رئيس التحرير
خالد مهران

القصة الكاملة لزيارة شيخ الأزهر للعتبات الشيعية في العراق

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر


في زيارة تعد الأولى له في التاريخ، تترقب المؤسسات الدينية في العراق وتحديدا رجال الدين الشيعيين الزيارة المرتقب قيامها من خلال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب لدولة العراق خلال الشهر المقبل، وهي الزيارة المنتظرة منذ سنوات والأولى للطيب منذ تولية مشيخة الأزهر، ورغم تأجيل الزيارة أكثر من مرة خلال السنوات والأشهر الماضية، فالمفاجأة وهي زيارة شيخ الأزهر العتبات الشيعية ولقاء كبار رجال الشيعة بالعراق.

"النبأ" حصلت على كواليس الزيارة، والزيارات التي يقوم بها الإمام الأكبر للمزارات الشيعية.

وكان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، قد استقبل فى مارس الماضى وفدا عراقيا رسميا برئاسة الدكتور سعد كمبش، رئيس ديوان الوقف السنى بالعراق، الذى سلم 4 دعوات للإمام الأكبر لتجدد الدعوات السابقة له لزيارة العراق، وهذه الدعوات الأربعة هى دعوة من رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى، والثانية من رئيس مجلس النواب نيابة عن الشعب العراقى، والثالثة من الوقف السنى العراقى، والرابعة من حكومة كردستان.

وفقا للمعلومات فإن هناك وفدا أزهريا زار العراق مؤخرا في شهر أكتوبر الماضي لترتيب زيارة الطيب، حيث زار الوفد الأزهري "مكتبة الإمام الخوئي العامة، ومدرسة دار العلم، وقام بالزيارة الأستاذ الدكتور محمد سالم (أبو عاصي) رئيس قسم الدراسات العليا في جامعة الأزهر، برفقته الدكتور الشيخ حامد عبد العزيز الحمد، رئيس جمعية رابطة العلماء في العراق، وجمع من الإخوة مشايخ الرابطة"، بحسب ما نشرته "مكتبة الإمام الخوئي العامة" في حسابها بمنصة "فيسبوك".

الوفد التقى بالأمين العام لـ"معهد الخوئي"، السيد جواد الخوئي، حيث "أكد على روح الوحدة والتعاون، والتعايش السلمي، ونبذ الخلاف والفرقة".

هذه الزيارة رغم طابعها العلمي، يعتقد البعض أنها تحمل بين طياتها مهمة استكشافية لاستطلاع الأجواء في النجف، وترتيب بقية تفاصيل زيارة شيخ الأزهر د. أحمد الطيب، للمدينة التي يقطنها عدد من كبار مراجع الدين للمسلمين الشيعة.

ومن المنتظر قيام الطيب بزيارة مدينة النجف، مقر "الحوزة العلمية"، حيث يتم عمل الترتيب للزيارة بعيدا عن الأضواء من أجل عقد لقاء بين شيخ الأزهر أحمد الطيب والمرجع السيد علي السيستاني"، وهو اللقاء الذي يجري العمل على ترتيبه، وأنه بالفعل جرى اتصال بين شخصية مقربةٍ من شيخ الأزهر وأخرى من مكتب المرجع السيستاني.

"المجمع الفقهي العراقي"، سيكون أيضًا حاضرًا في استقبال شيخ الأزهر ولقاءاته، والذي من المحتمل أن يزور "جامع الإمام الأعظم"، لما يمثله من رمزية روحية ومرجعية للمسلمين السنة في العراق.

الزيارة المرتقبة من المقرر أن تتم لـ5 مدن عراقية، على رأسها "بغداد والموصل والنجف وأربيل" يتخللها زيارة لأبرز المعالم والأماكن الدينية داخل العراق، بجانب لقائه أبرز المسئولين فى العراق، حيث من المحتمل أن يزور شيخ الأزهر المجمع الفقهى العراقى، كما من المحتمل أن يزور "جامع الإمام الأعظم"، لما يمثله من رمزية روحية ومرجعية للمسلمين السنة فى العراق
ومن المنتظر سفر وفد رفيع المستوى من الأزهر ليكون بجوار شيخ الأزهر، وعلى رأس الوفد المنتظر السفر مع الإمام الأكبر رئيس جامعة الأزهر، والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والأمين العام لهيئة كبار علماء الأزهر.

"كلية الاجتهاد "
العلاقة بين مؤسسة "الأزهر الشريف" و"الحوزة العلمية" في النجف ليست بالجديد، فقد التقى الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق عام 1997 في لندن برئيس مؤسسة "الخوئي الخيرية" في لندن، الراحل السيد عبد المجيد الخوئي، وأشاد الشيخ طنطاوي بالإمام الخوئي ووصفه بـ"شيخي وأستاذي الذي أخذت منه العلم واستفدت منه كثيرا، خاصة في مجال تفسير القرآن الكريم". وفي هذا اللقاء طالب من شيخ الأزهر الراحل د. محمد سيد طنطاوي، تأسيس "كلية الاجتهاد" بجامعة الأزهر، تكون هذه الكلية "مركزًا للقاء وتبادل المعلومات، والتعايش المباشر بين مختلف علماء المذاهب الإسلامية، مما يوطد علاقات الإخوة الإيمانية فيما بينهم".

فكرة "كلية الاجتهاد" التي تتبناها مؤسسة "الخوئي الخيرية" قد تعود لها الحياة مجددًا مع الزيارة التي سيقوم بها شيخ الأزهر د. أحمد الطيب إلى "الحوزة العلمية" بمدينة النجف، خصوصًا أن هناك عددًا من طلاب هذه الحوزة قد تعلم في "الأزهر الشريف"، ونال درجات علمية هناك، وخصوصًا في الدراسات العُليا.

"كلية الاجتهاد" في حالِ إقامتها كمعهد علمي بحثي مستقل، من الممكن أن تحتضنها العاصمة المصرية القاهرة، وتكون تحت إدارة "الأزهر"، أو تُشيد في العراق بإشراف من "المرجعية الدينية"، وأيضًا هناك العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث باستطاعة "الكلية" أن تكون مشروعًا ضمن "البيت الإبراهيمي" الذي يجري العمل على تشييده، دون أن ننسى المملكة العربية السعودية، حيث بإمكان "رابطة العالم الإسلامي" أن تشرف على المشروع في مكة المكرمة، لما تمتلكه المملكة من ثقلٍ ديني مؤثر في العالم الإسلامي؛ كما أن الأمين العام للرابطة د. محمد العيسى يقوم حاليًا بأدوار نشطة في ترسيخ قيم التعددية واحترام الآخر والتعايش السلمي بين الطوائف، وله تجربة ناجحة في "ملتقى المرجعيات العراقية" الذي عُقد في أغسطس الماضي، ولقي أصداء إيجابية واسعة.

المثير في الأمر وفقا للمعلومات، أن مؤسسة "الخوئي الخيرية" تلقى تأيبدا وترحيبا ومساندة كبيرة من كبير المراجع الشيعية العراقية "على السيستانى".

وفوفقا لتقارير إعلامية عراقية فإن الحكومة العراقية من جهتها، تسعى لأن تكون الزيارة متجاوزة لأي أُطر طائفية يطمحُ البعض لوصمها بها، فهي "ليست زيارة من زعيم سنيٍ لسنة العراق، بل زيارة من زعيم إسلامي عربي للعراقيين كافة بمختلف أديانهم وطوائفهم وأعراقهم"، مبينًا أن "جدول أعمال الزيارة سيشمل أماكن عدة، من بينها بغداد والموصل والنجف وأربيل"، مردفًا "قد تكون هناك زيارات لمدنٍ أخرى، حيث إن الجدول النهائي للزيارة لم يعلن بعد، والترتيبات جارية لاستكماله".

المصدر ذاته يرى أن "قدوم شيخ الأزهر يرسخ منهج الاعتدال الإسلامي، المتجاوز للإسلام السياسي وللحزبية والطائفية. فهناك قيادات روحية معتدلة وواعية كالدكتور أحمد الطيب والمرجع السيد علي السيستاني، واللقاء بين هاتين القامتين الروحيتين سيبعث رسائل إيجابية تعزز خطابًا منفتحًا بعيدًا عن التعصب والكراهية وفتاوى التكفير أو الاحتراب الطائفي".

وحرص الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على تماسك ووحدة العراقيين، منذ توليه مقاليد الأمور بمشيخة الأزهر فى عام 2010.

ففى أكتوبر من عام 2010، رفض شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، تكفيرَ بعض القنوات الفضائية الشيعةَ، مشيرًا إلى أنه لا يوجد مبرِّر واحد لتكفيرهم لا من القرآن ولا من السنة، مضيفا حينها لا يوجد خلاف بين السنى والشيعى يُخْرِجُه من الإسلام، إنّما هى عملية استغلال السياسة لهذه الخلافات، كما حدث بين المذاهب الفقهية الأربعة، وكل الفروق بيننا وبينهم هى مسألة الإمامة.
وحول سؤال إذا ما كان سيقوم بزيارة للنجف لو ذهب للعراق أجاب الطيب: إذا ذهبت للعراق سأزور النجف، الأزهر واجبه الأول وحدة الأمة الإسلامية وكذلك تجميع المسلمين على رؤية واحدة مع اختلاف الاجتهاد ومستعد لزيارة أى مكان أجْمَعُ فيه المسلمين مع بعضهم والنجف بصفة خاصة.

وقال: سآتيكم وأنا أبٌ للسنة والشيعة بشرط ألا تُفَسّر زيارتِى لصالح طرف على آخر.