شعبان خليفة لـ«النبأ»: قانون العمل الجديد «مطاط».. وهناك رجال أعمال يتهربون من التأمينات
قال شعبان خليفة، رئيس نقابة العاملين الخاص، إن أزمة كورونا ألقت بظلالها على سوق العمالة على مستوى دول العالم وخاصة مصر، مشيرًا إلى أنها تسببت في التسريح والفصل للكثير منهم.
وأضاف «خليفة» في حوار لـ«النبأ» أن مشروع قانون العمل به كثير من التناقضات ومطاط، مؤكدا أن السماح بالاستثناء لبعض القطاعات من تطبيق الحد يشكل تمييزا، وهو ما يعد مخالفة للقانون، وإلى نص الحوار:
ماذا عن وضع العمالة الخاصة في مصر؟
للأسف.. وضع العاملين بالقطاع الخاص بعد جائحة فيروس كورونا وزيادة الأسعار جراء الأزمة الاقتصادية العالمية بعد الحرب الروسية الأوكرانية، أصبح أكثر سوءًا جراء الفصل التعسفى من قبل أصحاب الأعمال وتدنى الأجور.
كيف أثرت أزمة كورونا على سوق القطاع الخاص؟
بالتأكيد.. تأثير جائحة فيروس كورونا لم يكن على سوق العمل بالقطاع الخاص فى مصر فقط، بل فى كافة دول العالم فى ظل الظروف الاستثنائية للجائحة التي تسببت في فقدان العديد من العاملين، لوظائفهم، وقطع أرزاقهم؛ وبسبب فرض الدول فى العالم لإجراءات الحجر الصحى والتباعد الاجتماعى، تم إلغاء ما يعادل 200 مليون وظيفة بدوام كامل، حول العالم حسب تقرير لمنظمة العمل الدولية حول تأثيرات الفيروس على سوق العمل.
وماذا عن تأثيرات الجائحة داخليًا؟
فى مصر فقد الكثير من العمال وظائفهم ويعد أكثر القطاعات تضررًا هو قطاع السياحة والملابس والعمالة غير المنتظمة؛ فحال أغلبهم بين التسريح أو خفض الرواتب في الوقت الذين لا يملك هؤلاء أي حيلة، فعلى سبيل المثال، قام أحد فنادق محافظة الجيزة، بتسريح أكثر من 80% من العاملين بالفندق مع انتشار فيروس كورونا بالمخالفة للقانون ولتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، للقطاع الخاص بالحفاظ على العمال وتحمل المسئولية وعدم تسريحهم، فأصبح وضع العمالة بين تخفيض أجور وفصل تعسفي وتسريح، خلال فترة تطبيق الإجراءات الاحترازية بسبب انتشار فيروس كورونا وتدخلت الدولة بصرف حوالى 3 مليارات جنيه من صندوق الطوارئ بوزارة القوى العاملة لصرف الأجور الأساسية لأكثر من مليون عامل بقطاع السياحة لمدة 6 أشهر وصرف 500 جنيه إعانة لمدة 6 أشهر لحوالى مليون و800 ألف عامل من العمالة غير المنتظمة وصرف أجور بعض عمال المصانع المتعثرة جراء جائحة فيروس كورونا.
كم يبلغ عدد العاملين بالقطاع الخاص في مصر؟
يقدر حجم القـوى العاملة فى مصر أكثر من 29 مليون عامل، حيث يصل إجمالي العاملين فى القطاع الخاص لأكثر من 25 مليون عامل يعملون فى أكثر من 3 ملايين منشأة قطاع خاص ويستحوذون على أكثر من 80% من إجمالي الاقتصاد الوطنى.
كيف ترى قرار الحكومة بشأن الحد الأدنى؟
أرى أن هناك نية صادقة من القيادة السياسية فى تحسين فعلي في ملف الأجور بمصر.
وهل تراه مناسبًا؟
الحد الأدنى للأجور 2400 جنيه كبداية لأي شاب مُقبل على العمل بداية جيدة، ولكن المهم وجود آلية التنفيذي وإلزام أصحاب الأعمال بتطبيق الحد الأدنى للأجور.
وماذا عن عدد الشركات التي تقدمت بطلبات الاستثناء من تطبيق الحد الأدنى؟
عدد الشركات التى تقدمت بطلب الاستثناء 3090 شركة و22 قطاعا من القطاعات كثيفة العمالة التى يعمل بها ما لا يقل عن 8 ملايين عامل وأهمها: (السياحة - الملابس الجاهزة - الأمن والحراسات - إلحاق العمالة بالداخل والخارج - القطاع الطبي - المقاولات بالكامل - مواد البناء - الجمعيات الأهلية - الصيدليات - التعليم الخاص - المحلات).
وحسب تقديرات وزارة القوى العامله الشركات التى تم استثناؤها حوالى 6 آلاف شركة.
كيف ترى قرار السماح بالاستثناء من الحد الأدنى لبعض القطاعات؟
قرار المجلس القومي للأجور رقم 57 لسنة 2021، الذى جرى نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 13 سبتمبر الماضي نص في المادة الثانية منه على «استثناء المنشآت حال تعرضها لظروف اقتصادية يتعذر معها الوفاء بالحد الأدنى للأجر، وأجاز لها التقدم بطلب الاستثناء من الالتزام به».
حيث إنَّ القرار استثنى شركات وليست قطاعات، ويجب أن يطبق القرار في كل القطاعات وعلى المستوى القومي، واستثناء أي قطاعات من قرار المجلس القومى للأجور، مخالف للقرار الذي ينص على أن الحد الأدنى للأجور أمن قومى، ويجب أن ينفذ على الجميع سواء عمال أو أصحاب الأعمال، خاصة أنه لا يجب أن يكون فى الجمهورية الجديدة أي تمييز ولأن أى استثناء العاملين في 22 قطاعًا من القطاعات كثيفة العمالة من قرار الحد الأدنى للأجور، فقرار الاستثناء هذا يطول ملايين العمال ويحرمهم من تطبيق الأدنى للأجور، لأنَّ ذلك لا يتماشى مع خطة التنمية ومبادرة «حياة كريمة» التي تتبناها القيادة السياسية.
كما أن تطبيق ذلك يحقق استقرارًا في بيئة العمل وخاصة أنَّ هذه العمالة ذات مرتبات ضئيلة ومحدودة الدخل وهم الأولى بالرعاية، واستثناؤها سوف يفقد العمال الثقة فى الدولة وقرارات المجلس القومي للأجور، ولا يوافق المادة 35 من قانون العمل 12 لسنة 2003، التى تنص على: «يحظر التمييز في الأجور بسبب اختلاف الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة»، وكذلك المواد 13 و27 و53 من الدستور المصري.
وماذا عن ترتيب مصر في أجور العمالة؟
تعد مصر من أرخص الأجور على مستوى العالم بعد آسيا وبعض الدول في إفريقيا، على الرغم أن هناك مواثيق دولية وقعت عليها مصر تنص على أن الحد الأدنى للأجر، أو الكفاف للعامل هو 6 دولارات ونصف، بما يوازي 100 يوميا للفرد الواحد وليس عائلة، ودول العالم يتفاوت أجر العامل بها على حسب الناتج الدولى وكفايتها.
كيف ترى قانون العمل الجديد؟
موقفنا منه واضح، فهو أسوأ من قانون 2003، السيئ السمعة، بعدما تم التغيير والتبديل فيه داخل مجلس الشيوخ، مما تسبب في خروج مشروع لا يتوافق مع المسودة التى انبثقت عن 34 حوارا مجتمعيا كنا حاضرين فيهم من أيام الوزيرة ناهد العشري «مش ده القانون اللى خرج من وزارة القوى العاملة، وللأسف لم يتم الأخذ بأي ملاحظات أو رأي، لضغف ووهن التنظيم النقابي المصري، والذي أصبح لا يستطيع المطالبة بحقوق العمال».
ما سبب رفضكم للقانون؟
أولًا الباب الخاص بعلاقات العمل الفردية والجماعية بالمادة الثالثة، تم تبديلها تمامًا وانتقصت من حقوق العمال، فبعدما كانت العلاوة السنوية 7% تحولت لـ3%، بالإضافة إلى التناقضات بين بنود القوانين وبعضها، فالمادة الثانية والرابعة في مشروع القانون تنص على الاحتفاظ بالمكتسبات والحقوق الموجودة بالتشريعات السابقة أو القرار الوزاري، وهو ما لم يحدث، وعن علاقات العمل، فلا يوجد دولة بالعالم بها 3 عقود للعمل، واحد ينتهي بانتهاء العمل، وعقد محدد المدة وآخر غير محدد المدة، لأن الأصل أن يكون العقد محدد المدة، وهو ما يظهر في المادة 70 من مشروع القانون، ولكن على الرغم من ذلك فإن البنود الأخرى بمشروع القانون تكشف عن عكس ذلك، فهو ينص على جواز باتفاق الطرفين عمل عقد لمدة سنة، وكذلك في باقي البنود، التى تنص على تجديد العقد كل أربع سنوات، على الرغم أنه بعد انتهاء الـ3 أشهر يصبح للعامل الحق في مستديم، للأسف هناك تلاعب بالألفاظ ومطاط.
وماذا عن تعويضات المفصولين بمشروع القانون؟
المادة 22 في قانون العمل الحالى تنص على تعويض العامل عند إنهاء العمل دون مبرر بشهرين عن كل سنة من الأجر الشامل، فيما ينص مشروع القانون على أن تعويض العامل يكون على الأساسي وهو يعنى أنه سيكون أقل كثيرًا.
ولكن بعض رجال الأعمال يتهربون من التأمين؟
هذه الإشكالية تتعلق بقانون التأمينات والمعاشات الجديدة وللأسف العقوبات فيه غير رادعة، ويتم التلاعب بذلك، فنحن نحتاج لمحاربة الفساد بصورة أكبر، فلا يوجد التزام من بعض أصحاب الأعمال الذين يلجأون لبعض الحيل للتهرب من ذلك الحق، على سبيل المثال تعيين موظف تأمينات فاسد يظبط الدنيا، مما يؤثر على ميزانية الدولة، لأنه من ضمن إيراداتها الضرائب والتأمينات.
هل هناك آلية لإلزام أصحاب الأعمال بتطبيق الحد الأدنى؟
لا للأسف.. فهناك عدم التزام أصحاب الأعمال بتطبيق الحد الأنى للأجور، وطالبنا ألا يقتصر قرار المجلس القومى بشأن الحد الأدنى على كونه قرارا ولكن يجب أن يكوت متضمنا غرامة كبيرة ويكون قانونًا ينشر في الجريدة الرسمية ويكون مُلزما، وبه عقوبات حاسمة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وزيادة الأسعار بشكل كبير؛ بسبب عدم وجود مفتشين وزارة القوى العاملة الذين لا يتعدون 270 عاملا يفتشون على أكثر من 3 ملايين منشأة، كما أنه لا بد أن يتحمل أصحاب الأعمال مسؤولياتهم المجتمعية، خاصة أن الدولة تعطيهم مميزات كثيرة، ولا يقتصر اهتمامهم على الربح، بالإضافة إلى مشكلات التسريح والفصل التعفسي والتي بشأنها حدث ولا حرج، بالإضافة إلى الإجازات التى تكون على مزاج صاحب العمل، لذلك فنحن بحاجة لقانون موحد يشمل كل فئات الدولة.
ما أوجه اعتراضكم على العقود المؤقتة؟
لأنها تفقد العامل الحق في الاستقرار والأمان الوظيفي، فهناك بعد الشركات تقوم بعمل عقود مؤقتة كل 6 أشهر وتجدد، خاصة ونحن لدينا ما يزيد عن 2 مليون شخص يخرجون لسوق العمل سنويًا.
كيف ترى قرار الدولة بإعادة العمالة المصرية إلى ليبيا؟
هذه خطوة إيجابية، وأشكر الحكومة عليها، لعدة أسباب، سواء اقتصاديًا، أو سياسيًا وكذلك إستراتيجيًا، مما يؤكد أنها ذات أهمية للامن القومي، فقد كان السوق الليبي يستوعب من 2.5 عامل لـ3 ملايين عامل في عام 2010، بالإضافة إلى العلاقة ذات الجذور التاريخية بين البلدين، مما سيوفر عملة صعبة، ثانيًا أنه سيوفر فرص عمل، حيث إن نسبة البطالة في مصر 7.5% وهو ما يمكن الدولة من القضاء هذه الظاهرة، وخصوصًا أن مصر لم توقع مع ليبيا فقط ولكن وقعت عقود إعادة إعمار سوريا والعراق، وبدأ بالفعل التوجه إلى الدول الخليجية، وهو ما سيوفر فرص عمل تتعدى الـ5ملايين ويجعل هناك فائض في الوظائف، وبالتالي رفع سعر أجرة العامل المصري.
حدثنا عن أهم المعوقات التى تواجهكم؟
أهم العوائق هو تعنت رجال الأعمال بطريقة شرسة مع العمال ونظرتهم لهم باعتبارهما قيمة مضافة، وسيطرتهم على الجهات الفاعلة مما يجعل التشريعات تأتي لصالحهم، فلا بد أن يكون هناك علاقة متوازنة تضمن حقوق وواجبات الطرفين، خاصة أن العامل يحتاج إلى تلبية تطلعاته وحقوقه والتي أولها توفير حياة مستقرة وأجر عادل ونظام تأمينى وصحى واجتماعي يحقق الأمان الوظيفي له ولأسرته والدولة ضامن لتحقيق هذه الأهداف، فلا يمكن أن يأتي مستثمر لدولة بها نزاعات خاصة في ظل الجمهورية الجديدة، فنحن لا نريد الانتصار لحقوق العمال فقط ولكن نريد الانتصار لاقتصاد مصر الذي هو بحاجة لعلاقة جيدة ومناخ استثماري جيد.