رئيس التحرير
خالد مهران

خلافات حادة حول شكل المعارضة والأهداف والأولويات

بالتفاصيل.. أخطر العقبات التي تهدد بنسف «الحوار الوطني»

النبأ

حالة من الجدل الواسع تسود المجتمع المصري بمختلف أطيافه منذ أن أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن إطلاق ما يسمى «الحوار الوطني الشامل»، حيث تراوحت ردود الأفعال حول هذه الدعوة الرئاسية بين التشكيك والتاييد.

فقد استقبلت الكثير من الأحزاب والقوى السياسية، وخاصة المحسوبة على السلطة مثل أحزاب، مستقبل وطن والوفد والمؤتمر وحماة الوطن والتجمع والمصريين الأحرار وغيرها، هذه الدعوة للحوار بالتأييد الشديد والترحيب الحار، وسارعت إلى اصدار بيانات تعلن فيها مشاركتها في الحوار، استجابة لدعوة الأكاديمية الوطنية للتدريب، تنفيذا لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدين أن الحوار الوطني سيضع خارطة طريق لمجابهة التحديات الراهنة سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه مصر وتحتاج إلى تكاتف الجميع.

وأكدت هذه الأحزاب على  أن هناك 10 مزايا لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى لإطلاق الحوار الوطني، تتمثل في أنها خطوة مهمة نحو الجمهورية الجديدة، وخطوة جادة على طريق المشاركة الفعالة لكل القوى الوطنية للنهوض بالوطن، ومشاركة القوي السياسية في عملية البنَّاء هو منهج للتعامل مع المرحلة الجديدة، وفرصة للأحزاب أن تعبر عن برامجها، وفرصة للاستماع لمقترحات ممثلي المجتمع المصري بكافة فئاته ومؤسساته، وخلق جبهة داخلية قوية تشارك فى مواجهة التحديات التى تتعرض لها الدولة المصرية في كافة المجالات، ووضع أسس وآليات تضمن مجالا عاما آمنا ومستقرا، ووضع حلول لمشكلات الفئات والطبقات كافة من خلال آليات التفاوض الاجتماعي، أما باقي مزايا هذه الدعوة تتمثل في وضع أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة.

في المقابل وضعت المعارضة وعددا من الأحزاب السياسية المنضوية تحت ما يسمى «الحركة المدنية الديمقراطية»، والتي تضم عددا من شخصيات سياسية بارزة، مثل حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق، وأحزاب الكرامة والتحالف الشعبي الاشتراكي والدستور، وكذلك حزب المحافظين، وهي القوى الرئيسية المستهدفة من الحوار، عددا من الشروط للمشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، منها، الإفراج عن سجناء الرأي، وتفعيل مواد الدستور أو كتابة دستور جديد، والسماح للأحزاب السيلسية بالعمل في الشارع بحرية، وتفكيك البرلمان الحالي، وأن يجري الحوار بين عدد متساو ممن يمثلون السلطة، وعلى الجانب الآخر المعارضة "التي لم تكن جزءًا من تلك السلطة ولا شريكًا لها"، وأن يكون دون شروط أو اقصاء، كما اشترطت بأن يكون "جادًا وحقيقيًا وأن ينتهي لنتائج عملية توضع مباشرةً موضع التنفيذ"، واعتبروا أن ذلك يستلزم مجموعة من الإجراءات، على رأسها أن يكون الحوار تحت مظلة مؤسسة الرئاسة باعتبارها القادرة على تنفيذ ما سيتم التوصل إليه خلال الحوار.

كما ظهر خلاف حول الملفات التي سوف يتم مناقشتها خلال الحوار والأولويات التي سوف يتم وضعها، فالحكومة والأحزاب المحسوبة على السلطة ترى أن الأولوية يجب أن تكون للملف الاقتصادي والاجتماعي، بينما ترى المعارضة أن الملف السياسي والحريات العامة يجب أن تكون على رأس الأولويات.

كما ظهر خلاف أخر وهو  شكل المعارضة التي سوف تشارك الحكومة في الحوار، وهل ستكون الأحزاب المحسوبة على السلطة والمتحالفة معها مثل أحزاب، الوفد والتجمع ومستقبل وطن والمصريين الأحرار والشعب الجمهوري وحماة الوطن والمؤتمر والحرية والنور ومصر الحديثة وإرادة جيل، ضمن المعارضة؟، حيث ترفض أحزاب القوى المدنية مشاركة هذه الأحزاب في الحوار الوطني في ثوب المعارضة، وتشترط أن يجري الحوار بين عدد متساو ممن يمثلون السلطة، وعلى الجانب الآخر المعارضة "التي لم تكن جزءًا من تلك السلطة ولا شريكًا لها".

«زهران»: اتفقنا على ورقة عمل تشمل قضايا الإصلاح السياسي أبرزها الإفراج عن سجناء الرآي 

يقول فريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي،، إن الضمانة الوحيدة لنجاح الحوار الوطني هو حرص جميع أطرافه على نجاحه، وعلى رأسهم الداعي للحوار، وهي الدولة المصرية، لأنها "الطرف الأقوى في المعادلة"، لافتا إلى وجود "مؤشرات إيجابية" لرغبة الدولة في إنجاح الحوار الوطني، مثل ظهوره وبعض المعارضين في وسائل الإعلام، مؤكدًا أن الموضوع الأساسي للحوار هو الإصلاح السياسي.

وأشار رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إلى أن المشاركين في اجتماع الحركة المدنية غلبت عليهم تحفظات بشأن الأجواء السياسية التي تسبق الحوار، لكنهم توافقوا على ضرورة المضي قدمًا لتقديم ورقة متفق عليها بين الجميع.

وتتضمن الورقة قضايا الإصلاح السياسي، وأبرزها الإفراج عن سجناء الرأي وتهيئة الأجواء المواتية لممارسة سياسية حقيقية ورفع الحظر عن المواقع الإلكترونية المحجوبة واتخاذ ما يلزم من إجراءات لبناء الثقة.

وأوضح الزاهد في تصريحات صحفية، أن “الحاضرين اتفقوا على أن يكون الإصلاح السياسي والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتحديات الأمن القومي على رأس الحوار، وتم الاتفاق على تشكيل مجموعات عمل لكل قضية وتقديمها إلى الرأي العام”.

«صباحي»: لا يمكن الدخول في حوار وطني ناجح دون خلق بيئة مواتية

وقال حمدين صباحي، مؤسس حزب الكرامة والتيار الشعبي، أن الجزء الاساسي في الحوار هو الافراج عن كل سجناء الرأي  وأن كل سجين رأي لم يشارك في أي عنف يستحق أن يعود لمنزله آمنا مطمئنا.

وأشار صباحي، أن هناك استجابة لهذا المنطق ووعد بتحقيقه، ولكن النتائج مخيبة للآمال لأننا وعدنا بخروج مجموعات كبيرة من سجناء الرأي تباعا ولكن الوعد تأخر وكل يوم تأخير يحبط المناخ الذي نتمنى وجوده، وما أرجوه أن يكون الحوار الوطني واضحا وأن المشاركين يدخلونه بحسن نية ومسؤولية وإرادة لنجاح مصر بالمعنى الواسع، مؤكدا أنه لا يمكن الدخول في حوار وطني ناجح دون خلق بيئة مواتية، وأن الإفراج عن سجناء الرأي حق أصيل للمجتمع وعدل يريد تحقيقه، قائلا: يجب ان يتجلى ما نشهده في الحوارات الواعدة في الاجراءات كي تتسع الثقة لدى الجمهور العام الذي يتابعنا، عاوزين رسالة طمئنة وإجراءات فورية. 

«الشهابي»: محور الإصلاح السياسي له الأولوية لما له من تأثير في بقية المحاور

ويرى رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، أن دعوة الحوار جاءت في وقتها، مؤكدًا ترحيب الحزب بها، ودعا إلى أن يكون الحوار مفتوحًا من دون شروط أو إقصاء لأحد، ويمثل "ألوان الطيف المصري كافة" على المستويات السياسية والحزبية والنقابية والأكاديمية وغيرها، معتبرا أن الحوار المرتقب يشكل فرصة للمجتمع المصري لبلورة رؤى جديدة تجاه التحديات، التي يواجهها.

وحول الأولويات المقترحة للحوار، قال الشهابي،  إن محور الإصلاح السياسي له الأولوية لما له من تأثير في بقية المحاور، ووضع في المرتبة الثانية المحور الاقتصادي، حيث يرى ضرورة زيادة التصنيع المحلي، وتشجيع القطاع الخاص إلى جانب إصلاح الشركات الحكومية، وكذلك تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة لمحاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجالات المختلفة.

وأكد الشهابي، أن عقد الحوار الوطني تحت مظلة رئاسة الجمهورية هو الضمان الأكيد لتنفيذ مخرجاته، خصوصًا أن الرئيس سيحضر جلساته الختامية، مشيرًا إلى أن ما سيخلص إليه الحوار سيكون ملزمًا للسلطة التنفيذية، التي من حقها إحالة أي مشروعات قوانين للبرلمان، بالتالي ترجمة النتائج على أرض الواقع تقع على عاتق السلطة التنفيذية.

«خطاب»: الحريات تأتي على رأس أولويات وأجندة الحوار لأنها تمثل أهمية كبيرة لكل الأشخاص

وقالت السفيرة مشيرة خطاب، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن دعوة الرئيس للحوار الوطني هو أمر مهم، ولا بد أن يصبح الحوار محورًا للحياة.

وأوضحت رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن الحوار الوطني لا تستطيع مؤسسة واحده إدارته، ولكن تستطيع مؤسسة واحده أن تنظمه، وتضع الضوابط التي ينطلق منها الحوار الوطني.

وأشارت إلى أن الحريات تأتي على رأس أولويات وأجندة الحوار الوطني، إذ تمثل الحريات أهمية كبيرة لكل الأشخاص، مشددة على أن الشعب المصري هو الأساس في الدعوة إلى الحوار الوطني.

وتابعت رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان: «نحتاج إلى عودة الأحزاب السياسية القوية التي تدافع عن الأشخاص، والحوار الوطني لا بد أن يكون فيه تقبل الراء والرأي الآخر».

أن يكون مفتوحًا دون شروط أو إقصاء

قال المهندس مدحت بركات رئيس حزب "أبناء مصر"، عضو المكتب التنفيذي لتحالف الأحزاب المصرية إن الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي يضع القُوَى السياسية والأحزاب، أمام مسؤلياتهم في التعبير الحقيقي، عن هموم ومشكلات المواطن والمشاركة في تقديم رؤى وحلول غير تقليدية لبناء الجمهورية الجديدة.

وأضاف بركات، أن الأحزاب السياسية، كانت تعاني من ضعف شديد وترهل، أدى إلى تغيبها عن المشهد السياسي، ومكن جماعة الإخوان الإرهابية، من احتلال هذا الفراغ السياسي بعد 25 يناير 2011، ولا زالت تعاني من الفرقة والتشتت.

وتابع بركات؛ إن تعديل قوانين مباشرة الحقوق السياسية، وتعديل النظام الانتخابي من النظام المختلط لنظام القائمة النسبية غير المشروطة، يأتي على رأس أولويات رؤية حزب أبناء مصر في الحوار الوطني، حتي لا تعود الأحزاب الدينية لاحتلال الشارع.

كما دعا حزب نداء مصر أن يكون الحوارالوطنى الدي دعا إليه الرئيس السيسي مفتوحًا من دون شروط أو إقصاء لأحد، ويمثل «ألوان الطيف المصري كافة» على المستويات السياسية والحزبية والنقابية والأكاديمية وغيرها، معتبرا أن الحوار المرتقب يشكل فرصة للمجتمع المصري لبلورة رؤى جديدة تجاه التحديات التي يواجهها.

الإصلاح السياسي له الأولوية

ويقول الدكتور طارق زيدان رئيس حزب نداء مصر، إن محور الإصلاح السياسي له الأولوية لما له من تأثير في بقية المحاور، ووضع في المرتبة الثانية المحور الاقتصادي، حيث يرى ضرورة زيادة التصنيع المحلي، وتشجيع القطاع الخاص إلى جانب إصلاح الشركات الحكومية، وكذلك تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة لمحاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجالات المختلفة.

وقال «زيدان» إن أولوية الحوار الوطني يجب أن تكون التزام السلطة تفعيل مواد الدستور، متسائلًا عن كيفية إجراء حوار سياسي في ظل منع الأحزاب من ممارسة السياسة من خلال الحد من التفاعل الجماهيري.

وأضاف رئيس حزب نداء مصر، أنه وإن كانت مصر تحتاج لدستور جديد، فإن الحوار يجب أن يكون بشأن تطبيق المادة الخامسة من الدستور، التي تنص على أن النظام السياسي يقوم على التعددية السياسية والحزبية والفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة والتوازن بين السلطات وعدم تغول سلطة على الأخرى.

وطالب الدكتور طارق زيدان رئيس حزب نداء مصر، أن يتناول الحوار الوطنى طريقة الانتخابات البرلمانية والمحليات، حيث يجب إطلاق الانتخابات بنظام القائمة النسبية، فالنظام الانتخابي الحالى القائم على إجراء الانتخابات بنظام القائمة المطلقة تسبب في إهدار لاصوات الملايين التي ذهبت لصندوق الانتخابات.

كما طالب زيدان، ألا يكون هناك للدولة حزب سياسى ما دام أن رئيس الدولة لا يرأس أي حزب سياسى، على أن تقف الدولة واجهزتها على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية، وأن تطلق مبادرة لعودة المعارضين السياسين في الخارج لممارسة المعارضة من داخل مصر ما دام لم يدانوا في أي أحكام قضائية.

وأكد «زيدان»، أن عقد الحوار الوطني تحت مظلة رئاسة الجمهورية هو الضمان الأكيد لتنفيذ مخرجاته، خصوصًا أن الرئيس سيحضر جلساته الختامية، مشيرًا إلى أن ما سيخلص إليه الحوار سيكون ملزمًا للسلطة التنفيذية، التي من حقها إحالة أي مشروعات قوانين للبرلمان، بالتالي ترجمة النتائج على أرض الواقع يقع على عاتق السلطة التنفيذية.

«خليل»: أي حوار حقيقي يجب أن يبدأ بتفكيك البرلمان الحالي الذي جاء من دون معارضة

وقال الأمين العام لحزب المحافظين، طلعت خليل، إن أولوية الحوار الوطني يجب أن تكون التزام السلطة تفعيل مواد الدستور، وأن الحوار يجب أن يكون بشأن تطبيق المادة الخامسة من الدستور، التي تنص على أن النظام السياسي يقوم على التعددية السياسية والحزبية والفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة والتوازن بين السلطات وعدم تغول سلطة على الأخرى.

وأكد خليل، على  أن الجمهورية الجديدة، التي تسعى إليها الدولة، تعني إطلاق دستور سليم، والسماح بحياة سياسية متعددة، مثل الجمهوريات الخمس في فرنسا، التي كان لكل منها نظام ودستور مختلف. 

وحول إحالة مخرجات الحوار إلى البرلمان، قال خليل، إن أي حوار حقيقي" يجب أن يبدأ بتفكيك البرلمان الحالي، الذي جاء من دون معارضة.

«ربيع»: الدعوة غرضها ضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم والبعض  يتخوف من عدم اكتمالها 

يقول عمرو هاشم ربيع، الخبير في مرز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن  الدعوة التى أطلقها رئيس الجمهورية منذ أكثر من أسبوع للحوار الوطنى، دعوة مهمة، غرضها حدوث نوع من الوئام والرضاء العام بين الأطراف السياسية للمجتمع المصرى، وضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم، مشيرا إلى أنه فى الماضى وإبان حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك جرت عدة محاولات للحوار الوطنى بين الأحزاب والقوى السياسية، لكنها رغم التئامها لم تنجح. 

وأضاف «ربيع» في مقال له بصحيفة «الشروق»، أنه من حيث الشكل، يتخوف البعض من أن تؤدى دعوة الرئيس إلى عدم الاكتمال، ليس لأمر متعلق بنوايا الرئاسة، لأنها فى النهاية هى من اقترح الفكرة، لكن عدم الاهتمام هنا يعتقد أنه سيأتى من كيفية التنفيذ من الناحية الإجرائية.

وتابع ربيع، أن من يرى صعوبة التحقيق بسبب بطء التنفيذ وعدم تحقيق الحوار من حيث الشكل، يرجع الأمر أيضا إلى أنه رغم صدق دعوة رئيس الجمهورية منذ نحو ٦ أشهر كى يكون عام ٢٠٢٢ عاما لاستراتيجية حقوق الإنسان، حدث تلكؤ من جهة التنفيذ، وإن كان رئيس الجمهورية قد أخذ خطوات مهمة لحسن النية، بالإفراج عن بعض المعتقلين من خلال العفو الرئاسى، الذى يرخصه الدستور الحالى للرئيس.

وطالب الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بأن تكون الجهة الداعية للحوار، على مسافة واحدة من جميع الأطراف والقوى السياسية المشاركة، وأن لا تحتكر قوى سياسية أو أمنية تحت الطاولة مسألة الحوار، ولو تحت دعوة أن تلك القوى لها الأغلبية فى مجلس النواب مثلا، وهو ما كان يحدث فى السابق وسبب حالة من الفشل، حيث كان الحزب الوطنى الديمقراطى والأمن هما من يحتكرا الحوار من ناحية التنظيم، وإنه لا يجب الاعتماد وفقط على الأحزاب السياسية القائمة فقط فى المشاركة فى الحوار، لأن غالبيتها العظمى أحزاب ورقية لا أساس اجتماعى لها، بل أن المواطن العادى لا يستطيع حصر خمسة من نحو الـ100 حزب المرخصة، ويجب أن يناقش الحوار قضايا المجتمع والدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا مانع من مناقشة قضايا فرعية مثل  قضايا الزراعة والصناعة والأسعار والدخل والتجارة والصحة والتعليم والدعم والأسرة والإعلام، وكذلك كافة قضايا حقوق الإنسان بجميع جوانبها، وقوانين الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية والسلطة القضائية والأحزاب، وأوضاع المجتمع المدنى، وإعادة تنظيم العلاقة بين الحاكم المحكوم، كما طالب بوضع آلية زمنية يتفق عليها لتنفيذ ما اتفق عليه، والذى يجب أن يكون بالتوافق العام وليس بالأغلبية.

اتساع الفجوة بين السلطة والمعارضة

ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، جهاد عودة، إن فهم الرئيس السيسي للحوار الوطني يختلف عن فهم الكثير من السياسيين، ورؤيته تشير إلى ضرورة مناقشة قضايا فنية ذات ارتباط مباشر بتصورات الحكومة وإجراءاتها دون قصر الأمر على التوجهات العامة التي تكون دائما حاضرة في الحوارات التي تدشنها السلطة مع السياسيين، وهنا تظهر نقطة الخلاف بين الجانبين.

وأضاف عودة، أن “الحوار الوطني يتطلب وجود لجنة تحدد أولوياته وتعقد اجتماعات مع كافة الأطراف المشاركة فيه، وهو أمر لم يتحقق بعد ومازال هناك خلاف حول ما إذا كانت الأكاديمية الوطنية للشباب، الجهة التي اختارها السيسي لرعايته، هي الأمثل لإعداده من عدمه، مشيرا إلى أن غياب الأطراف التي تمثل ثقلًا سياسيًا قويًا في تحديد أولوياته سوف يقود إلى اتساع الفجوة بين السلطة والمعارضة”.

وتابع: ولم يحدد القائمون على إدارة الحوار أهدافه الرئيسية، وما إذا كان يستهدف إدخال تعديلات جوهرية على سياسات الحكومة أم أن الغرض منه مناقشة الأمور الفنية التي تؤدي في النهاية إلى عرض وجهات نظر مختلفة لا تفضي إلى تغيير حقيقي على الأرض.

«جاد»: نجاح الحوار أو فشله يتوقف على إرادة القوى السياسية لبناء نظام سياسي ديمقراطي، قائم على التعددية وحكم القانون

ويقول عماد جاد، أستاذ السياسة في جامعة القاهرة وعضو مجلس النواب سابقًا، إن نجاح الحوار الوطني أو فشله يتوقف على إرادة القوى السياسية لبناء دولة أو نظام سياسي ديمقراطي، قائم على التعددية وحكم القانون والمواطنة والمساواة وفصل الدين عن السياسة واحترام قواعد وأسس النظام الاقتصادي الرأسمالي، مع الإيمان بمسؤولية الدولة عن العدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير وفتح المجال العام. 

وأضاف جاد، أنه  ليس خطأ أن يدعو الرئيس إلى حوار عندما يكون هناك مأزق ما في البلاد، لكن السؤال الذي يجب طرحه هل الحوار يهدف إلى تجاوز المأزق أو من أجل إصلاح شامل وانطلاق حقيقي نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة؟، مشيرا إلى أن لتجارب السابقة تظهر أنه لتجاوز المأزق.

ولفت، إلى  أن دعوة الرئيس السيسي لرموز مختلفة للمشاركة في الحوار، وكذلك توسيع لجنة العفو الرئاسي لتضم أطيافًا سياسية أخرى، مثل طارق العوضي من اليسار وكمال أبو عيطة من التيار الناصري، مؤشرات إيجابية جنبًا إلى جنب مع فتح المجال ومشاركة الأحزاب السياسية والاستعداد للنظر في قانون الحريات. 

ويضيف  جاد،  إن الأمر لا يتعلق بفشل أو نجاح، ولكن هل أثمر عن إصلاح شامل أم جزئي؟ مشيرا إلى أن نقطة الانطلاق هي دولة مدنية تفصل الدين عن السياسة، بالتالي تعديل المادة الثانية من الدستور، ويعتبر أن رجال الدين لا مكان لهم في السياسة، كما أن الدولة كيان اعتباري لا دين له، ولا مجال لاستخدام الخطاب الديني في المجال العام، مؤكدًا أن "الإصلاح يعني عدم الرضوخ أمام المعوقات المجتمعية، بل الإرادة السياسية هي العامل الحاسم". 

ويستطرد، أن الأمر يتطلب توفير البنية الدستورية والقانونية اللازمة، وهنا تبدأ التعديلات المطلوبة إن كانت دستورية أو قانونية مهما كان ثمنها. 

كما ينتقد جاد توسع المشاركة في الحوار إذ تشمل الدعوة أعدادًا هائلة تابعة لهيئات ومؤسسات وأحزاب ومنظمات مختلفة، ما يصعّب خروج منتج حقيقي لإصلاح شامل.