كيف أصبحت البورصة المصرية سيئة السمعة؟.. وأسباب هروب المستثمرين لشهادات الـ18%
مع ارتفاع الأسعار وانتشار الأزمات المالية العالمية التي يواجهها الشركات في كثير من الدول، اتجاه المواطنين، لإدخار الأموال بطرق متعددة مثل شهادات الإدخار ذات عائد الـ18%، وشراء الدولار، والذهب والعقارات، بينما ابتعد شريحة كبيرة من الأفراد عن البورصة.
ووصلت حصيلة الشهادات ذات العائد الـ18% في بنكي الأهلي المصري وبنك مصر إلى 345 مليار جنيه خلال 11 يومًا.
وكان بنكا الأهلي ومصر يوم الإثنين الموافق 21 مارس الجاري، طرح شهادة إدخار جديدة بفائدة مرتفعة بعد إعلان البنك المركزي عن زيادة نسبة الفائدة 1% لأول مرة منذ 5 سنوات، وانخفاض سعر الجنيه أمام الدولار.
وأتاح بنكا مصر والأهلي المصري شراء شهادة 18% سنويًا من خلال خدمة الإنترنت البنكي، تجنبا لزيادة الكثافة داخل الفروع وتوفير وقت وجهد العملاء.
شهادات الإدخار الأكثر حظًا
بينما خرج تجار الذهب خلال الأسبوعين الماضيين، مطالبين المواطنين بشراء الذهب لأنه أصبح الملاذ الآمن بعد وصول سعره إلى 1070 جنيهًا لعيار «21» الأكثر انتشارًا، ولكن الأمر لم يلفت نظر الكثير وخصوصًا مع وجود شهادات بعائد 18%، وسرعان ما انخفض سعر الذهب إلى 975 جنيهًا حاليًا؛ ليتراجع الطلب عليه مرة أخرى وعلى بيعه.
أما بالنسبة للدولار، فشهد بداية الأزمة التي حدثت بعد ارتفاع سعره ليكسر حاجر 18 جنيهًا لأول مرة منذ عامين، إقبالًا شديدًا من المواطنين وخاصة مع توقعات ارتفاع سعر العملة الخضراء حتى نهاية العام الجاري، وهو الأمر الذي أدي إلى نشاط السوق السوداء ولا سيما مع عدم توافره في البنوك لاستيراد السلع غير الأساسية.
ولكن استطاعت السياسة النقدية في امتصاص السيولة الدولارية في الأسواق خلال الأسبوعين الماضيين، عن طريق طرح الشهادات ذات العائد 18%؛ ما أدى إلى تراجع الاحتفاظ بالدولار كاستثمار، وتنازل المصريين عن العملة الخضراء مقابل شراء شهادات لمدة سنة، هو ما تسبب في ترجع سعر الدولار بقيمة 20 قرشًا خلال الأيام القليلة الماضية.
فيما يشهد السوق العقاري، حالة من الارتفاعات غير مسبقة، والتي تسببت في عدم مقدرة المواطنين على شراء عقار جديد أو البيع بشكل عام، ولا سيما مع زيادة الحديد والأسمنت، بالإضافة إلى أنه يعتبر استثمار على المدى البعيد لا يأتي بعائد فوري أو شهر، إذا تم مقارنته بالشهادات ذات فائدة الـ18%.
وبالرغم من أن الشهادات ذات عائد 18% كان لها النصيب الأكبر في إدخار أموال المواطنين ولكن الذهب والعقارات والدولار، أيضًا يحققون مكاسب للأفراد سواء على المدى البعيد أو القريب وهم مخزون للقيمة، بخلاف البورصة والتي أصبحت لا تجذب المستثمرين المحليين، بل وصل الحد إلى أن المستثمرين الحالين يردون الخروج فقط بأقل الخسائر.
الخروج دون ديون
وفي هذا السياق، قال الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي، ومحلل أسواق المال، إن البورصة كانت بداية انتعاش الاقتصاد المصري خلال عام 2004، بعد أزمة القطاع المصرفي والذي كاد أن يعلن إفلاسه في عام 2000، وأدى ذلك إلى فكرة طرح شركات القطاع العام والأعمال في البورصة، التي حققت نجاحات واستطاعت من خلال ذلك النهوض بالقطاع المصرفي.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن البورصة المصرية تشهد حاليًا أزمة بسبب وجود بعض المستثمرين تم تمويلهم بما يقرب من 8 مليار جنيه من البنوك والشركات؛ ونتيجة تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية اضطر تلك المؤسسات إلى الخروج من البورصة وهذه كانت أولى الضربات التي تعرضت لها؛ لأن الأموال هي الأكسجين لأسهم البورصة.
وأوضح «النحاس»، أنه بالتالي تم سحب أموال الأجانب من البورصة، مع بعض القرارات التي أصدرتها هيئة الرقابة المالية من غلق عدد من الأكواد ووقف بعض الأسهم وعمليات تحويل المحكمات والمحاسبات القانونية، وغرمات، قائلًا: «وهوالأمر الذي جعل الاستثمار في البورصة صعبًا وسيئ وهدف المستثمرين فيها حاليًا كيفية الخروج منها بأقل خسارة، وبدون ديون».
وتابع: «الضربات التي لحقت بالبورصة خلال الفترة الماضية بجانب كسر عديد من الأكواد وخروج مستثمرين، بالإضافة إلى المشكلات التي تأتى في أى ذهن على المستثمر المصري، وهي الضرائب، هو الذي أدي إلى الابتعاد عن البورصة».
الذهب ليس ملاذ آمن
وعن الاستثمار في الشهادات ذات العائد 18% والذهب، أشار الخبير الاقتصادي، إلى أن شهادات الإدخار هي حل مؤقت ومسكانات للأزمة التي تمر بها البلاد وخصوصًا مع ارتفاع سعر الدولار في البنوك وانخفاض قيمة الجنيه.
وأكد أن الذهب ليس الملاذ الآمن للاستثمار خلال الفترة الحالية، ولكنه نجح في مصر خلال فترة تعويم الجنيه، قائلًا: «الفترة المقبلة ستشهد بيع الذهب من خلال البنوك المركزية على مستوى العالم لشراء الدولار وهو الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاضه بنهاية 2022».
بالنسبة لشراء الدولار والعقارات، لفت الخبير، إلى أن الدولار هو يعد مكسب خلال الفترة الحالية؛ لأنه سيحدث عليه ضغط أثناء الحرب الروسية الأوكرانية، ويرتفع سعره حتى بداية 2023 ثم يعاود الانخفاض، متوقعًا استمرار تداعيات الحرب لمدة تصل إلى عامين.
وواصل: «أما العقارات أصبح هناك صعوبة في عمليات البيع والشراء؛ نتيجة انخفاض القوة الشرائية لدي المستهلك، ووجود أولويات خاصة بتأمين السلع الغذائية داخل كل منزل؛ بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع الأجور».
وختم: «على كل مواطن أن يتأقلم مع الوضع الحالي وتتنوع محفظته الاستثمارية من عقارات وذهب ودولار وشهادات إدخار، بما يحقق له عائد وربح على المدي الطويل والقصير وعلى حسب إمكانياته».