بايدن يستقبل أمير قطر.. الأزمة الأوكرانية تفجر حرب الغاز بين روسيا وأمريكا وأوربا .. واشنطن تبحث عن بدائل لموسكو.. هل تستفيد مصر؟.. وما علاقة إسرائيل وتركيا؟
في ظل تصاعد الأزمة الأوكرانية والحديث عن بحث الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا عن بدائل للغاز الروسي، يستقبل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، في البيت الأبيض يوم الاثنين المقبل لمناقشة مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وبحسب ما أفادت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، في بيان، ستتيح الزيارة فرصة للرئيس والأمير من أجل التشاور حول مجموعة من القضايا الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك تعزيز الأمن والازدهار في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية".
وقالت ساكي، إن الولايات المتحدة تدرس بدائل لإمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا، بما في ذلك تحديد أحجام إضافية من المورد من شمال إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا كجزء من التخطيط للطوارئ وسط تصاعد التوترات مع روسيا بشأن الأمن في أوروبا الشرقية.
تأتي زيارة الشيخ تميم، وهي الأولى له للولايات المتحدة منذ تولى الرئيس جو بايدن السلطة قبل عام، في الوقت الذي تبحث فيه واشنطن مع الدول والشركات المنتجة للطاقة تحويلا محتملا للإمدادات إلى أوروبا إذا غزت روسيا أوكرانيا، وفقا لوكالة رويترز.
وتشعر واشنطن بالقلق من احتمال أن يؤدي هجوم عسكري روسي محتمل على أوكرانيا إلى عقوبات أمريكية وأوروبية على موسكو، الأمر الذي من شأنه أن يوقف شحن الغاز الروسي إلى أوروبا. وتنفي روسيا أنها تخطط لمهاجمة أوكرانيا.
وفي 2019، قال مسؤول في الإدارة الأمريكية لوكالة رويترز، إن الولايات المتحدة تريد من قطر، أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، أن تتحدى هيمنة الغاز الروسي في أوروبا.
وأبلغ دان بروليت
نائب وزير الطاقة الأمريكي رويترز بأن الولايات المتحدة تتباحث مع الدوحة بشأن تزويد
أوروبا بالغاز الطبيعي المسال، حيث تريد من ألمانيا ودول أخرى أن تستورد الغاز الأمريكي
والقطري بدلا من الروسي.
الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون يبحثون عن مصادر بديلة للطاقة في الأسواق العالمية
وتبحث الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في الأسواق العالمية عن مصادر بديلة للطاقة للتخفيف من تداعيات أي نزاع، في وقت تعاني فيه أوروبا في الأساس من ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير خلال الشتاء.
وتعمل الولايات المتحدة حاليا على إجراء محادثات مع بعض شركات الطاقة العالمية من أجل إعداد خطط طوارئ لإمداد أوروبا بالغاز الطبيعي إذا تعطت الإمدادات الروسية بسبب الصراع مع أوكرانيا، بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن مصادر.
ويعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا في ما يقرب من ثلث إمدادات الغاز، وقد تؤدي العقوبات الأمريكية على أي صراع إلى تعطيل هذا الإمداد.
ويتزامن ما يحدث عن تسجيل صادرات الغاز الطبيعي في مصر قفزات خلال بعض الفترات من العام الماضي، خاصة مع أن محطتي الإسالة التي تملكهما مصر تعملان بطاقتهما القصوى من أجل تسييل الغاز المعد للتصدير.
"نوردستريم 2" أكبر ضحايا النزاع الروسي الأمريكي.. لا يمكن تشغيل هذا الخط في حال حصول تصعيد جديد
كلما تأزمت العلاقة بين الغرب وروسيا، عادت قضية خط أنابيب الغاز الطبيعي "نورد ستريم 2" إلى الواجهة، وهو الخط الذي ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر أوكرانيا,
في شهر ديسمبر الماضي، هددت وزيرة الخارجية الألمانية بعدم بتشغيل خط "نورد ستريم 2" الألماني الروسي لنقل الغاز في حال شهدت أوكرانيا تصعيدا "جديدا"، وذلك بموجب اتفاق مبدئي توصلت إليه برلين وواشنطن.
وقالت آنالينا بيربوك لقناة "زد دي إف" الألمانية إنه بسبب الوضع الأمني المتوتر، "تم التوافق بين الأمريكيين والحكومة الألمانية السابقة" برئاسة أنغيلا ميركل "على أنه لا يمكن تشغيل هذا الخط في حال حصول تصعيد جديد".
وهناك انقسام بين الاشتراكيين، في مسألة خط الأنابيب "نورد ستريم 2"، الذي ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا، متجاوزاً أوكرانيا.
واعتبرت وزيرة الدفاع الألمانية أن قرار تشغيل هذا الخط يجب أن يبقى خارج الملف الأوكراني، فيما رأى الوزير الألماني السابق للشؤون الأوروبية، مايكل روث، وهو اشتراكي أيضاً، أن على برلين رفض الموافقة على مشروع "نورد ستريم 2"، إذا غزت روسيا أوكرانيا.
كما أيد بايدن العقوبات على "نورد ستريم 2" في حال غزو روسيا لأوكرانيا، بينما أشارت إدارة المستشار الألماني أولاف شولز إلى أن تصعيد الأزمة قد يعني نهاية لخط الأنابيب.
سيناريو قطع الغاز الروسي عن أوروبا.. موسكو قد توقف التدفقات عبر أوكرانيا في حالة نشوب صراع
ومن السيناريوهات المطروحة هو قيام روسيا بقطع امدادات الغاز عن أوربا، مما سيؤدي إلى ارتفاع هائل في الأسعار.
قال فولوديمير أوميلشينكو، رئيس أبحاث الطاقة في مركز "رازومكوف" الأوكراني، إن موسكو قد توقف التدفقات عبر أوكرانيا في حالة نشوب صراع. ومن شأن ذلك أن يمنح روسيا السطوة لـ "إملاء شروطها على أوكرانيا وعلى الاتحاد الأوروبي".
وقال كريس ويفر، الرئيس التنفيذي لشركة "ماركو – أدفيزري" (Macro-Advisory Ltd) ومقرها موسكو، إن روسيا تريد الحفاظ على مكانتها كمورد موثوق به، و"لا أرى هذا الموقف يتغير حتى في حالة اندلاع حرب مع أوكرانيا".
أمريكا تحذر : محاولات موسكو استخدام قطاعها الضخم للنفط والغاز كـ"سلاح" ستأتي بنتائج عكسية
حذّرت الولايات المتحدة من أنها قد تفرض عقوبات قاسية على روسيا تشمل قيوداً على صادرات معدّات التكنولوجيا المتقدّمة الأميركية، فيما أكّدت أنّ محاولات موسكو استخدام قطاعها الضخم للنفط والغاز كـ"سلاح" ستأتي بنتائج عكسية.
وقال مسؤول أميركي رفيع للصحفيين: "نحن على استعداد لفرض عقوبات تحمل تداعيات هائلة" تتجاوز الإجراءات السابقة التي طُبّقت عام 2014 بعدما اجتاحت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
وأضاف "ولّى زمن الإجراءات التدريجية"، مؤكداً أنّه في حال قامت روسيا بغزو أوكرانيا مجدداً "فسنبدأ من أعلى سلّم التصعيد".
وتطرّق المسؤول الأميركي إلى المخاوف السائدة في أوروبا من أن تردّ روسيا على أيّ عقوبات عبر تقليص صادراتها من الطاقة إلى القارة العجوز التي تعتمد عليها بشدة، بالقول إن موسكو ستؤذي نفسها أيضاً في حال أقدمت على خطوة من هذا القبيل.
وأوضح أنّه على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يحصل على حوالى 40 في المائة من إمداداته من روسيا، إلا أن موسكو تعتمد أيضاً بشكل كبير على عائدات الطاقة في ميزانيتها الوطنية، ما يعني أنّه "اعتماد متبادل".
وقال المسؤول "نعمل مع الدول والشركات حول العالم لضمان أمن الإمدادات وتجنّب أي صدمات في الأسعار" في إطار "خطة طوارئ" تشمل التفاوض مع جهات إمداد في شمال إفريقيا وآسيا "لزيادة إنتاج الغاز بشكل مؤقت".
ولفت إلى أن صهاريج الغاز الطبيعي المسال بدأت بالفعل تغيير مسارها من آسيا، ما "يؤثّر بشكل كبير على صمود إمدادات الطاقة في أوروبا".
وأكّد أنّ حزمة العقوبات الاقتصادية التي تعدّها واشنطن للردّ على أيّ غزو روسي لأوكرانيا ستشمل قيوداً غير مسبوقة على صادرات معدّات التكنولوجيا المتقدمة الأميركية.
وقال "نتحدّث عن تكنولوجيا متقدّمة نصمّمها وننتجها"، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمّية وتكنولوجيا صناعة الطيران وهو ما "سيضرب بشدّة طموحات (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين الاستراتيجية لتحويل اقتصاده نحو التصنيع".
وأردف "هذه قطاعات دافع عنها بوتين نفسه على اعتبارها طريق روسيا للمضيّ قدماً في تنويع اقتصادها ليتجاوز النفط والغاز".
وتابع "في العديد من الحالات، إذا كانت روسيا ترغب بتطوير هذه القطاعات، فهي تحتاج إلى استيراد التكنولوجيا والمنتجات التي لا ننتجها إلا نحن وحلفاؤنا وشركاؤنا".
هل يستفيد الغاز المصري من هذه الأزمة؟ خبراء يجيبون.
يقول الخبير البترولي مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أنه من الصعب حاليا تحقيق الغاز الطبيعي المصري أي استفادة جديدة من أي تطورات للأزمة الأوكرانية واحتمالية قطع الغاز الروسي عن القارة الأوروبية إثر الخلافات السياسية الحادة في الوقت الحالي.
وأرجع يوسف ذلك إلى أن محطتي إسالة الغاز الطبيعي في مصر تعملان بكامل طاقتيهما من أجل تصدير الغاز، وبالتالي من الصعب زيادة هذه الكميات حتى لو قطعت روسيا إمدادات الغاز عن أوروبا.
ويقول الدكتور جمال القليوبي أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة الأمريكية، أن هناك عدم قبول من الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء وتشغيل خطوط غاز طبيعي جديدة للجانب الروسي وتحديدًا خط أنابيب الغاز الجديد نورد ستريم 2 إلى أوروبا، ويسيطر الجانب الأمريكي على أغلب اقتصاديات دول الاتحاد الأوروبي وهنا يرفض إعطاء المزيد من الدعم والمزايا للاقتصاد الروسي عن طريق فتح المزيد فرص استيراد الغاز، وتمتلك أمريكا تزويد الاتحاد الأوروبي بالغاز ولكنه سيكون "مسال" ذو كُلفة مضاعفة عن الغاز الروسي الذى يملك الأفضلية اقتصاديًا.
ويضيف "القليوبى": تمتلك مصر خط ربط بطول حوالى 131 كم حيث يستهدف استقبال الغاز القبرصي ووصوله لمصر ثم إعادة إسالته وتصديره مرة أخرى والسوق المصرية كبيرة قادرة على استيعاب هذه الكميات واستهلاكها، كما يوجد هناك ربط مستقبلي بين مع الجانب اليوناني حيث أنها بصدد اكتشافات غاز جديدة على شواطئها وبمجرد إنتاج اليونان الغاز سيكون لدينا الخط القبرصي المصري اليوناني، وسيصل الغاز المصري عبر شبكة سيمات الإيطالية التى تستطيع الوصول إلى 9 دول داخل الاتحاد الأوروبي بدون عناء ما يزيد فرص دخول مصر بقوه للتصدير لدول الاتحاد الأوروبي.
ويواصل "القليوبى": تستهلك دول الاتحاد الأوروبي نحو 558 مليار لتر مكعب وهناك زيادة طلب على استخدام الغاز نسبة تصل لـ 18إلى 20% الأمر الذى يدفع بهم للبحث عن ممولين جدد وستكون مصر لديها فرص كبيرة في تصدير احتياجهم من دول غاز الشرق الأوسط عبر ونمتلك القدرة على استقبال الغاز وإعادة إسالته ثم ضخه وتصديره مرة أخرى.
ومن جانبه اعتبر الدكتور "على الإدريسي" الخبير الاقتصادي، أن فرص تصدير الغاز المصري لدول الاتحاد الأوروبي كبيرة جدًا خلال الفترة القادمة نتيجة الأزمة المُرتقبة بين "روسيا" التى تحاول مد خطوط أنابيب غاز طبيعى جديدة وبين "أمريكا" التى ترفض تقديم مزيد من الدعم للاقتصاد الروسي بمزيد من الامتيازات والاستيراد.
ويضيف "الإدريسي": ساهمت الاكتشافات الأخيرة للغاز الطبيعي في تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي بنهاية 2018 وتم اتخاذ كل الخطوات للتحول لمركز إقليمي للطاقة وبالتالي حالة الصراع حول الغاز الأوروبي ستساعد في ارتفاع أسعار كُلفة التصدير ومن ثم دخول مصر كمورد موثوق للاتحاد الأوروبي عبر مزيد من العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، وهنا يُحسب للرؤية المصرية حول اكتشافات الغاز والتحول للاكتفاء الذاتى قبل 3 سنوات ماضية ثم القدرة على التصدير.
بعد سحب الولايات المتحدة الأمريكية دعمها لخط "إيست ميد" الإسرائيلي..ما هو مصير غاز «شرق المتوسط وما علاقة تركيا بالموضوع؟
في 2020 أعلنت كل من إسرائيل وقبرص واليونان، عن توقيع اتفاق لمد خط أنابيب تحت البحر المتوسط أطلق عليه اسم "إيست ميد"، سيمتد تحت البحر لمسافة طويلة تصل إلى 1900 كيلومتر، لنقل الغاز الطبيعي من منطقة شرق البحر المتوسط إلى أوروبا.
لكن تقارير صحفية كشفت أن الولايات المتحدة قررت سحب دعمها المالي والسياسي لمشروع خط أنابيب غاز شرق المتوسط «إيست ميد» لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا عبر اليونان وقبرص.
وذكر تقرير يوناني أن وزارة الخارجية الأميريكية بعثت برسالة إلى كل من اليونان وإسرائيل وتركيا تفيد بأن واشنطن لن تدعم مشروع خط «إيست ميد»، الذي يعبر تركيا وينقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا.
ونقلت وسائل إعلام تركية، عن المجلة العسكرية
اليونانية «ميليتاير» أن الولايات المتحدة أبلغت الدول الثلاث بأنها لن تدعم المشروع
سياسياً ومالياً، معتبرة أن الموضوع انتهى، والولايات المتحدة تغير البيانات في شرق
المتوسط، وتضع حداً لمشروع خط الأنابيب، معتبرة أن «السياسة التركية انتصرت وننتظر
عواقب ذلك».
وأضاف التقرير: «ما يثير الدهشة ليس فشل المشروع الذي واجه مشكلات في الاستدامة المالية منذ البداية، بل في إشارة الولايات المتحدة إلى أنه بخلاف العوامل الاقتصادية والتجارية، فإن مشروع خط الأنابيب مصدر توتر في شرق المتوسط، متبنية الموقف التركي» على حساب الموقف اليوناني.
وتابع تقرير المجلة العسكرية اليونانية أن «(السرد الوطني) لأثينا، الذي تضمن خطة لزيادة النفوذ الجيوسياسي للبلاد، لتصبح مركزاً للطاقة، والتحالف التاريخي مع إسرائيل، الذي أدى إلى تهميش تركيا وتحقيق أهداف أخرى، انهار تماماً... والأمر ذاته ينطبق على قانون مانياتيس، الذي يعين الحدود الخارجية للجرف القاري اليوناني... انهار كلا الهدفين وحطمت تركيا قانون مانياتيس بعقيدة الوطن الأزرق (البحار التي تطل عليها تركيا)»، وعززت تفوقها على المواقف اليونانية مع الاتفاق التركي الليبي (مذكرة التفاهم الموقعة مع حكومة الوفاق الوطني السابقة، برئاسة فائز السراج في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019)، والآن جاء موقف واشنطن ليعطيها الفرصة».
ولفت التقرير إلى أن السياسة الخارجية لليونان استندت على القانون الدولي، وقبل كل شيء على خطط التعاون الثلاثي مع قبرص ومصر وإسرائيل، ثم مع دولة الإمارات، من أجل إنشاء محور يعزز سياستها الخارجية ويعزل تركيا، لكن ما جرى هو أن ذلك يتفكك الآن، ولذلك يتعين على أثينا إعادة هيكلة سياستها في شرق المتوسط إذا أرادت الحفاظ على تحالفاتها.
وواصل التقرير: «نستنتج من هنا أن الحكومة اليونانية وصلت إلى طريق مسدود، لا يريد رئيس الوزراء، كيرياكوس ميتسوتاكيس، إجراء حوار مع تركيا، لأن اليمين المتطرف يمنعه من ذلك، كم أنه لم يتفاوض مع الولايات المتحدة، وتخلى عن سياسة البلقان، والعلاقات مع روسيا باردة وتنزلق الأوضاع من تحت قدميه».
وعدّ التقرير أن الموقف الأوروبي الآن مهم للغاية، محذراً من أنه إذا اتبع الاتحاد الأوروبي ذات الموقف الأميركي، فإن اليونان ستتعرض بشكل خطير لـ«السياسة الحازمة التي تنتهجها تركيا»، مشيرة إلى أن التفاهم البحري بين تركيا وليبيا قوي لا يتزعزع.
وكشف التقرير عن أن الولايات المتحدة عملت، عبر ألمانيا، على منع فرض عقوبات على تركيا بسبب أزمة التنقيب في شرق المتوسط العام الماضي، مضيفاً أن «ما ستفعله الحكومة اليونانية هو لغز لم يحل بعد، فواشنطن منحت الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هدية، لأن ذلك يتحول لانتصار تركي وهزيمة لليونان، كما أن الموقف الإسرائيلي غير واضح».
وشكّك خبير الطاقة اليوناني إيوانيس ميشاليتوش بإمكانية تنفيذ المشروع بالأساس، ويقول إن مشروع «إيست ميد» قطع شوطاً طويلاً جداً للموافقة عليه، ومن المشكوك في النهاية إن كان سيتم تنفيذ المشروع، مشيراً إلى أنه حتى لو تم تنفيذ المشروع بالكامل، فإن حجم الغاز الذي سيتوجه إلى أوروبا يبلغ نحو 10 مليارات متر مكعب، ويشكل نسبة 1.5 إلى 2 في المائة من احتياجات الاتحاد الأوروبي، وهو أقل 10 مرات من توريدات الغاز الروسي.
وذكرت صحيفة «أيدنليك» التركية، أن تقارير الجدوى الأولية للخط أشارت إلى أن المشروع غير منطقي، وأن الخط الذي يصل طوله إلى نحو 2000 متر، ينخفض إلى عمق 3.3 كيلومتر في البحر ببعض الأماكن، كما أن تكلفة المشروع تقدر بـ7 مليارات دولار، إلا أن الخبراء يقدرون أنها قد تصل إلى 15 ملياراً.
وأضافت الصحيفة أن بناء خط أنابيب «إيست ميد»، المعروف بتكلفته التي تزيد بـ5 إلى 6 مرات عن الخط القبرصي - التركي، كان هدفه الوحيد تهميش تركيا، وأن عدم تجاوز تركيا، يعني تقليل طول الخط تحت سطح البحر إلى 500 كيلومتر عند نقل الغاز مباشرة إلى أوروبا، وما يصل إلى 200 كيلومتر عند نقله عبر الشطر الشمالي من قبرص، ما يقلل تكلفة المشروع من 15 مليار دولار إلى نحو 2.5 مليار دولار.
وأشارت إلى أن الخط، الذي يقال إنه سيلبي 10 في المائة من احتياجات الغاز الطبيعي لأوروبا، لن يصل أبداً إلى هذا الرقم، لأن احتياجات أوروبا، التي تستهلك 560 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، من المتوقع أن تزيد بنسبة 40 في المائة عام 2040. موضحة أنه لا يوجد مثل هذه المقدار من الغاز في حقلي ليفياثان وتمار في إسرائيل، وحقل أفروديت جنوب قبرص.
ونبّهت الصحيفة إلى أن المسار الذي من المقرر أن يعبره الخط يقع داخل «الجرف القاري التركي»، وعليه فإن مشروع ينتهك حقوق ما يعرف بـ«جمهورية شمال قبرص التركية» والولاية البحرية لتركيا، ويتطلب موافقتهما أولاً. وشددت على أن تركيا، التي دعت إسرائيل إلى إعادة التفكير في المشروع، أكدت أنها لن تسمح لهذا الخط بالمرور عبر جرفها القاري من دون إذن.
إلى ذلك، عدّ خبراء أن عودة إسرائيل للتفكير في هذا المشروع «غير المنطقي» وإحيائه كان نوعاً من الضغط على مصر، حتى لا تغالي في مطالباتها المتعلقة بحق المرور واستخدام البنية التحتية المصرية، التي من دونها لا يمكن للغاز أن يمر إلى أوروبا، إلا إذا كان سيتم تمرير الغاز عبر الأنابيب بقوة الدفع الموجودة إلى أنحاء أوروبا، وهذا صعب جداً من الناحية الفنية.
اردوغان: ضخ الغاز الطبيعي من حقول شرق المتوسط إلى أوروبا لا يمكن أن يتم إلا عبر الأراضي التركية
وفي وقت سابق، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أن ضخ الغاز الطبيعي من حقول شرق المتوسط إلى أوروبا لا يمكن أن يتم إلا عبر الأراضي التركية.
وردا على سؤال حول وقف واشنطن دعمها لمشروع خط أنابيب "إيست ميد" لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، قال أردوغان: "هذا المشروع لم يكن قابلا للتنفيذ، لقد أجروا جميع الحسابات المالية له، ورأوا أنه لا يوجد شيء إيجابي في هذا المشروع".
وأوضح أردوغان أن مثل هذه المشاريع لا يمكن أن تنجح بمعزل عن تركيا، مبينا أن عملية نقل الغاز الطبيعي من هذه المنطقة (شرق المتوسط) إلى أوروبا، لا يتم إلا عبر تركيا.
وأردف الرئيس التركي قائلا: "وزير الطاقة التركي الأسبق براءت ألبيراق كان قد تحدث مع نظيره الإسرائيلي في هذا الشأن، وحينها كانت لدينا الفرصة لتنفيذ هذا الأمر مع إسرائيل، لكن الظروف حينها أعاقت هذه الخطوة".
ولفت إلى إمكانية الحديث مع إسرائيل مجددا في مسألة نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، مشيرا أن الجانب الإسرائيلي على مستوى الرئيس ورئيس الوزراء يبعثون رسائل في هذا الشأن إلى تركيا.
وأكد أن موقف تركيا حيال الأوضاع في شرق المتوسط ثابت ولم يتغير، وأن أنشطة أنقرة في هذه المنطقة تسير وفقا للاتفاقيات التي أبرمتها أنقرة مع ليبيا.