خطة «الصناعة» لإجهاض ثورة شركات التبغ بسبب «رخص الإنتاج»
خلال مارس الماضي، دعت هيئة التنمية الصناعية التابعة لوزارة الصناعة، الشركات المحلية والعالمية للمُشاركة في المُزايدة الخاصة ببيع ثلاث رخص جديدة لإنتاج وتصنيع السجائر والتبغ محليًا وهي "رخصة إنتاج السجائر التقليدية – رخصة إنتاج التبغ المسخن – رخصة إنتاج السجائر الإلكترونية".
ووفقًا لوزارة الصناعة، فإن هذه الرخص الجديدة من المتوقع أن تُنهي احتكار الشركة الشرقية لصناعة التبغ في مصر، حيث تنص القوانين القائمة حاليًا على عدم قيام أي شركة بإنتاج السجائر عبر مصانع خاصة بها، حيث تقتصر عملية الإنتاج على الشركة الشرقية للدخان، وتقوم المصانع الأجنبية بالتصنيع عبر اتفاقات إنتاجية مع الشركة الشرقية للدخان.
وبحسب اللائحة الأولية لمُزايدة الرخص الجديدة على مجموعة من الاشتراطات، أبرزها أنه سيتم تقييم العروض المُقدمة للهيئة التنمية الصناعية من خلال نظام النقاط، وعلى استحوذ الشركة الشرقية للدخان على 24% من رأسمال الشركة الجديدة، والتي ستلتزم ببيع السجائر بسعر أعلى 50% من سعر الشرقية للدخان.
فضلًا عن منع الشركة التي ستحصل على الرخصة الجديدة من إنتاج سجائر من الفئة السعرية الشعبية التي تسيطر عليها الشركة الشرقية عبر سجائر كليوباترا، والتي تُمثل 98% من مبيعاتها، إضافة لقصر صناعة الجيل الجديد من مُنتجات بدائل التبغ ومن ضمنها السجائر الإلكترونية على صاحب الرخصة الجديدة.
لكن في 29 مارس الماضي، أبدى عدد من الشركات العاملة في صناعة السجائر اعتراضها وقدمت شكوى رسمية إلى جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بشأن شروط مزايدة الرخصة الجديدة لصناعة السجائر معتبرة إياها غير عادلة.
سبق هذه الشكوى، اعتراض تقدمت به أكبر أربع شركات للسجائر في مصر، وهي أدخنة النخلة وبريتيش أمريكان توباكو وإمبريال توباكو والمنصور الدولية للتوزيع، لرئيس مجلس الوزراء في خطاب رسمي، ذكروا فيه أن المُزايدة غير عادلة وتُخالف قانون حماية المنافسة، مطالبين بإيقاف المُزايدة حتى مراجعة الشروط.
اعتراضات شعبة السجائر
إلى ذلك قال إبراهيم إمبابي رئيس شعبة الدخان والسجائر بالغرفة التجارية، إن لديه تحفظا على شروط رخصة السجائر الجديدة، متسائلًا: "ما الهدف من وراء عمل كراسة شروط.. وأنا عندي فرخة تبيض ذهبًا كل سنة" في إشارة لإيرادات الشركة الشرقية للدخان التي تدر دخلًا كبيرًا للموازنة العامة للدولة.
وأضاف: "وبعدين وضع شرط في الكراسة، أنه لا بد للمُتقدم أن ينتج 15 مليار سيجارة، يبقى أنا كده بفصَّلها على مقاس شركة بعينها باعتبارها التي تستطيع إنتاج هذا الكم"، متابعًا أنه تم إلغاء المُزايدة في شهر إبريل الماضي بسبب اعتراضات بعض الشركات العاملة في مجال التبغ.
وأشار إمبابي إلى أنه في حالة تم إرساء الرخص الثلاث على أي مستثمر سواء محلي أو أجنبي، عندها سوف يكون على الشركة الشرقية للدخان المساهمة في تحمّل تكلفة ثمن الرخصة، علاوة على دفعها 24% من رأسمال الشركة، وهذا كثيرًا جدًا، قائلًا: "يبقى المستثمر دفع إيه؟ إضافة إلى أنه أنت عندما تقوم بذلك وتبيع الرخصة بالتالي سيتم وقف إيراد للشركة الشرقية المقدرة بحوالي 2.25 مليار كل عام".
وطالب رئيس شعبة الدخان والسجائر، من رئيس الوزراء بتشكيل لجنة من وزير المالية ونائبه مع رئيس الشعبة والرقابة الإدارية وحماية المنافسة الخاصة بملف السجائر؛ لإعداد كراسة شروط المزايدة، لكن حتى الآن دون جدوى، موضحًا أن الدولة تمتلك 50.5% من رأسمال الشركة الشرقية للدخان، وكل الشركات التي تصنع السجائر تدفع على كل ألف سيجارة، 6 دولارات.
ولفت إمبابي إلى وجود ما يسمى بتكلفة الفرصة البديلة، وفي حال تم بيع تلك الرخصة الجديدة؛ سيتم وقف إيراد الشركة الشرقية والذي يبلغ 2.25 مليار جنيه سنويًا، مقترحًا ضرورة فصل رخصة السجائر التقليدية عن التبغ المسخن والسجائر الالكترونية، وعمل الحد الأدنى للمُزايدة مليار دولار.
مطالب شركات التبغ
بحسب خطابين أرسلتهما شركات التبغ في 29 يونيو و29 يوليو، طالبت شركات التبغ بضرورة أن تغطي الرخصة الجديدة المُطروحة حاليا منتجات التبغ التقليدية فقط، حيث تُجادل بعض الشركات التي كانت بين المدعوين لتقديم العطاءات في مارس الماضي مرة أخرى، بأنها لا تحظى سوى بفرصة تصنيع المنتجات الجديدة مثل السجائر الإلكترونية، وبالتالي عدم الحصول على فرصة عادلة لمنافسة الشركة الشرقية للدخان.
علاوة على ذلك، طالبت الشركات بالإشراف المستقل على تقديم المزيد من تراخيص إنتاج السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن والسجائر التقليدية. وقالت الشركات "طرح رخصة بالشكل الحالي يترتب عليه تحقيق نتيجة عكسية تماما بما يؤدي إلى تشوه حاد في السوق وممارسات احتكارية مستقبلية إلى حدود غير مقبولة وضاربة بالاقتصاد ككل، حيث يخلق أشكالا جديدة من الاحتكار والممارسات الضارة بالمنافسة بوجود إحدى شركات القطاع الخاص كمحتكر وحيد للصناعة بجانب الشركة الحكومية".
وأبدت الشركات استياءها من شروط هيئة التنمية الصناعية مدعيةً أنها ستحمي حصة الشركة الشرقية للدخان من خلال منع الشركة الجديدة من إنتاج السجائر الشعبية التي تحمل علامة كليوباترا والتي تمثل 98% من إيرادات الشركة الحكومية.
اشتراطات معدَّلة
وبعد أخذ ورد واعتراضات أكثر، قامت هيئة التنمية الصناعية بإعادة الاشتراطات في لائحة الرخص الجديدة، وطرحت في 7 ديسمبر الجاري، كراسة الشروط المعدَّلة لإنتاج وصناعة السجائر.
واحتوت الاشتراطات الجديدة على أن تكون الشركة المُتقدمة شركة مساهمة منشئة أو تحت التأسيس، وفي حالة ما إذا كانت الشركة تحت التأسيس يقدم بيان كامل بالمؤسسين والنسبة المئوية لكل منهم وجنسياتهم واتفاق المؤسسين وممثلهم القانوني والتوكيل المسار منهم خلال المدة المقررة للتقييم، مع العلم بأنه لن تتم دراسة أية طلبات تتضمن أسماء شركاء مجهولي الجنسية.
ونصت أيضًا الاشتراطات التي حصلنا على نسخة منها على أن يتم توفير الطاقة الكهربائية اللازمة للمشروع بواسطة الدولة أو أي من الشركات التابعة لها طبقا للأسعار التي يحددها المجلس الأعلى للطاقة، وتلتزم الشركة بتوصيل الكهرباء من أقرب موقع متاح بمعرفتها وعلى نفقتهـا مـع سداد قيمة استهلاكها بالأسعار التي لم تحديدها.
ومن المقرر أن يكون يوم 22 يناير المقبل، آخر موعد لتسليم عروض الشركات للحصول على الرخصة الخاصة بذلك، وستحصل الشركة الفائزة على حق تصنيع السجائر التقليدية والشعبية في الحدود الدنيا والسجائر الإلكترونية بطاقة إنتاجية 50 مليار سيجارة في العام الواحد.
وبموجب كراسة الشروط ستحصل الشركة الشرقية للدخان على حق تصنيع السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المسخن، ومعدات تسخين التبغ.
من جهته، قال هاني أمان، الرئيس التنفيذي لشركة الشرقية للدخان معلقًا على إعادة طرح رخصة السجائر الجديدة إنه من حق الدولة إعطاء الرخصة للمُستثمرين في الصناعات التي تراها وتستهدفها.
وأضاف، أن هناك طرح كراسة شروط لشركة جديدة لتصنيع السجائر، وأن هناك تغييرات طفيفة وهي ردًا على الاستفسارات التي تقدمت بها الشركات في الرخصة الأولى، موضحًا أن الشرقية للدخان لديها إمكانيات كبيرة واستطاعت تحقيق نتائج مالية وكبيرة، حيث بلغ إجمالي عائداتها العام الماضي 70 مليار جنيه والأرقام في تطور مستمر سواء من بيع أو أرباح وحصة سوقية.
وكشف الرئيس التنفيذي للشركة الشرقية، أن أرباح الشركة في تطور مستمر وأن ما تدره في خزانة الدولة أكثر من 78 مليار جنيه بزيادة 14.5% عن السنة الماضية، مشيرًا إلى أن الشركة لم تقتصر في دورها على السوق المحلي وتستطيع تغطية أكثر من سوق بأكبر جودة ممكنة.