رئيس التحرير
خالد مهران

الرئيس الأوكراني «زيلينسكي» يريد إلقاء كلمة من متحف «ياد فاشيم» الإسرائيلي.. ما علاقة هذا المتحف بمحرقة اليهود«الهولوكوست»؟

النبأ

طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلقاء كلمة في متحف المحرقة الرئيسي في إسرائيل "ياد فاشيم" فيما يتعلق بالغزو الروسي.

فما هو متحف«ياد فاشيم» الذي يريد الرئيس الأوكراني إلقاء كلمة منه؟

كما جاء على موقع المتحف، تم إنشاء مؤسسة ياد فاشيم عام 1953 كمركز عالمي توثيقي وبحثي وتعليمي لتخليد ذكرى الهولوكوست، فأصبحت ملتقىً دوليا للأجيال، حيث يأتي كل عام مئات الألوف من الزوار من جميع أصقاع الأرض والمنتسبين إلى كافة الطبقات والمناشئ والديانات والمعتقدات لزيارة مجمّع "ياد فاشيم" المترامي الأطراف الذي يضم المتاحف والمعارض والأنصبة التذكارية والمراكز البحثية والتعليمية والأراشيف والمكتبات.

ولكونها تعكس التعامل الدائم مع الفجوة السحيقة التي ولّدها الهولوكوست، فإن المؤسسة تنشط في البحث الابتكاري والنمو المعرفي، حيث تمثل بعشرات الملايين من صفحات النصوص التوثيقية والصور والشهادات والكتب وسجلات ولوائح الأسماء المختزنة فيها أكبر مستودع للمعلومات حول الهولوكوست على مستوى العالم.

مخازن معلومات ياد فاشيم

مجموعة الأرشيف، هي أكبر وأشمل أرشيف في العالم للمواد المتعلقة بالهولوكوست، حيث يحوي نحو 68 مليون وثيقة وما يزيد عن 300 ألف تصوير وآلاف الأشرطة وكاسيتات الفيديو التي تقدم شهادات الناجين من الهولوكوست. ويمكن للجمهور مطالعة هذه الوثائق أو مشاهدة الأشرطة في غرف خاصة بذلك.

المكتبة، وتحوي نحو 112 ألف عنوان بمختلف اللغات وآلاف المجلات وعددا كبيرا من المواد النادرة الثمينة، وقد احتلت موقعها كأهم مكتبة في موضوع الهولوكوست على مستوى العالم. ويستطيع الجمهور الذي يقصد المكتبة مطالعة الكتب والمجلات والاطلاع على مختلف المواد.

هيكل الأسماء يستهدف إحياء ذكرى الضحايا اليهود الذين هلكوا خلال الهولوكوست كبشر وكأفراد لكل منهم هويته الخاصة به.

أما "صفحات الشهادة" المتجمعة في هيكل الأسماء، فتمثل أنصابا رمزية، إذ توثق أسماء وسير ملايين المغدورين كما وردت على ألسنة ذويهم أو معارفهم. وقد تجمع حتى اليوم في هيكل الأسماء وداخل بنوك المعلومات الإلكترونية ما يربو على ثلاثة ملايين من أسماء الهالكين في الهولوكوست والمستخرجة من نحو مليوني صفحة شهادة وقوائم مختلفة بأسماء أخرى.

التعليم والبحث والمنشورات

يدعم المعهد الدولي لدراسات الهولوكوست دراسات الهولوكوست في إسرائيل والعالم ويقوم بتنظيم المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية حول موضوع الهولوكوست كما ينشر أعمالا وأبحاثا هامة تدور حول الهولوكوست، منها كتب المذكرات واليوميات والأبحاث التاريخية والكتب التجميعية وما إلى ذلك.

التعليم

جعلت "ياد فاشيم" التعليم على قمة أولوياتها، حيث تسعى المدرسة الدولية لعلوم الهولوكوست التابعة لها لضمان مستقبل أفضل للأجيال المقبلة. ويشارك كل عام المئات من المربين مما يزيد عن ثلاثين دولة في مبادرات تعليمية معدة لإثراء ذكرى الهولوكوست بالمعاني والمضامين. ويدور في نطاق المدرسة حوار دائم يستهدف التعامل مع أحداث الماضي ليستخلص منها رسالة شرف وكرامة.

تعتبر المدرسة المركزية لتعليم مادة الهولوكوست فريدة من نوعها في العالم أجمع، وتضم 17 صفا تعليميا ومركزا عصريا للوسائط المتعددة ومركزا بيداغوجيا وقاعة للمحاضرات وتعمل فيها هيئة تدريسية يبلغ تعدادها ما يزيد عن 100 شخص. ويشترك كل عام في دورات المدرسة وفعالياتها المختلفة أكثر من 187 ألفا من طلبة الجامعات والمدارس بالإضافة إلى 50 ألف جندي وآلاف المربين من إسرائيل وأنحاء العالم. وتقام الدورات المخصصة للمعلمين بثماني لغات غير العبرية ويتم أيضا إرسال أعضاء الهيئة التدريسية المهنية العاملين في المدرسة إلى الخارج لأغراض التربية وتدريس موضوع الهولوكوست في الجاليات اليهودية. كما يقوم فريق من خبراء المدرسة بتطوير تشكيلة من المناهج التدريسية والتربوية والوسائل التعليمية حول موضوع الهولوكوست، بما فيها البرامج المتطورة المتعددة الوسائط والخرائط والكتب والكاسيتات وغيرها من الوسائل التعليمية.

المتاحف

لقد سجل الهولوكوست صفحة بالغة الخطورة في التأريخ اليهودي، كما يعتبر حدثا فريدا فيما له من أبعاد وانعكاسات على البشرية جمعاء. وينظر متحف التأريخ التابع لمؤسسة ياد فاشيم إلى هذه الظاهرة الشريرة غير المسبوقة من وجهة نظر الضحية الفرد، وبما يجعل أصوات وتراث الهالكين والقلة من الناجين تتردد لأجيال وأجيال.

يعتبر متحف تأريخ الهولوكوست هو القلب من مؤسسة "ياد فاشيم". ويقدم المتحف رواية الهولوكوست بالترتيب الزمني بدءا بنشوء السياسة النازية المناهضة لليهود مرورا باضطهاد اليهود من خلال مختلف المراسيم المجحفة وفرض القيود عليهم وتجميعهم في الغيتوات وانتهاءا بقتلهم جماعيا في إطار "الحل النهائي". وتعكس فضاءات العرض اهتماما خاصا بموضوع رد الفعل اليهودي إبان الهولوكوست، حيث يتم العرض من خلال الصور والمواد والوثائق التاريخية وعروض الصوت والضوء.

ويشكل متحف الفن شهادة حية على انتصار روح الإنسان، حيث يحتوي على أهم وأكبر مجموعة فنية متعلقة بالهولوكوست على مستوى العالم. وتضم المجموعة أعمالا فنية تم إنتاجها في أصعب الظروف وضمن بيئة معادية إبان الهولوكوست، بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال الفنية من نتاج الناجين من الهولوكوست وغيرهم من الفنانين.

وفي جناح المعارض تقام بالتناوب معارض مختلفة تتناول مواضيع شتى بالإضافة إلى المعارض الفنية.

ويعرض مركز الدراسة التفاعلي، والمعروف بمركز "المعنى والمغزى" التساؤلات الكبيرة التي أثارها الهولوكوست في الأمور التاريخية والمواضيعية والأخلاقية. ويمكّن المركز الزوار من استقاء معلومات متنوعة من مشاهير رجال الفكر ومن قاعدة المعلومات الرقمية التابعة لمؤسسة "ياد فاشيم" والمتعلقة بتساؤلات مثل "أين مفاهيم الخير والشر بعد الهولوكوست؟" و"أين كان الرب خلال الهولوكوست؟" وغيرها، علما بأن المركز مفتوح أمام المجموعات المنظمة والمجموعات المستقلة والأفراد على حد سواء.

ويوفر الكنيس الجديد مكانا مناسبا للزوار لتلاوة صلاة الـ "كاديش" (وهي صلاة تقرأ على أرواح الموتى) على أعزائهم الراحلين وقول الأدعية الشخصية وإقامة صلوات الجماعة والاحتفالات التأبينية للجاليات اليهودية التي دمرها الهولوكوست.

أما مركز مشاهدة الأفلام فيقوم بجمع وفهرسة الأفلام المتعلقة بالهولوكوست ويعرض على زواره مواقع لمشاهدة الأفلام وبنك معلومات شاملا للأفلام والشهادة المصورة من جميع أنحاء العالم فضلا عن كم كبير من المراجع التي تملكها مؤسسة "ياد فاشيم".

المواقع التخليدية

تمثل خيمة "يزكور" (هي صلاة تقرأ في المعابد اليهودية على أرواح الموتى في بعض الأعياد اليهودية) بناية مؤثرة يذكّر شكلها الداخلي بالخيمة، يقوم فيها الزوار القادمون من إسرائيل والعالم بإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست. وقد نقشت عل أرضيتها أسماء 22 من معسكرات الاعتقال والإبادة وأودية الإعدام الجماعي والمعسكرات الانتقالية التي أقامها النازيون. وتتوسط "خيمة يزكور" الشعلة الدائمة التي وضع على مقربة منها لوح حجري دفن تحته رماد من بقايا جثث الضحايا المحروقة جُمع من معسكرات الإبادة. وتجري في "خيمة يزكور" المراسم السنوية الرسمية لإحياء ذكرى الستة ملايين من اليهود الذين هلكوا في الهولوكوست.

وتم نحت نصب الطفل على شكل مغارة في الأرض الصخرية كنصب تذكاري لنحو مليون ونصف المليون طفل يهودي هلكوا في الهولوكوست. وينعكس ضوء شموع الذكرى عددا لامتناهيا من الانعكاسات في الفضاء المظلم موحيا بالألوف المؤلفة من النجوم المضيئة في السماء، بينما يعلو في الخلفية صوت يتلو أسماء الأطفال المغدورين وأعمارهم ومواطنهم.

ويمتد غور الجاليات على مساحة 10 دونمات ليشكل موقعا مترامي الأطراف على شكل متاهة من الساحات والحيطان والدروب المفتوحة والمسدودة كتبت على حيطانها البيضاء أسماء الآلاف من الجاليات اليهودية التي دمرها النازيون وأعوانهم، بالإضافة إلى القلة القليلة من الجاليات المتبقية والتي تحمل ذكرى العالم اليهودي الذي رحل.

ثمة موقعان آخران هما جادة أنصار الشعب اليهودي وحديقة أنصار الشعب اليهودي وقد تم إنشاؤهما تكريما لأناس من غير اليهود ساروا على ما أملاه عليهم أسمى واجب إنساني فخاطروا بحياتهم في عهد الهولوكوست بمدهم يد العون لليهود لإنقاذهم.

وقد غرست على امتداد الجادة وفي أنحاء جبل الذكرى ألفا شجرة ترمز إلى الحياة والتجدد، وكتبت على لافتات علقت على الشجرات أسماء منقذي اليهود وبلدان سكناهم إبان الحرب. ونقشت أسماء نحو 20 ألف شريفا آخر من أنصار الشعب اليهودي اعترفت بهم مؤسسة "ياد فاشيم" حتى اليوم على الألواح الحجرية الموجودة في حديقة أنصار الشعب اليهودي حسب بلدان سكناهم (يبلغ عدد أنصار الشعب اليهودي المعترف بهم حتى مطلع سنة 2007 21 ألفا و758 شخصا من أبناء 42 بلدا).