بعد أن تخلى عن لقبه.. قصة الأمير حمزة بن الحسين الأخ غير الشقيق لملك الأردن من ولاية العرش إلى السقوط في مستنقع «الفتنة»
إعلان ولي العهد الأردني السابق، الأمير حمزة بن الحسين، التخلي عن لقب الأمير، أثار الكثير من الجدل، وأعاد قضية «الفتنة» التي كان متهما فيها إلى الواجهة رغم اعتذاره للملك عبد الله.
وقال الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني، في بيان نشره الأحد عبر تويتر: "بعد الذي لمست وشاهدت خلال الأعوام الأخيرة قد توصلت خلاصة بأن قناعاتي الشخصية والثوابت التي غرسها والدي في، والتي حاولت جاهدًا في حياتي التمسك بها لا تتماشى مع النهج والتوجهات والأساليب الحديثة لمؤسساتنا".
وأضاف: "من باب الأمانة لله والضمير لا أرى سوى الترفع والتخلي عن لقب الأمير، وقد كان لي الشرف العظيم بخدمة بلدي المفدى وشعبي الغالي بهذه الصفة على مدى سنوات عمري".
وتعهد بأنه "سيبقى دائما مخلصا للأردن" و"سيواصل قدر استطاعته في حياته الخاصة بخدمة وطنه وشعبه ورسالة الآباء والأجداد".
من هو الأمير حمزة بن الحسين ؟
الأمير حمزة بن الحسين بن طلال بن عبد الله من (مواليد 29 مارس 1980 ) وهو الأبن الأكبر للملك الحسين من زوجته الرابعة الملكة نور الحسين، وهو الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني (ملك الأردن الحالي)، كان ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية السابق، كما كان ضابطا سابقا في الجيش الأردني.
تولى ولاية العهد بالفترة بين 7 فبراير 1999 إلى 28 نوفمبر 2004، وقد ذكرت الملكة نور في سيرتها الذاتية أنها هي والملك حسين سميا الأمير حمزة بهذا الاسم نسبة لحمزة بن عبد المطلب.
أنهى تعليمه الابتدائي في عمان، ومن ثم درس بمدرسة هارو بالمملكة المتحدة، والتحق بعد ذلك بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية وتخرج منها في 10 ديسمبر 1999 بتفوق حيث حاز على سيف الشرف، وهو أرفع تقدير يتسلمه ضابط من خارج بريطانيا، كما حاز على جائزة الأمير سعود بن عبد الله والتي تمنح لمن يحرز أفضل علامة في دراسته الأكاديمية من الضباط غير البريطانيين. وقد تخرج سموّ الأمير حمزة بن الحسين من جامعة هارفرد الأمريكية في مطلع عام 2006 وحصل على شهادة الماجستير في الدراسات الدفاعية من كلية كينغز كوليج لندن في المملكة المتحدة عام 2011.
تم تنصيب الأمير حمزة في ولاية العهد بعد وفاة والده الملك الحسين بن طلال وتولي الملك عبد الله الثاني (ولي العهد آنذاك) سلطاته الدستورية ملكا على الأردن بتاريخ 7 شباط 1999، واستمر في منصبه حتى 28 كانون الأول 2004 لقرابة ست سنوات. وقد تم اعفاءه من ولاية العهد عبر رسالة من الملك عبد الله الثاني بن الحسين، لأنه رأى أن هذا المنصب شرفي ويقيّده ويحد من إمكانية تكليفه ببعض المهام، ويحول بينه وبين تحمل بعض المسؤوليات.
في 29 أغسطس 2003 عقد قرانه على الأميرة نور بنت عاصم بن نايف بن عبد الله الأول التي أصبحت تلقب بعد الزواج بنور حمزة، وأنجب منها الأميرة هيا (ولدت في 18 أبريل 2007)، إلا أنهما انفصلا في شهر سبتمبر من عام 2009.
لكن الأمير حمزة تزوج مرة أخرى بالأميرة بسمة محمود العتوم، وأنجب منها كلا من الأميرة زين، والأميرة نور، والأميرة بديعة، والأميرة نفيسة، والأمير حسين.
قضية الفتنة.. مؤامرة تستهدف أمن واستقرار البلاد
في شهر أبريل عام 2021، شهد الأردن تطورات غير مسبوقة؛ في ظل حديث عن مؤامرة تستهدف أمن واستقرار البلاد تورط فيها الأمير حمزة بن الحسين.
وفي 5 أبريل أعلن الأمير حمزة بن الحسين في تسجيل صوتي متداول عبر موقع "تويتر" أنه "لن يلتزم بالأوامر" بعدما اتهم بزعزعة "أمن الأردن واستقراره".
وقال الأمير: "أنا لن أتحرك لأنني لا أريد أن أصعد الآن، لكن أنا بالتأكيد لن ألتزم، بالتأكيد لن ألتزم عندما يقال لي ممنوع أن أخرج وأن أغرد وأن أتواصل مع الناس وفقط مسموح لك أن ترى العائلة"، على حد ما جاء في التسجيل الصوتي المنسوب له والذي يتحدث فيه عبر الهاتف.
وتابع الأمير حمزة في التسجيل المتداول: "أن يأتي رئيس أركان ويقول لي هذا الكلام، هذا غير مقبول بأي شكل من الأشكال. حاليا أنتظر الفرج لنرى ما سيحصل".
وتعهد ولي العهد الأردني السابق، الأمير حمزة بن الحسين، بالالتزام بنهج الأسرة الهاشمية، والدستور.
وذكر بيان للديوان الملكي نشر على موقع "تويتر": "في ضوء قرار الملك عبدالله الثاني في التعامل مع موضوع الأمير حمزة ضمن إطار الأسرة الهاشمية، أوكل جلالته هذا المسار لعمه، الأمير الحسن".
وتابع البيان أن الأمير الحسن "تواصل بدوره مع الأمير حمزة، وأكد الأمير حمزة بأنه يلتزم بنهج الأسرة الهاشمية، والمسار الذي أوكله الملك إلى الأمير الحسن".
وأضاف "اجتمع الأمير الحسن والأمراء هاشم بن الحسين، وطلال بن محمد، وغازي بن محمد، وراشد بن الحسن، اليوم الاثنين، مع الأمير حمزة في منزل الأمير الحسن، حيث وقع الأمير حمزة رسالة".
ونقل البيان عن رسالة الأمير حمزة "في ضوء تطورات اليومين الماضيين، فإنني أضع نفسي بين يدي الملك، مؤكدا أنني سأبقى على عهد الآباء والأجداد، وفيا لإرثهم، سائرا على دربهم، مخلصا لمسيرتهم ورسالتهم وللملك، وملتزما بدستور المملكة الأردنية الهاشمية. وسأكون دوما للملك وولي عهده عونا وسندا".
وفي 6 أبريل 2021، قرر النائب العام الأردني، الدكتور حسن العبد اللات، حظر النشر في التحقيقات المرتبطة بالأمير حمزة بن الحسين وآخرين.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية عن العبداللات قوله: "حفاظا على سرية التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية، المرتبطة بالأمير حمزة بن الحسين وآخرين، حظر النشر في كل ما يتعلق بها في هذه المرحلة".
وأشار إلى أن حظر النشر سيكون لحين صدور قرار بخلاف ذلك، ويشمل الحظر وسائل الإعلام المرئي والمسموع ومواقع التواصل الاجتماعي، ونشر وتداول أي صور أو مقاطع مصورة "فيديوهات"، تتعلق بهذا الموضوع وتحت طائلة المسؤولية الجزائية.
واستثنى الحظر التصريحات الصادرة عن الجهات الرسمية في البلاد بخصوص القضية، التي أثارت الجدل في الأردن قبل أن تُطوى بوساطة داخل العائلة الهاشمية.
وفي 11 أبريل 2021، ظهر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وولي العهد السابق الأمير حمزة، معا للمرة الأولى منذ "الأزمة" التي شغلت البلاد، وذلك في حفل بمناسبة مئوية تأسيس المملكة الهاشمية.
وأظهرت وسائل الإعلام الحكومية العاهل الأردني وأفرادا آخرين من العائلة الحاكمة يضعون أكاليل الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول، احتفالا بمرور 100 عام على تأسيس الأردن.
ومنذ 21 يونيوالماضي، بدأت محكمة أمن الدولة القضية، جلسات محاكمة الموقوفين فيما عُرف بقضية "الفتنة" في الأردن، خلف الأبواب المغلقة نظرا لحساسيتها.
وقال محامي الدفاع بقضية "الفتنة" بالأردن، إن المحكمة رفضت طلب استدعاء الأمير حمزة بن الحسين للشهادة، بعدما طلب فريق الدفاع عن أحد المقربين السابقين من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والذي يُحاكم بتهمة التحريض على زعزعة استقرار المملكة، الحضور للإدلاء بشهاداته ضمن 25 آخرين.
وفي يوليو، قضت محكمة أمن الدولة بالسجن 15 عاما بحق رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد، فيما يعرف بقضية "الفتنة" واستهداف أمن الأردن.
وفي 9 سبتمبر 2021 أيدت محكمة التمييز الأردنية (أعلى هيئة قضائية بالمملكة)، الأحكام الصادرة ضد المدانين في قضية الفتنة.
وقالت المحكمة في بيان نقلته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إن "الأفعال التي ارتكبها المتهمان بقضية الفتنة انطوت على أفعال كان من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر".
وأضافت أن "قرار محكمة أمن الدولة المتعلق بالقضية استجمع الأفعال المرتكبة من قبل المتهمين كافة أركان عناصر الجرائم المسندة إليهما، وأن قرار تجريم المتهمين جاء متفقا وأحكام القانون".
وجاء في حيثيات النطق بالحكم أن المتهمين "سعيا لزعزعة استقرار الأردن"، و"تدبير مشروع إجرامي لإحداث فتنة"، و"ثبوت تحريض المتهمين ضد الملك (عبدالله الثاني)".
إضافة إلى أن المتهمين باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد "يحملان أفكارا مناوئة للدولة وسعيا معا لإحداث الفوضى والفتنة داخل الدولة والمجتمع"، حسب ما تلته محكمة أمن الدولة وأوردته وكالة الأنباء الرسمية (بترا).
ثم قدم الأمير حمزة بن الحسين اعتذارا للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن تصرفاته بحقه في إشارة إلى ما يعرف إعلاميا بقضية "الفتنة" بالأردن.
وأكد الأمير حمزة أنه أخطأ في حق الملك عبد الله الثاني قائلا: "أعتذر من الشعب الأردني ومن أسرتنا عن كل هذه التصرفات".
وقال الأمير حمزة بن الحسين في رسالة إلى العاهل الأردني والشعب الأردني: "أتحمل مسؤوليتي الوطنية إزاء ما بدر مني من إساءات خلال السنوات الماضية وما تبعها من أحداث في قضية الفتنة.
وأضاف الأمير حمزة في رسالته: "لقد مرّ أردننا العزيز العام الماضي بظرف صعب، وفصل مؤسف تجاوزهما الوطن بحكمة الملك عبد الله الثاني وصبره وتسامحه ووفرت الأشهر التي مرت منذ ذلك الوقت فرصة لي لمراجعة الذات، والمصارحة مع النفس، ما يدفعني إلى كتابة هذه الكلمات إلى الملك عبد الله الثاني عميد الأسرة الهاشمية"، معربا عن أمله طيّ تلك الصفحة في تاريخ الأردن والأسرة.
وأكد الأمير حمزة أنه يتعهد، كما تعهد أمام الأمير الحسن بن طلال، أن أسير على عهد الآباء والأجداد، وفيا لإرثهم، مخلصا لمسيرتهم في خدمة الشعب الأردني، ملتزما بدستورنا، تحت قيادة الملك عبد الله الثاني الحكيمة.
وأشار الديوان الملكي إلى أن الرسالة جاءت بعد لقاء الملك عبد الله الثاني بالأمير حمزة بناء على طلبه.
وأكد الديوان الملكي أن اعتذار الأمير حمزة خطوة في الاتجاه الصحيح للعودة إلى دور الأمراء في خدمة الوطن وفق تكليف الملك عبد الله الثاني.
وأعلن الديوان الملكي الهاشمي، في بيان، تلقي الملك عبدالله الثاني رسالة من الأمير حمزة بن الحسين تاليا نصها.
وشدد بيان الديوان الملكي الهاشمي أن الأمير حمزة رفع رسالته إلى الملك عبد الله الثاني بعد لقائه مساء الأحد الماضي بناء على طلبه، بحضور الأمير فيصل بن الحسين والأمير علي بن الحسين.
وكان الملك عبد الله الثاني قد قرر التعامل مع موضوع الأمير حمزة في قضية الفتنة بعد كشفها العام الماضي في سياق العائلة، وكلف الأمير الحسن بن طلال إدارة هذا المسار.
وتعهد الأمير حمزة للملك عبد الله الثاني وعدد من الأسرة الحاكمة بالالتزام بالدستور ومسيرة الأسرة الهاشمية، وظل مقيما في قصره بين أهله برعاية الملك عبد الله الثاني وعنايته.