تفاصيل معركة المقاتلون الأجانب في أوكرانيا «الإرهابيون سابقا»
بينما يحتدم القتال في أوكرانيا بين الجيشين الروسي والأوكراني، دعت كل من روسيا وأوكرانيا إلى فتح الباب أمام تدفق المقاتلين الأجانب للمشاركة في الحرب، وسط تحذيرات من تداعيات خطيرة على الأمن الأوربي والروسي.
فقد دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، اليوم الجمعة، للترحيب بالمتطوعين الذين يريدون قتال القوات الأوكرانية، ومساعدتهم على الوصول للجبهات.
وشدد بوتن في اجتماع مع أعضاء مجلس الأمن القومي على ضرورة تسهيل إمكانية وصول المتطوعين الراغبين في القتال بأوكرانيا من دول الشرق الأوسط والأقصى.
وردا على طلب بوتن، أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إن 16 ألف متطوع من الشرق الأوسط طلبوا من الحكومة الروسية السماح لهم بالوصول إلى منطقة دونباس للمشاركة في القتال ضد قوات الحكومة الأوكرانية.
وتعقيبا على كلام وزير الدفاع الروسي، قال "الكرملين"، إنه "بإمكان السوريين التطوّع للقتال إلى جانب بلاده في أوكرانيا".
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أكدت، أن المرتزقة الأجانب الذين يصلون إلى أوكرانيا لن يتمتعوا بوضع المقاتلين أو أسرى الحرب في حالة احتجازهم، ووفقًا للمتحدث الرسمي باسم الوزارة إيجور كوناشينكوف، فإن جميع المرتزقة الذين أرسلهم الغرب لمساعدة النظام القومي في كييف ليسوا مقاتلين بموجب القانون الإنساني الدولي. وهم غير مؤهلين للحصول على وضع أسير حرب.
وأعلنت روسيا أن المرتزقة الذين ذهبوا إلى أوكرانيا من أجل الحصول على أرباح سهلة، وعملوا عن طيب خاطر كحلفاء «للنازيين الجدد» وخلق صورة «وحدة الغرب» لدعم نظام كييف ومن بين هذه القوات ما يسمى «الفيلق الجورجي» وهم غير مؤهلين للحصول على وضع أسير حرب.
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»، جون كيربي، قد قال، إن الوزارة تعتقد أن التقارير التي تفيد بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول تجنيد مقاتلين أجانب للقتال في أوكرانيا نيابة عن القوات الروسية صحيحة.
وأضاف كيربي في تصريحات أوردتها شبكة «سي إن إن»: "لدينا مؤشرات تؤكد هذه القصة بأنهم في الواقع يحاولون تجنيد مقاتلين أجانب، والتي نجد أن الجدير بالملاحظة أنه في ظل توقف التقدم العسكري داخل أوكرانيا مع وجود أكثر من 150 ألف جندي، وخاصة في الشمال، وجد السيد بوتين أنه من الضروري محاولة تجنيد مقاتلين أجانب لهذه الحرب التي يخوضها".
16 ألف متطوع أجنبي لبوا نداء القتال من أجل أوكرانيا حتى الآن
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال نقلت عن أربعة مسؤولين أمريكيين أنّ روسيا التي بدأت غزو أوكرانيا في 24 شباط/فبراير الماضي، باشرت في الأيام الأخيرة تجنيد مقاتلين سوريين لاستخدامهم في السيطرة على مناطق حضرية في أوكرانيا. وصرّح أحد هؤلاء المسؤولين للصحيفة أنّ بعض المقاتلين السوريين موجودون بالفعل في روسيا ويستعدّون للانضمام إلى المعارك في أوكرانيا، من دون مزيد من التفاصيل.
وكشف موقع "دير الزور 24" أن روسيا فتحت باب التسجيل في مناطق سورية لـ "السفر إلى أوكرانيا والعمل كحراس" برواتب تتراوح بين 200 و300 دولار.
من جهتها، نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول رفيع في الاستخبارات الأمريكية قوله إن لديهم معلومات تفيد بأن روسيا تخطط لنشر نحو ألف من المرتزقة في الأيام والأسابيع المقبلة، مشيرًا إلى أن مهمتهم ستكون دعم الوحدات الروسية المتعثرة، على حد تعبيره.
وفي المقابل، أبدى متطوعون في دول غربية، استعدادا وحماسا كبيرين للذهاب إلى أوكرانيا، لمساندة جيش البلاد في الحرب ضد روسيا، بينما شرعت سفارات كييف بعدد من عواصم العالم، في استقبال طلبات الراغبين بالتطوع لغرض القتال.
وبحسب تقارير صحفية، فإن السفارة الأوكرانية في العاصمة الأميركية واشنطن، شهدت إقبالا ملحوظا للمتطوعين الراغبين في القتال، رغم المخاطر الجمة المحدقة بالعملية، حيث قدّم نحو 3 آلاف متطوع طلبات بهذا الخصوص.
وكثفت عدة منظمات دولية من تحذيراتها مع تواتر الأنباء عن وصول الآلاف من المتطوعين الغربيين للانضواء تحت راية ”الفيلق الدولي“ الذي كان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد دعا إلى تشكيله لمساعدة بلاده في الحرب الدائرة على أراضيها.
وأعلن الجيش الأوكراني عن وصول أول مجموعة مقاتلين متطوعين من بريطانيا للمشاركة في القتال ضد القوات الروسية، ليكونوا جزءًا مما أسمته كييف (الفيلق الدولي)، وقد أعلن الرئيس، فلوديمير زيلينسكي، أن بلاده ستستقبل 16 ألف متطوع يمثلون (الدفعة الأولى من المقاتلين الأجانب الذين (سيدافعون عن حرية أوكرانيا وشعبها)، فيما قال وزير الخارجية، دميترو كوليبا: إن عدد المتطوعين بلغ 20 ألفًا من 52 دولة ومعظمهم ينحدرون من أوروبا.
وأفادت تقارير أن ”16000 متطوع أجنبي على الأقل لبوا نداء القتال من أجل أوكرانيا حتى الآن، وأن أكثر من 3000 أميركي يريدون القتال كجزء من فيلق الدفاع الإقليمي الدولي ضد القوات الروسية ومن أجل الحرية“، حسب تقرير لمجلة ”فوكوس“ الألمانية.
ووفق تقارير إعلامية قد يصل حجم من تطوع ما يقرب من 20 ألف شخص من 52 دولة للقتال من أجل أوكرانيا، فيما أكدت الخارجية الأوكرانية، أن ألف مقاتل ينتمون بالفعل حاليًا إلى” فيلق الدفاع الإقليمي الدولي لأوكرانيا“في كييف.
وذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن "المسؤولين الأوكرانيين حذروا أعضاء الفيلق الدولي للدفاع من أنهم لن يتمكنوا من مغادرة البلاد إلا بعد انتهاء حالة الأحكام العرفية".
وتشير الصحيفة إلى أن "بعض المجندين يرفضون الانضمام إلى الفيلق الدولي بعد تسليمهم العقود التي تجعلهم منهم مجندين فعليا".
وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد أعلن إنشاء الفيلق الدولي للدفاع عن أراضي أوكرانيا، وفي أواخر فبراير/شباط الماضي، في دعوة للأجانب كي يساعدوه في الدفاع عن بلده.
وقال مسؤولون عسكريون أوكرانيون لموقع "ميليتري تايمز" المتخصص في الشؤون العسكرية إن أولى طلائع الفيلق الأجنبي وصلت إلى أوكرانيا، وسط قصف روسي كثيف.
وأكد مسؤول أوكراني أن أولى مجموعات هذه الفيلق تشارك بالفعل في القتال.
ورفض المسؤول الأوكراني الكشف اسمه، لكنه أكد أن هناك مجموعة جديدة من المقاتلين الأجانب تنضم كل يوم إلى ساحات القتال.
وأضاف أن هؤلاء المقاتلين قادمون من دول شتى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والسويد والمكسيك وليتوانيا وغيرها من الدول.
خبراء يحذرون من خطورة المقاتلين الأجانب على الأمن الأوربي
يقول رئيس قسم العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي في مركز جنيف للدراسات، ناصر زهير، إن "دخول مقاتلين أجانب إلى أوكرانيا سيكون له ارتدادات سلبية جدا على الأمن الأوروبي، لأنه لا يمكن ضبط هذه الآلية، تماما كما حدث عندما تم تيسير نقلهم إلى سوريا والعراق، سيحدث نفس الأمر في أوكرانيا، ويصعب ضمان هذه الجماعات والنازيين الجدد والجماعات اليمنية المتطرفة ولا المجموعات التي تذهب لتقاتل بمبدأ القومية".
وأعرب في حديثه لوكالة "سبوتنيك" الروسية، عن اعتقاده بأن "قرار نقل المرتزقة ليس قرارا رسميا وربما جاء في إطار الضغط على روسيا بترتيب استخباراتي"، متوقعا "توقفا مؤقتا للتعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب في إطار منظمة الأمن والتعاون الأوروبي"، مستبعدا أن "يحدث المرتزقة تغييرا في معادلة القوة على الأرض".
وأوضح الخبير في القانون الدولي، محمد خير عكام، أن "الدولة التي تلجأ إلى المرتزقة تعني أنها غير قادرة على خوض معركتها، ومسألة المرتزقة يرفضها القانون الدولي، ويحمل الدول التي تدعم هذا الإجراء مسؤولية قانونية، بدءا من الدول التي تسهل نقلهم وصولا إلى الدول التي تتعاقد معهم، وهو ما دفع روسيا إلى القول بأنها لن تعاملهم كأسرى حرب، وهو أمر قانوني، وروسيا محقة في اللجوء إليه وفي الدفاع عن أمنها القومي".
من جانبه، أكد خبير مكافحة الإرهاب الدولي، زكريا سالم، "أن داعش صناعة أمريكية، ونقلها لأوكرنيا بالاضافة إلى باقي المجموعات الإرهابية التي بدأت تدخل من الحدود، سيهدد الأمن القومي لأوروبا، خاصة مع وقوع السلاح الأمريكي والمعونات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي في يد هذه الجماعات".
وأشار إلى أن "أوروبا لم تحارب منذ فترة طويلة، ولم تقرأ هذه النقطة جيدا، ومازالت تقدم إمدادات لهذه التنظيمات التي باتت على حدودها".
وبحسب الباحث المختص في الشأن الأوروبي، حازم سعيد، هناك توقعات من وزارة الدفاع الأوكرانية بتسجيل أكثر من 11 ألف متطوع للخدمة في صفوف قوات الدفاع الشعبي.
وفي دراسته المنشورة عبر المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أورد حازم أن أوكرانيا تقوم بتجنيد “مرتزقة” لتنفيذ عمليات داخل البلاد، تشمل مواجهة المرتزقة التي يرسلها الكرملين وجهًا لوجه، مقابل مبالغ تصل إلى 2000 دولار يوميًا.
وألمح الباحث إلى تطور بالغ الأهمية، موضحا أن الجماعات الإسلامية المتطرفة و“الجهادية” تحث أنصارها عبر مواقعها الإلكترونية على حمل السلاح ضد روسيا. فتريد "الجماعات الجهادية" محاربة روسيا غالبًا، فهي تستغل اشتراكها في الحرب السورية وغيرها من أراضي القتال للدخول إلى أوكرانيا في أثناء الحرب الروسية الأوكرانية لإعادة إشعال الصراع ضد روسيا.
وبحسب الباحث، رفضت الحكومات الأوروبية والغربية إرسال قواتها إلى أوكرانيا خشية أن يؤدي ذلك إلى اندلاع حرب عالمية، مما أدى إلى تشكّيل في مختلف أنحاء أوروبا ظاهرة “التطوع” للانخراط في مواجهة القوات الروسية في أوكرانيا، فلا تمانع العديد الدول الأوروبية والغربية سفر مواطنيها إلى أوكرانيا، لا سيما الذين أنهوا خدمتهم العسكرية في جيوشهم الوطنية ويملكون خبرات قتالية عالية ممن يُطلق عليهم “المحاربين القدامى”.
ويقول سعيد إن تشجيع الحكومات على تدفق المقاتلين الأجانب للمشاركة في الحرب ولحمل السلاح يناقض قرارات منظمة الأمم المتحدة بشأن المقاتلين الأجانب مثل القرار الأممي 2178. وبالتالي فإن تدفقهم إلى أوكرانيا سيصبح له انعكاسات سلبية جدا على الأمن الأوروبي والإقليمي والدولي، كون أن أوكرانيا وروسيا ستمنح الفرصة للمقاتلين من خارج أوروبا ليتسللوا إلى دول أوروبا، ناهيك أن دول الجوار الأوكراني تستقبل الاوكرانيين أو المقيمين في أوكرانيا، مثل بولندا وهذا قد يسمح للجماعات المتطرفة للعودة إلى أوروبا من جديد.
وقال إد أرنولد، الباحث في الأمن الأوروبي في معهد رويال يونايتد سيرفيسز، ومقره لندن: «إنه لمن الخطر الشديد أن يسافر الناس (إلى أوكرانيا) في الوقت الحالي»، مضيفا أن القتال في الحرب «ليس سهلا»، وأكد أرنولد، الذي خدم كضابط مشاة في الجيش البريطاني، أن الدعوة قد تكون مناسبة أكثر لمن تلقوا تدريبات عسكرية. لكنه أضاف: «إذا لم تتدرب عسكريا، فستكون فكرة سخيفة للغاية».