مذكرة على مكتب مدبولي تكشف أزمة بين جهاز حماية المستهلك والمصانع
أيام قليلة تفصلنا عن تطبيق قرار جهاز حماية المستهلك، بإلزام المورد بوضع عمر افتراضى للسلع، وتوفير قطع الغيار ومراكز الخدمات للمنتج، من بينها الضمان.
وأثار القرار، خلال الأيام الماضية، ومع قرب تنفيذه، حالة من الغضب لدى التجار والصناع، مؤكدين أن القرار يؤثر على الاستثمار ويتعارض مع اتجاه الدولة بتشجيع الاستثمار المحلي والصناعة، بالإضافة إلى استحالة تطبيق القرار في مصر.
ويعتبر العمر الافتراضى للسلعة أو الجهاز وفقا لما جاء بقرار حماية المستهلك، هو إلزام المورد بتوفير قطع الغيار، ومراكز الخدمة للمنتج، بينما الضمان، هو الفترة التى يتحمل فيها المورد عيوب الجهاز على نفقته، إذا كان به عيوب صناعة.
وكان جهاز حماية المستهلك أصدر القرار رقم 1/4 لسنة 2022 بشأن العُمر الافتراضى للسلع والذي تم نشره في الجريدة الرسمية خلال شهر فبراير الماضى، على أن يتم تنفيذه شهر مايو المقبل، بهدف حماية حقوق المستهلك، وضمان له سلعة جيدة وخدمة ما بعد البيع.
وألزم القرار في المادة الثانية منه الإعلان عن العمر الافتراضي، بشكل واضح على السلعة ذاتها، وعبوتها بطريقة تصعب إزالتها، بحيث يكون مدونة كتابة وتسهل قراءته، وكذلك التنويه على جميع الإعلانات والفواتير، وشهادات الضمان وكتيب التشغيل الخاص بالسلعة.
ونصت المادة الرابعة من القرار، على غرامة الإخلال بالالتزامات الواردة بالقرار، والتي تصل إلى 2 مليون جنيه، وأمهلت المخاطبين بالقرار مهلة 3 أشهر، لتوفيق الأوضاع، طبقا لما جاء القرار.
معيار لجودة المنتج
وأكد أيمن حسام الدين، رئيس جهاز حماية المستهلك، أنه تم عقد اجتماع موسع مع رجال الصناعة الوطنية بمصر، وهم على قدر المسئولية والاحترام وتم التوصل إلى هذا القرار، وجاري التنظيم لعقد اجتماع آخر، وإصدار قرار توضيحى بأن العمر الافتراضى هو ما يحتاج لاستمراره فى آداء وظيفته إلى تركيب أو تشغيل.
وأضاف رئيس جهاز حماية المستهلك، أن معيار جودة المنتجات يأتى من عمرها الافتراضى، ولذلك يوجد شركات فى السوق المصرى ضمان منتجاتها مدى الحياة، نظرا لمعرفة الصانع بجودة مكونات منتجه، ومدى تحمله للاستخدام.
وشدد «حسام الدين» على أن كتابة العمر الافتراضى على السلعة أصبح ضرورة، مثل كتابة فترة الضمان وعدم الإعلان عن العمر الافتراضى للسلعة يعتبر سلوكا خادعا عقوبته في القانون بغرامة تصل إلى 2 مليون جنيه أو مثلى قيمة المنتج.
شكوى لرئيس الوزراء
وعلى خلفية القرار، تقدم اتحاد الصناعات المصرية بشكوى إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الورزاء، مؤكدين أن الأمر له آثار على الاستثمار، تتعارض مع توجهات الدولة، لتشجيع الاستثمار في القطاع الصناعي، وذلك حفاظًا على استقرار الأموال، وعدم إضافة أعباء إجرائية ومالية على المنتجين.
وأشار اتحاد الصناعات خلال شكوته، إلى أن القرار جاء مفاجئًا للصناع، حيث أرسی أمرًا لم يتعارف عليه في قواعد التجارة المستقرة محليًا وعالميًا، إذ إن حماية المستهلك عند شراء السلعة، تتحقق بالضمان الخاص بالسلعة ومدته وشروطه دون غيره.
وأكد اتحاد الصناعات، استحالة تنفيذ القرار الذي جاءت صياغته بصفة العموم على سلع كالسلع الغذائية أو أي من السلع الاستهلاكية دون السلع المعمرة، خاصة أن السلع الغذائية ترجع إجراءات رقابتها، إلى هيئة سلامة الغذاء بموجب قانون الهيئة، فضلا عن استحالة التنفيذ على السلع المستوردة.
وأوضح اتحاد الصناعات، أن هذا القرار لا يحمل أي درجة من درجات الإلزام للمصدر، في بلد المنشأ، مما يضع المستورد في إشكالية بشأن قدرته على تنفيذ القرار.
فترة الصلاحية
وفي هذا السياق، قال أشرف هلال، رئيس شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن العمر الافتراضي للسلعة يعني فترة الصلاحية، ويقع تحديده في النهاية على المصانع.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن رئيس جهاز حماية المستهلك أعلن تطبيق القرار في جميع دول العالم، ولكن نحن نستورد ولم نسمع بهذا القرار مطلقًا.
وأشار «هلال»، إلى أنه بالفعل الشركات المصنعة تعطي ضمان على الأجهزة من سنتين إلى 10 سنوات، قائلًا: «السلع المعمرة مثل الثلاجات والتليفزيون والغسالات، لا يتم تغيرهم كل يوم فمن الطبيعي أن يكون عمرهم الافتراضي فوق 7 سنوات أي ما يعادل الضمان».
وأوضح رئيس الشعبة، أنه غير مقتنع بالقرار، ولكن على المصانع تنفيذه، لافتًا إلى أنه يجب الاجتماع بالشركات المنتجة لدراسة القرار وكيفية تطبيقه.
الفرق بين الضمان والعمر الافتراضي
وقالت الدكتورة سعاد الديب، عضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك، إن هناك اختلافا في وجهات النظر حول تحديد العمر الافتراضي للسلعة، ولكن المقصود به هو مدى استخدام السلعة أي مدة الصلاحية الخاصة بالمنتج.
وأضافت في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الشركات يجب أن تكون مسئولة عن فترة العمر الافتراضي للسلعة، قائلة: «خلال تلك الفترة يقع على الشركات والموردين الإصلاح التالف منها ولا يصح لهم التحجج بعدم وجود قطع غيار».
وأشارت «الديب»، إلى أن هناك فرقا بين الضمان والعمر الافتراضي، متابعة: «الضمان جزء من العمر الافترضي ويوجد له حد أدنى وأقصى، ولكن العمر الافتراضي مدته أكبر وأشمل في المعنى، بالإضافة إلى أن الضمان هو الفترة التي يغطي فيها البائع صيانة المنتج على نفقته، أما في العمر الافتراضي البائع ملزم بتوفير مراكز خدمة وقطع غيار للسلعة».
وأوضحت أنه يوجد مشكلة ستواجه العمر الافتراضي عند تحديد بعد تطبيق القرار مايو المقبل، وهي تخزين السلع؛ لأن هذه عادات وتقاليد الشعب المصري، لافتًا إلى أن هناك ثلاجات وغسالات يتم تشغلها بعد فترة من تخزينها يحدث بها مشكلات في الفريون والهيكل الخارجي، وهذا لن يعبر عن العمر الافتراضي.
ولفتت «الديب»، إلى ضرورة أن يكون استخدام المواطنين للسلعة جيدا ولا الاعتماد على وجود عمر افتراضي، مؤكدة أهمية وجود وعي للمواطن بمعنى العمر الافتراضي والاستهلاك.