أشواك التين أخجلت الورد!
لأننا فى موسم التين الشوكى، فإن أكثر من قصة إنسانية بدأت بالشوك ثم جاءت النهاية فى نعومة خدود الورد، وآخرها ما فعلته وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم، عندما ألحقت بائعة التين الطالبة الجامعية بمركز المواهب الغنائية، شاهدت حكايتها واستمعت إلى صوتها عبر (اليوتيوب).
العديد من القضايا الملحة ساهمت وسائط التواصل الاجتماعى فى حسمها، كما أنها فضحت الكثير من مظاهر الفساد، لا أنكر قطعا ما أسفرت عنه من «بلاوى وتردى» فى الذوق واستخدام المفردات المتردية، وفضح وتنكيل وتصفية حسابات، كثيرا ما يصل للشرشحة وفرش الملاية.
ورغم كل ذلك يظل الجانب المضىء للسوشيال ميديا مثل الحسنات اللاتى يذهبن السيئات.
تعودنا أن يستوقفنا الجانب السلبى مع أى مستحدث، بل يصل الأمر لتحريمه، مثل مشروب القهوة الذى منعه الأزهر فى واحدة من فتاواه، وأصدر بيانا يدخلها فى المحرمات لأنها تُذهب بالعقل، أو صنبور المياه الذى اعتبروه مخالفا للشريعة ويفسد الوضوء لعدم توفر (الكوز)، معتبرين الكوز ركنا أساسيا فى تفاصيل الوضوء، لولا أن المذهب الحنفى أباحها ولهذا سميت (حنفية)، ولدينا عشرات من الحكايات المماثلة.
التليفزيون الذى بدأ إرساله 21 يوليو 1960، بمدة زمنية محدودة، ثم اتسعت ساعات إرسالة لتصبح 24 مع نهاية الستينيات تعرض لمطالبات مجتمعية بإيقافه ليلا حتى لا يلهى الناس عن الذهاب للعمل، وعندما عرفنا (الفيديو) فى الثمانينيات، اعتبره البعض وسيلة لتفشى الرذيلة والإباحية بأشرطة (البورنو) الجنسية، ولم يستوقفهم أبدا الجانب التنويرى الذى لعبه شريط الفيديو فى حياة الناس، بل أطلقوا متهكمين على شريط (البورنو) تعبير (ثقافى).
(السوشيال ميديا) أشارت مؤخرا للتعدى الذى مارسته موظفة فى الدولة ضد بائع التين، حتى لو كان هدفها تطبيق القانون، فإن من قواعد القانون احترام الناس حتى المخالفين للقانون.
وحظى بوست آخر بتعاطف الناس، عندما تنمر أحد المسؤولين بإحدى الكليات على طالب ووصفه بالقبح فلجأ للفيس بوك، من الممكن أن يثبت الزمن أن الطالب هو المخطئ، ورغم ذلك فإن الأساس هو أن تلك الوسائط الاجتماعية لعبت دورها وقدمت لنا وجهين لنفس الواقعة.
توفر المعلومات السريع أدى إلى الاستسهال وذيوع الكثير من الأخطاء، وعدد منها بحسن نية، لأنها كتبت بلا مراجعة ولا توثيق، جزء لا يستهان به من شباب الجيل يردد سريعا المعلومة فتنتشر الأخطاء باعتبارها حقيقة موثقة.
إشاعات الرحيل بعضها حسن النية، يقرأ أحدهم الخبر فيسارع بالنشر على صفحته وتنقلب الدنيا، وهو ما حدث مثلا فى رمضان الماضى، عندما كتب محمد لطفى على صفحته رثاء لأحمد بدير، وعندما علم بعدها الحقيقة اعتذر، إلا أن بدير لم يقبل أى اعتذار.
بعد انتشار خبر بائعة التين سألنى البعض هل ستصبح حقا مطربة ناجحة بعد أن استمعت إليها وزيرة الثقافة؟ قلت ليست هذه هى القضية، ربما نكتشف أنها فقط تحاول مثل ملايين غيرها، ولا تمتلك الموهبة، ويبقى أنها فتاة مكافحة تستحق كل احترام وتقدير، استطاعت السوشيال ميديا أن تمنحها كثيرا من الضوء وفيضا من التعاطف، وهذا هو الجانب المضىء فى الحكاية، أشواك التين أخجلت بنعومتها خدود الورد!!
نقلا عن "المصري اليوم"