رئيس التحرير
خالد مهران

أسرار انقلاب شيخ الأزهر على كتب التراث وعلاقتها بتصريحات ولى العهد السعودى

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر


اشتعل الجدل في مصر مجددا بعد دعوة شيخ الأزهر لعدم تقديس التراث الفقهي، حيث فجر الإمام الأكبر مفاجأة كبيرة بانقلابه على التراث، ودعوته الصريحة لتجديد الخطاب الديني، وهو ما يعد تحولا كاملا لموقفه، خاصة وأن آراءه السابقة كانت ترفض تغيير التراث، بل ودخل في معارك شديدة حول هذا الأمر على مدار أشهر، منها الأزمة الشهيرة له مع رئيس جامعة القاهرة.

تغير وجهة نظر الطيب تجاه التراث، جاء عقب خروج تصريح خطير من جانب ولى العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، طالب فيه البعد عن أحاديث الآحاد، والاعتماد على الأحاديث ذات الرواية الجمعية.

الدعوة لتجديد التراث لاقت ترحابا شديدا من العديد من العلماء المحاربين في هذا الأمر، ومن أبرزهم الدكتور سعد الهلالى، والسؤال الآن ما الأسباب لتغير رأي الإمام الأكبر بشأن التراث؟ وهل للأمر علاقة بإنكار ولي العهد السعودي أحاديث الآحاد؟

خلال الساعات الماضية، تصدر هاشتاج يحمل عنوان "شيخ الازهر"، مواقع التواصل في مصر، بعد تأكيد الشيخ الطيب أن ‏الدعوة لتقديس التراث الفقهي، ومساواته في ذلك بالشريعة تؤدي إلى جمود الفقه الإسلامي المعاصر، نتيجة تمسك البعض بالتقيد -الحرفي- بما ورد من فتاوى أو أحكام فقهية قديمة كانت تمثل تجديدا ومواكبة لقضاياها في عصرها.

من جهته كتب د.محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة بحسابه على الفيسبوك: "أسجد لله شكرا، لا أحصي ثناء عليه سبحانه".

ما كتبه الخشت اعتبره البعض إشارة إلى مناظرته القديمة مع شيخ الأزهر، حيث هاجم الخشت التراث، داعيا إلى تنقيته، في الوقت الذي تمسك به شيخ الأزهر بعظمة التراث الإسلامي.

وكان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قال إن الدعوةَ لتقديسِ التراثِ الفقهيِّ، ومُساواتِه في ذلك بالشريعةِ الإسلاميَّةِ تُؤدِّي إلى جُمودِ الفقهِ الإسلاميِّ المعاصر، كما حدث بالفعلِ في عصرِنا الحديثِ؛ نتيجةَ تمسُّك البعضِ بالتقيُّدِ -الحرفي- بما وَرَدَ من فتاوى أو أحكامٍ فقهيَّةٍ قديمةٍ كانت تُمثِّلُ تجديدًا ومواكبةً لقضاياها في عصرِها الذي قِيلَتْ فيه، لكنَّها لم تَعُدْ تُفيد كثيرًا ولا قليلًا في مُشكلاتِ اليوم، التي لا تُشابِهُ نظيراتِها الماضيةَ، اللهمَّ إلا في مُجرَّدِ الاسمِ أو العنوان.

وذكر الطيب، لا أُنكر أنَّني واحدٌ من هؤلاء الذين أرَّقَهم هذا الجمودُ منذ زمنٍ طويلٍ جدًّا، بَدَأَ مع التنقُّلاتِ بين القُرى ومدنِ الصعيدِ ومدينةِ القاهرةِ، وبعضِ المدن الأوروبية والعربية والآسيوية، ومشاهدة المفارقات التي تذهبُ من أقصى النقيضِ إلى أقصاه الآخَر، وبرُغم أنَّ الأزهرَ الشريف قد وُجِّهَتْ إليه في الآوِنةِ الأخيرةِ؛ تهمةَ الجمودِ ورفضِ التجديد، فإنِّي أُؤكِّدُ لله، ثم للتاريخ أنَّ الأمرَ لم يكن أبدًا كذلك.. بل إنَّ الأمرَ كلَّه كان بعكسِ ما قِيلَ: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.

سعد الهلالي
من جانبه قال الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: "هناك فرق بين الفقه والشريعة ويتم تدريسه بالأزهر منذ القدم، الحكم الفقهي هو اجتهاد من الفقيه المجتهد في مسألة لا نص فيها وقد يصيب المجتهد أو يخطئ، أما الحكم الشرعي فهو قطعي الدلالة وليس فيه اجتهاد، خطابنا الديني كان يفتقد الصدق والأمانة وتصريحات شيخ الأزهر بمثابة بداية لتجديد الخطاب الديني".

وأوضح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن الشرع في الأصل يتكون من نصوص الكتاب أو السنة، والحكم الفقهي يكون بفهم الكتاب والسنة وما استنبطه العلماء منهما.

عبد المنعم فؤاد
من جانبه قال الدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الرواق الأزهري، وعميد كلية الوافدين بجامعة الأزهر، إن ما ذكره سعد الهلالي عن تغير تجاه الطيب تجاه التراث والخطاب الديني، حيث ظن أن الإمام يرفض التراث ويهجره، وأنه أتى بخطاب مغاير تماما لما كان يقول به منذ سنة 2016م.

واستشهد بحوار فضيلته العام الماضي مع رئيس جامعة القاهرة وهذا التحول للإمام في منهجه، تزامن مع خطابات ألقيت في الخارج يرجع الدكتور سعد لها الفضل في مثل هذا الأمر.. وهذا كلام -من وجهة نظري- خطير وعار عن الصحة تماما.

وذكر الدكتور عبد المنعم فؤاد، أن الأزهر ولم يكن يوما ما تابعا، ولا يمكن لشيخه أن ينتظر خطابا لأحد ليغير منهجه في مسالة تجديد الخطاب الديني، مؤكدا أن الأزهر لا يمكن أن يرفض التراث ولا يقدسه ؛بل يحترم التراث، ويقدره وهو حارس أمين لهذا للتراث، ولا يقبل جموده كذلك، وعدم استيعابه وفهم قضاياه، بل يريد شيخ الأزهر دراسة ما في التراث والانطلاق منه لتجديد قضايانا، وما يستجد علينا، ومعلوم أن التراث هو نتاج حي يقبل التجديد، ولا يرفض الإضافة، وشيخه منذ أكثر من عشرين سنة -وليس اليوم فحسب- ينادي بالتجديد، وله كتاب معروف اسمه "مقالات في التجديد " منذ سنوات، ولم يتغير خطاب فضيلته عن هذا إلى الآن.