تطوير وقروض مع وقف التنفيذ.. كيف أضرت «التعليم» بالمنظومة التعليمية وأهدرت المليارات؟
- نسبة الإنفاق على التعليم الحالية لم تصل إلى نصف الاستحقاق الدستوري
- التعليم اتفقت على تنفيذ 100 فصل طائر بتكلفة 472 ألف جنيه للفصل الواحد
- الوازرة تنفق 10 مليارات على التابلت لتوفير 3 مليارات تكلفة طباعة الكُتب
- وقف مشروع السبورة الذكية بعد توريد 33 ألف سبورة بتكلفة 40 ألف جنيه للقطعة
- خبيرة تربوية: لم أر في التعليم إنجازات حقيقية.. والمدارس اليابانية لم تلق الاهتمام المنشود
- خبير اقتصادي: التعليم السبب في وقف تسليم القرض الياباني لمخالفتها شرط المجانية
- «النحاس»: وزارة التعليم سبب في وقف تسليم القروض لعدم التزامها بخطة وشروط الاتفاقية
- اقتصادي: القرض الموقوف عبء على الدولة لأنها اعتمدت عليه في الموازنة العامة
- خبير اقتصادي: الوزارة فقدت مصداقيتها لدى البنك الدولى ولن يثق بها لتسليمها قروض أخرى
- تربوية: تجربة التابلت فاشلة.. والفلوس ضاعت على الأرض
«نطالب بزيادة موازنة التعليم 3 مليار و789 مليون جنيه»، مطلب فاجأت به وزارة التربية والتعليم، الجميع لا سيما المعنيين بملف التعليم في الدولة، وبررت الوزارة مطلبها بأن لديها احتياجات مُلحة لاستكمال مشروعات التخطيط والتطوير للمنظومة التعليمية التي بدأتها الوزارة.
مطلب وزارة التعليم بزيادة الموازنة، لا سيما بند زيادة 500 مليون جنيه للإنترنت، أثار الكثير من التساؤلات بشأن القروض الخارجية التي حصلت عليها وزارة التعليم، أبرزها ما قيمة تلك القروض وما تم استخدامه من القرض؟ كما تسائل البعض عن المبالغ التي صرفتها الوزارة في سبيل تطوير التعليم؟ وهل هناك نتائج ملموسة على أرض الواقع تثبت تطورًا في التعليم؟
مطالب بزيادة الموازنة
18 مايو الجاري، طالب المشرف على قطاع الموازنة بوزارة التربية والتعليم، سعيد صديق، بزيادة موازنة التعليم 13 مليار و789 مليون جنيه، خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب؛ لمنافشة مشروع الموازنة العامة للدولة.
ورغم زيادة موازنة التعليم في العام المالي الجديد 2022-2023، والتي بلغت 131 مليار جنيه، مقارنة بـ117 مليار جنيه في العام المالي الماضي 2021-2022، و109 مليارات جنيه في العام المالي 2020-2021، إلا أن الوزارة ترى أنها في حاجة إلى المزيد من المال من أجل استكمال تطوير المنظومة التعليمية في جميع القطاعات.
الفروق بين ما طلبته الوزارة وبين الموازنة التي تم اعتمادها في العام المالي الجديد، بلغت 13 مليار جنيه، موزعة على احتياجاتها لاستكمال مشاريع تطوير بدأتها بمختلف القطاعات لديها، بتكلفة 5 مليارات للخطة الاستثمارية، و600 مليون وفاء بالتزامات قائمة، و4 مليارات جنيهًد طباعة كُتب، بالإضافة إلى 4 ملايين جنيه للمراكز والهيئات التعليمية، و500 مليون جنيه اشتراكات سنوية للإنترنت في مديريات التربية والتعليم، ومليار و500 مليون تنفيذ مشروعات وتأهيل مدارس، فضلًا عن 500 مليون جنيه لتنفيذ خطة تطبيق تقنية الجدارات في المدارس الفنية، و500 مليون أخرى حافز تطوير للصف الخامس الابتدائي، وفقًا لسعيد صديق.
ورغم أن جميع الأبواب في موازنة التعليم زادت، لا سيما باب الأجور والرواتب؛ إلا أن جميعها لا تُحقق الاعتمادات المُقترحة من الوزارة.
ليست المرة الأولى
المطالبة بزيادة مخصصات التعليم لم تكن المرة الأولى، لا سيما وأن الوزارة طالبت بزيادة موازنة التعليم للعام المالي 2017-2018، من 83 مليار جنيه إلى 100 مليار، لتغطية نفقات (برامج خطة وزارة التربية والتعليم 2014-203)، كما طالبت بزيادتها 11 مليار جنيه، للعام المالي 2019-2020، بعدما وصل الأمر إلى نزاع بين وزارتي المالية والتعليم في هذا الشأن، لا سيما وأن موازنة التعليم لعام 2018-2019 لم تتخطي الـ100 مليار جنيه.
لطالما طالب أهل الاختصاص بضرورة الوصول بموازنة التعليم إلى الاستحقاق الدستوري، الذي يبلغ 4% كحد أدني من إجمال الناتج المحلي، وفقًا لنص المادة (19) من الدستور.
وبحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لم ترق نسبة الإنفاق على التعليم (المدرسي والجامعي)، العام الحالي 2021-2022، حتى إلى نصف المُعدل المٌقرر في الدستور كحد أدنى، حيث بلغت 2.42% من إجمالي الناتج المحلي.
قرض ياباني مع وقف التنفيذ
وفي فبراير 2018 وقعت الحكومة المصرية على اتفاقية الحصول على قرض ياباني، بقيمة 18 مليارا و626 مليون ين ياباني، أي ما يُعادل حوالي 175.7 مليون دولار أمريكي، في إطار الشراكة اليابانية من أجل التعليم وفق برنامج دعم المدارس اليابانية المصرية، وفقًا للقرار الجمهوري 226 لسنة 2018.
والغريب أن القرض الياباني الذي وقعت على الحكومة في حضور وزير التعليم، لم يُصرف منه أي مبالغ حتى الآن، برغم أنه كان مخصصا منه 250 مليون جنيه لتجهيز المدارس المصرية اليابانية، خلال العام المالي 2020-2021، حسب مدير عام التعليم بوزارة التخطيط، بدر عثمان، أثناء مناقشة حساب ختامي موازنة التعليم بمجلس النواب.
رغم اشتراط اليابان أن تكون تجربة المدارس المصرية اليابانية مجانية، إلا أن مصروفات الالتحاق للعام الدراسي 2021-2022 بها بلغت 15.600 ألف جنيه، وفقًا لمدير المدرسة المصرية اليابانية بفرع حدائق أكتوبر، الدكتور تامر السيد.
قرض دولي موقوف
أبريل 2018 وقعت الحكومة المصرية والبنك الدولي اتفاقية قرض بقيمة 500 مليون دولار، من أجل إصلاح وتطوير التعليم، عبر تحسين ظروف التدريس والتعلم في نظام التعليم الحكومي، في حضور وزير التربية والتعليم، الدكتور طارق شوقي، على أن يستمر المشروع على مدار 5 سنوات، يتم خلالها التوسع في إتاحة تطبيق معايير الجودة في رياض الأطفال لنحو 500 ألف طفل، وتدريب نحو 500 ألف من المعلمين والمسؤولين بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وفي الوقت ذاته إتاحة موارد التعلم الرقمية لما يبلغ 1.5 مليون طالب ومعلم، بالإضافة إلى ذلك، سيستفيد أكثر من مليوني طالب وطالبة من النظام الجديد لتقييم الطلاب والامتحانات.
الطامة الكُبرى أن قرض البنك الدولي الذي حصلت عليه الوزارة في العام المالي 2018-2019، والذي كان مخصص منه العام المالي 2020-2021، 250 مليون جنيه لتطوير التعليم، لم يتم الصرف منه أو استخدامه، حتى الآن، الأمر الذي دفع لجنة الخطة والموازنة في البرلمان بالسؤال عن الأسباب وأعباء وتكاليف القروض من فوائد وعمولات ارتباط وما تم استخدامه وما لم يتم استخدامه.
الصادم أيضًا أنه حتى العام الماضي ورغم مرور 3 سنوات على اتفاقية قرض البنك الدولي لتطوير التعليم، يتم تحويل 500 مليون جنيه فقط من أصل 500 مليون دولار مُتفق عليها، وفقًا لما كشفه ممثل وزارة المالية، كامل كمال، أثناء مناقشة حساب ختامي موازنة التعليم لعام 2020-2021، بالبرلمان، 27 ديسمبر الماضي.
عام بأكمله مر على مناقشة الحساب الختامي لموازنة التعليم العام الماضي، التي أوصت آنذاك، بأن يتم موافاتها خلال أسبوع من انعقادها، باتفاقيات القروض التي حصلت عليها وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، فضلًا عن المبالغ المنصرفة من هذه القروض والاستخدامات وأسباب عدم الاستخدام، والأعباء والتكاليف التي تتحملها الدولة من فوائد وعمولات، إلا أن المشكلة ما زالت قائمة.
تطوير التعليم حقل تجارب
في ظل مشكلة عدم وصول موازنة التعليم إلى الاستحقاق الدستوري، والقروض التي لم يتم استخدامها، على مدار أعوام سابقة وحتى الآن، يعلن وزير التعليم، عن تجارب جديدة في سبيل تطوير التعليم، فما حجم تلك النفقات وما الذي تحقق على أرض الواقع؟
مايو 2018 أعلن وزير التعليم أن حجم إنفاق الدولة على طباعة الكتب المدرسية 3 مليارات جنيه من موازنة التعليم، ولذلك قرر الوزير آنذاك إلغاء طباعة الكُتب المدرسية للثانوية العامة كخطوة للتحول الرقمي في جميع المراحل التعليمية، عن طريق اعتماد التابلت كبديل للكتب المدرسية كوسيلة للوصول إلى المناهج الرقمية التي أعدتها الوزارة على منصاتها الإلكترونية المتعددة التي أطلقتها فيما بعد، في إطار خطة تطوير التعليم التي تشمل 4 محاور وهي: (تطوير نظام التعليم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي- وتعديل نظام المرحلة الثانوية- وفتح المدارس اليابانية- واستحداث مدارس التكنولوجيا التطبيقية للتعليم الفني).
المثير للاستنكار أنه منذ تطبيق التحول الرقمي عام 2018 تكبدت الدولة تكاليف باهظة لشراء ملايين أجهزة التابلت، فضلًا عن تكاليف إنتاج وترجمة وإعداد المحتوى الرقمي الهائل والمحطات التلفزيونية والرقمية، مقابل الـ3 مليارات تكلفة طباعة الكُتب التي أرادت الوزارة أن توفرها من موازنة التعليم، من خلال منظومة التابلت والتحول الرقمي، أنفقت مقابلها 10 مليارت جنيه على منظومة التابلت، بالإضافة إلى 3.5 مليار جنيهًا تكلفة تطوير البنية التحتية في المدارس الثانوية، في حين تبلغ تكلفة المحتوى الرقمي سنويًا تبلغ مليار جنيهًا، وفقًا لوزير التعليلم، الدكتور طارق شوقي، نوفمبر 2021.
وفقًا لآخر بيان لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، إجمالي تكلفة استخدام التابلت في العملية التعليمية لمصر خلال العام الدراسي 2021-2022 وصل إلى 3.5 مليار جنيه، مُقابل 2.9 مليار جنيه العام الدراسي 2020-2021، بنسبة ارتفاع 21%.
حلول وهمية ومعاناة مستمرة
المليارات الكثيرة التي يعلن عنها وزير التعليم كنفقات على التحول الرقمي في المنظومة التعليمية، وإصراره على إكمال السبيل إليها، من المفترض أن يكون دليل على نجاحات ملموسة لتلك المنظومة، إلا أن الأمر ليس كما يبدو، لا سيما وأنه وفقًا للكثير من المُختصين والتربويين، أثبتت منظومة التابلت، والامتحانات الإلكترونية فشلها على مدار الأعوام السابقة، ولعل أزمة سقوط سيستم امتحانات الصفين الأول والثاني الثانويين 2022 دليل على ذلك.
سقوط سيستم الامتحانات وشكاوى المعلمين والطلاب من مشكلات المنصات الرقمية العديدة، التي أطلقتها الوزارة، دفع أهل الاختصاص إلى القول بأن المليارات التي يتم صرفها على التحول الرقمي، ضاعت هباءً منثورًا، ولم تأت ثمارها، رغم أن الوزير أكد مرارًا وتكرارًا أن المنظومة نجحت نجاحًا كبيرًا، بل وإنه رغم أن المبالغ التي أنفقت في هذا السبيل ليست بالقليلة، ولكنه يرى أنها جيدة ومعقولة اقتصاديًا، في حال حساب التكلفة لكل طالب.
الامتحانات الإلكترونية التي أثبتت التجربة فشلها، بتكرار سقوط السيستم، والتي كبدت الوزارة مليارات طائلة، اعتمدها الوزير كوسيلة للقضاء على ظاهرة الغش، بدعوى أنها ستوفر على الدولة تكلفة تأمين الامتحانات، والتي تصل إلى 1.3 مليار جنيه، وفقًا لتصريحات وزير التربية والتعليم، الدكتور طارق شوقي، مايو 2018.
مازال التعليم يعاني من مشكلات عويصة -حسب وصف المختصين- لا سيما مشكلة الكثافة الطلابية رغم بناء العديد من المدارس والفصول بتكاليف باهظة، وتعاني الكثير من المدارس من وصول الكثافة الطلابية داخل فصولها إلى أكثر من 50 طالبا.
مليارات مُهدرة
تكبدت الدولة 36.7 مليار جنيه على مشروعات بناء وإحلال وتجديد المدارس، بواقع زيادة أعدادها من 49 ألف مدرسة لتصل إلى 57 ألف مدرسة للعام الدراسي 2020-2021، وفقًا لكتاب «الرؤية والإنجاز» للمشروعات التنموية في مصر خلال الفترة من 30 يونيو 2014 حتى 30 يونيو 2021.
وفند التقرير، المبالغ المُنصرفة على التعليم ما قبل الجامعي على مدار سبع سنوات ماضية، لم تقف عند تكلفة بناء وإحلال المدارس، بل أنفقت الدولة 7.15 مليار جنيه على منظومة تطوير التعليم، بالإضافة إلى تكلفة مشروعات إعادة تأهيل المدارس التجهيزات والآلات، بقيمة 5.81 مليار جنيه، وتنفيذ 24.1 ألف مشروع صيانة شاملة للمدارس، بإجمالي 87.8 ألف فصل، بطاقة استيعابية 3.5 مليون تلميذ، وجارِ تنفيذ 1.3 ألف مشروع، بإجمالي 20 ألف فصل.
حلول موقوفة وخارجة عن المألوف
في 2019 لجأت وزارة التعليم إلى حل غير تقليدي لحل أزمة الكثافة الطلابية، وقالت إنه سيكون أقل تكلفة من بناء فصل عادي، والذي تتراوح تكلفته بين 500 ألف إلى مليون جنيه، في حين حاجة الوزارة إلى 260 ألف فصل حتى نهاية عام 2021 -لحل المشكلة- بتكلفة تصل إلى 130 مليار جنيه، في الوقت التي تبلغ فيه ميزانية الأبنية التعليمية 8 مليارات جنيه، وفقًا لتقارير الوزارة.
الحل غير التقليدي الذي لجأت إليه الوزارة تمثل في التعاقد على توفير 100 فصل متنقل أو «فصل طائر» بتكلفة 472 ألف جنيه للفصل الواحد، بعدما أعلن رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، آنذاك، عن التجربة لحل مشكلة الكثافة الطلابية، والتي أطلقتها شركة «نت دراجون» الصينية المتخصصة في مجال تطوير برمجيات الكمبيوتر وتكنولوجيا التعليم، وأعلنت وزارة الإنتاج الحربي، في أغسطس 2019، عن أول نماذج للفصول.
وبين مؤيد ومعارض لفكرة الفصول المُتنقلة أو الطائرة، –حينها- إلا أنه كالعادة لم تكتمل التجربة، ولم تُصرح الوزارة إلى الآن عن الأسباب، ومازالت مشكلة الكثافة الطلابية قائمة.
وفي العام ذاته شرعت في تنفيذ مشروع الشاشات التفاعلية في المدارس الثانوية، تحديدًا لطلاب الصفين الثاني والثالث الثانوي العامين، بتكلفة 40 ألف جنيه للسبورة الواحدة، وتعاقدت الوزارة مع الشركة الموردة للشاشة التفاعلية، على توريد 33 ألف سبورة تفاعلية «أكتيف بانل» لوازرة التعليم، وفقًا لمدير مبيعات القطاع الحكومي بشركة «أينوفيرا تكنولوجي» الموردة.
ورغم المبالغ الطائلة التي أنفقتها وزارة التعليم على مشروع السبورة التفاعلية، فضلًا عن تكلفة دورات تدريب عدد من المُعلمين على استخدامها، آنذاك، إلا أن المشروع لم يتم تفعيله بل لم يكتمل، ولم تصرح الوزارة بأي معلومات عن مصيره.
زيادة مخصصات التعليم
تكاليف مشروعات «التابلت» والبنية التحتية للمدارس، والسبورة التفاعلية، والتعاقد على تطوير الامتحانات والمحتوى التعليمي والفصول المُتنقلة، تحملتها موزانة التعليم للعام المالي 2019-2020، للانتهاء من تنفيذها -إلا أنها لم تنته بعد- بل وقف بعضها من حيث ما بدأ، التكاليف من المُفترض أنه لن تحتاج الوزارة إلى تخصيصها مرة ثانية في موازنات الأعوام التالية لذلك العام المالي، وبذلك كان مُقرر توجيهها إلى أوجه أخرى في سبيل خطة تطوير التعليم، وفقًا لوزير التعليم خلال اجتماعه مع مجلس الوزراء، لمتابعة الموقف التنفيذى لخطة تطوير التعليم، أكتوبر 2019.
ومع كل تلك المليارات التي تكبدتها الدولة ومازالت تتكبدها في سبيل خطة تطوير المنظومة التعليمية، وتجارب الوزارة المتتالية، ما زال السؤال قائما آتى ذلك كله ثماره أم أن الأمر ليس كما تحاول الوزارة تصديره؟
إنجازات غير ملموسة
«لم أر في التعليم إنجازات حقيقية أو ربما أنها لم تحقق المرجو منها»، بهذه الكلمات بدأت الخبيرة التربوية، بُثينة عبدالرؤف، حديثها مع «النبأ الوطني»، مُشيرة إلى المليارات المُهدرة في تجربة تابلت الثانوية العامة، والتي وصفتها بالفاشلة: «للأسف تجربة التابلت فاشلة والفلوس ضاعت على الأرض وأهو مرمي الطلاب لم يستفادوا منه شيء».
التحول الرقمي الذي تسعى إليه الوزارة لن يتحقق بالطريق التي تخطو بها الوزارة في سبيل الوصول إليه، والتابلت ليس هو السلاح السحري الذي يقوم بهذه المهمة، ولكن من المنطقي أن تعد الوزارة المدارس جيدًا وتوفر بيئة للتحول الرقمي، من خلال إنشاء معامل كُمبيوتر متطورة وسبورات ذكية داخل المدارس، وتوفير عوامل جذب الطلاب إلى المدارس، فالفكرة ليست في مجرد بناء جدران وحسب، من وجهة نظر بثينة عبدالرؤوف.
وترى الخبيرة التربوية، بثينة عبدالرؤوف، أن الوزارة إن أرادت تطوير حقيقي، عليها تخصيص موازنة التعليم، لـ4 محاور فقط، على رأسها إنشاء فعلي للبنية التحتية التكنولوجية، وسد عجز المعلمين، لا سيما وأن العجز وصل إلى 300 ألف معلم، بالإضافة إلى بناء مدارس متطورة، وأخيرًا تطوير وسائل التعليم داخل المدارس.
واختتمت «عبدالرؤوف» حديثها مع «النبأ الوطني»، مشيرة إلى أن المدارس اليابانية لم تلق الاهتمام المنشود، والمشكلة أن الوزارة اتفقت مع الجانب الياباني، على أن تكون مجانية ولكنها لم تلتزم، مُضيفة أن الوزارة إن أرادت استحداث مشروعات بغرض تطوير التعليم عليها أن تعتمد على القروض التي ولا تقترب من موازنة التعليم إلا في إطار المحاور الأربعة التي ذكرتها.
التعليم تخالف الشروط
«وزارة التعليم سبب في وقف تسليم القروض المُتفق عليها، لعدم التزامها بخطة وشروط الاتفاقية»، هكذا فسّر الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، لـ«النبأ الوطني»، أزمة القروض التي لم تحصل عليها الوزارة.
وبشأن الأعباء والتكاليف التي تحملتها الدولة من فوائد وعمولات، بمجرد الاتفاق على قرض البنك الدولي لتطوير التعليم، تمثلت في أنها اعتمدت عليه ووضعته في موازنة التعليم كأحد بنود الإنفاق على التعليم، وبمجرد تفعيل القرض يبدأ احتساب الفوائد فورًا، وفقًا لوائل النحاس.
ويوضح «النحاس» أن السبب الرئيسي في عدم تسليم البنك الدولي وزارة التعليم سوى 500 مليون جنيه من القرض المُتفق عليه، يتمثل في عدم التزامها بالخطة المُتفق عليها، لا سيما وأن مثل هذه القروض تعتمد على تسليمها على مراحل وفقًا لإنجاز مهام محددة، وفي حالة مخالفة ذلك يتم وقف الدفعات التالية، مُضيفًا: «الوزارة فقدت مصداقيتها لدى البنك الدولي ولذلك في حالة أرادت التقديم على قرض آخر سيتم الرفض، وزارة التعليم فقدت مصداقيتها خلاص؛ لأن البنك الدولي بيتفقد الوضع، ولما ما يلاقيش المشروعات أو الإنجازات اتحققت يوقف القرض فورًا».
شكوى مجلس النواب من تجاهل الوزارة لتساؤلاته حول توضيح موقف القروض المُعلن عنها، ستظل قائمة، لأن الوزارة لن ترد نظرًا لتقصيرها الذي أدى إلى الأزمة، والحل في يد الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي لا بد أن يحقق في ذلك الأمر، ويكشف المسؤولين عن الأزمة، ومحاسبتهم، حسب الخبير الاقتصادي وائل النحاس.
واختتم «النحاس» حديثه مع «النبأ الوطني»، بالتأكيد على أن عدم التزام وزارة التعليم بشرط مجانية المدارس المصرية اليابانية، في اتفاقية الحصول على القرض الياباني، سبب رئيسي في عدم تسليم القرض إلى الآن.