«مستغلين» أسماء جامعات دولية مرموقة..
نكشف مافيا النصب على الطلاب المصريين بحجة تسفيرهم للدراسة بالخارج
النصب على الطلاب المصريين.. انتشرت إعلانات ومنشورات على شبكة الإنترنت خلال الآونة الأخيرة، تتضمن الترويج لكيانات تعليمية وهمية هدفها النصب والاستيلاء على أموال المواطنين من راغبي الدراسة بالخارج والحصول على شهادات دراسية عليا من جامعات أجنبية، بزعم أنها تستطيع تحقيق أحلام الطلاب فى الالتحاق بالكليات العملية التى حالت نسبهم المئوية دون الانضمام إليها.
النصب على الطلاب المصريين
لم تتوقف عمليات النصب والتزييف عند ذلك الحد؛ بل امتد الأمر إلى أن القائمين على إدارة تلك الكيانات الوهمية بالترويج لنفسها على أرض الواقع وتدعي بأنها كيانات تعليمية «معتمدة» من جامعات أجنبية مثل جامعة «هارفارد»، وغيرها من الجامعات ذات الصيت والمكانة العلمية المرموقة، لتصبح هذه الكيانات فخًا، والطلاب الذين يرغبون في الدراسة بالخارج للحصول على شهادات دراسية عليا، صيدًا ثمينًا، فضلًا عن أنها تهديد لمستقبلهم.
وتستعرض «النبأ الوطني» خلال السطور التالية أبرز الكيانات التعليمية الوهمية التي كان ضحاياها من الطلاب الراغبين في الدراسة بالخارج للحصول على شهادات عليا، وسقطوا صيدًا ثمينًا في فخها، للاستيلاء على أموالهم، وتمت مداهمة عدد من هذه الكيانات فى القاهرة والجيزة والإسكندرية وغيرها من المحافظات المصرية، وتم إغلاقها وتشميعها وضبط القائمين عليها.
وكانت آخر هذه الوقائع تلك التي تمكنت الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة بقطاع مكافحة جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة، من ضبطها خلال الأسبوع الماضي، وتمثلت في قيام (شخص، مقيم بحلوان) بإنشاء كيان وهمي للدراسة بالخارج، كائن بدائرة قسم شرطة المعادى بالقاهرة، واتخاذه وكرًا لممارسة نشاطه الإجرامي في النصب والاحتيال والاستيلاء على أموال المواطنين من راغبى السفر للخارج لاستكمال دراستهم بالجامعات الأجنبية.
وتبيّن أن المتهم أعلن خلال شبكة الإنترنت بأن الأكاديمية المشار إليها حاصلة على وكالة رسمية من العديد من الجامعات الأجنبية -خلافًا للحقيقة-، ومن خلال ذلك النشاط يتحصل على مبالغ مالية من كل طالب.
وعقب تقنين الإجراءات أمكن ضبطه بمقر الأكاديمية المشار إليها، وعثر بحوزته على (عدد من العقود بين الأكاديمية والطلاب الراغبين فى السفر للدراسة بالخارج بأسماء أشخاص مختلفة – مجموعة من الإعلانات الخاصة بالأكاديمية والتى تتضمن إمكانية الحصول على شهادات دراسية عليا بالخارج من جامعات أجنبية - أكلاشيه تقرأ بصمته اسم الأكاديمية المشار إليها يستخدم فى مهر العقود والأوراق الخاصة بها - مجموعة من المستندات الخاصة براغبى السفر للخارج بقصد الدراسة – 2 دفتر إيصال إستلام نقدية تفيد تلقى المتهم مبالغ مالية من الدارسين – مبالغ مالية "أجنبية – محلية" من متحصلات نشاطه الإجرامى)، وبمواجهته أقر بنشاطه الإجرامى، وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال المتهم.
ملاحقة الكيانات الزائفة
انتشار تلك الكيانات الزائفة دفع وزارة التعليم العالى إلى تفعيل دور لجنة الضبطية القضائية لملاحقة تلك الجامعات والمعاهد التى تدّعى انتسابها إلى الوزارة، لتسفر عمليات الرصد والمراقبة خلال شهر عن مداهمة وغلق وتشميع ما يقرب من 20 كيانًا وهميًا وأفرعها بمحافظات مختلفة على مستوى الجمهورية، حيث يعتمد القائمون على الكليات والمعاهد الزائفة على تزوير التراخيص، في محاولة منهم لاتمام عملية النصب، مستغلين فى ذلك حاجة الطلاب للارتقاء بمستواهم التعليمي ورغبة ذويهم في التحاقهم بكليات ذات مستقبل مشرق حسب اعتقادهم.
وكانت وزارة التعليم العالى قد أعلنت أنها وجّهت ضربات قاصمة لعدد من الأكاديميات الزائفة، ما أدى إلى إغلاقها، وكان لمحافظة الجيزة النصيب الأكبر والحظ الأوفر من تلك الكيانات، وقامت لجان الضبطية القضائية التابعة للوزارة بمداهمة وإغلاق معهد «هارفارد إس سي» للعلوم والتكنولوجيا الذى كان يحمل اسم «أكاديمية اليوم الخامس للعلوم والتكنولوجيا سابقًا».
هارفارد الأمريكية
وتبيّن من التحريات أن تلك الأكاديمية قد نظمت عمليات نصب على الطلاب، إذ ادّعت أنها تمنحهم شهادات معتمدة من جامعة «هارفارد الأمريكية»، ليتبيّن أنها غير معادلة أو معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات المصرية بالأساس، لعدم حصولها على ترخيص من الوزارة وبالتالى فهي غير معتمدة من قبَل «هارفارد» ولا غيرها من الجامعات العالمية، ولهذه الأكاديمية الوهمية عدّة فروع فى المحافظات وقامت اللجان بإغلاقها جميعا، ومقرّها الرئيسى بشارع الهرم بمحافظة الجيزة.
وفي محافظة الإسكندرية، قامت لجان الضبطية القضائية بمداهمة وإغلاق وتشميع أكاديمية «الصفوة» للتدريب بشارع فيكتوريا، على خلفية ادعائها أنها تمنح شهادات للتمريض للطلاب عقب 5 سنوات من الالتحاق بها، حيث تبيّن أن تلك الأكاديمية لم تحصل على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة، لم تكن «الصفوة» هى الكيان الوحيد الذى تم إغلاقه فى الإسكندرية.
النصب باسم معاهد التمريض
كما تمكنت لجان الضبطية من إغلاق أكاديمية تحمل اسم «دلتا إسكندرية» للدراسات المتخصصة، بالإضافة إلى أكاديمية الحياة للتمريض بمنطقة العصافرة، وذلك عقب انتهاجها مبدأ النصب فى منح طلاب الثانوية العامة دبلومات في التمريض المهني، وكذلك منح شهادات من المستشفيات التى ستتم عمليات التدريب فيها، كما تم إغلاق مؤسسة «فيجون» لزعمها منح شهادات دبلومات معتمدة.
وأصدر وزير التعليم العالي قرارًا بغلق فرع المنشأة المسماة هيئة «هارفارد إيجى» للتدريب بمحافظة الإسكندرية لاشتراكها مع أكاديمية ومعهد هارفارد سى إس للعلوم والتكنولوجيا فى منح شهادات أجنبية وهمية مزعوم صدورها من الجامعة الأمريكية هارفارد، وهى غير معادلة أو معتمدة من «الأعلى للجامعات».
وفى محافظة الدقهلية تم ضبط وإغلاق كيانين مزيفين فى المنصورة يعملان دون تراخيص ويلتحق بهما المئات من الطلاب الذين اعتقدوا أنهم سيضمنون لهم مستقبلًا مستقرًا وشهادات معتمدة، وأعلنت الوزارة اسم الكيانين لتحذير الطلاب وأهاليهم من الوقوع فى شباكهما في حال قاما بافتتاح أفرع أخرى لهما وهما «سنتر فيو» بالحي الأول بالجامعة، والكيان الآخر يحمل اسم معهد 6 أكتوبر ويقع بشارع أحمد ماهر بحي الجامعة، حيث يمارس الكيانان مزاولة المهنة دون الحصول على ترخيص من «التعليم العالى».
أما فى محافظة الشرقية أغلقت الجهات المختصة المنشأة المسماة بالأكاديمية البريطانية المصرية للتدريب، والتي اتخذت من مدينة الزقازيق مقرًا لها، وكشفت عمليات المداهمة المفاجئة أن الأكاديمية لا تحمل تراخيص من وزارة التعليم العالى أو الجهات المعنية، وعلى الرغم من ذلك تقوم بمزاولة نشاط تعليمى فى مجالات المصطلحات الطبية والتمريض والباطنة والجراحة بقسمَيها النظرى والعملى، إضافة إلى الإسعافات الأولية.
وداهمت لجنة الضبطية القضائية المنشأة المسماة أكاديمية CTA للعلوم والتدريب والكائن مقرها (بجوار المحافظة - الزقازيق - محافظة الشرقية)، وتقوم بمزاولة أنشطة تعليمية وتدعي منح شهادات معتمدة في مجالات (الجراحة ـ التشريح ـ مهارات التمريض ـ مصطلحات طبية ـ تنمية الموارد البشرية)، وذلك دون الحصول على ترخيص من وزارة التعليم والعالي والبحث العلمي ومن الجهات المختصة، وتم غلقها بقرار من قرر وزير التعليم العالي.
يأتي ذلك في إطار سعي الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، للحفاظ على مستقبل الطلاب، بتكثيف الجهود لمداهمة أي كيانات وهمية أو مقرات تمارس العملية التعليمية دون ترخيص، حفاظًا على مصالح الطلاب وأولياء الأمور وضمانًا لعدم التلاعب بهم، ومطالبتهم بعدم الانسياق وراء هذه الكيانات الوهمية، والالتزام بالجامعات والمعاهد المعتمدة الموجودة على موقع الوزارة، وصفحات التواصل الاجتماعي الرسمية للوزارة.
تجربة التعليم الروسية
من جهتها، طالبت النائبة سكينة سلامة، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب بتغليظ العقوبة على القائمين على الكيانات الوهمية لتلاعبهم بمستقبل الطلاب وأحلامهم وأن هؤلاء الطلاب يكتشفون في النهاية أنهم سقطوا ضحايا عمليات نصب ومن ثم يفتقدون لطموحاتهم، خاصة أن هناك جامعات في روسيا وأوكرانيا غير معترف بها في مصر، مؤيدة ما تقوم به وزارة التعليم العالي ولجنتها المشكلة بشأن الضبطية القضائية لمكافحة وضبط الكيانات الوهمية في مصر.
وأضافت عضو لجنة التعليم بمجلس النواب في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أنها طالبت الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي، من خلال المنظومة الجديدة في مقترح بأن يتم عمل جامعات دولية في مصر، وأيضًا يتم تطبيق تجربة التعليم الروسية في مصر، وذلك بهدف المحافظة على أبنائنا الطلاب من التعرض للنصب، إضافة إلى دخول عملة أجنبية للبلد بأن يتم استقطاب الطلاب الأجانب لتلك الجامعات، مؤكدة أن مصر لديها الكفاءات المصرية والاستثمارات القادرة على القيام بذلك الأمر.
وأشارت «سلامة» إلى أنه بذلك يكون هذا المقترح الذي تقدمت به لوزير التعليم العالي؛ حلًا سحريًا لإنقاذ الطلاب من التعرض لعمليات النصب على يد القائمين على الكيانات الوهمية، وعدم سفرهم للخارج، مؤكدة أنها سوف تتقدم بهذا المقترح للمرة الثانية لحل أزمة تعرض الطلاب راغبي السفر للدراسة بالخارج للنصب، خاصة أن هناك جامعات معينة في روسيا وأوكرانيا معترف بها لدى المجلس الأعلى للجامعات.
ونوهت عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، إلى أنه على الرغم من أن وزارة التعليم العالي دائمًا تعرض على صفحاتها وصفحة المجلس الأعلى للجامعات عدد وأسماء الجامعات الخارجية بالدول الأجنبية المعترف بها لدى مصر، إلا أنه مع الأسف هناك طلاب يعلمون ذلك لكنهم يتعرضون للنصب بعد إقناعهم بأنهم يمكنهم عمل معادلة بعد ذلك في مصر، مقدمة الشكر لوزير التعليم والمجلس الأعلى للجامعات ووزير الهجرة على دورهم في سرعة إيجاد حلول سريعة للمشكلات التي يواجها أبنائنا الطلاب بالخارج.