خلال المؤتمر الصحفي لإعلان خطة الدولة المصرية..
ننشر كلمة رئيس الوزراء للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية
مدبولي: نستهدف في السنوات الثلاث القادمة رفع نسبة مشاركة القطاع الخاص لـ 65% من إجمالي الاستثمارات المنفذة
نحتاج لمليون فرصة عمل سنويا ولو لم تتدخل الدولة وتضخ استثمارات لما استطعنا خلق فرص العمل التي نحتاجها
يجب أن ندرك كمصريين أن تداعيات الحرب فرضت علينا أعباء مالية ضخمة جدا
المشروعات القومية خلقت أكثر من 5 ملايين فرصة عمل.. ومن الظلم تحميل القطاع الخاص توفير ذلك بنفسه وبتمويله
الإعلان هذا الشهر عن وثيقة سياسات ملكية الدولة وتتضمن الأنشطة والقطاعات التي ستتخارج منها الدولة طبقا للمعايير الدولية
نستورد 42% من احتياجاتنا من الحبوب من روسيا وأوكرانيا و31% من السياح الوافدين لمصر من الدولتين وتحركنا على الفور وبدأنا في توفير أسواق بديلة
الدولة ستتحول إلى نظام حق الانتفاع في الأراضي الصناعية بلا قيود.. ولا يعنينا تحقيق مكاسب من ثمن الأرض
حد أقصى 20 يوم عمل لإصدار تراخيص وموافقات المشروعات.. وتفعيل الرخصة الذهبية
كل الشكر والتقدير للأشقاء في الدول الخليجية التي وقفت بجانب مصر بهدف الحفاظ على الاستقرار النقدي
لولا الاستثمارات الحكومية الهائلة في قطاعي الكهرباء والغاز ما كان لدينا الآن اكتفاء ذاتي وفائض للتصدير
الحكومة ستعرض على البرلمان قانونا جديدا لإعفاء المنشآت الصناعية والتنموية التي ستنشأ في مدن الجيل الرابع في أنشطة محددة من الضرائب لفترة زمنية محددة
خلال السنوات الأربع الأخيرة تم إصدار 51 ألف رخصة تشغيل صناعي جديدة أتاحت 2.5 مليون فرصة عمل
نستهدف ضمن برنامج الطروحات 10 شركات تابعة للدولة منها شركتان تابعتان للقوات المسلحة
دمج أكبر 7 موانئ مصرية تحت مظلة شركة واحدة وأكبر الفنادق المميزة كذلك.. لطرح نسب منها في البورصة
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم بمقر الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، مؤتمرا صحفيا عالميا لإعلان خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، تنفيذًا لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.
حضر المؤتمر كل من الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، ونيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، وأحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، والمستشار محمد عبد الوهاب، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
كما حضر المؤتمر كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وحسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، والمهندس عبدالصادق الشوربجي، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والدكتور ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات.
واستهل رئيس الوزراء المؤتمر الصحفي، بتوجيه التحية والشكر للصحفيين والإعلاميين من الصحف ووكالات الأنباء المحلية والأجنبية على تلبية الدعوة لحضور هذا المؤتمر المهم جدا، الذي يأتي في توقيت دقيق للغاية، لتوضيح خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية الكبيرة التي يواجهها العالم أجمع الآن، وبالطبع فمصر ليست بمعزل عن العالم.
وأشلر إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في إطار تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، في حفل إفطار الأسرة المصرية خلال شهر رمضان، بعقد هذا المؤتمر من أجل إعلان خطة واضحة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، والإجراءات التي نتخذها حاليا، والخطوات التي تعتزم الحكومة اتخاذها خلال الفترة المقبلة، أخذا في الاعتبار المؤشرات الحالية، وكذلك ما ذهب إليه أحد السيناريوهات من أن الأزمة من الممكن أن يطول أمدها، بفترة أطول مما كان متوقعا.
وعرض الدكتور مصطفى مدبولي، خلال المؤتمر، عددا من المحاور تضمنت الوضع الاقتصادي الحالي على مستوى العالم، مشيرا في هذا الإطار إلى النقاشات التي تدور في بعض الأحيان والتي تعتبر أن الأوضاع الحالية في مصر هي بمثابة أزمة محلية، وليست نتاج مشكلة عالمية، وهو أمر ليس صحيحا، كما تضمنت المحاور تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد المصري، وكذلك الإجراءات التي تتخذها الدولة حاليا للتعامل معها والخطوات التي ستتخذها خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن هذه المحاور تعد نقاط شديدة الأهمية وكان لا بد من إعلانها؛ لكي يعي العالم والمواطنون المصريون كيفية تحرك الدولة المصرية حيال تلك الأزمة.
وقال رئيس الوزراء، إن هذه المحاور تشمل خطوات الدولة لتعزيز نشاط القطاع الخاص والعمل على زيادة توطين الصناعات المصرية، وكذا الإعلان عن خطة واضحة لخفض الدين العام وعجز الموازنة، وإجراءات تنشيط البورصة المصرية، وكيفية المضي قدما في إجراءات الحماية الاجتماعية، وتوفير السلع الأساسية للمواطنين.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي، للرد على تساؤل بشأن ما يحدث في العالم الآن، لا بد أن ندرك أننا نتحدث عن أسوأ أزمة يمر بها العالم بأسره منذ عشرينيات القرن الماضي، أي منذ ما يقرب من 100 عام، وكل العالم يصفها بذلك، مشيرا إلى أن البعض ذهب إلى القول بأنها لم تحدث منذ الجفاف الذي أصاب العالم، والبعض الآخر يرى أنها لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، وهي فترة ليست بالقصيرة، ولم يشهد العالم مثيلها منذ ذلك الوقت، وقدرت خسائر الأزمة الراهنة على مستوى العالم كله بما يقرب من 12 تريليون دولار في الناتج الإجمالي العالمي.
وفي ضوء توضيح الصورة حول الأزمة العالمية، أشار رئيس الوزراء إلى أن جميع المؤشرات بدأت تخفض توقعات النمو الاقتصادي على مستوى العالم، بعد أن سرى التفاؤل بين الأوساط الاقتصادية بعد انتهاء أزمة كورونا، وبدأت التوقعات بتخفيض معدلات النمو مرة ثانية، حيث أصبح المعدل المتوقع 3.6% للنمو العالمي، بعد أن كان 4.4%، بل إن هناك مؤسسات مالية ترى أن نسبة 3.6% ربما يكون صورة براقة للوضع الاقتصادي في ظل الأزمة الراهنة وقد يتراجع المعدل عنه أيضا خلال الفترة المقبلة.
ولكي يزيد الأمر توضيحا، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الخسائر التي قدرت بنحو 12 تريليون دولار تمثل 5 أضعاف الناتج المحلي لقارة إفريقيا بأسرها للعام الماضي، كما أن تلك الخسائر تعادل الناتج المحلي الإجمالي لأكبر أربع دول في قارة أوروبا، وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإنجلترا، كما تساوي هذه الخسائر الناتج المحلي الإجمالي لـ 6 دول من النمو الآسيوية والمتقدمة في قارة آسيا، مضيفا أنه يمكن القول بأن هذه الأزمة لم يشهدها من يعيشون على كوكب الأرض حاليا، وأصبحت الآن الاستثمارات الأجنبية بالسالب وليس مجرد تباطؤ، وكان لكل ذلك تأثير مباشر على حركة التجارة وتبادل السلع؛ حيث ذكرت منظمة التجارة العالمية أن العالم كله سيشعر بكُلفة انخفاض التجارة العالمية والإنتاج بسبب هذه الأزمة والصراع، وأن ذلك سيظهر في تضاعف أسعار الغذاء والطاقة، بالإضافة إلى توقف انتقال السلع، بل إنهم حددوا خسائر تراجع حجم التجارة العالمية فقط نتيجة الأزمة بنحو 300 مليار دولار.
وأضاف رئيس الوزراء، أن حجم الدين العام على مستوى العالم شهد تفاقما واضحا بسبب الأزمة الراهنة، مشيرا إلى أن النقاشات التي دارت في مصر حول الأزمة تناولت أيضا هذا الأمر وتساءلت عن حجم زيادة الدين العام المصري، وهو ما يدعوني إلى توضيح أن الدين العام على مستوى العالم زاد بنسبة 351%، حتى وصل حجم المديونية على الحكومات على مستوى العالم إلى 303 تريليونات دولار.
كما أصبحت دول في حالة مديونية حرجة بالفعل، مشيرا إلى التقارير التي ذكرت أن 60% من بلدان العالم الأشد فقرا أصبحت في حالة مديونية حرجة، كما أعلنت بعض الدول عدم قدرتها على سداد التزاماتها، فضلا عن أن 80% قيمة ما تمثله مديونية الأسواق الناشئة، وأصبحت تمثل قيمة كبيرة من حجم الدين العالمي.
وفيما يتعلق بمعدل التضخم غير المسبوق الذي نشهده حاليا على مستوى العالم في الأسعار، أوضح رئيس الوزراء أن حجم التضخم العالمي وصل الآن إلى 9%، وهناك دول متقدمة تتمتع باقتصاد مستقر لم يكن التضخم بها يبلغ 1% أو 2%، لكن الآن نرى معدل التضخم يصل بها إلى 9%، مستعرضا خريطة توضح نسب التضخم في مختلف دول العالم، والتي توضح أن مصر في الفئة الواقعة ما بين 6 إلى 10 %، كما أن هناك دولا تجاوزت نسبة التضخم بها 25%، بل وصل إلى 50% و60% في دول أخرى.
وقال رئيس الوزراء: “كل تلك المؤشرات نتج عنها ضغوط هائلة على مستوى الدول المتقدمة والنامية، وعلى النامية بصورة أكبر بالطبع، مستعرضا في هذا الإطار مقارنة لتوضيح تلك الضغوط تتمثل في مقارنة بين أسعار عدد من السلع الأساسية في مايو 2021 ومايو 2022، مركزا على القمح والبترول في هذه المقارنة؛ ففي مايو 2021 كان سعر القمح 270 دولارا للطن، ووصل في مايو 2022 إلى 435 دولارا، وبالنسبة لدولة مثل مصر تستورد ما يقرب من 10 ملايين طن، فبدلا من أن مصر كانت تدفع مقابل هذه الكمية المستوردة 2.7 مليار دولار أصبحت تدفع 4.4 مليار دولار لنفس الكمية، أما بالنسبة للبترول الذي تستورد مصر منه 100 مليون برميل فكان سعر البرميل في مايو 2021 يبلغ 67 دولارا، وكانت مصر تدفع مقابل ذلك 6.7 مليار دولار، وفي مايو 2022 أصبح سعر البرميل 112 دولارا، وبالتالي أصبحت مصر تدفع 11.2 مليار دولار لنفس الكمية”.
ونبه رئيس الوزراء إلى أن كل ما حدث من تداعيات سلبية أجبر دولا كثيرة إلى الاتجاه نحو التشديد النقدي، وقد تابعنا القرارات التي اتخذها البنك الفيدرالي الأمريكي غير المسبوقة منذ 20 عاما، من حيث رفع معدلات الفائدة، وهو ما جعل دولا أخرى عديدة تحذو حذوه في رفع الفائدة لديها، وهذه الصورة توضح بشكل ملحوظ حجم الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم صغيرة وكبيرة، ونستطيع القول بأنه لم يعد ممكنا لأي دولة أن تقول إنها ستغلق حدودها وتصبح في معزل عن العالم؛ فأي تأثير لأي أزمة عالمية يؤثر بلا شك في العالم أجمع، ولا بد لنا جميعا أن نشعر بحجم التداعيات والتأثيرات الشديدة لهذه الأزمة، وبدأت كل مؤسسات التصنيف تخفيض تصنيف الدول، ولكن الحمد لله، برغم كل ذلك، ففي تقييم شهر ابريل الماضي، ابقت مؤسستا ستاندرد آند بورز، وفيتش، التصنيف الائتماني لمصر، فبعد المراجعة والتفاوض والنقاش مع الزملاء في المجموعة الاقتصادية، أصبح لديها اطمئنان بأن مصر مازالت قادرة على الصمود، وأنها ستعبر هذه الأزمة باذن الله.
وأكد رئيس الوزراء، أن هذه الأزمة كان لها بلا شك تداعيات كبيرة، يجب أن يشعر بها المصريون جميعًا، حيث كنا نستورد 42% من احتياجاتنا من الحبوب من دولتي، روسيا وأوكرانيا، وكان 31% من عدد السياح الوافدين إلى مصر من هذين البلدين، وكل ذلك سيكون له تداعياته الكبيرة التي كان ينبغي أن تتسبب في اضطراب شديد لنا، كحكومة ودولة، في التعامل مع هذه التداعيات، ولكننا تحركنا على الفور وبدأنا في توفير أسواق بديلة للقمح، وكذلك أسواق بديلة للسياحة، ولم نستسلم لتلك التداعيات التي فرضتها الأزمة، وسعينا خلال أسابيع لأن نعوض هذه التداعيات التي حدثت.
وشدد "مدبولي" على ضرورة أن ندرك كمصريين أن تداعيات الحرب فرضت علينا أعباء مالية ضخمة جدًا، حيث أصبح هناك 130 مليار جنيه، تم رصدها كتأثير مباشر، نتيجة لزيادة أسعار السلع الاستراتيجية، مثل القمح والبترول، وكذا أسعار الفائدة التي زادت، وذلك إلى جانب 335 مليارا أخرى كتأثيرات غير مباشرة، وقد أخذنا إجراءات حماية اجتماعية حيث تم تبكير موعد صرف زيادات المرتبات والمعاشات، وإجراءات أخرى كانت ستبدأ من أول يوليو، بدأت أول أبريل، وهي اجراءات تتحملها الدولة، وذلك من أجل تخفيف وطأة هذه الأزمة على المواطن المصري.
وأضاف رئيس الوزراء، أنه كان لدينا بالطبع تحديات كبيرة جدًا، حيث حدث نتيجة هذه الأزمة خروج لرؤوس الأموال الساخنة، واستثمارات كانت موجودة، ولكن الحمد لله نتيجة لجهد الدولة والقيادة السياسية، تحركنا لتعويض خروج هذه الأموال، موجهًا الشكر والتقدير في هذا الصدد إلى الأشقاء في الدول الخليجية التي وقفت بجانب مصر خلال الشهرين الماضيين، وضخت أرقاما معينة، بما مكننا من الحفاظ على الاستقرار النقدي للعملة الأجنبية في مصر.
وأضاف: “لكن طبعًا هذا أدى إلى تحديات أخرى، حيث إن القطاع الخاص المصري، وكنتيجة لهذه الأزمة، لا يزال غير قادر على زيادة استثماراته، حيث أن ارتفاع فائدة الاقتراض قد فرضت علينا أعباء كبيرة جدًا، إلى جانب مؤشرات الدين الخارجي التي شهدت زيادة نسبة قيمة من الدين الخارجي، كنتيجة لاضطرارنا من أجل الحفاظ على الاحتياطي الخاص بنا، ذلك فضلًا عن تراجع معدلات الاستثمارات الخارجية الأجنبية في العالم كله وليس مصر فقط، حيث يحدث بالسالب فلا يعكس مجرد تباطؤ بل خروج من الدول”.
وأثار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، سؤالًا يتعلق بما تفعله الحكومة حاليًا، وما ستفعله في الفترة المقبلة في مواجهة التحديات ؟ مؤكدًا أن الحكومة ستعمل على تنفيذ تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال افطار الاسرة المصرية، حيث ستتحرك الحكومة وفق خطة خلال الفترة القليلة القادمة، بمدى يصل إلى نهاية 2022، عبر عدة محاور تتضمن تعزيز دور القطاع الخاص الوطني في النشاط الاقتصادي، ودعم وتوطين الصناعة الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي، والإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بمستهدف 10 مليارات دولار، كل سنة، لمدة 4 سنوات، بإجمالي 40 مليار دولار، تتيحها الدولة لشراكة القطاع الخاص، وكذا الاعلان عن خطة واضحة لخفض الدين العام وعجز الموازنة خلال السنوات الـ 4 القادمة، وطرح رؤية متكاملة للنهوض بالبورصة المصرية، من أجل تأدية دور كبير في الاقتصاد المصري، وأخيرًا البعد الاجتماعي وكيفية الاستمرار في حماية محدودي الدخل.
وفيما يتعلق بمحور تعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، أكد رئيس الوزراء أن الحكومة جزء من المصريين، فهي ليست في جانب والشعب في جانب، وهذا نتاج كل الثورات التي حدثت خلال الفترة الأخيرة، لافتًا إلى أن الحكومة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الشعب المصري، مشيرًا إلى إنه ا تستمع دومًا إلى المصريين، وما يقوله الخبراء، وما يقال عن أن الحكومة تزاحم القطاع الخاص، وأنها لا تمنحه الفرصة لينمو، لافتًا إلى أننا إذا تابعنا ما يحدث في مصر خلال السنوات الخمس الماضية، سندرك لماذا اضطرت الدولة أن تدخل وتضخ استثمارات كبيرة في الفترة الماضية، حيث أوضح أن مصر اليوم تجاوز عدد سكانها الـ 103 ملايين نسمة، وهو حجم سكان يفرض علينا على الاقل اتاحة مليون فرصة عمل جديدة سنويًا.
وأضاف "مدبولي" أنه بالنظر إلى الأرقام، فقد كانت قوة العمل في عام 2000 نحو 19 مليونا، وفي 2021 أصبحت 30 مليونا، فكل عام يدخل سوق العمل لدينا مليون شاب، يريد ان يعمل ولديه امل في الحياة ان يكون لديه فرصة عمل وتكوين أسرة، لافتا إلى ان توقعاتنا لمصر حتى مع كل محاولاتنا واجتهادنا لضبط الزيادة السكانية، فإننا نأمل أن يكون عدد سكان مصر أقل من 120 مليونًا في 2030، وهذا الرقم يمثل عدد سكان 15 دولة أوروبية متقدمة ليس لدينا موازناتها وإمكاناتها، ويعادل عدد سكان 14 دولة عربية.
ولفت إلى أن القطاع الخاص المصري كان وما زال له دوره الواضح، مستعرضا إجمالي الاستثمارات التي كانت تضخ في شرايين الدولة، والمقسمة بين القطاعين الخاص والحكومي، والتي تشير إلى أنه حتى عام 2015/2016 كان القطاع الخاص صاحب النسبة الغالبة في تلك الاستثمارات، وقبل عام 2010 كانت الدولة المصرية تمنح الفرصة بالكامل لهذا القطاع ليعمل أكثر، وكان دورها اقل قليلًا، وعندما قمنا بالإصلاح الاقتصادي في 2015/2016 كان له نتيجة، لذلك ففي العام التالي لهذا التاريخ قل نصيب القطاع الخاص قليلًا، وزاد نصيب الدولة، وخلال العامين التاليين عاد القطاع الخاص ينمو بالصورة الأكبر.
ثم جاءت أزمة كورونا، وكانت شديدة القوة، ونتيجة لتلك الظروف، قلت استثمارات القطاع الخاص، فنحن في دولة تنمو وليست ثابتة، وتحتاج كل عام مليون فرصة عمل جديدة، ولو كانت الدولة لم تضخ استثمارات عامة، ولم تدخل بنفسها لتنفيذ مشروعات، كان سيكون البديل أننا لن نكون قادرين على خلق فرص العمل التي نحتاجها.
وتطرق رئيس الوزراء إلى وضع الاقتصاد المصري في عام 2013، موضحًا أن معدل البطالة كان قد وصل إلى 13.2%، كما انخفض معدل النمو الاقتصادي حينها إلى 2.2%، وانخفض صافي الاحتياطيات إلى 13.6% وكان عجز الموازنة في هذا التوقيت نحو 13%، وتراجع تصنيف مصر في المؤسسات الدولية 6 مرات في خلال عامين، مشيرًا إلى أن مصر ومن أجل تعويض هذا الوضع بعد ثورة 30 يونيو 2013 وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، كان لزامًا أن تضع الدولة خطة لكي تصحح هذا المسار، ومن هنا بدأنا برنامج الاصلاح الاقتصادي، ولكن كان الأهم لتعويض أحجام القطاع الخاص خلال الظروف الاستثنائية التي مرت بها مصر، وبعد ذلك الأزمات العالمية، فكان يجب على الدولة أن تتبنى فكرا لتحقيق تنمية حقيقية، وأن تضخ استثمارات حكومية وتنفذ مشروعات قومية، وتطلق برنامج الاصلاح الاقتصادي، موضحًا أن نصف الاستثمارات الحكومية خلال الفترة من 2014/2015 حتى 2020/2021 توجهت لمجالات البنية التحتية، والنقل، والتعليم، والصحة.
وأكد رئيس الوزراء أهمية دور المشروعات القومية، لافتًا إلى ما أثير وتابعته الحكومة مع حدوث الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، من زعم البعض ضرورة إبطاء وتيرة المشروعات القومية وأنها فرضت أعباء كبيرة، مؤكدًا أن ثلث الاستثمارات العامة كانت موجهة لهذه المشروعات القومية.
واستعرض أبرز المشروعات القومية التي نفذتها الدولة، لندرك أهميتها وهل كان بالإمكان الاستغناء عنها، وعلى رأسها الكهرباء، متسائلا: كيف كان وضع الكهرباء في مصر في عام 2014، والغاز الذي كانت تستورده مصر، ولولا الاستثمارات الهائلة في هذا القطاع لما كان لدينا الآن اكتفاء ذاتي وفائض للتصدير، ولولا ما تحقق، لكنا اضطررنا نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية لأن نستورد الغاز إلى جانب البترول، مع زيادة أسعار الغاز حاليًا، فكيف كان بإمكاننا توفير عملة صعبة حينها لشراء احتياجاتنا من الغاز؟
كما أشار رئيس الوزراء، إلى مشروعات المياه والصرف الصحي التي مكنتنا من معالجة واعادة استخدام المياه للاستفادة بكل نقطة مياه نحتاجها حاليًا، وكذا قطاع الاتصالات الذي شهد طفرة كبيرة جدًا، مشيرًا إلى أن وزير الاتصالات عرض أمام الرئيس اليوم كيف أصبحت مصر الدولة رقم 1 أفريقيًا في خدمة الإنترنت، والتي ثبت عظم أهميتها في خضم أزمة كورونا التي جعلت العالم كله يتعامل من خلال المنظومة الافتراضية، إلى جانب مشروعات تطوير المناطق غير الآمنة والعشوائية، التي رفعنا بها مستوى معيشة مئات الآلاف من الأسر.
كما أشار مدبولي إلى شبكة الطرق والنقل، مؤكدًا أنه كخبير تخطيط عمراني قبل أن يكون رئيسا للوزراء، يدرك أنه لولاها لكانت شوارع مصر ستغدو عبارة عن "جراج"، ولم تكن لحركة السيارات أن تتجاوز سرعة 8 كيلو/ساعة، لافتًا إلى أن ذلك ما كانت تؤكده المؤسسات الدولية في هذا الخصوص، التي قالت في عام 2010 أن مصر في عام 2020 ستتحول إلى جراجات، تشهد تكدس السيارات، ولذا فلولا هذه الطفرة الكبيرة التي جعلت مصر تقفز في هذا المجال، ولولا شبكة الطرق الحالية التي تحققت، ما كان بإمكان المواطن إذا استمر الوضع ان يتحرك من منزله إلى عمله، مؤكدًا أن كل هذه استثمارات الدولة المصرية التي تنفذها كمشروعات قومية.
كما تطرق رئيس الوزراء إلى مشروع حياة كريمة، مؤكدًا إنه مشروع عظيم، لم يكن للدولة أن تتأخر عنه، فهو مطلب أهالينا في الريف كله، وهذه المشروعات لا يمكن إبطاؤها حيث تلامس الاحتياجات الاساسية للمواطن المصري، للحاضر والمستقبل، وتناول مشروعات المدن الجديدة التي تنفذ.
وأشار إلى أن ما يثار بشأن أولويتها، حيث دعا رئيس الوزراء إلى الرجوع لمضبطة مجلس الشعب في بداية الثمانينيات، حيث استدعى أعضاء المجلس وزير الإسكان في هذا الوقت، الوزير المرحوم حسب الله الكفراوي، وسألوه عن جدوى أن تنفذ الحكومة مدن: العاشر من رمضان، و6 أكتوبر، والسادات، وبرج العرب، تلك المدن التي تستوعب الآن نحو 10 ملايين مواطن مصري، وبها كافة الصناعات، وتساءل رئيس الوزراء: لو لم تكن تلك المدن الجديدة قد نفذت، كيف كان سيكون شكل مصر ؟ كان الـ 10 ملايين مواطن الذين يقطنونها حاليًا سيسكنون على الأراضي الزراعية، وما كنا امتلكنا الصناعات الموجودة في هذه المدن، فتلك المدن نبنيها لأبنائنا في الفترة القادمة، وهي التي تستوعب الزيادة السكانية، ولكن كل هذه المشروعات القومية ومع احتياجنا الكبير لها، خلقت أكثر من 5 ملايين فرصة عمل، ولولاها كيف كان سيكون مصير هؤلاء الشباب المصري الذي توافرت له فرص العمل بها ؟ كان من الظلم تحميل القطاع الخاص القدرة على توفير كل ذلك بنفسه وبتمويله، ودعونا نسأل: من ينفذ هذه المشروعات القومية، ؟ كلها شركات قطاع خاص، وهذه تجربة الدول الناشئة العملاقة التي حققت طفرة اقتصادية كبيرة، مثل دول شرق آسيا، والنمور الآسيوية، التي قامت في أوائل مراحل نموها بتنفيذ بنية أساسية واستثمارات عامة كبيرة، لتقليل الفجوة ثم تمكين القطاع الخاص في العمل.
وأضاف "مدبولي" أن كل ما تحقق، ساعدنا بفضل الله، كمصر في التصدي لهذه الأزمات، حيث نفذنا مع الإصلاح الاقتصادي مرحلة الاصلاحات الهيكلية، التي أطلقناها منذ عام بالضبط، وبدأنا العمل عليها لكي نلبي المتطلبات خلال الفترة القادمة، وهو ما مكننا من إحداث طفرات كبيرة في العديد من المجالات، ولكن كان نتاج هذه الفترة أننا تمكننا من خفض معدل البطالة من نحو 13% إلى 7.4% كما ان معدل النمو الاقتصادي كان سيحقق لولا أزمة كورونا نحو 7.8%، واستطعنا زيادة احتياطي النقد الأجنبي وخفض عجز الموازنة من 13% إلى 6.3%، وتحسين تصنيف مصر في كل المؤشرات الدولية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، أن رؤية الحكومة للقطاع الخاص، والتي نستهدف اليوم إعلانها، أنه إذا كان نصيب القطاع الخاص خلال السنة الاخيرة في إجمالي الاستثمارات نسبة 30% مقابل 70% للدولة، فإننا نستهدف في السنوات الثلاث القادمة، أن ترتفع نسبة مشاركة القطاع الخاص لتصبح 65% من اجمالي الاستثمارات المنفذة، بما يمثل تمكينا كاملا للقطاع الخاص خلال السنوات الثلاث القادمة، حتى يعود للسياق الطبيعي الذي كان موجودًا، لافتًا إلى أن التحرك في هذا الاتجاه ليس مجرد حديث، ولكن يتم وفق محاور معينة نعمل على تنفيذها، حيث سنحسن مناخ الأعمال، ونطلق حزمة من الحوافز المتنوعة، وفتح قنوات تواصل مباشر مع القطاع الخاص لحل جميع مشكلاته.
وفيما يتعلق بتحسين مناخ الأعمال، كشف رئيس الوزراء عن أنه سيتم الإعلان بصورة رسمية خلال هذا الشهر عن وثيقة سياسات ملكية الدولة، التي ستتضمن تحديدًا للأنشطة والقطاعات التي ستتواجد بها الدولة ومؤسساتها بصفة مستمرة، نظرًا لمحوريتها، أو عدم اقبال القطاع الخاص على الدخول فيها، وكذا الأنشطة والقطاعات التى ستتخارج منها الدولة خلال الثلاث سنوات القادمة، إلى جانب الأنشطة التى ستستمر بها الدولة ولكن مع تقليل نسبة المشاركة بها تدريجيًا، وذلك طبقًا للمعايير الدولية فى هذا الشأن.
وأكد أنه تم مراجعة تجارب الدولية المختلفة خلال اعداد هذه الوثيقة، للوقوف على القطاعات التى تستمر بها الدولة كحكومات، وما القطاعات التى تترك للقطاع الخاص للاستثمار فيها، موضحًا أن تلك الوثيقة ستخضع للمراجعة الدورية، لمتابعة عملها، والوقوف على القطاعات الواجب الاسراع فى التخارج منها، لافتًا إلى حرص الدولة على مشاركة القطاع الخاص حتى فى المشروعات المملوكة لها، وذلك من خلال ترك إدارتها له.
وأكد رئيس الوزراء، أننا نستهدف تسييل أصول بقيمة 40 مليار دولار خلال الأربع سنوات القادمة، وذلك من خلال طرحها للشراكة مع القطاع الخاص سواء المصري، أو الأجنبي، مشيرًا إلى أنه فيما يتعلق بالـ10 مليارات الخاصة بهذا العام، فقد تم بالفعل تحديد أصول بقيمة 9 مليارات، وبدء خطوات تنفيذ تسييل تلك الأصول خلال الفترة الحالية، مضيفًا أنه تم تحديد أصول بقيمة 15 مليار دولار بصورة فورية، حيث إن مجموع ذلك يفوق المستهدفات للسنتين الأوليين.
وأوضح رئيس الوزراء، أن المجموعة الاقتصادية تعمل من اليوم على تحديد الحزمة التي يصل إجماليها إلى 40 مليار دولار، ووضع خطة زمنية لتسييل الأصول التي تتضمنها، وهو ما يعتبر جزءًا من الاستثمار المباشر، الذى تشجع الدولة على مشاركة القطاع الخاص فيه سواء المحلى منه أو الأجنبي، مضيفًا أن مجالات تلك الأصول تتضمن مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، والأصول العقارية، ومشروعات تحلية المياه، ومشروعات فى قطاعات الاتصالات، والتعليم، والبنوك والمصارف.
وفيما يتعلق بالحصول على الأراضي الصناعية، أشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة ستتحول إلى نظام حق الانتفاع في الأراضي الصناعية بلا قيود، قائلا:" لا يعنينا تحقيق مكاسب من ثمن الأرض"، مؤكدًا أنه فيما يتعلق بالأراضي التي تُملك فسيكون التسعير فقط بقيمة المرافق، وسيتم تقديم المزيد من التيسيرات فى هذا الشأن، تشجيعًا للإسراع بعمليات التنمية.
وأوضح رئيس الوزراء، أنه سيتم خلال هذا العام الانتهاء من استراتيجية قومية متكاملة للملكية الفكرية، مع دراسة إنشاء جهاز قومى للملكية الفكرية.
وحول جهود تحسين مناخ المنافسة، أشار رئيس الوزراء إلى أنه سيتم خلال المرحلة القادمة زيادة فاعلية جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، إلى جانب فصل الجهات التنظيمية والرقابية عن الوزارات المنفذة، فصلًا لعملية الرقابة والاشراف عن عمليات التنفيذ.
وأشار رئيس الوزراء، إلى أن الجهود تتضمن أيضًا العمل على تسهيل وتيسير الإجراءات الخاصة بالشركات الناشئة، وخاصة ما يتعلق منها بريادة الأعمال وغيرها من الأنشطة، حيث سيتم الاعتماد على فتح وغلق هذه الشركات، عن طريق اخطار عن طريق الإنترنت، والسماح بفتح الشركات الافتراضية دون التقييد بوجود مقر فعلى للشركة، إلى جانب العمل على تعديل القوانين، سعيًا للتوسع فى إقامة المناطق التكنولوجية، وتسهيل اشتراطات اقامة شركات الفرد الواحد، فضلًا عن التيسير فى إجراءات دخول المعدات والمستلزمات الالكترونية، وذلك تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، فى هذا الشأن.
وأكد رئيس الوزراء، أنه تم اتخاذ مجموعة من القرارات تتعلق بتيسير إجراءات إصدار التراخيص والموافقات، وذلك بتحديد حد أقصى 20 يوم عمل، للانتهاء من كافة الإجراءات، وتحديد جهة واحدة للتعامل مع المستثمرين، موضحًا أن هناك ميكنة كاملة لمختلف الإجراءات الخاصة بالإقرارات الضريبية، وإجراءات الترخيص والتسجيل، وكذا ميكنة منظومة الخريطة الاستثمارية، بما يتيح للمستثمر حجز الأراضي واتمام الإجراءات وهو بالخارج.
ونوه رئيس الوزراء، إلى أنه سيتم إطلاق حزمة من الحوافز المتنوعة والجديدة، تتضمن حوافز خاصة بقانون الاستثمار، وحوافز خضراء، وحوافز الاستثمار في القطاع الصحي، فضلًا عن تفعيل الرخصة الذهبية، التي يقوم رئيس الوزراء بإصدارها رخصة واحدة تجُب كافة الموافقات والاشتراطات المصدرة من جهات أخرى.
وفي هذا الإطار، أشار الدكتور مصطفي مدبولي إلى أن الرخصة الذهبية تعني أن يقوم رئيس الوزراء بإصدار رخصة واحدة تجُب كل الموافقات والاشتراطات تصدر من جهات أخري متعددة، موضحًا أنه اليوم ووفقًا لقانون الاستثمار صدر قرار من مجلس الوزراء يتضمن امتيازات وحوافز للقطاعات والمشروعات الاستثمارية التي ستتواجد في القطاع "أ" الذي يضم المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومدن الصعيد، لتشجيع الاستثمارات في هذه المناطق، فضلًا عن الحوافز الخضراء.
ولفت رئيس الوزراء، في هذا الصدد إلى أن مصر أحد الدول المرشحة لأن تصبح مركزا كبيرا لإنتاج الطاقة المستقبلية المتمثلة في الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، منوهًا إلى أن الحكومة وقعت خلال الفترة الماضية على مذكرات تفاهم مع أكبر الشركات العالمية في هذا المجال، والتي تعهدت بضخ استثمارات تصل إلى أكثر من 40 مليار دولار بحلول 2030 لكي تصبح مصر مركزًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وبدورها حددت الدولة نوعية المشروعات التي ستتمتع بحوافز إضافية جديدة خلال الفترة القادمة في هذا الصدد، قائلًا: إن الفترة السابقة شهدت بشكل شبه يومي توقيع مذكرات تفاهم مع كبري الشركات والتحالفات العالمية.
ونوه رئيس الوزراء إلى أنه وفيما يتعلق بالقطاع الصحي، وافقت الحكومة على إدراج كل مشروعات إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية ضمن منظومة الاستثمار الجديدة، لافتا إلى اجتماع مجلس الوزراء الأخير الذي اتخذ قرارات بتيسير إجراءات الاستحواذ على النسب المختلفة داخل المستشفيات والمنشآت الصحية للتسريع من هذه الإجراءات.
وفيما يتعلق بالمدن الجديدة، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الحكومة ستعرض خلال الفترة القادمة على البرلمان قانونا جديدا سيعفي المنشآت الصناعية والتنموية التي ستنشأ في مدن الجيل الرابع في أنشطة محددة من الضرائب لفترة زمنية محددة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات منذ بداية تشغيل المشروع، إضافة إلى الحوافز، ومنوهًا إلي أن الحكومة ستتوسع خلال الفترة القادمة في إصدار الرخصة الذهبية التي تمنح موافقة واحدة فقط للمشروع، حيث تم اختيار ثلاثة مجالات كبداية، وهي الهيدروجين الأخضر، وصناعة المركبات الكهربائية، والبنية التحتية لا سيما ما يتعلق منها بمشروعات تحلية مياه البحر والطاقة المتجددة وخلافه.
وفي السياق ذاته، نوه رئيس الوزراء إلى أنه في إطار تسهيل الإجراءات على المستثمرين، وفتح قنوات تواصل مباشر معهم، أصدر الأسبوع الماضي قرارًا بإنشاء وحدة لحل مشكلات المستثمرين بمجلس الوزراء تضم كل الجهات المعنية، والتي يمكن للمستثمر مخاطبتها مباشرة حال وجود طلب أو مشكله لديه، والتي ستقوم بدورها بتذليل كل العقبات وإسراع الإجراءات.
وفيما يتعلق بتوطين الصناعات، أشار رئيس الوزراء إلى أنها قضية محورية، حيث علمتنا الأزمة الماضية ضرورة الإسراع بتوطين الصناعات وتقليل فاتورة الواردات، لافتًا إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية زادت من نشاط قطاع الصناعة، والذي شهد طفرة كبيرة جدًا خلال العامين الماضيين على الرغم من تزامن ذلك مع جائحة كورونا.
وأشار إلى أنه خلال الأربع سنوات الأخيرة تم إصدار 51 ألف رخصة تشغيل صناعي جديدة، بما يعني أن المصنع مجهز بالماكينات ويقوم باستخراج رخصة التشغيل لبدء العمل الفوري، وذلك لمصانع الحجم المتوسط والكبير بمتوسط عمالة تصل إلى 50 فردا في المنشأة، ما يعني إتاحة نحو 2.5 مليون فرصة عمل جديدة وحققت نموًا في قطاعات كانت كلها مرتبطة بالمشروعات القومية التي أطلقتها الدولة مثل القطاعات الهندسية والمعدنية والتشييد والبناء والكيماويات والصناعات الغذائية والدوائية، موضحًا أن المشروعات التي تبنتها الدولة شجعت القطاع الخاص على إنشاء 51 الف منشأة جديدة.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الدولة تستهدف حاليًا تعظيم الصادرات المصرية في 9 قطاعات أساسية تتعلق بصناعة (المنسوجات، والفلزات القاعدية، ومنتجات المطاط واللدائن، والمنتجات الغذائية، ومعدات النقل الأخرى، والورق وأنشطة النشر، ومنتجات المعادن اللافلزية الأخرى، والحواسب والمنتجات الإلكترونية والبصرية، والمركبات ذات المحركات والمركبات المقطورة ونصف المقطورة، والآلات والمعدات غير المصنفة في موضع آخر، والمنتجات الصيدلانية الأساسية والمستحضرات، ومنتجات المعادن المشكلة باستثناء الآلات والمعدات)، مضيفًا أنه تم وضع خطة لهذه القطاعات لمضاعفة الصادرات المصرية منها للوصول إلى 100 مليار دولار صادرات خلال السنوات الأربع أو الخمس القادمة على الأكثر، أو أقل من ذلك.
وأضاف رئيس الوزراء أنه في ذات الوقت، تم تحديد 23% من إجمالي الواردات المصرية التي تمثل أكثر من 20 مليار دولار في ستة قطاعات (الصناعات الكيماوية، والصناعات الهندسية، والصناعات الطبية والدوائية، والصناعات النسيجية، والصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية، وصناعات مواد البناء والصناعات المعدنية) لمنحها حوافز، وفي هذا الإطار.
وأوضح رئيس الوزراء، أن أي صاحب مصنع يرغب في إقامة مصنع جديد في هذه القطاعات، سيتمتع بالإعفاءات الضريبية التي نتحدث عنها ما دام أنه في نطاق هذه الصناعات التي كنا نستوردها؛ للعمل على تقليل فاتورة الاستيراد خلال السنوات الأربع المقبلة، ولقد انتهينا بالفعل من إعداد برنامج صناعة السيارات واستراتيجية توطين صناعة السيارات، ومن المقرر إطلاقها قبل نهاية مايو الجاري، التي ترتكز على أربعة محاور أساسية من أجل تشجيع الاستثمار الأجنبي في قطاع السيارات الكهربائية وصديقة البيئة، كما سنطلق مشروعات كبيرة محددة مثل مشروع تحديث البيانات أو الداتا سنتر، ومشروعات شبكات نقل البترول والغاز، وكذلك التوسع في محطات إسالة الغاز، وأبراج شركات الاتصالات، وإعادة تأهيل محطات الرياح، وهذه المجالات لها مشروعات سنعلنها للقطاع الخاص لدخول الاستثمار الأجنبي فيها.
وفيما يخص ملف الدين العام الذي يعد مثار قلق لدى الكثيرين، لفت رئيس الوزراء إلى أن هناك خطة واضحة للسنوات الأربع المقبلة لخفض هذا الدين، موضحا أن 91% من الدين الخارجي من الديون متوسطة وطويلة الأجل، وبالتالي فهذه الديون ليست ضاغطة على الدولة المصرية خلال الفترة الحالية، وجزء منها فقط تمثل نسبته 8.8% هو ديون قصيرة الأجل، وجزء كبير من الديون طويلة الأجل تعتبر قروضا ميسرة من خلال وزارة التعاون الدولي مع المؤسسات الدولية التنموية.
أما بالنسبة لإجمالي الدين العام في مصر، فقد أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن نسبته وصلت حاليا إلى نحو 86% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وهناك دول تخطت هذه النسبة بكثير، ولا يزال الدين العام لنا يقع ضمن الشريحة المرتفعة، لكن خطتنا خلال السنوات الأربع المقبلة خفض هذا الدين من نحو 86% إلى 75%، أي أن يكون الدين بالنسبة للناتج أقل من 75%، وهو كما يعرفه الاقتصاديون هو معدل الاستقرار ولا يوجد به أي مخاطر، وهو ما نعمل عليه حتى نصل إلى هذا المعدل في 2026، وإطالة عمر الدين، بحيث يكون الدين كمتوسط خمس سنوات على الأقل، بالإضافة إلى تحقيق فائض أولي في الميزانية بنسبة 2%، مما يؤدي إلى خفض الدين، فضلا عن خفض تكلفة الاقتراض والدين الحكومي، بحيث تصل إلى 6% فقط من الناتج المحلي خلال العام المالي 2025-2026، وفقا لتوجيهات فخامة الرئيس بشأن وضع خطة واضحة تعمل الحكومة على تنفيذها ويتم محاسبتها عليها لمدة 4 سنوات للتعامل مع هذا الملف.
كما نبه رئيس الوزراء إلى أننا استطعنا خفض الدين، الذي وصل في عام 2016 إلى 103%، أي أن الدين كان أعلى من الناتج، ومع الإصلاح الاقتصادي بدأ ينخفض هذا الدين، ولولا حدوث أزمة كورنا لما ارتفع هذا الدين إلى 85%، بعد أن انخفض إلى 81%، ونحن نستهدف بالفعل خفضه مرة أخرى، ونعمل على تحقيق فائض أولي هذا العام لا يقل عن 1.2% من الناتج، كما نعمل على أن يتزايد هذا الفائض خلال السنوات المقبلة ليصل إلى حدود الـ 2%، كما نستهدف خفض العجز في الموازنة إلى 6.2% هذا العام، وسنعمل على خفضه إلى 5% بإذن الله.
وقال رئيس الوزراء: هذه مستهدفات واضحة أمام الحكومة تعمل على تنفيذها، ونحن اليوم في إطار توفير موارد غير تقليدية من العملة الأجنبية، وسنطرح خلال الفترة المقبلة الصكوك السيادية، والتي تنطلق فيها مصر لأول مرة، كما كانت مصر أول دولة في ملف السندات الخضراء، وقد نجحنا في إصدار هذه السندات في اليابان، والتي تعد شهادة ثقة كبيرة لنا، ونعمل حاليا مع عدد من الدول الصديقة لإصدار سندات بها بفوائد أقل من الفوائد التجارية.
كما أننا ندرك تماما حجم التحديات التي تواجه البورصة المصرية، إلا أننا بالتوافق مع هيئة الرقابة المالية وهيئة البورصة وكل العاملين في البورصة تم التوافق على 21 إجراء بدأ تطبيقها بالفعل وسيتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة، بحيث أن يكون من شأنها زيادة عدد الشركات المقيدة في البورصة وزيادة عدد المستثمرين المحليين والأجانب، وإتاحة آليات جديدة داخلها، فضلا عن تعزيز إمكانات إدارة المخاطر لدى شركات الأوراق المالية، أو السمسرة، وكيفية زيادة أحجام السوق المصرية والعمل على مضاعفته خلال العامين المقبلين.
ونوّه رئيس الوزراء إلى أننا نستهدف ضمن برنامج الطروحات 10 شركات تابعة للدولة منها أجزاء من قطاع الأعمال وشركتان تابعتان للقوات المسلحة، التي يمكن طرحها قبل نهاية العام في البورصة المصرية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي مجددا أننا نعلن اليوم خطة واضحة للعمل على تنفيذها، تتضمن أيضا دمج أكبر 7 موانئ مصرية تحت مظلة شركة واحدة، وسيتم طرح نسبة منها في البورصة، كما سيتم دمج أكبر الفنادق المميزة، والتي تعد من أفضل الأصول في مصر سيتم دمجها أيضا تحت مظلة شركة واحدة يتم تقييمها من خلال بنوك استثمارية دولية، على أن يتم طرح نسب منها في البورصة للمصريين، ويمكن للمستثمرين المشاركة، وبذلك نعمل على توسيع ملكية وحوكمة إدارة هذه المؤسسات التابعة للدولة.
كما أن المشروعات الكبيرة التي تنفذها الدولة في قطاع النقل الحديث مثل المونوريل أو القطار فائق السرعة، أو القطار الكهربائي، سيتم طرح نسب من هذه المشروعات للقطاع الخاص للاستثمار وإدارة هذه المشروعات خلال الفترة المقبلة.
ارتفاع الأسعار
وحول الموضوع الأخير المتمثل في ارتفاع الأسعار مع كل تلك الضغوطات الاقتصادية وتبعاتها وارتفاع الأسعار والتضخم، أكد مدبولي أن الدولة خصصت 130 مليار جنيه في موازنة العام المقبل للعمل على امتصاص جزء من هذه الأعباء عن المواطن المصري؛ لأن الدولة تعي تمامًا أن مستوى دخل الفرد في مصر يختلف عن باقي الدول، حيث إنه من الوارد أن يسمح راتب المواطن في الدول التي حدث فيها تضخم عال، لا سيما الدول المتقدمة، بتحمله جزءًا من هذا الغلاء، ومع ذلك فإن هناك دولا متقدمة يشتكي فيها المواطنون من عدم كفاية رواتبهم لتحمل تكاليف المعيشة، ولكن في مصر تحركنا لتخصيص احتياطات للتعامل مع الأزمة.
ولفت إلى أن هناك توجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية بإضافة 450 ألف أسرة جديدة للمستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة"، وبدأت بالفعل الإجراءات ذات الصلة وسيتم التنفيذ اعتبارًا من الأول من يوليو القادم، فضلًا عن زيادة الإعفاء الضريبي الشخصي بـ 25%، بما يعني أن المواطن الذى يتقاضى أجرًا قدرة 2500 جنيه شهريًا لا يخصم منه جنيه واحد ضرائب، للتخفيف عن المواطنين.
المعاشات
وفيما يتعلق بالمعاشات، أشار رئيس الوزراء إلى أن هناك 10 ملايين مواطن مصري مستفيد من المعاشات، لافتًا إلى أن بند المعاشات بموازنة الدولة يزيد سنويًا، حيث ستضع الدولة العام القادم 190 مليار جنيه لصناديق التأمينات والمعاشات، كما قامت بتعجيل زيادة الأجور اعتبارًا من شهر إبريل الماضي، والتي حملت الدولة مبالغ كبيرة استطاعت الحكومة استيعابها من الاحتياطي الذي كان مخصصا في الموازنة.
وفي سياق متصل، أشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة طوال شهر رمضان تحركت بكافة مؤسساتها لتوفير السلع في المنافذ بأسعار أقل من قيمتها في السوق العادي، فضلًا عن توزيع "شنط رمضانية" على المواطنين، لافتًا إلى أن هناك توجيهات من السيد الرئيس باستمرار هذه الإجراءات خلال الفترة القادمة بحيث يتم توفير السلع بأقل من أسعارها التجارية.
القمح
وفيما يتعلق بالقمح، أكد رئيس الوزراء أن هذا الملف مهم ويجب علينا كمصريين أن نكون على دراية بما يتم في بلدنا في هذا الشأن، موضحًا أن المساحة المزروعة من القمح خلال المشروعات القومية، كمشروع استصلاح وزيادة الرقعة الزراعية في توشكي وشرق العوينات والدلتا الجديدة وسيناء وغرب المينا، هي التي مكنتنا من زيادة الرقعة الزراعية وبالتالي زيادة المساحة المزروعة من القمح، مشيرًا إلى أن هذا العام، وللمرة الأولي في تاريخ مصر، سيشهد إنتاج نحو 10 ملايين طن قمح، بزيادة مليون طن عن العام الماضي.
وأوضح رئيس الوزراء أن الدولة اتخذت إجراءات كلفتها 36 مليار جنيه، تضمنت زيادة ثمن توريد طن القمح المحلي حيث كان العام الماضي نحو 710 جنيهات للأردب، والذي تم زيادته إلى 810 جنيهات للأردب، وبتوجيهات من السيد الرئيس تم زيادة حافز التوريد وقدره 65 جنيهًا فأصبح متوسط سعره 875 جنيهًا للأردب، هذا بالإضافة إلى استيعاب الزيادة التي حدثت في سعر القمح الأجنبي.
تطوير الصوامع والشون الترابية
وأشار مدبولي إلى أن أحد أهم المشروعات التي قامت بها الدولة هو تطوير الصوامع والشون الترابية الذي أتاح سعات تخزينية وصلت إلى 5.5 مليون طن، والذي كان 1.4 مليون طن قبل عام 2014، لافتًا إلى أنه يتم توجيه الـ 5.5 مليون طن إلي الخبز المدعم، والذي حافظت الدولة علي سعره رغمًا عن الضغوط والزيادات خلال الفترة الماضية، مضيفًا أن الدولة اتخذت خطوة شديدة الأهمية وانفقت عليها وهي تأمين احتياطي استراتيجي من السلع لا يقل عن 4 أشهر، وفي بعض الأحيان يزيد عن ستة أشهر.
وأعلن أن الدولة اليوم لديها احتياطات من القمح بما في ذلك المحصول المحلي تكفي لمدة 4 أشهر، ومع نهاية التوريد سيكون لدينا ما يكفي لنهاية العام الميلادي، وبالتالي لن يكون لدينا أزمة في القمح، بالإضافة إلى 6 أشهر احتياطي من الزيت، فضلًا عن احتياطات كافية من الأرز والدواجن واللحوم، مؤكدًا أن الدولة كانت حريصة على توفير احتياطيات حتى لا يشعر المواطن أن هناك سلعة تنقص، مشيرًا إلى أن زيادة الأسعار حدثت في العالم أجمع ولكن بقدر الإمكان تتحمل الدولة جزءا ويتحمل المواطن جزءا من هذه الزيادة، حيث تحملت الدولة زيادة سعر الخبز المدعم خلال الفترة الماضية والذى يستفيد منه اليوم 71 مليون مواطن.
وأضاف أن الأسمدة وصل سعر الطن فيها إلى 14 ألف جنيه، إلا أنه يباع بـ 4.5 ألف جنيه فقط، فلازال هناك 10 آلاف جنيه دعم لطن الأسمدة، وأكثر من نصف الإنتاج المحلي من السماد يذهب إلى أصحاب الحيازات الصغيرة وهم من يحصلون على الدعم، لافتًا إلى أن الفترة القادمة ستشهد توسعا في المناطق اللوجستية، لزيادة حركة التجارة المحلية وضمان أفضل طرق للتوسع في توريد المواد الخام والسلع التموينية وإتاحتها للمواطنين.
واختتم رئيس الوزراء حديثه بالمؤتمر الصحفي بقوله: “مع كل الأزمات العالمية غير المسبوقة التي مرت بالعالم على مدار السنوات الثلاث كانت مصر قادرة على تخطي الأزمات والصمود في مواجهتها، مؤكدا أنه بمشيئة الله، وبكل جهودنا وبدعم كل المصريين، سنكون قادرين على تخطي الأزمة الحالية، وستستمر مصر في تحقيق معدلات نمو إيجابية لصالح مواطنيها خلال المرحلة المقبلة”.