رئيس التحرير
خالد مهران

تليفون من أمريكا بخصوص ترامب

الدكتور محمد أبو
الدكتور محمد أبو الغار

تلقيت محادثة تليفونية من أمريكا من زميل دفعتى فى قصر العينى، والمهاجر إلى أمريكا من 45 عاماً وهو الآن طبيب شهير فى نيويورك، ويأتى كخبير أجنبى إلى مصر كل عام. قال زميلى إنه سوف يحضر للقاهرة فى يناير، ويود أن يرانى، وتحدثنا قليلاً وانتقل الحديث إلى سياسة الرئيس الأمريكى ترامب، فقال لى بالنص إن ترامب سوف ينجح فى الانتخابات القادمة لأنه حقق طفرة اقتصادية كبيرة، وقال لى إن ثروة عائلته الشخصية ارتفعت بمقدار 15% فى العام الماضى فقط بسبب قرارات ترامب، وقال إن جزءاً كبيراً من الشعب الأمريكى لا يهمه إلا جيبه والاقتصاد بالنسبة له هو الأمر الأكثر أهمية، والبعض سعيد لأنه يستخدم عضلاته فى الضغط على دول الخليج لاستنزافهم والضغط على الصين لمنع تقدمها الاقتصادى. ونجح فى بيع أسلحة بمليارات كبيرة للعالم كله. وقد انخفضت نسبة البطالة إلى أدنى حد لها منذ سنوات طويلة.

ثم قال، أما على المستوى الشخصى فأنا أعتبر ترامب شخصا مغرورا وأنانيا ولا أحب طريقته فى كتابة التويتات والرسائل الإلكترونية المستفزة المستمرة، ولا أرى أن طريقته فى الكلام تليق برئيس أمريكا وطريقته فى التعامل مع مساعديه وفصلهم وتغييرهم المستمر مستفز. وإن كان يود، ولو أن ذلك مستحيلاً، أن يكون مثل رؤساء دول العالم الثالث الدكتاتوريين الذين يفعلون ما يحلو لهم، فليس عندهم كونجرس يحاسبهم ولا صحافة حرة تكشف أخطاءهم ولا رأى عام مزعج يسقطهم فى انتخابات قادمة. ولكنه فى النهاية قال إنه سوف ينتخب ترامب، وهو يعتقد أنه سوف ينجح وهو سيكون سعيدا بذلك لأنه استفاد منه شخصياً.

ولذا يبدو أن احتمالات نجاح ترامب كبيرة، فى نفس الوقت فإن محاولات عزله يعرف الجميع أنها لن تنجح، وأنها سوف ترفض فى مجلس الشيوخ، بعد أن وافق على عزله مجلس النواب. والغرض الأساسى من هذه المحاولات هو فضح الرئيس الأمريكى أمام الشعب لعل ذلك يضعف فرصته فى النجاح فى الانتخابات القادمة. فالشعب الأمريكى منقسم على نفسه بطريقة جذرية بين مؤيد بالكامل أو معارض له لآخر مدى. والأمر ليس كذلك فقط، فحتى الآن لا يبدو أن الحزب الديمقراطى قادر على اختيار مرشح قوى متوافق مع المزاج الأمريكى ممكن أن يتفوق على ترامب.

بايدن نائب رئيس الجمهورية مع أوباما فى تقديرى ضعيف ولن يصمد أمام ترامب، وإذا تم اختياره سوف يفشل بجدارة. عضوة مجلس الشيوخ البارزة عن ولاية ماستشوستش اليزابيث وارن وهى أستاذة سابقة بجامعة هارفارد العريقة عندها برنامج طموح أحد أهم أركانه هو برنامج تأمين صحى كامل للشعب الأمريكى، سوف يكلف مبالغ طائلة. هناك اعتراض شعبى كبير على هذا البرنامج لأن الأمريكان لا يريدون أحداً يحد من حريتهم فى مكان ونوعية العلاج الطبى ويرفضون زيادة الضرائب لتغطية تكاليف العلاج الطبى الكامل، مما اضطرها إلى تغيير المشروع ووضعت مشروعاً آخر يجعل مشروعها الأساسى يتحقق بخطة طويلة الأمد وتبدأ بمشروع أبسط وأقل تكلفة. وفى نفس الوقت أعلنت الحرب على كبار الرأسماليين الأمريكان وقالت إنها سوف تفرض ضرائب مختلفة عليهم، وسوف تحد من الاحتكار ولذا فإن أصحاب الفيس بوك وأبل وميكروسوفت وغيرها هاجموها بشدة وهم يسيطرون على جزء كبير من الإعلام الأمريكى.

ولذا فإن الجو العام ودعاية ترامب تقول بأنها مرشحة يسارية أكثر مما ينبغى، وأخيراً تم نشر قيمة أتعاب تلقتها كمستشارة من بعض هذه الشركات بملايين الدولارات ويقولون كيف نتعامل مع هذه الشركات إذا كنت تعتبرها أنها تقوم بأعمال غير أخلاقية.

خارج المرشحين التقليديين فجأة أعلن بلومبرج عن ترشيح نفسه وهو ملياردير كبير وصاحب مؤسسات مالية ضخمة وسبق له الفوز بمنصب عمدة نيويورك وعنده قدرات مالية هائلة وبدأ حملته الانتخابية بعد عدة شهور من المجموعة الأولى. ولكن فرصة اختياره مرشحاً تبدو ضعيفة. ولا يبدو أن الأمريكيين يرغبون فى انتخاب رئيس يهودى حتى الآن.

هناك عدة ملاحظات:

- هناك حركة ضخمة من شباب الديمقراطيين تدعو الشباب والسود والفقراء إلى تسجيل نفسهم، وهو أمر ضرورى، حتى يكون لهم حق الانتخاب، لو نجحوا فى ذلك بأعداد ضخمة قد يحدث ذلك مفاجأة فى الانتخابات، بالرغم من محاولة الجمهوريين عمل صعوبات فى التسجيل لهذه الفئات المهمشة.

- فى الانتخابات السابقة نجح ترامب بالرغم من أن هيلارى كلينتون حصلت على أكثر من ثلاثة ملايين صوت زيادة عن ترامب وذلك يرجع إلى النظام الانتخابى الأمريكى الذى يعطى أصوات الولاية بالكامل للحاصل على أغلبية الأصوات حتى لو بزيادة صوتاً واحداً.

- تمت منذ سنوات تغييرات فى النظام الانتخابى الأمريكى، ساعدت الجمهوريين على النجاح فى الكونجرس والرئاسة. التغيير الأول هو فتح باب التبرعات للشركات والهيئات الخاصة بدون سقف، وأدى ذلك إلى حصول المرشح الجمهورى على مبالغ شديدة الضخامة تساعد على النجاح فى الانتخابات. والتغيير الثانى هو عمل تعديلات فى الدوائر الانتخابية تساعد الجمهوريين فى النجاح فى عضوية الكونجرس وذلك بنقل كتل سكانية مؤيدة للديمقراطيين إلى دوائر أخرى مما يزيد فرص الجمهوريين. عموماً باقى الآن عام كامل، قد تحدث به أشياء داخل أمريكا أو خارجها تقلب الميزان وترجح كفة على الأخرى. لو استمر الاقتصاد فى تقدمه وتراجعت نسبة البطالة كما هو حادث الآن، فاحتمالات نجاح ترامب بالرغم من أى مشاكل يثيرها كبيرة، وأخيراً بالنسبة لنا يجب أن نعرف أن المتغطى بأمريكا عريان، وهى حكمة قديمة تكررت مع الجميع، ويجب أولاً وثانياً وأخيراً أن نعتمد على أنفسنا وشعبنا.

قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك

نقلا عن " المصري اليوم"