علي الهواري يكتب: لا تظلموا محمد صلاح
لاشك أن محمد صلاح من أفضل اللاعبين في تاريخ مصر الحديث، ومن أفضل اللاعبين في العالم في الوقت الحالي، وهو فخر العرب، والفتى الذهبي للكرة المصرية والعربية، لكنه ليس أفضل لاعب في تاريخ مصر، ولا أفضل لاعب في العالم، وليس هو الأسطورة الوحيدة في تاريخ الكرة المصرية.. كيف؟.
إنجازات محمد صلاح
لا أحد ينكر أن محمد صلاح حقق الكثير من الانجازات وكسر الكثير من الأرقام القياسية على المستوى الفردي، وهي أرقام لم يسبقه إليها لاعب أخر في تاريخ مصر، مثل تتويجه بأحسن لاعب في الدوري الانجليزي أكثر من مره، وحصوله على الحذاء الذهبي كهداف للدوري الانجليزي أكثر من مرة، وحصوله على الكرة الذهبية كأفضل لاعب في إفريقيا مرتين، وكذلك منافسته أكثر من مرة على الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم، لكنه في النهاية لم يحصل على هذه الجائزة المرموقة حتى الأن، والمرشح للفوز بها هذا العام، لاعب ريال مدريد ومنتخب فرنسا، كريم بنزيما.
محمد صلاح ومنتخب مصر
الأرقام التي حققها محمد صلاح مع منتخب مصر لا تتناسب مع نجوميته ومع الأرقام التي حققها مع فريق ليفربول الإنجليزي، ومع طموحات وآمال الشعب المصري، فهو لم يحقق أي بطولة قارية مع منتخب مصر على مدار عشر سنوات، فأخر مرة فازت فاز فيها منتخب مصر بكأس الأمم الأفريقية كان عام 2010، على يد الجيل الذهبي بقيادة، محمد أبو تريكة ومحمد زيدان وحسني عبد ربه وأحمد حسن ومحمد بركات وغيرهم، وهذا الجيل فاز بكأس الأمم الأفريقية ثلاثة مرات متتالية أعوام، 2006 و2008 و2010، وهو أفضل انجاز حققته الكرة المصرية طوال تاريخها على المستوى القاري، لكن العيب الوحيد في هذا الجيل أنه لم ينجح في الوصول لكأس العالم.
الإنجاز الوحيد الذي حققه محمد صلاح مع منتخب مصر هو الوصول لكأس العالم في روسيا 2018، بعد غياب 28 عاما، لكن سرعان ما تحول هذا الإنجاز إلى كابوس، بعد أن احتل منتخب مصر المركز الـ 31 وقبل الأخير في البطولة العالمية، بعد أن خسر مبارياته الثلاثة في البطولة، أمام أوروجواي بهدف نظيف، وروسيا بثلاثة أهداف لهدف، والسعودية بهدفين لهدف، وقد وصف الخبراء ما حدث لمنتخب مصر في هذه البطولة بـ«الفضيحة».
وهنا أقصد بالإنجاز، الفوز بالبطولات القارية والعالمية أو الوصول لكأس العالم، فالوصول لكأس الأمم الأفريقية وعدم الفوز بها لا يعتبر إنجازا، فمنتخب مصر من أكثر المنتخبات الأفريقية مشاركة في كاس الأمم الأفريقية، وبالتالي وصول منتخب مصر لهذه البطولة لا يعتبر إنجازا.
هل محمد صلاح أفضل لاعب في العالم؟
ترى الغالبية العظمى من المصريين، أن محمد صلاح هو أفضل لاعب في العالم، متجاهلة أن أفضل لاعب في العالم لا بد وأن يكون حاصلا على الكرة الذهبية، التي تمنحها مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية، والاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، وهذه الجائزة لم يحصل عليها محمد صلاح حتى الأن، ولكنه نافس عليها، وبالتالي لا يمكن أن نقول أن محمد صلاح أفضل لاعب في العالم، ولكن نستطيع أن نقول أنه من أفضل اللاعبين في العالم.
لكن الغالبية العظمى من المصريين، ترى أن عدم حصول محمد صلاح على الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم، إنما يعود لأسباب عنصرية، على اعتبار أن محمد صلاح مسلم الديانة، والكرة الذهبية لا يتم منحها لمسلم، وهذا الاعتقاد جزء من نظرية المؤامرة التي يؤمن بها الكثير من المصريين.
نفس الكلام قاله، ساديو ماني، نجم ليفربول ومنتخب السنغال، عندما استبعد حصوله على الكرة الذهبية رغم الانجازات التي حققها، سواء مع ليفربول أو منتخب السنغال، وقال ماني، في تصريحات أبرزتها صحيفة «ديلي ستار» البريطانية: «أتمنى أن أفوز بالكرة الذهبية، لكنني أعلم أن هذا لن يحدث، وللأسف لا يعتبر اللاعبون الأفارقة مرشحين جادين للكرة الذهبية».
وأضاف: «لم يفز أي لاعب أفريقي بالكرة الذهبية منذ جورج وياه، هذا محزن بالتأكيد، أتمنى أن يفوز ليفربول بدوري أبطال أوروبا، وسيكون الأمر أكثر خصوصية إذا حصلت على جائزة أخرى وهي الكرة الذهبية، وسأكون أسعد لاعب في العالم».
هل محمد صلاح مظلوم مع منتخب مصر؟
يعتقد الكثير من المصريين أن محمد صلاح مظلوم مع منتخب الفراعنة، وأن انخفاض مستواه مع منتخب مصرإنما يعود لعدم وجود لاعبين في منتخب مصر في نفس مستوى اللاعبين في ليفربول، في الوقت الذي ينسبون أي انجاز يحققه منتخب مصر لمحمد صلاح، أما الفشل والإخفاق فيضعونه في رقبة الجهاز الفني وباقي اللاعبين، فهل هذا منطقي؟، وأنا هنا اسأل بعيدا عن العواطف: من المسئول عن المستوى الهزيل الذي ظهر عليه منتخب مصر في كأس العالم 2018 في روسيا؟، من يتحمل مسئولية عدم وصول مصر لكأس العالم في قطر 2022؟، من المسئول عن خروج مصر «المذل» أمام السنغال في نهائي كأس الأمم الأفريقية الأخيرة في الكاميرون؟، هل هو محمد صلاح أم الجهاز الفني أم اتحاد الكرة أم باقي اللاعبين؟.
هل محمد صلاح الأسطورة الوحيدة في تاريخ الكرة المصرية؟
هناك الكثير من المصريين يعتبرون محمد صلاح أفضل لاعب في تاريخ مصر، وليس من أفضل اللاعبين في تاريخ مصر، وهناك فرق كبير، فأفضل لاعب في تاريخ مصر يعني أنه لا يوجد لاعب في تاريخ مصر القديم والحديث أفضل منه، وهذا الكلام فيه مبالغة كبيرة وظلم بين للكثير من النجوم الكبار في تاريخ الكرة المصرية، فالتاريخ يشهد أن محمد صلاح ليس هو الأسطورة الوحيدة في تاريخ الكرة المصرية، ولكن هناك الكثير من الأساطير والأسماء التي ساهمت على مدار أكثر من مائة عام في صناعة تاريخ الكرة المصرية مثل:
- حسين حجازي، وهو الأب الروحي لكرة القدم المصرية وأشهر لاعبيها في النصف الأول من القرن السابق، شارك في تأسيس أول فريق كرة قدم بالنادي الأهلي عام 1911، وهو أول لاعب مصري يخوض تجربة اللعب في قارة أوروبا بالانضمام لأندية دولويتش هاملت وفولهام في إنجلترا خلال الفترة من 1911 حتى 1913، وصاحب أول هدف مصري وعربي في تاريخ الكرة الإنجليزية، شارك حجازي في تأسيس الاتحاد المصري لكرة القدم عام 1921، وقاد أول منتخب لكرة القدم المصرية في دورة أنتويرب الأولمبية عام 1920 ببلجيكا وأول لاعب ينتقل بين الأهلي والزمالك ولعب أيضًا للسكة الحديد أعرق أندية كرة القدم المصرية على مر التاريخ.
- الكابتن صالح سليم، حيث ولد صالح سليم، أسطورة الكرة المصرية والرئيس التاريخي للنادي الأهلي، في العام 1930، ونال شهرة واسعة في عالم الساحرة المستديرة وتوج بالبطولة الإفريقية الثانية في تاريخ كرة القدم المصرية مع المنتخب الوطني عام 1959، كما كان أول لاعب مصري في التاريخ يحترف بالدوري النمساوي الممتاز عام 1963 مع نادي جراتز، والوحيد الذي خاض تجربة الاحتراف الأوروبي من هذا الجيل، صالح سليم أصبح أحد أساطير الكرة المصرية على الصعيدين الفني والإداري، فكان لاعبًا فذًا مع الأهلي وخلال فترة احترافه، وتولى رئاسة النادي الأهلي لمدة 18 سنة على فترتين، الأولى 1980 حتى 1988، والثانية من 1992 وحتى 2002.
- الكابتن محمود الخطيب، أسطورة النادي الأهلي وكرة القدم المصرية، هو أول لاعب مصري يتوج بالكرة الذهبية عام 1983 كأفضل لاعب في إفريقيا، حقق مع النادي الأهلي الكثير من البطولات على المستويين المحلي والإفريقي، وأصبح أحد أشهر لاعبيه على مر التاريخ، كما شارك مع منتخب مصر في التتويج بكأس الأمم الإفريقية 1986 بالقاهرة، وفي أولمبياد لوس أنجلوس 1984، وعقب الاعتزال اتجه للعمل الإداري ويتولى حاليًا رئاسة النادي الأهلي.
- الكابتن محمود الجوهري، وهو المدير الفني المصري والعربي الأشهر على مر التاريخ بعدما قاد منتخب مصر لأعلى المستويات ووضع الكرة المصرية على طريق العالمية ونقلها من الهواية للاحتراف، حظي الجوهري بمسيرة عظيمة كلاعب وتوج بالعديد من البطولات على المستويين المحلي والدولي، قبل أن يتجه للتدريب ويقود مصر للصعود إلى نهائيات كأس العالم 1990 بإيطاليا والتتويج بكأس الأمم الإفريقية 1998 ببوركينا فاسو، والمشاركة في بطولة كأس القارات بالمكسيك عام 1999.
- الكابتن حسام حسن، هو الهداف التاريخي لمنتخب مصر وعميد لاعبي العالم السابق والمهاجم الأشهر في تاريخ كرة القدم المصرية، لعب حسام حسن لأندية الأهلي وباوك ثيسالونيكي اليوناني ونيوشاتل زاماكس السويسري والزمالك والمصري البورسعيدي والترسانة والاتحاد السكندري، ومازال يحتل صدارة هدافي منتخب مصر برصيد 76 هدفًا.
- وتضم قائمة أساطير الكرة المصرية كل من، أحمد الكأس، حسني عبد ربه، حسام حسن، محمد ناجي جدو، عماد متعب، عبد الحليم علي، عمرو زكي، أحمد حسن، طاهر أبو زيد، اشرف قاسم، هاني رمزي، طارق مصطفي، مدحت عبد الهادي، نادر السيد، مجدي عبد الغني، هشام يكن، عبد الواحد السيد، ياسر ريان، أسامة نبيه، محمد يوسف، إبراهيم حسن، سمير كمونة، جمال عبد الحميد، أحمد شوبير، عبد الستار صبري، هاني سعيد، محمود فتح الله، محمد حمص، طارق السيد، شادي محمد، احمد عبد الملك، سيد معوض، محمد زيدان، ربيع ياسين، ياسر رضوان، أحمد حسام ميدو، إبراهيم سعيد، عبد الستار صبري، طارق يحيي، محمد فضل، حسام غالي، محمد عمر، حمادة صدقي، شوقي غريب، سامي الشيشيني، محمد عمارة وإسماعيل يوسف، وغيرهم.
ملوك القارة الأفريقية
في 2020، نشر الحساب الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» على إنستجرام صورة لـ 9 لاعبين ممن مثلوا منتخب مصر على مر التاريخ وصفهم بأنهم أساطير الكرة المصرية وملوك القارة الأفريقية، وأبرزهم محمد صلاح، محمد أبو تريكة، أحمد حسن، حسام حسن، أحمد الكأس، مجدي عبد الغني، عماد متعب، أحمد فتحي، وأسطورة حراسة المرمى عصام الحضري.
هل تعرض محمد صلاح للظلم؟
بعد هزيمة منتخب مصر من منتخب السنغال في نهائي كأس الأمم الأفريقية الماضية التي أقيمت في الكاميرون، وتوج بها المنتخب السنغالي، وبعد إخفاق مصر في الوصول لكأس العالم 2022 في قطر، بعد الهزيمة من المنتخب السنغالي، أصيب محمد صلاح بحالة من الإحباط، لأن كل هذه الإخفاقات، ضيعت عليه فرصة الحصول على الكرة الذهبية كأفضل لاعب في إفريقيا للمرة الثالثة، وقللت من فرصه في المنافسة على الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم.
من وجهة نظري، محمد صلاح تعرض لظلم كبير الفترة الماضية، لأن الآمال والطموحات التي وضعها عليه الشعب المصري كانت أكبر بكثير من مستواه وإمكانياته وقدراته، فلا تظلموا محمد صلاح وتحملوه فوق طاقته.