رئيس التحرير
خالد مهران

بالتفاصيل.. 3 تداعيات خطيرة على الاقتصاد المصري بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.. ملف

النبأ

 

بعد أن بدأت روسيا عملية عسكرية واسعة ضد أوكرانيا، فإلى أي مدى ستتأثر مصر بهذه الأزمة، وكيف، وإلى أي مدى ستؤثر هذه الأزمة على أسعار الغذاء في مصر، لا سيما سعر رغيف الخبز؟

يقول الخبراء، إن هناك 3 تداعيات محتملة على مصر نتيجة تلك الأزمة، هي:

أولا: ارتفاع أسعار الغذاء، فكما يتوقع الكثير من الخبراء والمراقبون فإن هذه الأزمة سوف تؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء عالميا، وبالتالي ارتفاع أسعار الغذاء في مصر كغيرها من الدول.

ثانيا: انخفاض عدد السياح القادمين إلى مصر وخاصة من روسيا وأوكرانيا، مما سيكون له تأثير سلبي على حركة السياحة إلى مصر.

ثالثا: لأن هذه الأزمة سوف تؤدي إلى ارتفاع أسعار القمح عالميا، ولأن لأن مصر من أكبر الدول المستوردة للقمح الروسي والأوكراني في العالم، فإن اندلاع حرب بين روسيا وأوكرانيا سوف يؤدي إلى ارتفاع سعر رغيف الخبز في مصر. 

كيف سيتأثر سعر رغيف الخبز بالأزمة الأوكرانية؟

الدكتور مصطفى مدبولي

يتوقع الكثير الخبراء أن يؤدي غزو روسيا لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الغذاء عالميا، لا سيما في الدول التي تعتمد بنسبة كبيرة على استيراد المواد الغذائية وعلى رأسها القمح، حيث تأتي مصر على رأس الدول التي تستورد القمح من روسيا وأوكرانيا. 

وقد علق رئيس الوزراء مصطفى مدبولي على تطورات الأوضاع بين روسيا وأوكرانيا وتأثير ذلك على إمداد مصر بالقمح، حيث قال مدبولي إن مصر لديها احتياطي من القمح يكفي 4 أشهر ونصف الشهر، وبعد أقل من شهرين من الآن سيبدأ التوريد المحلي للقمح من الفلاحين المصريين، والذي بلغ العام الماضي 3.5 مليون طن، وبذلك تكون الدولة لديها احتياطي يكفي حتى نهاية العام الجاري، مؤكدًا أنه يتابع الوضع يوميًّا مع وزير التموين.

وأضاف: «ندرس آلية للتحوط من أجل الاحتياجات الإضافية للقمح» متابعًا: «فالدولة تعمل وهدفها الأساسي تأمين السلع الإستراتيجية، حتى لا نبقى تحت وطأة أحداث عالمية مثل ما يجري الآن بين روسيا وأوكرانيا».

وأشار إلى أنه كلما كانت نسبة الاستيراد أقل كان الوضع الاقتصادي أكثر أمانًا؛ لذا تعمل الدولة على تشجيع الفلاحين على زراعة القمح من خلال رفع أسعار التوريد، بالإضافة إلى التوسع الأفقي بزيادة المساحات المنزرعة بالقمح ضمن المشروعات القومية؛ وهو ما تنفق عليه الدولة مليارات الدولارات.

وأضاف رئيس مجلس الوزراء، في مؤتمر صحفي بمقر مجلس الوزراء: «أننا ندعو ألا تتطور الأزمة الروسية والأوكرانية لأمور أكثر عنفًا»، مشيرا إلى وجود توقعات عالمية بأن ما نشهده حاليًا من ارتفاع في الأسعار عالميا: «فترة وهتعود الأسعار للمعدلات الطبيعية».

أما وزير التموين المصري علي المصيلحي، فقال، في تصريحات لوكالة الشرق الأوسط، إن وجود المناوشات بين أكبر مُصدري القمح والغلال في العالم يثير حالة من عدم اليقين في السوق، مؤكدا على أن الاحتياطي الاستراتيجي من القمح آمن ويكفي لمدة 4 و5 أشهر.

وأضاف وزير التموين، أن الوزارة اتخذت إجراءات تحوطية لتأمين مخزونها من الأقماح، حيث عملت على تنويع مناشئ استيرادها كالولايات المتحدة وفرنسا وروسيا ورومانيا وأوكرانيا.

ونوه إلى أن الدراسات في ما يتعلق بالتحوط من تقلبات أسواق القمح لا تزال جارية، لافتا إلى تشكيل لجنة في وزارة المالية لدراسة سياسات التحوط، وسيتم استكمال المناقشات مع بداية الشهر المقبل بحيث يتم بحث جدوى هذا الإجراء من عدمه.

وقال أحمد شيحة، الرئيس السابق لقسم المستوردين في الغرفة التجارية في القاهرة، إن مخزون مصر من القمح والسلع الإستراتيجية الأخرى كافٍ لمدة تصل إلى ستة أشهر، مما سيساعد في احتواء أي تأثير للأزمة الروسية الأوكرانية على إمدادات القمح المصرية.

وأضاف شيحة: «لا أعتقد أنه سيكون هناك أي تأثير على واردات مصر من القمح من كل من أوكرانيا وروسيا حاليًا، لا تزال الواردات من أوكرانيا تتدفق إلى مصر كالمعتاد وعلى أساس يومي من دون أي انقطاع».

وأوضح «شيحة» أن مصر لا يزال بإمكانها اللجوء إلى الهند والبرازيل ودول أخرى منتجة للقمح لشراء القمح في حال تصاعد الموقف إلى صراع عسكري بين روسيا وأوكرانيا. 

هل يكون الغاز المصري ضمن البدائل للغاز الروسي؟

غاز مصري

منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية والولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في الغرب يسعون إلى البحث عن بدائل للغاز الروسي التي يتم تصديره لأوربا، حيث برز اسم مصر ضمن الحلول والبدائل الأوروبية المناسبة لتنويع بدائل إمدادات الغاز الروسي حال نقص الإمدادات أو توقفها، في ظل الارتفاع المستمر لأسعار الغاز الطبيعي عالميا.

وقال محللون وخبراء في مجال الطاقة، إن أزمة نقص إمدادات الطاقة لأوروبا «فرصة» لوضع مصر على خريطة الطاقة الأوروبية، وتأمين جانب من إمدادات الغاز الروسي للقارة العجوز.

ونبه الخبراء في الوقت ذاته إلى إمكانية زيادة حصيلة تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى أوروبا على المدى المتوسط، في ظل الدور الذي تلعبه القاهرة ضمن «منتدى غاز شرق المتوسط»، علاوة على الاستفادة من خطوط الأنابيب المزمع تدشينها لاحقا بين مصر من جهة، واليونان وقبرص من جهة ثانية، لزيادة الكميات المصدرة لأوروبا.

لكن هؤلاء الخبراء أشاروا إلى أن كميات الغاز المسال المصدرة من محطتي دمياط وأدكو من الصعب زيادتها حاليًا، خاصة بعد اتفاق القاهرة مؤخرا، على تحويل كميات من الغاز إلى لبنان عبر «خط الغاز العربي» الذي يمتد من الأردن إلى سوريا ثم لبنان.

وقال دانيال ملحم، أستاذ الاقتصاد في جامعة باريس، إن مصر تمتلك الإمكانات اللازمة لتصبح أحد البدائل بالنسبة للطاقة في أوروبا، بسبب الأزمة الأوكرانية في ضوء الدور الهام والحيوي الذي تلعبه بـ«منتدى غاز شرق المتوسط».

ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة باريس، أنه على المدى المتوسط يمكن لمصر أن تلعب دورًا هامًا لا تستطيع دولة أخرى في المنطقة القيام به، بأن تحجز موقعها على طاولة خريطة الطاقة الأوروبية فيما يتعلق بإمدادات الطاقة، لليونان ومنها لأوروبا، مشيرا إلى أن إتاحة الغاز بالكميات المطلوبة وتطويره حتى يصبح سائل وبناء المحطات والشبكات الكهربائية لايطاليا واليونان ستستغرق وقتا.

ويوضح الخبير الاقتصادي ليست لدى القاهرة حاليا إمكانيات لتكون بديل الغاز الروسي؛ لأن أوروبا تحتاج عمليا إلى ما يتخطى 200 تريليون وحدة حرارية، كاستهلاك سنوي، وبالتالي لا تستطيع مصر تأمين هذه الكمية الكبيرة.

أما المهندس تامر أبو بكر، رئيس غرفة البترول والتعدين باتحاد الصناعات المصرية، فقد أكد أن مصر تقوم حاليا بتصدير الغاز لأوروبا في حدود الطاقة القصوى الحالية لوحدات الإسالة بادكو ودمياط، وحتى لا يكون على حساب الاستهلاك المحلي، واستخدامات الدولة.

وأضاف «أبو بكر»، أنه بالإمكان وجود تنسيق وتعاون مع الدول الكبرى المنتجة للغاز في المنطقة لزيادة إنتاج الغاز، وإعادة تسييله وتصديره لأوروبا ضمن بدائل الغاز الروسي لأوروبا، لا سيما مع وجود وحدتي إسالة للغاز في دمياط وإدكو.

أما مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق فيقول، إنه من الصعب حاليا تحقيق الغاز الطبيعي المصري أي استفادة جديدة من أي تطورات للأزمة الأوكرانية واحتمالية قطع الغاز الروسي عن القارة الأوروبية إثر الخلافات السياسية الحادة في الوقت الحالي.

وأرجع «يوسف» ذلك إلى أن محطتي إسالة الغاز الطبيعي في مصر تعملان بكامل طاقتيهما من أجل تصدير الغاز، وبالتالي من الصعب زيادة هذه الكميات حتى لو قطعت روسيا إمدادات الغاز عن أوروبا.

وأضاف، أن ما ساعد على زيادة صادرات الغاز لجوء مصر إلى تشغيل محطات الكهرباء بنوع من الوقود المزدوج عبر تقليل نسبة الغاز الطبيعي باستخدام مواد بترولية أخرى سواء سولار أو مازوت، على أن تستفيد مصر من فارق السعر بين الغاز المصدر والسولار أو المازوت المستورد، مشيرًا إلى أن سعر تصدير الغاز المسال وصل إلى 35 دولارا للمليون وحدة حرارية وذلك مع ارتفاع الأسعار العالمية، بينما تصل تكلفة استيراد السولار إلى حدود 17 دولارا للكمية التي تعادل مليون وحدة حرارية، وبالتالي تستفيد مصر من هذا الفارق في تصدير الغاز، لافتًا إلى أن الحكومة تعمل بآلية مرنة لتحقيق أفضل استفادة من التركيبة السعرية للمنتجات بما يحقق أفضل وفر مادي.

كيف تأثرت السياحة المصرية بالأزمة الأوكرانية؟

وفي خضم الأزمة الأوكرانية، كشفت مصادر مصرية عدة عن تأثر سوق السياحة في البلاد بأزمة أوكرانيا المتصاعدة، بين روسيا من جهة وأمريكا والقوى الغربية من جهة أخرى.

وكشفت المصادر إلى أن التوتر بين روسيا وأوكرانيا بالقطع أثر على حجم السياحة الوافدة من هاتين الدولتين لمصر خلال الشهرين الماضيين، وخصوصا من أوكرانيا.

وقال الدكتور عاطف عبد اللطيف رئيس جمعية مسافرون للسياحة والسفر وعضو جمعيتي مستثمري مرسى علم وجنوب سيناء، إن أوكرانيا تمثل سوقا مهما للسياحة الوافدة لمصر، خاصة لمدن البحر الأحمر ومرسى علم وجنوب سيناء، وكان لها دور كبير في إحداث حركة سياحية بمصر خلال السنوات الـ5 الماضية، مشيرا إلى أنه طبقا لوكالة السياحة الحكومية الأوكرانية فقد بلغ عدد الرحلات السياحية إلى الخارج التي قام بها المواطنون الأوكرانيون في عام 2021، نحو 14.7 مليون رحلة سياحية أجنبية، وتصدرت تركيا المرتبة الأولى في استقبال السياح الأوكران بنسبة 28%، وجاءت مصر في المرتبة الثانية بنسبة 21%.

وأضاف أن التوترات واحتمالات نشوب حرب بين روسيا وأوكرانيا أدت إلى تراجع معدلات السياحة الأوكرانية بشكل كبير، وقيام شركات التأمين على الطائرات بإلغاء تعاملها مع رحلات الطيران الأوكرانية، وتوقف عدد كبير من شركات الطيران عن دخول المجال الجوي الأوكراني، في ظل تصعيد حالة التوتر وبوادر نشوب حرب.

وأكد أن هذه الأزمة تنذر بتوقف تام للسياحة الأوكرانية والروسية إذا وقعت الحرب، وكذلك ستتأثر السياحة بشكل عام في أوروبا، وقد تتراجع رغم أن شهر مارس من المعتاد أن تتزايد فيه الحركة السياحية الوافدة، خاصة حتى أن شركة "لوفتهانزا" الألمانية قامت بإلغاء رحلاتها إلى أوكرانيا في ظل هذه التواترات، داعيًا إلى ضرورة تنوع الأسواق التي نستجلب منها سياحة أكثر، ولا نعتمد على الأسواق التقليدية فقط، حتى إذا حدث أي عارض أو مشكلة لا تتأثر السياحة في مصر بشكل كبير.

وطالب «عبد اللطيف»، بضرورة التركيز بجانب الأسواق التقليدية، على أسواق شرق آسيا من إندونيسيا والهند واليابان وكوريا والسياحة الخليجية والعربية، وذلك من خلال خطة تسويقية ووضع شعار أو لوجو بمصر في هذه الأسواق، مثل «سياحة واستشفاء في مصر»، ويتم عرض الإمكانيات الترفيهية والاستشفائية لمصر مع تقديم عروض ترويجية قوية، مؤكدا أن العالم حاليا لا يحتاج إلى حرب عالمية ثالثة تدمره، لكن الحل بالطرق الدبلوماسية لأي خلافات سيكون له دور كبير في إحداث الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني.

وأضاف أن العالم حاليا يعاني من موجة تضخم كبيرة نتيجة للركود الاقتصادي بسبب جائحة كورونا، وكذلك السياحة التي تواجه مشاكل كبيرة، ولو حدث ونشبت حرب في أوكرانيا، ستزيد آلام القطاع السياحي بشكل كبير.

وكشفت نورا علي رئيس لجنة السياحة بمجلس النواب، تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على السياحة المصرية، قائلة: «الحديث عن حرب بين روسيا وأوكرانيا سوف يؤثر على العالم وليس فقط على السياحة الروسية والأوكرانية إلى مصر».

وأضافت «علي»، أن الخوف حاليا من تفكير السائح الأوكراني حول كيفية عودته إذا ما نشبت الحرب مع روسيا، منوهة بأن الأوكرانيين أثروا على نسب إشغال الفنادق في مدن البحر الأحمر بنسبة تتراوح ما بين 20 و25%، مشيرة إلى أن نسبة السياح الأوكرانيين تبلغ 30% من مجمل السياح الأجانب الوافدين لمدن البحر الأحمر.

ولفتت رئيس لجنة السياحة بمجلس النواب، إلى أن السوق الأوكراني عمل بشدة في الفترة من 2017 وحتى 2020، وكان من أكبر الأسواق التي دعمت وأنقذت شرم الشيخ خلال هذه المدة، مشيرة إلى أن السياحة كانت جيدة في أشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر الماضيين، لكن من الطبيعي أن يحدث كساد في الحجوزات خلال شهري يناير وفبراير بشكل عام بعد أعياد رأس السنة، لافتة إلى أن ظهور موجة جديدة من متحور أوميكرون في يناير أثر على الأعداد الوافدة إلى مصر.

التأثيرات ستطول العالم أجمع ومصر أكبر مستورد للقمح

اللواء سمير فرج

على الجانب الآخر يقول اللواء الدكتور سمير فرج المفكر العسكري والاستراتيجي، إن أزمة روسيا وأوكرانيا اندلعت من الأساس بعد طلب كرواتيا الانضمام لحلف الناتو، مشيرًا إلى أن روسيا بدأت في حشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا ويظهر عبر الأقمار الصناعية أنها حشود هجومية بما ينذر بعملية عسكرية، وحال حدوثها ستكتسح روسيا المعركة بالنظر لحجم الجيشين.

وعن تأثيرات الأزمة الأوكرانية على مصر، يرى المفكر العسكري والاستراتيجي، أن التأثيرات ستطول العالم أجمع وبالنسبة لمصر فإن الدولتين الأكبر في تصدير القمح ومصر أكبر مستورد للقمح وعلينا البحث عن بدائل، مشيرًا إلى أن روسيا تتحكم في 40% من الغاز الذي تستقدمه أوروبا؛ والذي يهدد ألمانيا التي ستتضرر بشكل كبير حال قطع هذا الغاز عنها، مؤكدًا أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بحث مع أمير قطر، تميم بن حمد، توفير غاز بديل لأوروبا مكان الغاز الروسي، وذلك بالإضافة إلى مصر.

وأضاف اللواء سمير فرج، أن الشركات الأمريكية ستقوم، خلال الفترة المقبلة، بالبحث عن الغاز في البحر المتوسط، مؤكدًا أن مخزون الغاز المصري هو البديل الثاني المحتمل لتوفير غاز لأوروبا، موضحا أن الأزمة الأوكرانية سببها محاولة كييف الانضمام لحلف الناتو.

الصدام بين روسيا وأوكرانيا ليس في صالح مصر

السفير عزت سعد

ويقول السفير عزت سعد، مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن الأزمة الأوكرانية تتعلق بدولتين لدى مصر علاقة طيبة جدا معهما وهما روسيا وأوكرانيا، حيث بينهما تعاون عسكري واقتصادي.

وأضاف «سعد»، أن ما يهم مصر ألا يكون هناك صدام بين الدولتين، لأن وجود مواجهة بينهما سيؤثر على المصالح المصرية، لافتًا إلى أن هناك ترتيبات معينة تمت بعد الحرب الباردة لم تكن ترتاح لها روسيا.

وتابع: «منذ تولي الرئيس الروسي الحكم شهد العالم أربع موجات لتمدد حلف الناتو شرقًا، وحتى عهد قريب كان بوتين يشعر أن ليس لديه من الأدوات ما تمكنه وقف هذا المد».

وذكر أن سلوك بوتين وحركته اليوم توحي أنه يشعر حاليا بأن لديه نفوذ وأدوات تمكنه من وقف هذا التمدد، ويريد أن يوصل رسالة قوية أن الأمور لم تعد كما كانت عليه، وأن بلاده جديرة أن تعامل على قدر المساواة، مستكملا: «يجب أن نضع في الاعتبار أن روسيا ليس لديها لوبي في أمريكا».

أمريكا تريد توريط روسيا ومصر تقف على الحياد

السفير رخا أحمد حسن

ويقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إنه يستبعد نشوب حرب بين روسيا وكل من أمريكا والغرب بسبب الأزمة الأوكرانية، مشيرا إلى أن روسيا أدركت أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد توريطها في حرب في أوكرانيا يمكن أن تمتد وتصبح مثل أفغانستان، كما أن قيام روسيا بتوجيه ضربة سريعة لأوكرانيا سيتم اتخاذه كمبرر من جانب الولايات المتحدة والغرب لضم أوكرانيا لحلف الناتو.

وتابع: «بالتالي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أدرك أن هناك مصيدة يتم نصبها لروسيا، كما أن روسيا لن تتحمل فرض عقوبات عليها في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم، لا سيما وأن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى منذ فترة إلى البحث عن بديل للغاز الروسي التي يتم تصديره لأوربا»، موضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية تتعمد إشعال الأزمة الأوكرانية من أجل التعتيم على عودتها للاتفاق النووي الإيراني، وبالتالي الأزمة الأوكرانية ما هي إلا مظاهرة سياسية تدخل في إطار الحرب الباردة.

واستكمل حديثه لـ«النبأ»: «الخلاصة أن ما يحدث هو شد حبل بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية»، مشيرًا إلى أن «بوتين» يريد أن يثبت للغرب أن روسيا دولة قوية ولها وضعها، لافتا أن مصر تأخذ موقف محايد من الأزمة الأوكرانية، مشيرا إلى أن مصر لها مصالح مع روسيا ومع أوربا ومع الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك هي دائما تدعو للهدوء وإزالة التوتر.

ولفت «حسن» إلى أن تصدير الغاز المصري لأوربا يحتاج إلى وقت من أجل إنشاء بنية أساسية تتمثل في مد خط أنابيب وإنشاء المزيد من محطات الإسالة، وبالتالي الحديث عن أن يصبح الغاز المصري بديلا للغاز الروسي مجرد كلام.

أمريكا تدفع العالم إلى الهاوية ومصر غير جاهزة لتصدير الغاز

السفير محمد الشاذلي

ويقول السفير محمد الشاذلي، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الولايات المتحدة الأمريكية تريد من افتعال هذه الأزمة دفع العالم إلى حافة الهاوية، مشيرا إلى أن سعي الولايات المتحدة الأمريكية لضم دول كانت أعضاء في حلف وارسو إلى حلف الناتو جعل روسيا تشعر بالخطر وأنها أصبحت محاصرة ويتم تهديد أمنها القومي، لافتا إلى الولايات المتحدة الأمريكية تريد فرض سياسة الأمر الواقع على دولة عظمى مثل روسيا وهو تصرف أحمق ويعيد العالم إلى أجواء الحرب الباردة.

وأكد «الشاذلي» أن مصر غير جاهزة الآن لتصدير الغاز لأوربا، موضحًا أن مصر ما زالت تطبق سياسة عدم الانحياز في العلاقات الدولية التي كانت تتبعها أيام الرئيس جمال عبد الناصر.

وأشار إلى أن مصر لها مصالح مع روسيا ومع أمريكا ومع أوروبا، مستبعدا نشوب حرب بسبب هذه الأزمة، وأكد على أن أمريكا وروسيا والغرب تعلموا الدرس من الحرب العالمية الأولى والثانية وما حدث فيهما من خراب ودمار، ولفت إلى أن هذه الأزمة سيكون لها تأثير على العالم كله، وخاصة دول العالم الثالث ومنها مصر، وستؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وتعطيل برامج التنمية في هذه الدول.