاء لجنة الانضباط - أعضاء لجنة التحكيم - أعضاء اللجنة الطبية - المسؤولين عن إدارة البروتوكولات والحدث" ابتداء من تاريخ رحيلهم من بلادهم وحتى عودتهم إلى بلادهم، ويشير العدد المتوقع إلى حوالي (20 فردا بخلاف الأعضاء المصريين) لتشير إجمالي تكلفة تذاكر الطيران إلى (20 فردا في متوسط ثلاثون ألف جنيه للتذكرة الواحدة) تشير إجمالي التكلفة إلى ستمائة ألف جنيه وإجمال مصروف الجيب (20 فردا في 30 ليلة في 100 دولار) تشير إجمالي التكلفه إلى (60.000$) ما يعادل مليون وخمسين ألف جنيه.
أما عن تخصيص مبلغ يومي من الاتحاد المنظم لتغطية تكاليف الطعام لأعضاء الكاف فهو متوسط 100 دولار في الليلة الواحدة (80 فردا في 30 ليلة في 100 دولار) بإجمالي (240.000$) ما يعادل أربعة ملايين ومائتي ألف جنيه.
أما ما يتعلق بتخصيص عدد من التذاكر لحضور المباريات لأعضاء كاف حيث يتم تخصيص حصص التذاكر لكل مباراة وهي 100 تذكرة للمقصورة الرئيسية بتكلفة متوقعة ألفا جنيه ليكون الإجمالي مائتي ألف جنيه، وعدد 200 تذكرة للمدرجات بجوار المقصورة الرئيسية الدرجة الأولى يمين ويسار بتكلفة متوقعة ألف جنيه ليكون الإجمالي مائتي ألف جنيه، وعدد 300 تذكرة فئة (ب) أمام المقصورة الرئيسية بتكلفة متوقعه ألف جنيه بإجمالي ثلاثمائة ألف جنيه.
ليكون إجمالي ما سوف يقوم الاتحاد المصري لكرة القدم بسدادة إلى الاتحاد الإفريقي هو مبلغ (97.683.800) أي ما يقارب من مائة مليون جنيه مصري.
ووفقا للدكتور محمود الشريف، الخبير الاقتصادي، فإنه ينتظر أن يبلغ حجم الزائرين السائحين نحو 700 ألف سائح أغلبهم عربي وتحديدًا من دول شمال إفريقيا وتونس بجانب بعض الدول العربية الأخرى والإفريقية، مؤكدًا أن مصر ستجني حصادا اقتصاديا مربحا سواء استثماريا أو سياحيا أو خدميا، بجانب توفير ما يقرب من خمسة آلاف فرصة عمل للشباب مؤقتة أثناء البطولة، بمختلف المشروعات الخدمية وقطاع الاتصالات والمواصلات.
وأوضح أنّ قيام مصر بالتنظيم لتلك البطولة سوف يعود على مصر بجذب الاستثمارات الخارجية عن طريق وفود الجماهير والجهات الناقلة لهذا البطولة وإشغال الفنادق والمنتجعات السياحية في مصر، متوقعًا وصول نسبة الأرباح التي سوف تحققها مصر عقب البطولة ما يقرب من عشرين مليون دولار كحد أقصي.
وقال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر، إن بطولة كأس الأمم الإفريقية، لها عدة مميزات للدولة المستضيفة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن مصر سيكون لها نسبة أيضًا من إيرادات الاتحاد الإفريقي، تصل إلى 20%، متابعًا: «هذا بالإضافة إلى الإعلانات داخل الملعب وإعلانات البث التليفزيوني».
وأشار «الإدريسي»، إلى أن الدول السابقة التي استضافت البطولة حصلت على مبالغ «كبيرة» مثل الجابون حصلت على 12.5 مليون دولار، وغنيا الاستوائية، حصلت على حوالي 7 ملايين دولار خلال عام 2015، قائلًا: «وأتوقع في ظل مشاركة 24 دولة مصر تحصل إلى 16 مليون دولار».
وأكد أستاذ الاقتصاد، ضرورة استغلال كأس الأمم الإفريقية في الترويج للسياحة والاستثمار في مدن القناة وبورسعيد والإسماعيلية، الذين يستضيفون جزءًا كبيرًا من البطولة، مضيفًا: «البطولة بداية لدعم الاستثمارات المشتركة بين مصر والدول المشاركة في الكأس وهو الأمر الذي يحسن الميزان التجاري ومعدلات السياحة».
ومن ناحيته، قال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، إن استضافة مصر لكأس الأمم الإفريقية سيعود على الدولة بفوائد مباشرة وفوائد غير مباشرة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الفائدة المباشرة تتمثل في تشجيع السياحة، ودخول عملة صعبة من الدولة المشاركة في البطولة، بالإضافة إلى الإعلانات.
وأشار «الدمرداش» إلى أن الفوائد غير المباشرة تتمثل في ظهور مصر أمام العالم بالاستقرار الأمني والسياسي، بجانب قدرة الدولة على التنظيم ولاسيما أنه حدث عالمي.
بدوره، قال النائب عمرو الجوهري، عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، إن الفائدة التي ستعود على مصر من كأس الأمم الإفريقية ستكون سياسية أكثر من كونها اقتصادية.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه في ما يخص الجانب السياسي فأولًا: استضافة مصر يعد إثباتا للعالم الخارجي بوجود استقرار أمني وسياسي، لافتًا إلى أن هذا الحدث المهم يساعد على تواصل مصر مع دول جنوب إفريقيا وشمال إفريقيا.
وأشار «الجوهري»، إلى أن شق السياحة سيكون له دور هام للوفود المشاركة في البطولة، عن طريق التطلع على إنجازات مصر وتطورها، هو الأمر الذي يشجع البلاد الخارجية لزيادة مصر.
وأوضح أن الشق الاقتصادي يتمثل في النسبة والإيرادات الخاصة بحقوق البث والإعلانات، كما أن هذا الحدث يساهم في توفير فرص عمل للشباب عن طريق توفير المواصلات من وإلى الاستاد.
وأكد عضو اللجنة الاقتصادية، ضرورة التسويق للمنتجات المصرية الخاصة بالمشروعات متناهية الصغر خلال البطولة مثل الأعلام و«تي شيرتات»، بالإضافة إلى إقامة معارض بالمحافظات التي سيقام بها البطولة.
وحول الترويج للاستثمار، لفت النائب إلى أن الترويج للاستثمار أثناء البطولة سيكون صعبا؛ لأن «البطولات» تجذب فئة وأعمارا معينة من الشباب، ورجال الأعمال والمستثمرين لا يكون ميولهم إلى «كرة القدم».
وختم: «وذلك ظهر أثناء تواجد وزيرتي السياحة والاستثمار في كأس العالم في روسيا ومحاولتهما جذب مزيد من الاستثمارات والسياحة ولكن لم يفلح الأمر».